د. محمد حجر- مستشار برنامج التحصين الموسع لصحيفة « »:
لقاء/ زكي الذبحاني:لا يتبدد الأمل أو يعود الزمان إلى الوراء، وبالمسؤولية وروحها المغمورة بالعطاء تتحقق الأمنيات مهما بدت صعبة المنال..بهذه الكلمات تتجلى أهمية العمل الدؤوب من خلال التحصين كي لايتمكن فيروس شلل الأطفال من العودة ليهدد أطفال يمننا الحبيب، فإذا لم يطعم الأطفال بشكل كامل ومستمر لن يجد الفيروس ما يعيقه عن التمدد والانتشار كالحال في بلدان الجوار الأفريقي وعلى رأسها الصومال، وكحال موجة ظهور المرض وانتشاره مؤخراً في سوريا التي لا تبعد عن اليمن كثيراً مع أنها ظلت خالية من فيروس الشلل قرابة 14عاما.. في ثنايا هذا اللقاء الذي أجرته صحيفة «14 أكتوبر» مع الدكتور/ محمد محمد حجر- مستشار البرنامج الوطني للتحصين الموسع، تفاصيل شيقة ونحن أعتاب حملة تحصين وطنية تستهدف جميع الأطفال دون سن الخامسة حتى من سبق تحصينهم في سائر محافظات الجمهورية اعتباراً من (18-16 ديسمبر2013م).. ابقوا معها في السياق التالي..اتساع دائرة الخطر* تزايد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس شلل الأطفال في القرن الأفريقي وخاصةً في الصومال وما أعقبه قبل أسابيع من ظهور وانتشار الفيروس في سوريا.. ألا يدل على وضعٍ جديد للفيروس خارج نطاق السيطرة ؟ وما وقع هذه المشكلة على اليمن؟** في الواقع، ترقب منظمة الصحة العالمية وترصد تطورات هذه الأوضاع بعناية، وما حدث في بعض دول القرن الأفريقي وبالذات في الصومال من ظهور حالات إصابة مؤكدة بفيروس شلل الأطفال، ثم تزايد حالات الإصابة وانتشار المرض وتمدده متجاوزاً الحدود وصولاً إلى جاراتها من الدول مثل كينيا وأثيوبيا وجنوب السودان، ومؤخراً ظهوره في سوريا قادماً من باكستان بسبب استمرار الاقتتال الدائر هناك قد عزته المنظمة إلى ضعف عامل الاستقرار وانخفاض نسبة التغطية الروتينية بلقاحات التحصين؛ ما أدى إلى حالة وبائية للفيروس هي الأشد في الصومال وبدرجات أقل حدة في الدول التي تجاورها وسوريا، حيث بلغت آخر حصيلة للإصابات المسجلة المؤكدة في الجوار الأفريقي - بحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية- نحو (214)حالة إصابة، تركز أغلبها في الصومال، بينما وصلت حالات الإصابة المؤكدة في سوريا إلى قرابة (10) حالات.علاوة على ظهور المرض في البيئة دون تسجيل حالات إصابة مؤكدة في كلٍ من الأراضي الفلسطينية المحتلة وجمهورية مصر العربية. لاشك أن الأمر جِدُ خطير ويضع بلدان قريبة من القرن الأفريقي مثل اليمن في دائرة الخطر، لسهولة انتقال الفيروس بفعل نشاط حركة تنقلات السكان وما تشهده البلاد من موجات تسلل غير مشروع للقادمين من الصومال وأثيوبيا بمعزلٍ عن الخضوع لأي إجراءات صحية احترازية كالتي تتخذها وزارة الصحة العامة والسكان على المنافذ الحدودية الرسمية والتي يعبر منها اللاجئون المسجلون، وأبرز هذه الإجراءات التحصين الاحترازي ضد شلل الأطفال للاجئين أولاً بأول ، وتنفيذ حملات تحصين مصغرة للصوماليين في المخيمات ومواقع تواجدهم وتجمعاتهم المعتادة ، إلى جانب شروع وزارة الصحة قبل أشهرٍ قليلة في تنفيذ حملات تحصين احترازية ضد داء الشلل تألفت من ثلاث جولات في وقت سابق خلال الأشهر الماضية من العام الحالي؛ مستهدفة باللقاح الفموي المضاد لفيروس الشلل كافة الأطفال دون سن الخامسة حتى من سبق تحصينهم.وحالياً تشرع وزارة الصحة بدعم ومؤازرة من منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونسيف في تنفيذ حملة تحصين وطنية جديدة ضد داء الشلل في جميع المحافظات اعتباراً من(18-16 ديسمبر2013م)، مع الدفع بالتحصين الروتيني إلى مستويات أفضل في نسبة التغطية للمستهدفين من الأطفال بجميع اللقاحات الروتينية المعتادة التي تقدمها المرافق الصحية عبر إقامتها أنشطة تحصين خارج الجدران في المناطق البعيدة والقرى النائية، وعملها الدءوب من خلال البرنامج الوطني للتحصين الموسع يتسما من أجل تجنيب اليمن وأطفاله عودة فيروس شلل الأطفال بعدما تخلصت البلاد منه تماماً - بفضل الله تعالى ثم بفضل التحصين- ولم يعد له أي وجود فيها منذ عام 2006م.