السندريلا ..
إعداد / نغم جاسم سعاد حسني هي الممثلة التي أثارت جدلاً في مشوارها الفني وحتى في وفاتها وكانت تتميزبحبها للحياة وجرأتها وحبها لتجريب وخوض مخاطر الحياة، وكانت سندريلا مثل زهرة تتفتح في كل يوم ولكن الحياة كانت تخفي لها أشياء لم تكن في حسبانها.ولدت سعاد في القاهرة وبالتحديد في بولاق، من أب سوري من أصل كردي وهو محمد حسني أمين البابا - وكان واحداً من رواد فن الخط العربي أتى من بلاد الشام واستطاع بفنه الجميل ومهارته الفائقة أن يفوز بإعجاب زملاء جيله من رواد فن الخط في مصر وقام أيضا بتخطيط وزخرفة كسوة الكعبة الشريفة.ولأم مصرية وهي «جوهرة محمد حسن»، وكان لها ستة عشر أخًا وأختًا، وترتيبها العاشر بين أخواتها، فلها شقيقتان فقط «كوثر» و«صباح»، وثمانية إخوة لأبيها منهم أربعة ذكور وأربع إناث، وستة أخوة لأمها منهم ثلاثة ذكور وثلاث من البنات، ومن أشهر أخواتها من الأب المغنية نجاة الصغيرة، وقد انفصلت والدتها عن والدها عندما كانت في الخامسة من عمرها، واقترنت الأم بالزوج الثاني «عبد المنعم حافظ» مفتش التربية والتعليم، وفي حضانتها بناتها الثلاث «كوثر وسعاد وصباح». طفولة سعاد حسني لم تدخل سعاد مدارس نظامية واقتصر تعليمها على البيت .عانت «سعاد محمد حسني بابا» منذ الصغر؛ حيث نشأت في أسرة فقيرة، فلم تنل حظا من التعليم، كما سبب لها حادث سقوطها على السلم إصابة بالعمود الفقري، عانت من آثارها طيلة حياتها. قامت بأول أعمالها، وهي في الثالثة من عمرها في الإذاعة المصرية من خلال البرنامج الشهير «بابا شارو». والذي غنت خلاله أغنية «أنا سعاد أخت القمر»، وانطلقت لتدخل عالم الفن وتسابق النجمات وتتربع على عرش النجومية بسرعة فائقة،و أطلق عليها أهل الوسط الفني لقب «السند ريلا»؛ حيث تشابهت ظروف حياتها ونشأتها بأسرة فقيرة ثم نجاحها الباهر بالقصة الأسطورية الشهيرة!قصة اكتشاف سندريلا في الستينيات ، قصة لعبت فيها المصادفة دوراً كبيراً لتسلط عليها الأضواء وتصبح نجمة سينمائية لامعة البريق - وكان قدرها متمثلاً في شخص مكتشفها الأول الشاعر الفنان الراحل عبد الرحمن الخميسي الذي كان يتردد على البيت بحكم صداقته للوالد الأستاذ/ عبد المنعم حافظ لم يكن البلوغ الفني غريبًا على أسرتها؛ الفنانة الشهيرة «نجاة الصغيرة» والملحن «عز الدين»، فتأثرت «سعاد» بهذا الجو المشبع بالفن؛ حيث تولدت بداخلها العديد من المواهب.أعمالهاأول أعمالها (حسن ونعيمة ) فيلم غنائي مصري أنتج عام 1959 من إنتاج شركة أفلام محمد عبد الوهاب قدم فيه عبد الرحمن الخميسي وجها جديدا ليلعب بطولة هذا الفيلم مع الوجه والمطرب الجديد محرم فؤاد وهو سعاد حسني..ولسعاد حسني 82 فيلماً، كما مثلت مسلسلاً تلفزيونياً واحداً هو (هو وهي) بالإضافة لثمانية مسلسلات إذاعية،وكان أخر أعمالها في العام 1992 م في فرنسا على مسرح اليونسكو حيث قامت بالغناء على المسرح لضحايا الزلزل الذي ضرب مصر في تلك الفترة وكان هذا أخر ظهور له في الإعلام. أزواج سندريلاتزوجت خلال حياتها خمس مرات، زواجها غير المؤكد من المغني عبد الحليم حافظ الذي أثاره بعض المقربين منها وأكده بعض الصحفيين المصريين مثل مفيد فوزي صديقه الذي أكد أكثر من مرة أنها كانت متزوجة منه وأنه توفي في عام 1977 لكن هذا الزواج كانت لا تعترف به عائلتها لفترة طويلة امتدت إلى مابعد وفاتها، وأضافته لقائمة أزواجها ليصبح عدد زيجاتها هو 5 زيجات، بعد ذلك تزوجت من المصور والمخرج صلاح كريم لمدة عام، ثم من علي بدر خان ابن المخرج أحمد بدر خان لمدة أحد عشر عامًا انتهت في 1980، ثم تزوجت زكي فطين عبد الوهاب ابن ليلى مراد والمخرج فطين عبد الوهاب لعدة أشهر فقط، أما آخر زيجاتها فكانت من كاتب السيناريو ماهر عواد الذي توفيت وهي على ذمته .