مفارقات .. جدل .. وخسائر بالجملة
كتب / حســن عيــاش:خسر المنتخب الوطني الأول لكرة القدم أمام مضيفه الماليزي بهدفين لهدف في المباراة التي أقيمت الجمعة الماضية على ستاد شاه علم بالعاصمة الماليزية كوالالمبور ضمن الجولة الثانية من منافسات المجموعة الرابعة في تصفيات كأس آسيا المؤهلة لنهائيات استراليا 2015م.وعلى الرغم من أن الخسارة لم تكن الأولى في سجل المنتخب إلا أنها لم تكن مجرد خسارة، بعد أن ارتبطت باستقالة البلجيكي توم سين الذي وضع السطر الأخير في حكايته مع المنتخب التي دامت أقل قليلا من 6 أشهر ورافقتها الإثارة منذ يومها الأول وحتى أسدل الستار عنها عقب ثنائية « شاه علم «.والخسارة هي الخامسة على التوالي لليمن في 2013 لكن المباراة شهدت تسجيل الفريق أول هدف له في المباريات الدولية العام الجاري، ، كما أن الخسارة هي الـ14 على الصعيدين الودي والرسمي والثامنة في المسابقات الرسمية منذ تسلم البلجيكي سينتيفيت مهامه في أكتوبر 2012.ويعد الهدف الوحيد الذي سجله مهاجم النجمة البحريني أيمن الهاجري في مرمى ماليزيا الثاني في ثماني مباريات وثلاث مسابقات (رسمية) شارك فيها المنتخب منذ إشراف البلجيكي توم سين على أموره الفنية، إذ لم يسبقه سوى الهدف الذي أحرزه متوسط الميدان أكرم الورافي في مرمى إيران (1ـ2 ) ضمن منافسات المجموعة الثانية لبطولة غرب آسيا في الكويت ديسمبر 2012، فيما فشل المنتخب في التسجيل خلال بقية اللقاءات التي لعبها أمام البحرين (0 ـ1) والسعودية (0ـ1) في البطولة ذاتها، كما خرج خالي الوفاض تماما من مشاركته في خليجي (21) بعد خسارته لقاءات المجموعة الثانية أمام الكويت والسعودية والعراق بالنتيجة ذاتها (2 ــ 0)، وبعد مرور جولتين من التصفيات المؤهلة إلى النهائيات القارية استراليا 2015 فإن المنتخب لم يزر شباك المنافسين سوى مرة واحدة. [c1] علاقة قصيرة .. مثيرة![/c]البلجيكي توم سينتفيت الذي خاض المباراة وشبح الإقالة يطارده بعد التحذير المسبق من قبل الأمين العام للاتحاد الدكتور حميد الشيباني الذي خيره بين الفوز على ماليزيا أو الإقالة، اختار المبادرة وتقديم استقالته عقب نهاية المباراة مع ماليزيا مباشرة .وارتبط اتحاد الكرة مع توم سيتيفيت في أكتوبر 2012 بعقد ينص على أن يتولى المدرب البلجيكي مهام الإشراف على المنتخب الوطني لمدة عام قابلة للتجديد.وجاء التعاقد بعد رحلة طويلة للبحث عن مدرب استمرت منذ ديسمبر 2010 بعد إنهاء عقد الكرواتي ستريشكو بورسيتش لفشله بقيادة المنتخب إلى الدور الثاني في بطولة خليجي ( 20 ) في عدن.ومنذ الاتفاق بين الطرفين بدا سينتفيت مدركا للأوضاع التي قادت إلى الاستعانة به، كما لم يغفل بعض المعطيات المتعلقة بعقده والتي كانت تؤشر إلى أن مسيرته مع ( الأحمر الكبير) لن تطول، ومن أهم المؤشرات على ذلك عدم وجود الشرط الجزائي المتعارف عليه ، وأحقية إنهاء العقد من طرف واحد في أي وقت، بالإضافة إلى ربط استمراريته بنتائج المنتخب في بطولة غرب آسيا السابعة بالكويت وخليجي ( 21) في البحرين.