في يومٍ قارس البرد على الرغم من ظهور أشعة الشمس على زجاج نافذتي خلته طويلاً تتجاوز مدته تلك الفترة الزمنية التي يقضيها حاكم عربي على واجهة العمل السياسي في بلدٍ ما . يوم ممل كتلك الأوقات التي كنت اقضيها في حصة الرياضيات التي كنت أعاني فيها الشعور الممل ذاته وأنا في الابتدائية البئيسة في مدرستي الحكومية يوم بدا لي بشكل جديد خال من الالتزامات المهنية لم أجد شيئاً أقوم به فاستمعت لأشعار درويش المميزة ذات الطابع النضالي والتي غالباً ما اسمعها في الصباح الباكر تنقلت بين كتاب وآخر لأكسر ملل هذا اليوم دون جدوى لا أنكر بأني كنت متشوقاً لمشاهدة التلفاز لكن التيار الكهربائي كان منقطعاً لا مفر من الملل إذن . انتظرت فترة طويلة جداً إلى أن عاد التيار الكهربائي فهرعت مسرعاً إلى التلفاز لأشاهده فقد انتظرته طويلاً وأخذت قهوتي زائدة السكر و الحارة لأبدد بها برودة الجو ورحت أتنقل من محطة تلفزيونية إلى أخرى أشاهد ما يحدث من حولي في هذا العالم المترامي الأطراف ضرب جرس ساعتي مشيراً إلى التاسعة مساءً موعد الأخبار في تلفزيون الجمهورية اليمنية الذي غالباً ما يقوم ببث حفلات غنائية أو رقص شعبي أو يتغنى بالحكام وانجازاتهم الزائفة بدأت النشرة بالعناوين وكانت في التفاصيل المعاناة كان مشهداً مثيراً للعواطف ذلك الفلم القصير الذي عرض على شاشة القناة .. مشهد يستفز الطبيعة البشرية الطيبة مشهد لأولئك الناس الذين قتلوا بدماءٍ باردةٍ في مستشفى العرضي بعد محاولة للسيطرة على وزارة الدفاع التي تحتضن هذا المستشفى من قبل مجموعة مسلحة .. مشهد غير معتاد قامت كاميرات المستشفى بتوثيقه لم أشاهد مثيلاً له في حياتي فأنا لم اعرف عن القتل إلا ما أراه من أفلام هوليود بدأ المشهد بسيارة تقتحم المجمع الوزاري وسيارة أخرى تتبعها. الأولى يسمع لها دوي انفجار يهز العاصمة القديمة وتزهق أرواح ولكن بشكلٍ اقل بشاعة من السيارة الأخرى التي انفجرت .. أرواح شريرة لبشر مسلحين قاموا بقتل كل ما هو متحرك في ذلك المكان . كان عدد من الممرضين والأطباء وحتى مرضى من المتواجدين في المستشفى يراقبون ما يحدث في بوابة المستشفى فزعين يرثى لحالهم لا يعلمون ما الذي يحدث عدا أن حياتهم في خطرٍ يبحثون عن مكان يعصم دماءهم وجد المكان ولكن بدون الأمان فتلك الأرواح الشريرة المسلحة التي تتقمص شخصية الإنسان اقتحمت المكان فعاثت في الأرواح البريئة الفساد يبدو أنهم لم يكتفوا بحرس المستشفى فالدور ألآن على المريض والأطباء فقتلت ممرضة تحاول تقديم الإسعافات الأولية إلى احد الجرحى ومن ثم قتلت زميلتها بنفس السلاح ومن نفس الشخص وعندما رأى الناس هذا المشهد فزعوا فحاولوا الذهاب إلى شخص يرتدي ألزي العسكري لعله يغيثهم ويحميهم بسلاحه فأغاثهم بقنبلة حصدت أرواحهم بدون أي رحمة منه وبدون ذنب منهم عدا أنهم يرتادون هذا المستشفى بغرض العلاج . أو تلك الطفلة التي تبكي الخوف وتحاول معانقة أبيها لتشعر بقليل من الأمان فتصاب بعيار ناري أمام عيني أبيها المفزوعتين من هول الحادث .آه كم بكيت في ذلك اليوم وكم تمنيت لو أن الحكومة قوية بشكلٍ يمكنها من التعرف على الجناة ومن ثم تحاكمهم أمام أهالي الشهداء لكي تحقق العدالة الغائبة في بلادي ولا اعلم كيف لم يشعر القاتل بعاطفة أمام الطفلة المريضة التي تطلب الدواء أو أمام الشيخ الهرم في العمر الذي يحاول التداوي ليعود إلى صحته أو أمام المرأة التي أتت لزيارة ابنها فماتت قبل ذلك . يا للعجب لمَ قتلوا الأبرياء ؟؟ سألت نفسي من المسؤول عن هذه الأحداث التي حصدت أرواحاً طاهرة؟ هل الحكومة التي يجب عليها رعاية مواطنيها ؟ أم الجماعات الإرهابية التي تسعى للقتل والقتل فقط ؟ أم كلاهما ؟
|
آراء
لمَ قتلوا الأبرياء ؟
أخبار متعلقة