لم تبقَ الفنانة على الساحة طويلاً؛ حيث رحلت عن عالم الفن في هدوء لتدخل عالماً آخرمليئاً بالألم؛ حيث أصيبت بمرض في العمود الفقري إثر أصابتها في الصغر، وسافرت وتحملت البعد عن الأهل والزوج والوطن وجمهورها الذي أحبته كثيراً وكانت لا تستطيع العيش بدونه لذلك اتخذت قرار السفر وتحملت هذه المشقة والغربة في بلاد غريبة لتستعيد صحتها ورونقها لترجع لجمهورها الحبيب وأهلها وأخبرها الأطباء باحتمالية إصابتها بالشلل التام،وكالمعتاد تضارب تشخيص الأطباء حول حقيقة حالتها، فبينما قال البعض بأنها تعاني من شرخ في العمود الفقري، أكد الأطباء الفرنسيون بأن الحالة عبارة عن تآكل في فقرتين: هما الفقرة القطنية الأولى وآخر فقرات الظهر! وأجريت لها عملية جراحية بفرنسا؛ حيث تم وضع شريحة معدنية ومسامير من البلاتين، ولكنها لم تلقَ النجاح المتوقع، مما اضطرها للسفر إلى لندن لاستكمال علاجها! وهناك اكتشفت إصابتها بالتهاب عصبي أدى إلى تغيير ملامح وجهها وصعوبة في تحريك إحدى ذراعيها. وكانت سعاد تعاني في هذه الفترة من حالة اكتئاب شديد نتيجة لعدم نجاح آخر فيلمين لها، وكذا فقدانها لـ(صلاح جاهين) والذي كان يمثل لها الأب الروحي؛ ما أدى إلى تدهور حالتها الجسدية والنفسية، وتطلب هذا الأمر تناولها لكميات كبيرة من الأدوية والعقاقير الطبية. وزادت حالتها تعقيدًا بعدما أصيبت بشلل في عضلات الوجه. كما بدأ وزن الفنانة الرشيقة في تزايد ملحوظ؛ مما أدى إلى التواء الشريحة المعدنية المزروعة بعمودها الفقري نتيجة هذا الوزن الزائد! فضلاً عن إصابتها بهشاشة العظام، ولم يقف هذا المرض عند هذا الحد، بل أن كم الأدوية والعقاقير التي كانت تتناولها أدى إلى ظهور مشكلة بأسنانها، وقام طبيب الأسنان (هشام العيسوي) بخلع جميع أسنانها وإعادة زرعها مرة أخرى! ورغم ذلك فلم تيأس «السند ريلا» حيث خضعت للعلاج بأحد المراكز البريطانية. كما بذلت مجهودًا كبيرًا لإنقاص وزنها، ونجحت في ذلك من خلال برنامج مكثف في مصحة بريطانية تدعى «شامينيز».كانت تنوي الرجوع أوائل سنة 2001 في بداية الصيف بعد انقضاء فترة علاجها في مصحة تشابنيز ، وكانت تقرأ عدة سيناريوهات أرسلت لها من مصر من بعض الأصدقاء وزوجها ماهر عواد بناء على طلبها منهم على أمل الرجوع مرة أخرى إلى عالم التمثيل بعد هذه الفترة الطويلة من التوقف.لغز وفاة السندريلاتوفيت إثر سقوطها من شرفة شقة صديقتها «نادية يسري». يوم الخميس 21 من يونيو 2001 بلندن التي انتقلت إليها قبل رحيلها بأيام لترتطم بالأرض جثة هامدة، تاركة هذا العالم المليء بالحقد والكراهية، والذي عانت فيه طيلة حياتها مع المرض وقد أثارت حادثة وفاتها جدلاً لم يهدأ حتى الآن، حيث تدور هناك شكوك حول قتلها وليس انتحارها كما أعلنت الشرطة البريطانية، لذلك يعتقد الكثيرون من معجبيها أنها توفيت مقتولة . إن الغريب في الأمر هو عثور الشرطة البريطانية على مذكرات سندريلا الشاشة سعاد حسني بخط يدها وكان الفصل رقم 13 يحمل اسم « يوم مقتلي « مما دفع فريق التحقيقات في لندن إلى أن يطلق عليها لقب «الملاك الحاضر» .