وعلى الرغم من أن المدرب حظي بالثقة المؤقتة من لدن رئيس الاتحاد احمد العيسي عقب البطولتين المذكورتين إلا أن أوضاع المنتخب لم تكن تنبئ بعلاقة طويلة بين الطرفين. [c1] وعود لم تتحقق[/c]واتسمت فترة عمل المدرب مع المنتخب بالاضطراب إن جاز لنا القول ، خصوصا في الجوانب الأساسية مثل الرؤية الفنية التي لم ترق للكثيرين بما في ذلك اللاعبون أنفسهم ، واختياراته المثيرة للجدل ، ناهيك عن تبنيه أهدافا غير واقعية راهن عليها قبل أن يصحو على واقع تسربها من بين يديه. في أول رد فعل له بعد التوقيع كان سينتيفيت قد أعرب عن سعادته واعتزازه بتدريب المنتخب اليمني ، مؤكداً أنه يتطلع لترك بصمات إيجابية على الكرة اليمنية من خلال العمل الدؤوب والإسهام في تحقيق التطور المنشود. ووعد سينتيفيت بالارتقاء بالتصنيف الدولي لمنتخب اليمن من المركز (157) الذي كان يحتله حينها ، قائلا أن خطته تهدف لجعل اليمن ضمن أفضل (100) منتخب في التصنيف العالمي.كما وعد المدرب بنبرة واثقة بتحقيق أول فوز يمني في بطولات كأس الخليج على الرغم من صعوبة مجموعته في بطولة البحرين والتي ضمت الكويت والسعودية والعراق، وتحدث أيضا عن إمكانية إحداث طفرة نوعية في شكل الأداء للمنتخب الأضعف في محيطه الجغرافي.وبانقضاء نحو 6 أشهر على تصريحاته الأولى التي حدد فيها أهدافه بعاليه بدا جليا أنه فشل في تحقيق أي منها، إذ يكفي أن نشير إلى أن المنتخب قد أنهى شهر مارس في المركز ( 170) وهو التصنيف الأسوأ له على الإطلاق، كما أن المنتخب الذي خاض 14 مباراة رسمية وودية لم يحقق خلالها الفوز أو التعادل وخسرها جميعا، مكتفيا بتسجيل 4 أهداف ( هدفان في المباريات الرسمية ومثلها في أخرى حملت الطابع الودي) ودخل مرماه 24 هدفا على الرغم من النهج الدفاعي المزعوم للمدرب.[c1] جدل مستمر[/c]وكما الخيارات الفنية، فقد ارتبطت اختيارات المدرب البلجيكي بعدم الرضا منذ المشاركة في بطولة غرب آسيا السابعة في الكويت ديسمبر 2012.قبل السفر إلى الكويت أعلن المدرب عدم الحاجة إلى خدمات علاء الصاصي ، ابرز مهاجم يمني، المحترف في الميناء العراقي، كما خلت قائمته النهائية من مهاجم الهلال الساحلي تامر حنش وزميله في الهلال صانع الألعاب الموهوب أكرم الصلوي ما اعتبره المتابعون عداء صريحا للموهوبين، واستهدافا غير مبرر للأسماء المستبعدة التي ضمت أيضا الحارس اليمني الأول سالم عوض.الأمر ذاته شهدته المشاركة الأهم في خليجي البحرين حيث برز الجدل بمجرد الإعلان عن القائمة النهائية المشاركة في البطولة وشملت ردود الفعل اللاعبين وأعضاء في الجهاز الفني، في وقت أكد فيه المدرب ثقته في الاختيارات التي شملتها القائمة، كما تزامنت الخسائر الثلاث للمنتخب في البطولة مع جدل لم يتوقف ، ألقى بظلاله على المشاركة ككل وكان بطله دائما المدرب البلجيكي.[c1] مفارقة البداية والنهاية[/c]شهدت الفترة الماضية فوضى حقيقية وعدم استقرار فني على رأس المنتخب وتحديدا منذ الإخفاق في عبور دور المجموعات لخليجي (20) في عدن.