تضــارب الآراء حــول حقيقة وضــع ثـانـويـة (لــطفي) بوجود النازحين
[img]img3611.jpg[/img]تحقيق/ منى قائد - تصوير/ مواهب بامعبد يرجع تاريخ هذا الصرح التربوي العريق إلى عهد الاستعمار البريطاني بعدن فقد تأسس عام (1845م) في البداية كمقر ثكنات للجنود الانجليز، وفي عام (1858م) تم تحويله إلى أول مدرسة ابتدائية في مدينة عدن وقد سميت (مدرسة الرجمنت)... كان هدف هذه المدرسة آنذاك تنشئة جيل صاعد مؤهل للمشاركة في الخدمة الاجتماعية بشكل فعال في حياتهم و مجتمعهم، ولكن كل تلك الجهود باءت بالفشل وأغلقت مدرسة الرجمنت عام (1860م). في الثمانينات و بسبب النقص الشديد لمدارس الثانوية الذكور في مدينة عدن افتتحت مرة أخرى هذه المدرسة ولكن تحت مسمى آخر، فقد سميت (ثانوية لطفي جعفر أمان ) تكريما للشاعر اليمني الكبير الراحل لطفي جعفر أمان، وهي في حقيقة الأمر كانت ومازالت المدرسة الثانوية الحكومية الوحيدة للذكور في كريتر. صفحة (قضايا وحوادث) نزلت للميدان والتقت بكل الجهات المسؤولة وحققت بوضع الثانوية فإلى ما تم الوصول إليه: [c1]نازحون من الداخل[/c]في بداية تحقيقنا انطلقنا إلى ثانوية (لطفي جعفر أمان) النموذجية للبنين لنتلمس أحوال الثانوية والنازحين فيها وكان أول لقاءاتنا مع الأخت/ برديس محمد علي صالح من سكان مدينة عدن حيث قالت/ نحن لسنا من نازحي محافظة أبين بل نازحون من الداخل (عدن) حيث كنا نقيم في منزل بمنطقة العريش بنظام (الإيجار) ولكن بسبب الظروف المعيشية الصعبة لم نتمكن من دفع إيجار المنزل ما أضطر صاحبه إلى إخراجنا منه، علماً بأنه لم يكن لدينا مأوى سواه. وأضافت: وبذلك أصبحنا مشردين في الشوارع هذا ما جعلنا نلجأ إلى الجبل الواقع عند (مجمع عدن مول السياحي) ونصبنا خيمة صغيرة تحت الجبل ومكثنا فيها لمدة (3 أشهر)، ومن ثم أتى إلينا محافظ عدن (لا أعلم ما اسمه) ورأف بحالنا وطلب منا البقاء في المدرسة بدلاً من الجلوس في الشارع، لافتة إلى أنهم عائلة كبيرة جداً تتكون من (15) فرداً. [c1]توفير مسكن[/c]ومن جانبها قالت الأخت/ إيناس: نحن من أهالي منطقة أبين (زنجبار) نزحنا إلى مدينة عدن قبل (3 سنوات) أيام الحرب 2011م ولدي (6) أطفال أكبر أولادي عمره (18) سنة وأصغرهم (7) سنوات نسكن في المدرسة حالياً لأنه لا يوجد لدينا مكان غيرها للسكن. وأضافت: طبعاً مؤخراً أصبحنا نتعرض لتهديدات من قبل التربويين، كما حضرت إلينا الشرطة وكانت تريد إخراجنا بالقوة من المكان الوحيد الذي يؤوينا. وواصلت حديثها: ليس هناك من يقدم لنا المساعدة لا من الدولة ولا من المنظمات .. ونتيجة لصعوبة الحياة المعيشية ولأن لدي (6) أطفال معلقين برقبتي إلى يوم الدين فقد خرجت للعمل في منازل الناس (شغالة) وذلك بنظام الأجر اليومي لأؤمن لقمة عيشي أنا وأطفالي، علماً بأن زوجي رجل مريض ولا يقوى على العمل. وأشارت إلى أن (كل ما ترونه الآن أمامكم مقدم لنا من فاعلي الخير والناس الذين نعمل عندهم، أما عن تعويضنا فلم نتحصل على أي تعويض لأني كنت من المواطنين الساكنين في (زنجبار) بنظام (الإيجار) وليس لدينا بيوت أو حتى أراض خاصة بنا (ملك) لهذا أطلب من الدولة توفير سكن يؤويني ويسترني أنا وأولادي فقط هذا كل ما أتمناه). [c1]نتمنى تعويضنا[/c]بينما الأخت/ نور حيدرة من زنجبار قالت: لي ثلاث سنوات نازحة في مدينة عدن و(8 أشهر) منذ أن انتقلت إلى ثانوية (لطفي جعفر أمان).. علماً بأني كنت في السابق بـ(ثانوية باكثير)، وبالنسبة للتعويضات لم نتحصل على أي تعويض كوننا من السكان القائمين بنظام (الإيجار) ونتيجة الحرب والدمار الذي حصل بمحافظة (أبين) سرقت بعض أثاثنا والآخر دمر في الحرب، لهذا نتمنى من الحكومة تعويضنا كبقية الأسر التي نزحت إلى هنا وذلك لنتمكن من العودة إلى محافظتنا.. علماً بأن زوجي حالياً متقاعد عن العمل وراتبه ضئيل جداً حيث كان يعمل سابقاً في شركة التجارة بأبين.