إعداد/ زكي الذبحانيلا شك أن أحوال الرضاعة الطبيعية في رمضان - بما يكفل التوفيق بين الصيام والإرضاع- مسألة حساسة تستدعي تزود الأمهات المرضعات بإرشادات غذائية عملية وبما يلزم من معلومات حول عميلة الإرضاع وفوائدها.تقول الدكتورة/ إيمان رجب - اختصاصية أمراض النساء والتوليد، مبينة المزايا الفريدة للبن الأم:إن لبن الأم زاخر بفوائد مذهلة وبمقومات وتركيبة غذائية فريدة اختصه الله بها وجعل فيه من الكفاية لمد الرضيع بكامل احتياجاته من الغذاء والماء طوال الأشهر الستة الأولى من عمره.وتضيف بعدها حتى بلوغه عامين كاملين؛ يتم بمعيته تزويد الرضيع بالأغذية المساندة المؤلفة من مجموعة الأغذية الطبيعية التي تفيده وتدعم نموه ومناعته. وفي إشارة لصيام الشهر المبارك لا يرى الأطباء ذوو الاختصاص مشكلة في الرضاعة الطبيعية وتواصل الاهتمام بها في رمضان من قبل الأمهات، باعتبار لبن الأم أنسب غذاء للطفل لا غنى عنه بإجماع الأطباء وذوي الاختصاص في التغذية، وحتى تتحقق الفوائد المرجوة من هذا الإرضاع يجب الشروع فيه بعد الولادة مباشرة، لأن هذا يساعد على زيادة إنتاج حليب الثديين ووفرته للمولود. وكل ما يلزم لتكون الرضاعة الطبيعية ناجحة- برأي الدكتور/ خالد غيلان استشاري طب الأطفال: أن تحرص الأم دون انقطاع على إرضاع طفلها من ثدييها رضاعة خالصة منذ ولادته وحتى الشهر السادس بلا انقطاعٍ - حتى في شهر رمضان - ودون أية إضافات غذائية أخرى أو مشروبات؛ طالما أن لبن الأم فيه من الكفاية لسد حاجة الرضيع من الغذاء والسوائل. وأكد الدكتور/ خالد أهمية حصول المولود على حقه في الرضاعة الطبيعية منذ الساعة الأولى على ولادته، حيث أن الثديين بعد الولادة يفرزان سائلاً رائقاً مائلاً للصفرة يسمى (اللبا) ويعد أفضل وأنفع غذاء للمولود، ويقيه ويحميه من الأمراض المعدية؛ لاحتوائه على أجسام مضادة لبعض الأمراض، وهو- أيضاً- يفيد جهازه الهضمي في تعويده على تقبل الحليب وهضمه.ولا يرى الدكتور/ خالد، حاجة للمولود لأية أغذية أو مشروبات أخرى لدى انتظار زيادة إدرار لبن الأم، فهي تشعره بالشبع؛ وبذلك لا يرضع ما يكفيه من لبن الثدي.وتفيد المصادر الطبية أن كل ما على الأم فعله لإشباع طفلها من لبنها أن ترضعه من الثدي الأول ولا تنقله إلى الثدي الأخر حتى يكمل لبن الثدي الأول؛ لأن آخر لبن الثدي غني بالدهون ومشبع للطفل؛ فينمو ويتسارع نموه بشكلٍ أفضل. وبحسب توصيات منظمتي الصحة العالمية واليونيسيف، لا يكون الاقتصار في الرضاعة على حليب الأم من دون أي إضافات غذائية أخرى إلا في الستة الأشهر الأولى من عمر الطفل، ثم بعد الشهر السادس يمكن إعطاؤه إلى جانب الرضاعة الطبيعية أغذية مساندة بشكلٍ تدريجي يتلاءم مع سنه حتى بلوغه عامين من العمر؛ بمعزلٍ عن إرضاعه بالبدائل الأخرى غير الصحية كالحليب الصناعي.وعلى الأم - برأي خبراء التغذية - أن تترك طفلها الرضيع يكرر الرضاعة الطبيعية ليلاً ونهاراً كلما رغب في ذلك، فالرضاعة المقتصرة على الثديين فوائدها ليست مقتصرة على الطفل الرضيع فقط؛ بل أنها تساعد على تأخير الحمل بتأجيلها الدورة الشهرية متى حرصت الأم على إرضاع طفلها يومياً بلا انقطاع- كحدٍ أدنى(8) مرات في الليل والنهار- دون إعطائه أية أغذية أخرى، فكلما رضع منها الطفل أكثر؛ كلما طالت وتأخرت عودة الدورة الشهرية لديها.