رقعة الوباء.. وتوقيت الحملة* لماذا يأتي توقيت حملة التحصين الوطنية ضد فيروس الشلل تحديداً في الفترة من(18-16 ديسمبر الجاري)؟** اتخذ القرار بتنفيذ حملة وطنية لتحصين الأطفال دون سن الخامسة لتشمل جميع محافظات الجمهورية اعتباراً من (16- 18 ديسمبر2013م)، لاسيما وأن كثيراً من المحافظات اليمنية ذات معابر تصلها بدول الجوار بينما غالبيتها تتميز باستقبال الكثير من المهاجرين الأفارقة وخاصة الصوماليين.ويأتي القرار بتنفيذ هذه الحملة الوطنية استجابةً لتوصيات وتحذيرات منظمة الصحة العالمية وبدعم منها ومن منظمة اليونيسيف، كذلك توصيات الخبراء الوطنيين واستناداً لدرجة الخطورة التي تشكلت بفعل اتساع رقعة الوباء والانتشار الواسع لفيروس الشلل في الجوار الأفريقي وسوريا.المزيد من حملات التحصين*ألا يعد كافياً إعطاء الطفل جرعات التحصين الروتينية مع الاكتفاء بالحملات السابقة دون المزيد منها بدلاً منها؟** اتفق معك بأن التحصين الروتيني يُعد الأساس والجوهر لحماية ووقاية الأطفال تماماً من الإصابة بفيروس شلل الأطفال، هذا بالنسبة لبلدٍ تحقق فيه منظومة التطعيم المعتاد بالمرافق الصحية تغطية شاملة للأطفال دون سن الخامسة بنسبة تتعدى(90 %) والذي تقل فيه مستويات المعاناة من عوز الغذاء وسوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة. واليمن بطبيعة الحال لا ترقىَ إلى هذا المستوى بل وتعد أحد أكثر البلدان في العالم معاناة من سوء التغذية التي تضعف المناعة الطبيعية لدى الأطفال ضد مختلف الأمراض، وهذا يقابله وجود نسب متفاوتة من المتخلفين من الأطفال عن استكمال كامل اللقاحات الروتينية التي تتطلب بالضرورة ست جلسات تطعيم بالمرفق الصحي.إن حملات التحصين - كما هو معلوم- تمثل نطاقاً كبيراً للحماية من فيروس الشلل، وهي أحد الاستراتيجيات لاستئصال هذا الفيروس والذي لا يتحقق إلا بالقضاء عليه في كل أنحاء العالم، ولذلك فإن ظهور حالات إصابة بالفيروس البري في بلدان مجاورة أو قريبة يصبح معه تنفيذ حملات تطعيم جديدة أمراً حتمياً للحماية وتعزيز المناعة لدى المعرضين لخطر الإصابة وخاصةً الأطفال أقل من خمس سنوات.بالتالي، يجب اتخاذ الحيطة بتنفيذ حملات احترازية وقائية وإن تكررت أو زاد عددها فلأنها ضرورية لمنع تسرب ودخول فيروس الشلل إلى اليمن مرة أخرى.واقع يبدد الشائعات* بعض أولياء الأمور يرفضون تحصين أطفالهم بدافع خوف صنعته شائعات مشوهة للتحصين ضد شلل الأطفال ولقاحه الفموي.. ما قولك في هذه المشكلة؟** من دون شكٍ أن اليمن تستخدم اللقاح الفموي المضاد لفيروس شلل الأطفال، وهو ذو جودة وكفاءة عالية، ويتمتع بعراقة تمتد إلى ثلاثة عقود ونصف، فهو يستخدم من قبل البرنامج الوطني للتحصين الموسع منذ تأسيسه في نهاية سبعينيات القرن الماضي وتحديداً منذ عام 1978م.إنه اللقاح ذاته المستخدم في الحملات في مرحلة التطعيم الروتيني المعتاد الذي تقدمه المرافق الصحية بمعية اللقاحات الأخرى للأطفال دون العام والنصف من العمر، حيث أنه مطابق لأعلى المواصفات بشهادة منظمة الصحة العالمية والمختبرات العالمية المرجعية.تدخلات احترازية مساندة*ما حقيقة الإجراءات الاحترازية التي يتبعها برنامج التحصين لمنع عودة فيروس شلل الأطفال إلى بلادنا؟** هذا يعتمد على حجم التهديد للفيروس لدى ظهور حالات إصابة مؤكدة مثبتة عند فحصها في المختبرات المرجعية المعتمدة من منظمة الصحة العالمية، وأهم هذه الإجراءات احترازية تنفيذ حملات التحصين ضد شلل الأطفال إلى جانب تعزيز الإرشاد والتثقيف الصحي والتوعية الإعلامية، مع تكثيف ورفع وتيرة التغطية بلقاحات التطعيم الروتيني بالمرافق الصحية ليس بأقل من(95 %)لسائر المستهدفين بهذه التطعيمات من الأطفال دون العام والنصف من العمر.