مذاكرتها التي قتلتهاعملت سعاد حسني على كتابة مذكراتها وقد كتبت فيها عن عدد من الشخصيات و كتبت في مذاكرتها أن صفوت الشريف طلب منها أن تفعل أشياء منافية للآداب هي وفنانات أخرى مع كبار المسئولين وعلم صفوت الشريف بتلك المذكرات واتفق صفوت الشريف مع نادية يسري على قتل سعاد حسني والحصول علي الشرائط المسجلة بصوتها والمذكرات الخاصة به.ولكن ثورة 25 يناير والقبض على صفوت الشريف شجعت نجاة، شقيقة سعاد حسني على إعادة فتح ملف القضية، حيث تقدمت ببلاغ للنائب العام اتهمت فيه صفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى بالاتفاق مع أحد ضباط وزارة الداخلية المصرية وتورط نادية يسري في قضية على قتل سندريلا الشاشة العربية في لندن مقابل مبلغ من المال.كان من المتوقع أن سعاد حسني كانت قد قتلت بعد عزمها على كتابة مذكراتها التي تمس الحياة الشخصية لعدد من قيادات النظام المصري السابق.وأضافت نجاة في التحقيقات أن الشريف عندما علم بتلك المذكرات اتفق مع العادلي ونادية يسري، على قتل الفنانة خارج البلاد لمنعها من نشر مذكراتها، والحصول على الشرائط المسجلة بصوتها، التي تروى فيها مشوار حياتها، واستندت فيما قررته إلى صور ضوئية لمستندات منسوب صدورها إلى ما يسمى التنظيم السياسي السري بوزارة الداخلية، والمتضمنة خطة تصفية سعاد حسنى عن طريق إلقائها من شرفة سكنها في لندن.وأكد المحامي أن صفوت الشريف وراء قتل سعاد حسني وأن لغز مقتل سعاد لا يعرفه سوى صديقتها نادية يسري التي كانت موجودة معها في أثناء قتلها والدفع بها من شرفة شقتها بمبنى «ستيوارت تاور»، ولكنها لم تتمكن من التحدث عما شاهدته لأنها تلقت تهديدا من رجال صفوت الشريف وذلك لوجود تضارب في أقوال الشاهدة ، فبينما أكدت «نادية يسري» أنها شاهدت سقوطها وهي في المصعد، أكدت في رواية أخرى أنها فوجئت بزحام حول المبنى وعندما اقتربت من هذا الزحام وجدت «سعاد» جثة هامدة على الأرض!وهذا يعني وجود شك حولها! خاصة انها كانت حريصة على أن يرافقها المحامي نظراً لتضارب أقوالها بحجة هول الصدمة. ولكن الغريب في لندن أن القاضي اكتفى بإخراجها دون محاولة استجوابها للضغط عليها، احتجزت مباحث مطار القاهرة السيدة نادية يسري.وخلال عام استمع قاضي التحقيقات المستشار لأقوال نجاة واستلم حوافظ المستندات من المحامي، وقرر المستشار محمود علاء الدين، قاضى التحقيق المنتدب من وزير العدل، حفظ التحقيقات في البلاغ المقدم من نجاه عبد المنعم حافظ «شقيقة» الفنانة الراحلة سعاد حسني ضد صفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى المنحل، ، ورأفت بدران، ونادية يسرى.و انتهى فيها قاضي التحقيق إلى أن أقوال شهود الإثبات اجتهادية واستنتاجات شخصية لقائليها في سبيل الحدث والتخمين لرفضهم فكرة إقدام الفنانة على الانتحار.وانتهت التحقيقات إلى أن أقوال الشهود لم ترق إلى مرتبة الشهادة المعتبرة قانونًا، ومفتقرة إلى الدليل والقرينة، كما أنها لم تسفر عن وجود دليل.ليؤكد بعد انتهاء التحقيقات أن كل ما تم تقديمه يفتقد الدليل المادي إضافة إلى عدم وجود ضابط في وزارة الداخلية بالاسم الذي قدمته أسرة حسني واتهمته بقتل سعاد .عاصم قنديل محامي عائلة الراحلة لم يستسلم وأوضح أنه يدرس حيثيات القرار الذي يقضي بحفظ التحقيق في البلاغات التي اتهمت الشريف بالتحريض على قتل سعاد حسني على خلفية كتابتها مذكراتها التي تكشف فيها فصلاً مهمًا عن تاريخه غير المشرّف، وكشف عن أنه يحضر للطعن على القرار.ومن المفارقات أن تاريخ وفاتها 21 يونيو 2001 يطابق يوم مولد عبد الحليم حافظ في 21 يونيو 1929.