لهذه الرضاعة مزايا صحية أخرى للأم، أكدت عليها المصادر الطبية، باعتبار أن لبن الثديين يساعد على تقلص الرحم وعودته إلى وضعه السابق قبل الحمل، ويقلل من النزف الغزير. لعل من الأمور المهمة ذات الصلة بالرضاعة الطبيعية ما أوضحته الدكتورة/ إيمان رجب، من أن لبن الأم الأفضل والأنسب للطفل منذ ولادته وحتى اكتمال عامه الثاني لدرجة تغنيه عما سواه من الحليب بأنواعه المختلفة، مُؤمناً احتياجه الكامل من الغذاء والماء خلال الستة الأشهر الأولى من عمره مهما كانت الأجواء حارة أو باردة، وهو سهل الهضم ويساعد على نمو الطفل بشكلٍ أفضل، كونه غنـيا بالبروتينات، الدهون، السكر، الفيتامينات والماء.وأضافت قائلةً: لبن الأم أيضاً يمتاز بنظافته وخلوه من الجراثيم والميكروبات واحتواءه على أجسام مناعية مضادة تحمي الطفل من الأمراض وتساعد جسمه على مقاومة الالتهابات؛ مثل التهابات الجهاز التنفسـي، التهاب الأذن الوسطى، الرشح والسعال، وكذلك يقي الرضيع مـن الإسهـال والاضـطـرابات الهضمية وسـوء التغذية، ويتيح له حماية كاملة من الإصابة بالحصـبة عـلى مدى الأشهـر الستة الأولـى مـن عـمره.وتتجلى فوائده الأخرى في تأمينه للذين يرضعون من أمهاتهم عناية واهتماماً أكثر من قبلهن؛ لا يحظى بها في العادة غيرهم ممن يرضعون من الرضَّاعة. فضلاً عن ذلك فإن الرضاعة الطبيعية من الناحية الاقتصادية تعـود بالنفع عـلى الأسرة؛ لأن حليب الأم مجاني وجاهـز في كـل الأوقات ويخفض النفقات اللازمة لشراء الأدوية لعلاج الأمراض التي يمكـن الوقاية منـها بالرضاعة الطبيعية.ولخصوصية المزج بين الرضاعة الطبيعية وصيام شهر رمضان، تنصح الدكتورة/ إيمان رجب، بإفطار الأم المرضع المصابة بمرضٍ شديد أو حاد، أو متى شعرت بالتعب والإرهاق ولو لم تكن مريضة، وذلك لأن استمرارها في الرضاعة الطبيعية وهي صائمة سيؤثر سلبا على صحتها وصحة طفلها، فعليها أن تفطر دون تردد؛ ثم تقضي الصيام في وقت لاحق بعد أن تكون قد استردت عافيتها. أما إذا خشيت على صحة طفلها الرضيع الذي لم يتجاوز بعد الستة الأشهر الأولى من العمر من أن تسوء لكونه معتمداً كلياً على الرضاعة الطبيعية؛ فترى الدكتورة/ أيمان بأنها يجب أن تفطر دفعاً للضرر.أما بعد هذه المرحلة العمرية- أي بعد الشهر السادس- لدى تزويد الرضيع بوجبات إضافية طبيعية جنباً إلى جنب مع لبنها بما يؤمن احتياجه من الغذاء ويساعده على النمو السليم، فقد اعتبرت هذه الوجبات مساندة للرضاعة ويمكن أن تعوض عن نقص لبن الأم نتيجة صومها.