[c1]ملكية خاصة[/c]أما الأخت/ ماجدة وهي نازحة من منطقة الكود وأم لطفلتين فقالت: نزحنا إلى مدينة عدن قبل (3 سنوات) وزوجي يعمل على باب الله، وبالنسبة للتعويض لم نتسلم أي تعويض إلى يومنا هذا لهذا أطلب من الحكومة إما إصلاح بيوتنا التي تهدمت وإما إعطاءنا تعويضاً مالياً كي نتمكن من العودة إلى محافظتنا ونستقر فيها بدلاً من بقائنا مشردين هنا في المدارس، لافتة إلى أن (بيوتنا التي تهدمت كانت (ملكية خاصة) تابعة لنا). وأضافت: تم تسجيل أسمائنا للحصول على التعويض لكن للأسف تم تسليم بعض النازحين والبعض الأخر_ ونحن من ضمنهم_ لم يتسلم شيئاً إلى الآن، لافتة إلى أن عدد الأسر النازحة والمتبقية في المدرسة يصل إلى (50) أسرة. ولتكتمل صورة هذا التحقيق توجهنا بدورنا إلى جميع الجهات المختصة والمسؤولة عن هذه القضية وطرقنا جميع الأبواب للاستماع لهم والحصول على المعلومة والوصول إلى الحقيقة. [c1]الثانوية الوحيدة النموذجية للبنين[/c][img]img3616.jpg[/img] فكان لنا لقاء مع الأستاذ/ عائش عبد القادر مدير ثانوية (لطفي جعفر أمان) النموذجية للبنين حيث قال: أولاً نشكركم على نزولكم إلى ثانوية (لطفي جعفر أمان) لتفقد أحوال الإدارة المدرسية والطاقم التدريسي والطلاب وما يعانونه نتيجة وجود الإخوة النازحين داخل الثانوية الأم لمدة (3 سنوات) متتالية حيث تعتبر هذه السنة هي الثالثة التي نعاني فيها نتيجة وجودنا خارج مدرستنا (مشردين) ومن المعروف أننا عانينا الكثير خلال السنوات الثلاث لأن الذي يخرج من مكانه دائماً ما يتعرض للمضايقات والتطفيش وغيرها من الأمور. وأفاد بأنه (يصل عدد طلابنا إلى (1.700) طالب بينما عدد أعضاء الطاقم التدريسي والإداري في الثانوية يصل إلى (158) إدارة وهيئة تدريس، وكما هو معروف أن ثانوية (لطفي جعفر أمان) تعتبر من أفضل الثانويات ليس على مستوى المحافظة فقط بل أيضاً على مستوى الجمهورية بشكل عام، كما تعتبر الثانوية الوحيدة النموذجية للبنين داخل مديرية صيرة وكذا الواجهة لجميع المدارس داخل المديرية. [c1]معـانـاتنـا[/c]واستطرد قائلاً: بدأت معاناتنا عندما نزح إخواننا من محافظة أبين إلى مدينة عدن، وتحت إشراف وزارة التربية والتعليم وكذا منظمة اليونيسيف قرروا اختيار مدرسة واحدة لإيواء هؤلاء النازحين بحيث يتم إخراجهم من جميع المدارس في المحافظة وإيواؤهم في المدرسة التي يقع عليها الاختيار وللأسف وقع الاختيار على ثانوية (لطفي جعفر أمان) من قبل إدارة التربية والتعليم، وكان ذلك قراراً خاطئاً لأن ثانوية (لطفي جعفر أمان) هي الثانوية الوحيدة على مستوى المديرية للبنين وهذا القرار شكل ضغطاً كبيراً علينا كإدارة مدرسية وعلى طلابنا وبه قسا علينا البشر والزمن. وأشاد عائش (بدور مدرسة البيحاني التي فتحت أبوابها لطلابنا للدراسة فيها والحصول على المعلومة. لافتاً إلى أنه (مؤخراً تم توفير الكراسي والأدراج المزدوجة لنا.. علماً بأنه سابقاً كان طلابنا يفترشون الأرض وممرات المدرسة للدراسة وتلقي المعلومة، إلى جانب أننا نعاني من كثافة طلابية كبيرة بالإضافة إلى نقل الطلاب