ما أظن أن الأخوة الأعزاء المتحاورين، بعد هذه التجربة التي خاضوا في بحرها العميق طوال الشهور الماضية بحاجة إلى من يذكرهم بحكاية (بيزنطة) أو ما يسمى بالحوار البيزنطي، فقد كانت بيزنطة مهددة بعدوان خارجي وحصار على الأبواب، وكان ذلك دافعاً كافياً لاجتماع أصحاب الحل والعقد من أبناء المدينة لمناقشة الأسباب والوسائل التي تمكن سكان بيزنطة من رد الأعداء على أعقابهم، لكن وبدلاً عن ذلك فقد أنزلق الحوار إلى شأن آخر لا علاقة له بالأعداء ولا بما يحيط بالمدينة من أخطار، إذ كان حول الملائكة وهل هم ذكور أم إناث، وفي الوقت الذي كان فيه متحاورو بيزنطة مستغرقين في هذا الأمر الثانوي أو بالأصح غير المهم على الإطلاق كان الأعداء يخترقون أسوار المدينة ويبدأون في نهبها وتدميرها وقتل أبنائها، وما أظن أعضاء الحوار من الذكور والإناث غافلين عن هذه الحكاية وأمثالها. الحوار الوطني سيخرج بمخرجات تلبي حاجات كل أبناء الجنوب، سواء في توزيع الثروة توزيعاً عادلاً أو في الشراكة الحقيقية في اتخاذ القرار، أو في العدالة والمواطنة المتساوية، واعتقد أن مؤتمر الحوار الوطني سيفضي إلى وثيقة تاريخية هامة ستعطي وتلبي احتياجات كل أبناء الجنوب، واقصد أنها تلبي احتياجات المواطن الجنوبي وليس النخب الجنوبية، وكذلك تلبي احتياجات كل اليمنيين. بت اجزم يقينا أن قوت أطفالنا ودماءنا ليست الوحيدة التي تسرق منا بل أفكارنا باتت تغادر الأذهان قبل أن ننطق بها. أي عرقلة في إنجاز تقرير اللجنة المصغرة لفريق قضية صعدة هي في الأساس لأسباب خارج القاعة وخارج القضية، حيث الغايات السياسية هي الحاكمة، ومايريد البعض إنجازه سياسياً يحول لأجله كل القضايا إلى متاريس. كل المزايا التي كان الجنوبيون يفاخرون بها ذهبت أدراج الرياح ،وغدا الحديث عنها وكأنه حديث أسطوري وخيالي لا يمت للحقيقة بصلة.من الحديث عن عدن لؤلؤة الشرق يومها وحاضرته ،وكيف أصبحت اليوم أكثر مدن الكون ، عفونة، وانهيارا شاملا في كل مجالات الحياة. إلى الحديث عن تميز هذه المدينة وتفردها باعتبارها المدينة التي سبقت بلدان الجزيرة والخليج ،فكانت أول مدينة عرفت الكهرباء ،والتلفزيون، وكان من أبنائها أول من نال درجة الدكتوراه في المنطقة، ومنها ظهرت أول محامية وأول صحافية ،وأول مصورة تليفزيونية وغيرها، وكيف أصبحت اليوم في ذيل مدن الجزيرة والخليج على الإطلاق من حيث تردي خدمات الكهرباء والمياه والنظافة والإعلام.
للتأمل
أخبار متعلقة