غضون
يوم الأحد قبل الماضي أقر مجلس النواب إحالة وزير الشؤون القانونية إلى التحقيق، ويوم أمس أكد رئيس المجلس المضي في إجراءات حجب الثقة عن الوزير.. ولا ندري لماذا تورط الوزير الاشتراكي في معركة تخص كتلتي المؤتمر والإصلاح، تبدو في الظاهر أنها معركة دستورية وقانونية ونيابية لكنها في الحقيقة معركة سياسية يسعى حزب الإصلاح من خلالها للحصول على مكاسب سياسية، والاستحواذ على مواقع جديدة باسم التوافق مستخدما شركاءه الذين استأثر من دونهم بمعظم قرارات التعيين حتى الآن.. لقد تدخل الوزير- وهو من السلطة التنفيذية- في شئون السلطة التشريعية، وزعم أن كل ما يصدر عنها في غياب كتلة الإصلاح غير شرعي.. وبذلك أوجد أزمة بين مجلس النواب وحكومته. بدأ الخلاف، أو قل استؤنفت المعركة بين المؤتمر والإصلاح، يوم 11 مايو الماضي، حيث رفض أكثرية النواب التصويت لمناقشة مشروع تعديل قانون التعليم العالي أو قانون الجامعات، بعد أن تبين أن التعديلات التي وصلت إلى مجلس النواب مختلفة عن تلك التي أقرها مجلس الوزراء، فمشروع التعديل، وهو في طريقه إلى مجلس النواب تعرض لتغيير وتبديل من قبل طرف ما وضع تعديلات مختلفة بما يلبي مصالحه الحزبية.. أخونة الجامعة.. وهذا التزوير استغربه وزير التعليم العالي، الذي قال إنه فوجئ بتلك التعديلات الطارئة، فما وصل إلى مجلس النواب، شيء مختلف.ولأن أكثرية النواب رفضوا التصويت على هذه التعديلات- التي وضعها موظفون في مجلس الوزراء كما يقال، وهم محسوبون على حزب الإصلاح- في انتظار مشروع التعديل المقر من قبل مجلس الوزراء، أعلنت كتلة حزب الإصلاح انسحابها من الجلسة احتجاجا على عدم تمرير تلك التعديلات، وتبعها بقية الكتل النيابية للمشترك وشركائه. ولكن في وقت لاحق عادت إلى مجلس النواب كتلة الأحرار، ورئيس كتلة المستقلين وبعض أعضاء كتلته، وكذلك النائب المقطري عضو كتلة المشترك، عادوا لمواصلة جلسات مجلس النواب حتى أمس، ونفوا وجود فكرة المقاطعة، وأن الاتفاق مع كتلة الإصلاح هو الانسحاب من جلسة يوم 11 مايو فقط، بسبب الخلاف على ذلك المشروع. ولأن حيلة حزب الإصلاح أحبطت في تلك الجلسة، انتقل إلى موضوع الطعن في شرعية مجلس النواب، وقال طالما هناك أغلبية فلا فائدة، ولا بد من التوافق على كل شيء يخص مجلس النواب، فالقرارات والقوانين تقر في مجلس النواب بالتوافق وليس بالتصويت، وهيئة رئاسة مجلس النواب انتهت فترتها ولا بد من هيئة رئاسة جديدة ولكن تعين بالتوافق - المحاصصة - ولا تنتخب.. في كل شيء لا تصويت بل توافق.. ويتم الاتكاء على الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية لفرض التوافق.. ورغم أن الآلية تقول بالتوافق إلا أنها وضعت في الحسبان أن طرفي التسوية السياسية قد لا يصلان إلى توافق حول قرار, قانون ما في مجلس النواب، ولذلك نصت على أنه في حالة عدم التوصل إلى توافق حول موضوع ما يقوم رئيس مجلس النواب برفع الموضوع لرئيس الجمهورية ليتخذ قرارا في الموضوع ويكون قراره ملزما للطرفين.وإذا كان الطرفان يحترمان ما جاء في الآلية التنفيذية للمبادرة، ففيها ما يكفي لحل أي نزاع، وذلك من خلال العمل معا بعيدا عن المناكفات السياسية التي عادة ما تكون معطلة للتوافق، وأي قضية لا يتم التوافق عليها ترفع لرئيس الجمهورية باعتباره الحكم في النزاعات النيابية، كما هو حكم في الخلافات التي تجري في مجلس الوزراء.. حيث لا مشكلة تبدو هناك.