إن الأم المرضع مطالبة بمواصلة الإرضاع من الثديين إذا عزمت على تأدية فريضة الصوم، وعليها التوفيق بين صيامها ومعيار حفظ صحتها وصحة الرضيع؛ بأخذها قسطاً كافياً من الراحة الجسدية والنفسية مع ضرورة أن تهتم بغذائها كماً ونوعاً، كون الاهتمام بالرضاعة الطبيعية لا بد من أن يقترن بالتغذية الملائمة المؤلفة من العناصر الغذائية الضرورية لتكوين الحليب، خاصةً في وجبة السحور، وأن تكثر من السوائل في فترة الإفطار بما يعادل لترا ونصف اللتر إلى لترين، وتكثر من تناول التمر والفواكه والخضراوات الطازجة ومن الأطعمة المدرة للحليب؛ كالأغذية الغنية بالبروتينات والتي يمكن الحصول عليها من اللحم، الأسماك، الدجاج، الحليب ومشتقاته، هكذا ينصح خبراء التغذية، ويؤكدون -من جانبهم- على أهمية تناولها الأطعمة النشوية والسكريات والدهون، وأن تتجنب البهارات الحارة والبسباس، وتبتعد عن التدخين والقات، وتعمل على التخفيف من المنبهات؛ مثل القهوة والشاي. فبهذه الطريقة تستطيع أن تصوم وفي نفس الوقت تواصل الرضاعة من ثدييها؛ ما لم تكن تعاني مشكلة أو مرض ينهكها أو يعيقها عن الصيام .ومن البديهي أن كل أم ٍ متى بدأت بالإرضاع للمرة الأولـى بحاجة إلى المساعدة والنصح، ويتعين عليها حينئذٍ أن تستعين بامرأة خبيرة ممارسة؛ بما يضمن حصول الطفل على ما يكفيه من لبن الثدي ولتعلم الوضعية المناسبة والمريحة لها ولرضيعها أثناء عملية الإرضاع. ولها أن تتهيأ وتستعد لهذه المرحلة - كما ورد في المصادر الطبية - من خلال:- تأجيل فكرة تخسيس الوزن المفرط - إذا كانت تعاني من السمنة- حيث لا تقل كمية حليب الرضاعة.- الوثوق بقدرتها على الإرضاع المقتصر على الثدي، ومن أن لبنها أكثر أمناً وسلامة لطفلها الرضيع. - التأكد من أن الرضيع يلتصق بالثدي بطريقة صحيحة، لكي يرضع بشكل فاعل. - الحرص على أن تتخذ وضعية الجلوس بشكلٍ يريحها ويريح طفلها أثناء الإرضاع، مع وضع رأس الطفل على أحد ذراعيها وإسناد ظهره بذراعها الآخر؛ على أن يكون رأسه وظهره عند مستوى أعلى من بقية جسمه. وأضافت المصادر الطبية بأنه إذا لم يناسب الأم المرضع وضعية الجلوس للإرضاع لاسيما بعد الولادة؛ فبإمكانها الإرضاع وهي مستلقية على أحد جانبيها بحيث تسند ظهرها وظهر الطفل بالوسائد، مشددة على ضرورة تنبه الرضيع إلى الحلمة قبل البدء بالإرضاع، وأن تتم مساعدته ليطبق فمه على حلمة الثدي وجزء كبير من الهالة السوداء المحيطة بها، فهذا يساعد على إدرار الحليب بسهولة ويقلل من حدوث التهابات الحلمة. وفي مرحلة البدء بإضافة الأغذية المكملة/ المساندة للرضاعة الطبيعية لتغذية الرضيع والمقرر بدؤها عند إتمامه الشهر السادس من العمر، ينصح الأطباء ذوو الاختصاص بضرورة أن تتألف هذه الأغذية من مزيج متنوع من الأطعمة الغنية بمحتواها من المغذيات، وأن تُعطى له لينة في البداية بكمية قليلة، ثم تتدرج من حيث الكمية والصلابة شيئاً فشيئاً بما يلائم نمو الرضيع وسنه. وأوضحوا أن وجباته المساندة يجب أن تتضمن الخضراوات المقشورة والمطبوخة والمهروسة والحبوب والبقوليات والفواكه. بالإضافة إلى السمك والبيض والدواجن ومنتجات الألبان، لتزويده بالفيتامينات والمعادن.كذلك من الضروري أن تُعطى الرضاعة الطبيعية بعد الأغذية المساندة من أجل ضمان حصول الطفل على كفايته من لبن الأم إلى أن يكمل عامه الأول من العمر.
|
رمضانيات
الرضاعة الطبيعية في رمضان.. بين المسموح والممنوع
أخبار متعلقة