مرحلة جديدة في تاريخ مصر السياسي بدأت بعد 14 نوفمبر الجاري، بعد زيارة الوفد الروسي رفيع المستوى من وزير الخارجية لافروف ووزير الدفاع شويجو وخروج موسكو من حالة «الصمت والترقب الإيجابي» للأوضاع في مصر بعد ثورة 30 يونيو، إلى حالة الشراكة الاستراتيجية مباشرة ودون المرور بمرحلة التمهيد السياسي، وأستطيع أن أقول أن مصر بعد هذا التاريخ دولة أخرى سياسياً واقتصادياً في الداخل والخارج بفضل القيادة السياسية الوطنية التي تدير شؤون البلاد الآن وإدراكها لطبيعة المرحلة التي تعيشها مصر، وإدراكها - أيضاً - حجم وتاريخ ومكانة الوطن الذى تحكمه ودوره وإسهامه في التاريخ الإنسانى كدولة إقليمية عظمى.وكتبت في هذه المساحة من قبل وقلت: إن هناك أوهاما كثيرة سوف تسقط بعد 30 يونيو مثلما سقطت مشاريع ومخططات وامبراطوريات بعد معركة 56، أول هذه الأوهام هي تراجع النفوذ الأمريكى في المنطقة بعد الموقف الأمريكي من الثورة المصرية وانحياز ودعم واشنطن لجماعة الإخوان المحظورة والمراهنة عليها، وخاصة أن هناك على مسافة ليست بعيدة من كان يترقب تطورات الأوضاع في مصر، قلب المنطقة، للقفز إلى قلب المشهد، وهو ما حدث من الدب الروسى وفي الطريق التنين الصيني أيضاً، في خطوة استراتيجية هى بداية لتغيير درامى في بنية العلاقات الدولية وخريطة منطقة الشرق الأوسط بسبب «الغباء السياسي للإدارة الأمريكية».موسكو الآن على الخط المباشر مع القاهرة بزيارة غير مسبوقة وباتصال هو الأول من نوعه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الرئيس عدلي منصور، وبكلمات واضحة ومحددة بأن الدعم الروسي بلا حدود لإرادة الشعب المصري بعد ثورة 30 يونيو وأن تستعيد العلاقات المصرية الروسية زخمها وتميزها، في إطار من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية..معرباً عن تطلعه لاستمرار التواصل المباشر مع الرئيس عدلي منصور.في المقابل أمريكا المنزعجة والمرتبكة قلقة من التقارب الاستراتيجي المصري الروسي ولم يعد أمامها إلا الاعتراف بالأمر الواقع والتعامل معه رغم رفضها له، وهذه فرصة استراتيجية لمصر في أن تعيد التوازن لعلاقاتها الخارجية التى يجب أن تستند على استقلال القرار المصري وعدم الدخول في دائرة التبعية السياسية سواء لموسكو أو واشنطن أو بكين، فالمعادلة السياسية الآن تشمل أطرافا عربية أيضاً وتحديداً دول الخليج العربي الشقيقة التى تحدت بإرادة مستقلة العناد الأمريكي وأعلنت دعمها ومساندتها الكاملة لمصر، موسكو والقاهرة والرياض وأبوظبي والكويت.. وبكين خارطة دولية جديدة تتشكل.
آلو القاهرة.. هنا موسكو
أخبار متعلقة