من المحافظات والمديريات وكذا المدارس الخاصة للدراسة فيها نتيجة السمعة الطيبة التي تتمتع بها الثانوية). وواصل حديثه: لا مانع لدينا أن يسكن إخواننا النازحون في أي مكان بعيداً عن هذه الثانوية، حيث كان على الجهات المسؤولة التي اختارت مدرستنا كمركز إيواء للنازحين أن يختاروا المكان الصحيح والأجدر وذلك باختيار مكان آخر أو أن يضعوهم في مدرسة ابتدائية.. علماً بأن هناك (17) مدرسة ابتدائية موزعة على المديرية ولن تكون هناك مشكلة كبيرة إذا تضررت إحدى هذه المدارس. وقال: طبعاً نحن كإدارة مدرسة ليس بإمكاننا أن نتخذ أي قرار، حيث أخذت المدرسة منا بقرار ووزعنا على بقية المدارس هذا قبل (3 سنوات) والآن من المفروض إخلاء المدرسة لطلابها ولإدارتها المدرسية وكذا لطاقمها التدريسي لإتمام رسالتهم التعليمية، حيث يفترض من المحافظ والمجلس المحلي وإدارة التربية والتعليم في المحافظة والمديرية أن يتابعوا هذه الأمور ومثل ما أخذت منا المدرسة يجب أن تفرغ من الساكنين وتعاد إلينا مجدداً. وأضاف: كما عليهم النزول والجلوس مع هؤلاء النازحين وإيجاد حلول مناسبة لهم، المهم إفراغ المدرسة لنا ولطلابها الذين أصبحوا (موزعين) في المدارس الأخرى .. علماً بأن كل مرحلة دراسية موزعة في مدرسة لهذا لابد من أن يوجدوا حلولاً لهم خاصة وأن العدد المتبقي في المدرسة ليس كبيراً، ولا أعتقد بأن الدولة عاجزة عن توفير حلول مناسبة لهم مقابل (1.700) طالب يريدون العودة إلى مدرستهم وإكمال تعليمهم فيها وبالتالي إعادة الصورة الطبيعية للثانوية التي غابت عنها معالم الدراسة وروح الرسالة التعليمية منذ (3 سنوات). [c1]الإجراءات المتبعة[/c]وأوضح أن الإجراءات التي تمت هي أن إدارة التربية والمجلس المحلي نزلوا عدة مرات الى ثانوية (لطفي جعفر أمان) لإشعار النازحين فيها بالخروج بشكل طوعي، لكنهم طبعاً لم يستجيبوا لهذا الإشعار فتدخل الأمن واستخدمت القوة معهم وحصلت بعض المشادات وتبادل لإطلاق النار بينهم وبين الأمن، ومن ثم انسحب الأمن من داخل المدرسة كي لا يتفاقم الوضع أكثر. وأضاف: أن إدارة التربية والتعليم في صيرة ممثلة بالأستاذ/ محمد الكدر تابعت الموضوع مع الجهات المختصة بالمحافظة وإدارة التربية والتعليم بالمحافظة وكذا المجلس المحلي بالمديرية والأمن ولكن لم يتوصلوا إلى حلول جادة في إخراج النازحين من المدرسة وإعادتها الى طلابها وطاقمها التدريسي والإداري. لهذا أتمنى من الجهات المختصة اتخاذ الإجراءات اللازمة والجادة في إعادة الوضع الطبيعي للثانوية وكذا وضع الحلول المناسبة لكل الأطراف المتنازعة. [c1]استحداث المباني[/c]وقال: بالنسبة لموضوع بيع قطع من أراضي المدرسة للغير، هذا الموضوع لا أستطيع أن أجزم فيه نهائياً وذلك لأن الظاهر لا يوحي بوجود بناء مستحدث داخل سور المدرسة.. لكن إذا أستمر الوضع على ما هو عليه فمن المتوقع أن يحدث مثل هذه الأمور وخاصة إذا تم افتتاح (مستشفى عدن العام) لأن الموقع استراتيجي (ومغرٍِ) لكل من تسول له نفسه العبث في المدرسة والمتاجرة بالمكان. [c1]فرصة لإخلاء الثانوية بهدوء[/c]كما التقينا بالأستاذ/ محمد عبد الله الكدر مدير إدارة التربية والتعليم مديرية صيرة حيث قال: أولاً نشكركم على نزولكم إلى مديرية صيرة لتفقد وتلمس هموم ومشاكل ثانوية (لطفي جعفر أمان) بالذات، طبعاً نحن منذ بداية العام ومن أول ما تسلمت إدارة التربية والتعليم [img]img3612.jpg[/img]بالمديرية قمت بالتواصل مع كل الجهات المسؤولة سواءً من