د.أحمد الصعفاني لـــ 14 اكتوبر :
لقاء/ زكي الذبحانيما تشهده المستشفيات والمرافق الصحية من توافد أعدادٍ غفيرة من حالات التسمم الغذائي يضعنا أمام أسئلة كثيرة وتساؤلات..تستحث فينا التعرف على الأسباب والمسببات وسبل الوقاية ووسائلها.ووقوفاً على هذه القضية بأبعادها ومختلف جوانبها ، فقد أحلناها للنقاش والبحث في لقاءٍ جمعنا بالدكتور/ أحمد يحيى الصعفاني- اختصاصي أمراض الباطنية - والذي أجاب على أسئلتنا بالتالي:أصل المشكلة> ثمة من يعتقد بأن سبب التسمم الغذائي هو وجود سم في الغذاء ، فماذا يقصد بالتسمم الغذائي؟ وما حجم هذه المشكلة ؟> > التسمم الغذائي عبارة عن اضطرابات حادة في الجهاز الهضمي ناتجة عن تناول أغذية ملوثة بالبكتيريا أو بأحد سمومها أو على إثر تناول غذاء ملوث بالفيروسات أو الطفيليات أو حتى بمواد كيماوية سامة.وكثير من الدراسات المخبرية ُتظهر أن تناول طعام أو شراب ملوث يعتبر السبب المباشر والرئيس لحالات التسمم الغذائي ، وأن (80 % ) ناتجة من البكتيريا.كما دلت الدراسات الإحصائية على أن هذه المشكلة تعتبر عالمياً من ضمن الأسباب الرئيسة للوفاة ،خاصة في بلدان العالم النامي. حيث يتوفى سنوياً حوالي خمسة ملايين حالة.أنواع التسمم> ذكرت بشكلٍ عام أنواعاً للتسمم الغذائي ، والسؤال الذي يطرح نفسه .. كيف تصنفون المعدي منها وغير المعدي؟ وما دور الجهاز المناعي في الحفاظ على الجسم منها؟> > قسم الأطباء التسمم الغذائي إلى نوعين رئيسيين:-- النوع السُمي (TOXIC TYPE):ينتج عن تناول غذاء يحتوي على سموم بكتيريا تكاثرت في الطعام قبل تناوله. وتظهر أعراضه عادة خلال (6 ساعات) من العدوى.كما أنه ينتج عن تناول غذاء ملوث بأحد المواد الكيماوية السامة، كالمبيدات الزراعية المستخدمة استخداماً عشوائياً، أو المعلبات الغذائية الفاسدة نتيجة سوء التخزين وإن لم تكن انتهت فترة صلاحيتها. - النوع المعدي ( INFECTIVE TYPE ): وهو ناتج عن تناول غذاء يحتوي على بكتيريا تكاثرت في الأمعاء بعد تناول المصاب للغذاء الملوث. وتتراوح ظهور فترة أعراض المرض في هذا النوع بين (6 - 24 ساعة).ونتيجة للتسمم الغذائي وما يترتب عليه من أضرار تحدث ردود فعل مناعية في الجهاز الهضمي، وهي حالة دفاعية لحماية الجسم البشري من هذا التسمم ، إلا أنها تؤدي إلى ظهور أعراض مرضية تتراوح بين ( آلام حادة في البطن - غثيان و قيء -إسهال حاد متكرر مصحوب في العادة بدم أو مخاط - حمى وتعرق- فتور ودوخة).وفي بعض الحالات عندما تكون جرعة التسمم كبيرة أو تكون مناعة المصاب أقل من المعتاد تظهر الأعراض بصورة أشد؛ كذلك مضاعفات التسمم تأتي بصورة أخطر، ما قد يؤدي ببعض الحالات إلى الوفاة .ظاهرة شائعة> بم تفسر شيوع حالات التسمم الغذائي؟ وما أسبابه ؟> > لاشك أن هناك بعض الأسباب الرئيسة لشيوع تسمم الغذاء ، منها :- تدني الوعي الصحي والتثقيف الغذائي بشكل لا يستهان به لدى شريحة كبيرة من المجتمع اليمني، وتفشي الإهمال واللامبالاة بين الناس ، وصعوبة إقناع كل شخص بوجود جراثيم وبكتيريا لا ترى بالعين في الطعام غير المأمون الذي يأكلونه بالفعل، تعمل عملها .- إقدام نخبة من الباعة المتجولين على بيع الأطعمة والمقليات والحلويات والمشروبات على قارعة الطريق.- قيام بعض الباعة المتجولين بتحضير الأطعمة والمشروبات على الأرصفة وفي الهواء الطلق متناسين الذباب والغبار والأتربة الملوثة وملامسة الأيدي المتسخة. وخلطهم بعد ذلك المتبقي من اليوم السابق بالطازج لتجنب الخسارة المادية.