ارتفاع وتيرة الاغتيالات ضد الصحفيين والسياسيين ومساعي إسكات الأصوات المختلفة ..وفي قلب العاصمة صنعاء..قد صارت - بالفعل - مخيفة وغير قابلة للتعاطي المعتاد معها كما كان يحصل مع أحداث مشابهة ومحدودة في الماضي .. ما حدث من عمل إجرامي وإرهابي بشع ذهب ضحيته مؤخراً النائب في البرلمان وعضو مؤتمر الحوار الوطني الدكتور "عبدالكريم جدبان " الذي اغتاله رصاص الغدر والجهل. وهو يغادر جامع الشوكاني بعد أن ادّى صلاة العشاء ..وقبله بيومين تفجير سيارة محمد العماد - رئيس تحرير صحيفة (الهوية) وقبلها بيوم محاولة إحراق صحيفتي «الشارع» و «الأولى» وفيها عشرات الزملاء من صحفيين وفنيين .. وقبلها - أيضا - العديد من مسلسلات الاعتداءات والتهديدات التي تعرض لها الصحفيون والكتّاب والسياسيون وغيرهم.ناهيك عن جرائم اغتيالات مئات الضباط والأفراد من منتسبي الجيش والأمن. كل هذا يقدم صورة قاتمة جدا ،ومشوّهة لواقع الحريات وملامح الحياة والمستقبل في بلادنا ..إلى جانب - ولعلّ هذا هو الأخطر - انتشار ظاهرة القتل على الهوية الطائفية والسياسية والمناطقية. اليمنيون اليوم أمام مفترق طرق وخيارين لا ثالث لهما أيضا.. فإما أن ينتصروا لحريات التعبير وقيم السلام .. والتعايش أو يستسلموا لعصابات الفساد والطائفية والمذهبية والعنصرية .. ويعترفوا بعجزهم التام عن تحمل مسؤولياتهم في الدفاع عن أطفالهم في الحياة الآمنة، والتعليم ، والصحة، والذهاب إلى الحدائق والمتنزهات وزيارات الأهل، واللعب في الأحياء وأمام منازلهم بحرية وسلام . نعم وبدون أيّ مبالغة.اليمنيون اليوم أمام تهديد حقيقيّ يستهدف حياتهم وحياة محبيهم ..وفي مقدمة ذلك أطفالهم .. الذين - وبيقين كبير - نعتقد أن الكثير من الآباء والأمهات بدأوا يخافون على أطفالهم من أن يختطفوا أو يتلقوا بلاغات عنهم بأنهم قد صاروا - لاسمح الله - أشلاءً أو جثثاً متفحمة..! ما حدث ويحدث من جرائم متعددة، يجعل الأحزاب السياسية ورجال الدين والعلماء ، من مختلف المذاهب.ومعهم قوى المجتمع المدني والشباب والأكاديميون والصحفيون والمرأة في موقع المسؤولية المباشرة في الوقوف ضد العنف والإرهاب، والتحرّك الجاد في الدفاع عن حياة الناس وحقهم في العيش وفي الاختلاف الراقي والحضاري الذي لا يجيز لأيّ كائن من كان نزع حياة الآخر بسببه، أو خطف أقاربه وأحبّاءه..أو أي شكل من أشكال مصادرة الحقوق وتكميم الأفواه. إن استشهاد الدكتور ، النائب " عبدالكريم جدبان "يجعلني على المستوى الشخصي اشعر بالقلق أكثر من أي وقت مضى..وأحسّ بالخوف أكثر من أي وقت مضى.. فالأمر لم يعد مزحة أو تهديدا عابرا ، أو حادثا قابلا للتفسير والتأويل .وكي أكون صادقا معكم لم أعد أجرؤ على الحركة بحرية .. عفوا أضيف .. أعترف إن جريمة اغتيال الدكتور " جدبان " أربكتني وأصابتني بحزنٍ كبير..ونظراً لذلك أجد أنه من الواجب - وكترجمة حقيقة لما أشعر به - تسجيل إدانتي لهذه الجريمة بجميع اللغات ،ولكل ما حدث ويحدث من عمليات اغتيالات إجرامية وإرهابية بحقّ المدنيين والعسكريين ،وكل الممارسات التي تستهدف قتل الحياة والجمال وقيم السلام.. كما أعلن عن تضامني الكامل مع أسرة ومحبيّ وأصدقاء ورفاق وزملاء الدكتور الشهيد " عبدالكريم جدبان "..ومع كل مظلوم ومفزوع وقلق ..على تراب هذه البقعة الجغرافية الواقعة جنوب غرب الجزيرة العربية.. المثخنة بالجراحات والصراعات والمؤامرات ونوائب الدهور.
|
آراء
إدانة للقتل
أخبار متعلقة