لا شك ان الإرهاب الدولي ألقى بظلاله المتنامية عبر الكون في عام 2001م كعام فاصل في الكفاح الدولي ضد الإرهاب والتأكيد على أنها حرب طويلة لا تعترف بحدود زمنية أو جغرافية .الإرهاب ظاهرة عالمية واسعة الانتشار، ويشكل واحداً من أخطر التهديدات التي تواجه العلاقات الدولية المعاصرة، وتعود بدايته إلى بداية نشأة الحياة الاجتماعية البشرية وتفاقمت منذ الستينات من القرن العشرين حتى اليوم. وتتضح خطورة الارهاب الحديث من حيث ارتفاع عدد المنظمات الارهابيه حيث قدرت دراسة حديثة عدد المنظمات الإرهابية على مستوى العالم بـ2176 منظمة منها 137 منظمة في 22 إقليماً لا تعتبر دولا، والباقي 2039 منظمة توجد في 126 دولة . ومتوسط نصيب كل دولة متقدمة من المنظمات 25,5 منظمة، ونصيب كل دولة نامية من المنظمات 13،09 منظمة ، فالدول المتقدمة عدد منظماتها ضعف عدد منظمات الدول النامية ، ما يعني ان الإرهاب الحديث لا يعرف دولا ولا حدوداً ، قضلا عن زيادة نسبة العمليات الإرهابية ، وبالتالي ضحاياها من المواطنين العاديين والمسئولين السياسيين إضافة الى تخريب الممتلكات .لذا فهو يشكل خطراً ذا أهمية بالغة في العالم ككل والمنطقة العربية بصفة خاصة، وذلك بعد أن اقترنت صورة العرب والمسلمين بالعنف والإرهاب وهي الصورة التي ترسخت في عقلية الغرب عقب أحداث الحادي عشر من سيبتمبر 2001م فبدأت الولايات المتحده الامريكية تولي مسألة مواجهة الإرهاب قدرا ملحوظا من الإهتمام ، وادرجت تلك المسألة ضمن أجندة اولياتها الاستراتيجية في إطار سعيها لإرساء ما اسمته النظام العالمي الجديد .لم تكن اليمن بمنأى عن مواجهة الإرهاب التي اجتاحت العالم ،وكانت تطالب المجتمع الدولي بمكافحته ، وهناك دول اخرى عانت من ظاهرة الإرهاب ونادت بضرورة إيجاد الحلول، إلا ان الدول الكبرى لم تهتم بهذه الظاهرة ، فقد استهدفت احداث 11 سبتمبر2001 الولايات المتحده والتي اعتبرتها بمثابة مهانة لها باعتبارها القوة العظمى . حيث اعلنت بعد ساعات قليلة من الهجمات اعتزامها شن حرب مسلحة على الإرهاب دون عدو واضح .شهدت الظاهرة الإرهابية في اليمن خلال السنوات العشر الماضية تحولات لافتة ليس في جانب الخطط والتكتيكات والأسلحة المستخدمة في تنفيذ الهجمات العنيفة فقط، وإنما كذلك في مجال الأهداف والتحالفات والقطاعات المستهدفة فقد نشأت في اليمن جماعات العنف التي ارتبطت الى حد كبير بالمرحلة السياسية والاجتماعية، وتوالت العمليات الارهابية مابين الاختطافات للسياح وقتلهم والاغتيالات ، وتفجير منشآت وضرب الاقتصاد اليمني .فالجماعات الارهابية أصبحت ترى أن الدولة اليمنية بعد11 فبراير قد ارتمت في حضن العمالة وأضحت ضمن دائرة الأعداء خاصة ان هناك توجهاً لضرب هذه الجماعات بشكل جدي وليس كما في السابق بين الشد والجذب ، ولذا من المتوقع أن تشتد المواجهات على مختلف الجبهات وأن تشهد خلال الأعوام المقبلة المزيد من العمليات والتفجيرات مما يعزز ذلك هو حالة الاندماج بين جماعتي اليمن والسعودية في تنظيم وإمارة واحدة خاصة بعد أن فقد التنظيم في السعودية قوته وأمنه واتخذ اليمن مقراً لقيادته وتحركاته. فاليمن هي الملجأ الوحيد الآمن للتنظيم ليس في السعودية واليمن بل في الجزيرة العربية كلها. أما حكومة الوفاق وما بعدها لم تعد قادرة على إعادة العلاقة الى ما كانت عليه فقد كشفت عن نواياها تجاه الجماعة كما أنها غير قادرة على التفريط بالسعودية وأمريكا ومصالحها معهما مقابل إعادة العلاقة مع الجهاديين ، كما أن الجهاديين ذاتهم لم يعودوا يثقون بحكومات اليمن ولهذا لم يعد أمامها من خيار سوى استمرار المواجهة واستثمار هذه المواجهة باستغلال المستفيدين الآخرين السعودية وأمريكا. كذلك اذا فشل الحوار وتوسع احتجاج الجنوب سيكون له اثر ايجابي لبسط نفوذ الجماعات الارهابية وتحقيق اهدافها الاستراتيجية . فالغرب سيزيد قلقا من تزايد نفوذ الارهابيين وقيامهم بالتخطيط لعمليات تنفذ خارج اليمن ، وهذا مايزيد المشهد المعقد تعقيدا ، كل ذلك سيأثر سلبا على كل مجالات الحياة ، الامر الذي يستدعي اليوم في ظل ترتيب الدولة اليمنية الجديدة ضرورة الاسراع والاعداد لتشكيل لجنة خبراء لادارة هذه الازمة واتخاذ الاجراءات الكفيلة بمكافحة الارهاب بشكل جذري.
|
آراء
اليمن الجديد في مواجهة الإرهاب القديم
أخبار متعلقة