مدير مكتب التربية بالمحافظة إلى اليونيسيف والمأمور لحل هذه القضية، حيث تم النزول من قبلنا الى المدرسة في شهر (سبتمبر) وأخذنا معنا طقماً عسكرياً من الأمن المركزي والشرطة العسكرية النسائية لإخراج النازحين من المدرسة.. لكن فوجئنا بإطلاق النار علينا من قبلهم ورفضهم الخروج من الثانوية بحجة أن لديهم تعليمات (من فوق) بالبقاء فيها. وواصل حديثه: طبعاً أحلنا الموضوع مرة أخرى إلى مدير المديرية ومنه إلى مدير مكتب التربية والتعليم ومن ثم إلى المحافظة حيث اجتمعنا يوم الأربعاء في مكتب مدير المديرية على أساس أن يتم النزول يوم الأحد إلى المدرسة لحل الموضوع بشكل ودي معهم وبأن يعطوهم (المجلس المحلي والشرطة ومكتب التربية) فرصة أخيرة لإخلاء المدرسة بهدوء. وأضاف: طبعاً المدرسة حالياً بحالة يرثى لها حيث انتهت فيها كل المعالم التربوية والتعليمية، كما نهبت كل الأشياء الموجودة بداخلها من مراوح ومكيفات وأدوات مختبرية بالإضافة إلى أن وضع الحمامات يرثى له وكذا الصفوف حيث أصبح الصف الواحد مقسماً إلى قسمين كما أن المختبرات تم تحويلها إلى حمامات، وقال (نحن الآن منتظرون من الأخ/ الدحيمي المسؤول عن النازحين ومنظمة اليونيسيف والمحافظة وكذا مدير المديرية ومكتب التربية والتعليم بالمحافظة أن يوافونا بآخر المستجدات التي سيصلون إليها معهم لأن وضع ثانوية لطفي سيئ جداً.. جداً). وأفاد بأن ثانوية (لطفي جعفر أمان) هي الثانوية الوحيدة التي لازالت تعاني من وجود النازحين بشكل غير طبيعي.. ونحن غير ساكتين على هذا الوضع، فقد عملنا عدة لقاءات مع منظمة اليونيسيف وفي آخر لقاء معهم تم الاتفاق على أن يتم إحصاء عدد النازحين الأصليين وبالتالي سنستأجر لهم منازل، لكن بقية الساكنين لن نتحملهم لأن ذلك يقع على عاتق المكتب التنفيذي بالمحافظة. وأشار الكدر إلى أنه رغم كل الظروف الصعبة التي مرت وتمر بها ثانوية (لطفي جعفر أمان) إلا أن الأستاذة ليلى المعمري منسقة المعهد البريطاني قامت بإنشاء شراكات عالمية مع المدارس في كل من مصر وباكستان وتركيا من خلال برنامج ربط الصفوف الدراسية وتتجسد هذه الشراكات باقامة أنشطة وفعاليات مدرسية ذات طابع عالمي تم تبادلها مع المدارس الشريكة وذلك لتطوير التفاهم والثقة بين الشباب في المجتمعات المختلفة من خلال هذه الشراكات من أجل عالم آمن وأكثر ترابطاً في المستقبل. [c1]اختيار ثانوية لطفي[/c]وألمح إلى أنه بداية الأزمة كان النازحون موزعين على كل مدارس المديرية وبالتالي جميعها توقفت عن أداء رسالتها التعليمية، لهذا وبحكم أن ثانوية (لطفي جعفر أمان) سترمم وسيتم إعادة تأهيلها وقع الاختيار عليها في تجميع النازحين وإبقائهم فيها، على أن يتم إخراجهم منها بعد عام واحد فقط ويتم إعادة ترميمها بشكل كامل وإعادة الطلاب والوضع الطبيعي لها، إلا أنه مرت (3 سنوات) والحال لا زال كما هو دون أي تغيير. وأضاف: بالنسبة للمباني المستحدثة في الثانوية والاستقطاعات التي تحدث من قبل النازحين غرضها التوسع والجلوس فيها خاصة في الجهة المقابلة لـ(مستشفى عدن العام) .. والآن أصبح الكل يسارع لاستغلال ذلك الجانب المغري من الثانوية لعمل صيدليات وغيرها، لهذا إذا لم تكن هناك جهود مبذولة من جميع الجهات المختصة والمسؤولة عن الثانوية فحتماً ستمحى كل معالمها إلى الأبد، لهذا وعبر صحيفتكم أناشد كل الجهات الرسمية والمدنية والعسكرية أن يسارعوا إلى إيجاد حل جذري ومناسب لثانوية (لطفي جعفر أمان) وإنقاذ ما يمكن إنقاذه فيها.