كلما حلت علينا ذكرى ثورة الرابع عشر من اكتوبر كل عام، تجددت فينا المعاني العظيمة التي حققتها تلك الثورة الخالدة، وهذا العام نحتفل ونحن على ابواب يمن جديد، خاصة أن اليمنيين يطوون الصفحات الاخيرة من كتاب الحوار الوطني.ما اجمل ان يتزامن يومنا الخالد مع اعظم ايام الله، فالوقوف بعرفة جعل من يوم ثورتنا، اكثر روحانية، لنترحم من خلاله على الارواح الزكية التي افتدت الوطن.. ولهذا فإن يوم 14 من اكتوبر ليس يوماً عادياً في حياة اليمنيين، ففيه قبل 50 عاماً دحر اليمنيون احتلالاً بريطانياً دام 13 عقداً، تجرعوا خلالها صنوفاً عدة من الاذلال والقهر، وليس أكثر من تقييد الحرية قهراً ومهانة، ولهذا فإن يوم الخلاص كان غالياً، حيث قدمت اليمن من أجله قوافل من الشهداء توجوا جهادهم ضد المستعمر بتحرير الأرض والإنسان.ولهذا فإن اكتوبر تعد لدى اليمنيين أكثر من ثورة لتجددها المستمر، فهي إلى جانب كونها يوم اقتلاع المحتل من أرض ظن تخليده بها، جاءت امتداداً لثورة سبتمبر، لتفتحا معاً النافذة الكبرى التي يحلم بها اليمنيون وهي تحقيق الوحدة اليمنية، فقد كانت الركيزة الأساسية للثورتين، إعادة لحمة الأمة اليمنية شعباً وأرضاً.جبال شمسان وردفان شهدت كيف استطاع اليمنيون دحر الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، فمن عليها انطلقت شرارة ثورة أكتوبر المباركة، وانتشرت بعدها إلى كل مدينة وقرية في جنوب وطننا الحبيب، لاستشعار المواطنين أن باب الحرية ينبغي فتحه خاصة وأن اخوتنا في شمال الوطن أنهوا حكم آل حميد الدين معلنين قيام الجمهورية العربية اليمنية، وهذا بحد ذاته مثل حافزاً لقيام جمهورية اليمن الديمقراطية، ليتأكد بذلك أن النهج واحد وهو الخلاص من الاستبداد، وإعطاء الإنسان اليمني حريته وكرامته في كلا الشطرين.التاريخ اليوم يعيد نفسه بعد ما يقارب خمسة عقود على قيام الثورتين المجيدتين، فاليمني اليوم يعيد الدور نفسه الذي لعبه أجداده في النضال، ويمضى في تغيير سلمي، جاء حتمياً للقضاء على كثير من الاختلالات التي رافقت قيام الثورتين، وإن كانت الثورتان قد حققتا أهم أهدافهما بقيام الجمهورية اليمنية، كمطلب ارتكز في الأساس على ما بذله الشهداء قبل 50 عاماً.ثورة أكتوبر اليوم تسير مع ثورة سبتمبر في الطريق نفسه الذي يريد اليمنيون أن يبلغوه.. الطريق الذي كان معبداً منذ قيام الوحدة، إلا أن ما رافقه جعل أمام اليمنيين مفترق طرق، وهم اليوم يعيشون هذه اللحظات الصعبة التي في ضوء ما ستسفر عنه ستتحدد ملامح المستقبل.العزيمة والقوة التي أظهرها آباؤنا وهم يحققون الثورتين المجيدتين، هي الملهم الذي سيعطي اليمنيين اليوم النَفَس لإكمال مسيرة الوحدة التي ضحى من أجلها الشهداء، والتي عانى اليمنيون كثيراً وضحوا حتى تبقى السقف الذي يستظلون تحته، ولذا فهم لن يتنازلوا عن الوحدة لادراكهم أنها السبيل الوحيد ليمن آمن ومستقر.إن من صنع سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر ومايو، هو ذلك الشعب الذي لن يفرط في دماء الشهداء، ولن يدع فرصة التغيير الحقيقي تمر دون أن يستثمرها أيما استثمار.. ولذا فلن تضيع تضحيات من سبقونا سدى، وسيمضي اليمنيون في سبيل التغيير المرتكز على ما تم انجازه خلال السنوات الماضية، وخلال فترة الحوار الوطني على وجه الخصوص، وسيشرعون في فتح صفحة جديدة مبنية على المكاشفة تحت مظلة الحوار الوطني، من خلال طرح جميع القضايا، واليمن بمساعدة الاصدقاء والاشقاء وبعزيمة الرجال الصادقين قادر على تخطي هذه المرحلة، شريطة النظر الى المستقبل بعقل يقبل الآخر، ولا يلغي الا من يريد ان يلغي نفسه بنفسه.* استاذ مساعد بجامعة البيضاء
اليوبيل الذهبي للثورة المتجددة
أخبار متعلقة