- إقدام المطاعم والبوفيات بصورة واضحة وبأعداد متزايدة على بيع الوجبات السريعة المكشوفة، وكذا إخراج التجار للأغذية المكدسة في المخازن والتي شارفت على الفساد نتيجة التخزين السيئ غير الملائم ، ومن ثم بيعها بسعرٍ أقل في الشوارع تحت أشعة الشمس. وللأسف تلقى هذه الأغذية وتلك رواجاً وتهافتاً من قبل المستهلكين، إما لرخص ثمنها، أو للعرض المغري،أو لرغبتهم في تجربتها من دون أن يدري المستهلك أن السم في الدسم.وللأمانة نقول إن من الأسباب المهمة الأخرى للتسمم الغذائي:- قصور دور الرقابة الصحية عن القيام بمسؤولياتها الرقابية تجاه المطاعم وأماكن تحضير وتقديم وتناول الطعام من حيث تحري نظافتها وسلامة أوانيها وأدواتها ومعداتها، ونظافة أماكن تخزين المواد الأولية للطعام وصلاحية هذه المواد للاستهلاك الآدمي . إلى جانب غياب دورها في التأكد من خلو العاملين فيها من الأمراض المعدية، وكذا تغاضيها عن الباعة المتجولين وطباخي الشوارع.- عدم إتباع المستهلك ولو لأبسط القواعد الصحية عند شراء الطعام أو الشراب لشروط النظافة الشخصية وآداب تناول الطعام.كل ذلك وما سبق يشكل أسباباً رئيسة في انتشار حالات التسمم الغذائي .حلول وقائية ورقابية> برأيك..ما الحل في الوصول إلى قناعات الناس بالعدول عن مساوئ أنماط الاستهلاكالتي يتبعونها؟ وما المطلوب لحل هذه الإشكالية؟> > للتسمم الغذائي أهمية كسائر الأمراض المعدية وتأتي أهميته من إمكانية الحد من حدوثه بالوقاية ووسائلها المتاحة.وبالدرجة الأساسية عن طريق رفع مستوى الوعي الصحي بين أفراد المجتمع والذي تمثل فيه وسائل الإعلام المختلفة (المرئية ،المسموعة،المقروءة) حجر الزاوية ، بتحقيقها الدور الذي من خلاله يمكن للمجتمع اكتساب المبادئ الصحية السليمة ونبذ الممارسات الخاطئة ليكون مؤهلاً للاختيار والتمييز بين الصواب والخطأ، قادراً على الاستفادة من درهم الوقاية بدلاً من البحث عن قناطير العلاج.وكل ذلك يأتي من خلال التعريف بالأمراض وأسبابها وطرق انتشارها وما يسهل ويكفل الوقاية منها. كذلك التركيز على دور الأسرة لكونها اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، وأن يكون فيها الآباء هم المثل والقدوة الحسنة، بهم يتأثر الأبناء ويقتدون ، وما علىالآباء والأمهات عمله لتنشئة الأبناء على السلوكيات الصحية السليمة ولنمو فيهم روح المسؤولية والالتزام بالنظافة الشخصية والمنزلية، فيحافظوا بذلك على صحتهم وصحة أبنائهم على الدوام.كما يجب التنويه والإشارة إلى دور الأجهزة الرقابية في عملية الوقاية وفرض الرقابة ؛ إذ لا بد من تكثيف جهودها على أماكن تحضير وطبخ وبيع الأطعمة سواء الثابت منها أو المتجول والتأكيد على وجوب التقيد بشروط الاستخدام السليم للأطعمة، وإصدار المخالفات في حال عدم إتباع الشروط الصحية في كافة مراحل حفظ وتحضير وتخزين الأغذية، وتطبيق العقوبات الصارمة على المخالفين، وإغلاق المنشآت المخالفة.بالإضافة إلى التشديد على ضرورة التخلص من كافة الأغذية القديمة بشكل يومي وعدم ترك الأطعمة مكشوفة معرضة للحشرات والأتربة ، وإلزام عمال المطاعم والمطابخ والبوفيات بقواعد النظافة، واستعمال القفازات المخصصة للبيع ، ومتابعتهم لإصدار شهادات صحية دورية تثبت سلامتهم وخلوهم من الأمراض المعدية.