وهيبة العريقيتراودني مشاعر سعادةٍ تغمر نفسي فتبعث على الاطمئنان، وإذ بمقلتيّ تبصران فرق التحصين تتجول بجدٍ ونشاط في الميدان؛ تضيء دروب الأمل فتطيب الحياة وتزدهر صحة الأطفال، ليعم الخير كل الخير الأحبة الصغار.قطرات ويالها من قطرات! ..إنها للقاح الواقي من مرض شلل الأطفال.. تنساب من أيديهم الحانية فتلامس شفاه وأفواه الأطفال لترسم ابتسامة يمحوها النسيان، بل تبقى أبدية في الوجدان..لكنني أجد نفسي حائراً، من أين ابدأ لأوضح المشاق والصعاب التي تعتري من يحملون على عواتقهم مسؤولية تحصين الأطفال من منزلٍ إلى منزل خلال حملات شلل الأطفال.لاسيما وقد اقترب موعد حملة وطنية جديدة في سائر أنحاء الجمهورية ضد شلل الأطفال ضمن جولة ثانية للتطعيم، مدتها ثلاثة أيام في الفترة من(30يونيو-2 يوليو 2013م) وتستهدف كالعادة الأطفال دون سن الخامسة.وبكل تأكيد معنيٌ بها وبضرورة التجاوب معها عبر تحصين جميع الأطفال دون سن الخامسة بلا استثناء، كل أبٍ وأمٍ وكل مواطنٍ توكل إليه مسؤولية رعاية الأطفال أو العناية بهم أومن يَمتّ لهم بصلة قرابة قوية في يمننا الحبيب، صوناً لهم من داء الشلل وتبعات الإصابة وآثارها الوخيمة .إن ما يمكن أن تواجهه بعض فرق التطعيم خلال الحملة في الميدان من صعوبات شتى، كصعوبة التنقل في المسالك والطرق الجبلية الشديدة الانحدار والأودية الوعرة والقفار الواسعة أو في الظروف المناخية السيئة، وما إلى ذلك من عراقيل هي في مجملها تعترض أو تعيق- أحياناً - خط سير عملها، لكنها- بجدٍ ومثابرة- لا تألو جاهدةً قهر كل تلك الظروف والمعوقات وبذل كل ما في وسعها لأداء المهام المناط بها على أكمل وجه وفق خطة وبرنامج عملها اليومي في الحملة .وأسوأ ما تواجهه فرق التطعيم من صعوبات وعراقيل - مع الأسف- ما يبديه بعض الأهالي من مخاوف من اللقاح، فيعمدون بسببها إلى إخفاء أطفالهم والتنكر بالقول: ليس لدينا أطفال !عدا عن تعرض بعض عاملي وعاملات التحصين في الميدان لبعض المضايقات الكلامية التي لا تخلو من التجريح، بما ينم عن استهتار من يطلقون العبارات الفارغة والتي هي في الأساس مذمةً لمن يتلفظ بها مردودة عليه.أما المماطلة والتهرب فلها ضروب وأشكال، وحدث ولا حرج، وأياً كانت المساوئ أو ضروب المماطلة فإنها تفرض صعوبات كثيرة تعرقل كثيراً وصول فريق التطعيم إلى مبتغاها خلال تنقلها من إلى منزلٍ إلى منزل، فليس غريباً أن نسمع من لا يحترم الوقت وكأنما لا قيمة له على الإطلاق فيظل يراوغ ويماطل ويعبر عن ذلك بالقول: “ ليس الآن.. عودوا غداً أو بعد ساعة أو ساعتين”، مما يسبب بعض الإرباك لفريق التطعيم ويؤخرهم عن تأدية عملهم - كما ينبغي- وبدلاً من أن يسير في مسار معين- لكسب الوقت وإتمام مهمته- يضطر كثيراً إلى التأخر أو إلى تعديل خط سيره.وإني لأؤكد لجميع المواطنين ممن تدور في أذهانهم بعض الأسئلة عن اللقاحات بأنها سليمة وآمنة جداً، وليس لها تأثيرات جانبية أو مضاعفات أو أي ضرر.. هذا بشكل عام يشمل كل لقاحات التطعيم ضد أمراض الطفولة القاتلة وليس فقط لقاح شلل الأطفال، إذ تصل جميع اللقاحات إلى البرنامج الوطني للتحصين الموسع من خارج البلاد وهي محفوظة جيداً بعناية فائقة في ثلاجات مخصصة لحفظها وتبريدها تحت درجة حرارةٍ مناسبة وثابتة، وإذا ما وصلت إلى مطار صنعاء فهناك ثلاجات خاصة لحفظ اللقاحات، وهناك من يتولون القيام بهذا الجانب.