الشجرة هي رمز الحياة ، وهي أساس كل نشاط انساني - على المعمورة - منذ بدء الخليقة وحتى تقوم الساعة . ولأنها كذلك فقد ورد ذكرها في القرآن الكريم وفي أحاديث المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم حين قال : إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها !! بهذا الحديث الكريم لخاتم الأنبياء والرُسل يضع لنا نهجاً مؤكداً على أهمية الغرس والتشجير حتى آخر لحظة قبل نهاية العالم ، وكأنه بذلك يشرّع لنا قانوناً أبدياً لاستمرارية الحياة من خلال هذه الغرسة التي ستكون غداً شجرة يقـتات ويحيا بها من بعدك من الأجيال .تشدّ ناظريك الخضرة من كل جانب وفي كل زاوية كلما صادفت صورة أو شاهدت فيلماً تسجيلياً أو رواية أو خبراًمتلفزاً من هنا أو هناك ، وترى التفن ودقة الاختيار والإبداع في طريقة تنسيق تلك الحدائق والمتنفسات والطرقات في مختلف مدن العالم دون استثناء ، وقد أعطي لهذا الجانب جُـل الاهتمام في كل عاصمة ومدينة ، وكلما أدهشتك تلك المناظر الخضراء يزداد التقدير والاحترام لديك للقائمين على رعاية المدينة وإعطاء الجانب الجمالي المقام الأول قبل أي نشاط حضري لديهم .لا نجحد أو نتناسى الدور الكبير الذي قامت به إدارة التشجير والحدائق في محافظة عدن ، وبشكل ملحوظ على مساحات متفاوتة من مدينة عدن كالطرقات الرئيسية والمساحات المتاحة للقيام بعملية التشجير وبجهود شهدها الجميع خلال الفترات الماضية وحتى اليوم .ما يحز في النفس تراجع هذا النشاط بشكل سلبي يبعث على التساؤل ، ولربما يعطينا أكثر من إجابة - حتى وإن لم تكن صحيحة - مفادها أن كل ما تم انجازه في مجال التشجير طوال أعوام بدأ في العد التنازلي وهرول القائمون عليه للخلف دون مراعاة للبحث عن أبسط الحلول وأيسرها لمواصلة المشوار للأمام عوضاً عن التقهقر للخلف والذي يزيد الأمر سوءاً ويحطم كل ماتم انجازه بجرّة قلم أو التنصل من هذه المهمة الوطنية بل والإنسانية لأبسط الأسباب وأقربها للمعالجة في سبيل استمرارية هذا العمل الجليل ! مرة أخرى أناشد بل واستجدى القائمين على عملية التشجير في مكتب المحافظة إعادة النظر في إعطاء هذا الجانب الاهتمام المناسب ، والبحث عن مساحات جديدة مناسبة - فيما تبقى من فراغات - لتحويلها إلى مسطحات خضراء وورود وأشجار ، والرعاية والاهتمام الجاد بما هو موجود على الأرض وعدم التفريط به أو الإهمال الذي تشهده بعض المواقع التي عادت للتصحر من جديد ، أمثال الامتداد الزراعي المحاذي أو الذي يتوسط الطريق المؤدي من وإلى منطقة البريقة ، أو في جبل حديد بالمعلا وكذا خور مكسر أو المنصورة والشيخ عثمان .. وغيرها .. كم سيكون جميلاً أن يضاف إلى التاريخ الشخصي الحافل لقيادة المحافظة مثل هذا الإنجاز الإنساني لبسط مزيد من الاخضرار في المحافظة ، خاصة لو قام كل قيادي فيها بالإشراف المباشر على استصلاح تلك الفراغات وغرسها تمهيداً للتسابق في العمل والإسهام في تجديد رئة المحافظة وإلباسها ثوب الأمل والاستقرار وجمالية المنظر الذي سيعكس نفسه بالتالي على نفسيات المواطن بمختلف الفئات العمرية وسيعطي انطباعاً ايجابي وصورة مشرفة للمحافظة وقيادتها وكل القائمين على هذا النشاط الحضري الحيوي المهم .
|
آراء
التشجير .. نشاط حضري و أخلاقي
أخبار متعلقة