* إستراتيجية برنامج التحصين الموسع في اليمن هل تكفي للحد من انتشار وسريان فيروس شلل الأطفال في سائر البلاد في حال أنه - لا قدر الله- ظهر مجدداً ؟ وما طبيعة الإجراءات المعتبرة حيال ذلك؟** تتبع وزارة الصحة إستراتيجيات علمية تعتمد على التحصين الروتيني والحملات بمعية تطبيق نظام ترصد وبائي فعال للحالات المشتبهة حتى يتسنى الكشف المبكر عن حالات الشلل الرخو الحاد، وفرض طوق تحفظي في حال ثبوت الإصابة على المشتبه إصابتهم بالفيروس، من أجل منع ظهور المزيد من حالات الإصابة إذا ما ظهر الفيروس لا قدر الله، وفرض السيطرة على الوضع قدر الإمكان.كما أنها تنفذ حملات تحصين احترازية وخاصة عند حدوث حالات إصابة مؤكدة بالفيروس في بلدان مجاورة أو قريبة، وهذه الأنشطة تشمل جميع المحافظات والمديريات والقرى بالنسبة للتطعيم الروتيني، بينما تنفيذ حملات التطعيم الاحترازية يقتصر - أحياناً- على المحافظات الأكثر خطورة في احتمالية ظهور فيروس الشلل وتمدده متى عاد إلى اليمن مجدداً.إنها بمثابة جداراً قوياً لمنع تسرب الفيروس، ولأن العوائق الجغرافية في اليمن كثيرة، علاوة على صعوبة الوصول بسهولة إلى أماكن التركزات السكانية في الكثير من المناطق فإن تأمين فرق ميدانية للتطعيم من منزلٍ إلى منزل يسهم في التغلب على العقبات ويقرب المسافات وخدمة التطعيم لتكون في متناول الأطفال المستهدفين، مُزيلةً عن آبائهم وأمهاتهم وسائر ذويهم عناء قطع المسافات الطويلة من أجل تطعيم أطفالهم. وقد أثبتت اليمن بأن كل الحملات تتم بنجاح كبير وتحظى بتفاعل القيادات الوطنية والسياسية من مختلف المستويات، ومحفوفةً بتجاوبٍ كبيرٍ من قبل أولياء الأمور.معيار اختيار المطعمين* اللافت في الحملات أنكم تستعينون بمطعمين من خارج الوسط الصحي .. فما معا ييركم المتبعة لدى اختياركم للعاملين المتطوعين في حملات التحصين؟** التركيز على العنصر البشري مع توفير اللقاح بالكمية الكافية وسلامة حفظه وإعطائه، أمور حتمية لدى تنفيذ حملة تحصين ضد شلل الأطفال، لذلك يتم التدريب المركز للعناصر الصحية المنفذة للحملة وكذلك تدريب المتطوعين الذين يتم اختيارهم بدقة ممن يمتلكون الخبرة من أبناء المناطق التي يتم فيها تنفيذ الحملة. وعملهم يخضع للإشراف المباشر من قبل متخصصين وخبراء ومن جهات محايدة بما يضمن التنفيذ للتطعيم بفعالية ونجاح وبما يضمن سلاسة العمل والوصول إلى كل طفل مستهدف سواءً من منزل إلى منزل أو من خلال المواقع المؤقتة أو الثابتة لفرق التحصين بما في ذلك المرافق الصحية التي تقدم هذه الخدمة، في حين أنه لا توجد موانع لتأجيل اللقاح حتى وإن كان الطفل يشكو من أعراضٍ مرضية عادية كالحمى أو نزلة البرد أو من مرض آخر طفيف أو إسهال عادي.وجوب تلبية النداء * هل ثمة إرشادات توجهها للآباء والأمهات وذوي الأطفال المستهدفين إزاء الحملة الوطنية للتحصين ضد شلل الأطفال؟ وكذلك للمجتمع عموماً؟** التسلح بالمعرفة هو ما نأمل تحققه والحرص عليه من قبل الآباء والأمهات، فبه يدرك المرء حقيقة ما يدور من حوله.أما التحصين فهو بمنزلة الواجب الديني، فلا ينبغي التفريط فيه ومنعه عن فلذات الأكباد، ولا محالة سيساءل كل أبٍ وأم يوم القيامة إذا ما فرطوا ومنعوا عن أطفالهم أسباب الحماية ووقع أبناؤهم في أتون الإعاقة الحركية، وكون التحصين مسؤولية وخاسر من يفرط فيه ويحرم أطفاله منه سواءً المقدم في الحملات التي تنفذ من حين لآخر مستهدفة الأطفال دون سن الخامسة أو الذي تقدمه المرافق الصحية بلقاحاته المتعددة للأطفال دون العام والنصف من العمر، والبالغ عددها عشرة لقاحات تعطى للطفل خلال ست زيارات منتظمة للمرفق الصحي مدونة مواعيدها في بطاقة أو كرت التحصين.