أما الشاحنات التي تنقل اللقاحات، فإنها مخصصة لهذا الأمر وُمحملة بثلاجات خاصة ليتم بواسطتها نقل اللقاحات مباشرة إلى الثلاجات المركزية الموجودة في مخازن التحصين الموسع، ومن ثم يتم نقلها إلى المحافظات عبر شاحنات وسيارات مزودة بثلاجات كبيرة - أيضاً - مخصصة لنقل اللقاحات .كما لا تُسلم أي لقاحات للبرنامج الوطني للتحصين الموسع بوزارة الصحة إلا بعد خضوعها للفحص الدقيق والتأكد من جميع العينات الواصلة للبلاد بأنها سليمة ومضمونة، وقطعاً لا يمكن أن يتأثر أو يفسد جزء منها، فالعملية لا تسير جزافاً.وأطمئن الجميع بأن اللقاح الفموي المضاد لفيروس شلل الأطفال مؤشر للون واضح جداً على شكل مربع، فإذا كان فاتح اللون يعطي دلالة أكيدة بأن اللقاح صالح للاستخدام، بينما تحول لون المؤشر إلى الداكن يدل على تلف اللقاح وأنه لم يعد يصلح للاستخدام، كقطرة ماء لا تنفع ولا تضر. إننا نعول على خطباء المساجد وعلى مدراء المدارس والمدرسين وعلى المجالس المحلية والمشايخ والأعيان في جميع محافظات الجمهورية بأن يسهموا بفاعلية في توعية الناس بأهمية التحصين ومد يد العون لمن يحصنوا أطفالهم، وأن يذللوا الصعوبات التي تواجههم. بالإضافة إلى إقناع المعارضين للتطعيم ومن يضمرون أو يبدون العداء له بالعدول عن التصرفات اللامسؤولة وعن المواقف الخاطئة والمسارعة لتحصين أطفالهم دون سن الخامسة بغض النظر عن عدد جرعات اللقاح التي تلقوها في السابق، فهذه الجولة الثانية من الحملة الوطنية ضد شلل الأطفال على الأبواب في الفترة من (30يونيو- 2 يوليو2013م) وتستهدف تلك الشريحة العمرية من الأطفال بلا استثناء من منزلٍ إلى منزل في سائر محافظات الجمهورية.وليس لأحد الحق في منع فلذات الأكباد المستهدفين من التطعيم بحجة حصولهم على الكثير من جرعات اللقاح مسبقاً أو لكونهم حديثي الولادة، ولاحق لهم - أيضاً- حرمان أطفالهم دون العام والنصف من العمر من التحصين بكامل جرعات التطعيم الروتيني الذي يُشرع البدء بإعطاء جرعاته - أساساً- في وقتٍ مبكر بعد الولادة ، مع تأكيدنا على ضرورة الالتزام بمواعيد كل زيارة من زيارات التطعيم الروتيني المدونة في الكرت الخاص بالجرعات، فهي لصالح الأطفال وتؤمن لهم الوقاية والسلامة .وعلى الجميع التعاون مع مقدمي خدمة التحصين خلال الجولة الثانية من الحملة الوطنية الحالية بتسهيل مهام فرق التطعيم وتحركها من منزلٍ إلى منزل.. هذا ما هو مأمول من الأسر والأهالي، وليثقوا بأن القائمين على التحصين ومن يقدمون هذه الخدمة حريصون جداً على صحة وسلامة أطفالهم تماماً كحرصهم وخوفهم عليهم، ولا يجعلوا من الشائعات التي يرددها المغرضين ضد التحصين تؤثر عليهم .فدون التحصين بجرعات متعددة ضد فيروس الشلل، تهديدات كثيرة.. أسوؤها الإعاقة أو الوفاة من جراء الإصابة بهذا المرض الخطير.
تحية نبعثها لفرق التطعيم في الحملة الوطنية للتحصين ضد شلل الأطفال
أخبار متعلقة