الادارة فن ـ ليس كل من يشغل منصباً كبيراً يجيد هذا الفن .. والممارسة وحدها هي التي تثبت كفاءة صاحب المنصب الكبير أو عجزه ولا صلة لفن الادارة بما يحمله من مؤهلات أو شهادات تثبت ممارسته للعمل سنوات طويلة وانما العبرة بحسن أداء العمل والقدرة على تشغيل المرؤوسين والحصول على أكبر قدر من الطاقة منهم دون ان يتذمروا أو يفقدوا اهتمامهم بالعمل .. والمسؤول الناجح هو الذي يحصل من مرؤوسيه على أكبر قدر من انجاز العمل دون استخدام سلطته في توقيع الجزاءات، فان هذا دليل على تمتعه بقدر كبير من الكفاءة وتقدير واحترام مرؤوسيه وان الجهد الذي يبذلونه انما هو نابع من حبهم لرئيسهم وولائهم له .. ورغبتهم في ارضائه.وأقول لهؤلاء الدخلاء على الادارة أن الادارة ليست علماً فقط وليست تدريباً فقط .. ولكنها موهبة في الاساس .. والمدير هو قائد في موقعه والقيادة لها مواصفات ولذلك يجب ان يأتي القائد بالاختيار وليس بالدور. وخلال احتدام الحرب العالمية الثانية حدث ان بعض الضباط الذين كانوا يتولون القيادة هربوا عند اطلاق أول رصاصة وحل محلهم جنود عاديون استطاعوا قيادة الرجال بكفاءة والعودة إلى خطوطهم سالمين، لا جدال في ان الادارة الحديثة والجيدة التي تتبع الاسلوب العلمي والعمل الجاد تعد بمثابة الركيزة التي تستند إليها الوحدات الادارية، الخدمية، أو الانتاجية في تسيير مقدراتها وليس ذلك فقط بل إنها هي التي تعمل على خلق مناخ صحي متكامل يتيح استثمار كافة المقومات والامكانات وتحصيل أفضل النتائج منها ما يسهم بفاعلية في تحقيق انطلاقها لآفاق النجاح.الادارة فن وأسلوب وقدوة، وقبل ذلك علم له أصوله وقواعده ونظرياته لابد ان نعترض بصراحة القول: إنه طالما أن الادارة غائبة عن اهتمامنا وخططنا في الجهاز الحكومي وخاصة في محافظات الجمهورية، فلن تقوم قائمة للجهاز الاداري والمالي للدولة وستظل (الادارة) حالتها حالة غير فاعلة لا تؤدي دورها على أكمل وجه وستصطدم بلوائح التعقيدات الروتينية المملة وبعادات وتقاليد اجتماعية موروثة. لقد سبق ان اوضحنا أكثر من مرة ان الادارة هي الاساس وحينما تصلح يسير كل شيء على ما يرام وبدون ايجاد الادارة الكفؤة السليمة فان الجهاز الوظيفي للدولة سيظل في تخبط وفوضى وضياع الكثير من الوثائق والملفات والمراسلات العامة وهذه هي الحقيقة التي يصعب علينا تجاهلها أو محاولة الهروب من الاعتراف بها .. ان أهم مبدأ للادارة العملية الفعالة هو تفويض السلطة في قضايا الجانب الاداري والمالي أو كل ما يتعلق بالعمل في المؤسسة أو المحافظة بما معناه ان كل مستوى من أطر السلطة في جهاز الدولة أو إدارة الهيئة أو المؤسسة أو المرفق الواحد يكون مسؤولاً عن تنفيذ مهام معينة وفي الوقت ذاته يملك السلطة الكافية لتنفيذ تلك المهام ويكون محاسباً بشأنها أمام مستوى الاطار الذي يعلوه في السلطة. للأسف ان من المآخذ والعيوب على مركزية التنفيذ في الجهاز الاداري للدولة هو عدم تفويض السلطة في قضايا الجانب الاداري والمالي هذا وأهم مبدأ للادارة العملية الفعالة.. لأن المركزية في التنفيذ تؤدي إلى تطويل مدة المعالجة بدلاً من تقريبها كما يؤدي أيضاً إلى الاسراف في استخدام الوقت والجهد للمتابعة والمعالجة وهو أمر يناقض نظرية الاقتصاد في الزمن الذي يعرقل الشعوب المختلفة لذا نرى تطبيق اللا مركزية الادارية حتى ينسجم مع التوجه الديمقراطي وتجسيداً لمبدأ مشاركة الوطن في مسيرة التنمية فيما يعينه ويحتاجه وتحديداً لواجباته وحقوقه واتاحة الفرصة للجميع للمشاركة في تحمل المسؤولية في ادارة شؤونهم المحلية حتى يتم تطوير الحكم المحلي .. لابد من تطبيق اللا مركزية الادارية واحداث تنظيم جديد للادارة تسهيلاً لخدمة المواطنين والمحافظة على مصالحهم من اجل ان تكون لكل محافظة شخصيتها الاعتبارية المستقلة تتمتع بالاستقلال الاداري والمالي ونقل سلطة اتخاذ القرار إلى حيث يكون المواطن وتفعيل دور الاجهزة التنفيذية والمجالس المحلية في المحافظات وايجاد صيغة معقولة وعملية لتحقيق النفع العام لبعض المديريات والمراكز والنواحي التي لا تحظى بقدر من الرعاية والخدمة بشكل عام. نقول بهذا الكلام انطلاقاً من أن أهم مبدأ من مبادئ تنظيم العمل علمياً (هو مركزية التخطيط ولا مركزية التنفيذ) لأنه لا يمكن بأي حال من الاحوال ان تكون (مركزية التخطيط ومركزية التنفيذ) في جهة واحدة وفي حالة ان وجد ذلك فانها تعتبر مخالفة صريحة (للمركزية الديمقراطية) التي ننادي بها في كل خطاباتنا وبياناتنا واحاديثنا الصحفية، خلاصة القول: (الادارة العلمية السليمة لا تكتمل الا بعنصرين الأول: وهو النظرية العلمية) والثاني: هو الجانب الانساني الذي يراعي إلى جانب القواعد النظرية الجامدة البعد الانساني للموظف وللموضوع بقية.رئاسة مجلس الوزر
|
آراء
الإدارة فن وموهبة
أخبار متعلقة