اتحاد الكرة كان قد أسند مهمة قيادة المنتخب الأول إلى المدرب الوطني أمين السنيني في أبريل من العام 2011 بعد أن كان مساعدا للكرواتي بورسيتش المقال في ديسمبر 2010عقب خروج المنتخب من الدور الأول لبطولة خليجي (20) التي أقيمت بين 22 نوفمبر و5 ديسمبر من العام ذاته. واشرف السنيني على المنتخب في الدور الثاني للتصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2014 في البرازيل التي خرج منها على يد المنتخب العراقي بعد الخسارة 0 ـ 2 ذهابا في اربيل والتعادل 0 ــ 0 إيابا في العين بدولة الإمارات العربية المتحدة، في وقت كان البحث جار عن مدرب أجنبي يتسلم المهمة خلفا للكرواتي المقال.وشمل « المسح « الذي أجراه اتحاد الكرة 12 مدرباً على رأسهم المدرب البرازيلي كامبوس الذي كان اتحاد الكرة قد وصل معه إلى اتفاق مبدئي لكن الظروف المالية للاتحاد حالت دون إتمام التعاقد وتم إرجاء عملية التواصل معه إلى حين، قبل أن يخرج من الصورة نهائيا بتعاقده مع جهة أخرى ليتم البحث مجدداً عن مدرب بديل.ومن أبرز المدربين الذين تم التواصل معهم الجزائري رابح سعدان الذي زار اليمن في يناير 2011 وأجرى محادثات مع الشيخ أحمد العيسي وقيادة اتحاد الكرة هدفت إلى إعادته للمنصب الذي تولاه سابقا لما يقارب 16 شهرا بين عامي 2004 و2005.كما أجرى الاتحاد اتصالات مع المدرب السلوفيني ستريشكو كاتانيتش الذي سبق له قيادة منتخب سلوفينيا في مونديال 1998 بفرنسا، والذي قال الاتحاد انه ملم أكثر من غيره بالكرة الآسيوية والعربية والخليجية بحكم عمله في المنطقة العربية، لكن الشروط المادية وقفت حائلا دون التقدم نحو التوقيع واستقدام المدرب المذكور، على غرار بقية المدربين الذين اتصل بهم الاتحاد خلال هذه الفترة ولم يتم الاتفاق مع أي منهم ليقع الاختيار في النهاية على مدرب مغمور في نظر الكثيرين، لكنه بدا موافقا للشروط التي وضعها الاتحاد اليمني من بينها تواضع الرقم المالي المطروح والقبول بأي سقف زمني للاتفاق وأمور أخرى جمعت بين الطرفين قبل أن تأتي الخسارة أمام ماليزيا لتكون القطرة التي أفاضت الكأس، ليثبت المدرب بعدها انه الأقدر على كسب الجولة الأخيرة بإعلانه الاستقالة قاطعا الطريق أمام الاتحاد الذي سبق وتوعده بالإقالة على لسان أمين سره .والمفارقة الأبرز في قصة الارتباط بين المدرب البلجيكي واتحاد الكرة أن البداية جاءت برسالة عبر البريد الالكتروني من المدرب إلى الاتحاد أبدى فيها الرجل رغبته بالعمل في اليمن ولقي طلبه القبول قبل أن تكتمل فصول الاتفاق على النحو الذي يعرفه الجميع.. ثم كانت النهاية برسالة الكترونية من المدرب إلى إحدى وكالات الأنباء العالمية.. منسوخة إلى ( أيميل ) اتحاد الكرة! .[c1] مدرب متعود على الرحيل[/c]واعتاد سينتفيت (39 عاما) التنقل كثيرا إذ بدأ العمل كمدرب قبل أن يبلغ عامه الثلاثين واعتاد الرحيل عن منصبه بعد فترة قصيرة من توليه المسؤولية.وفي 2010 تولى المدرب البلجيكي تدريب زيمبابوي بعد فترة ناجحة من العمل وتحقيق النتائج الإيجابية مع ناميبيا لكنه رحل بعد شهر واحد بسبب مشاكل في استخراج تصريح العمل.وانتقل سينتفيت بعد ذلك لتدريب نادي شباب الأردن لكنه استمر أيضا نحو ثلاثة أشهر قبل أن يقيله النادي بداعي تراجع النتائج رغم أنه كان يحتل المركز الثاني في الدوري.وقاد المدرب البلجيكي الشاب بعد ذلك منتخب إثيوبيا وساعده على تحقيق نتيجة التعادل 2-2 مع منتخب نيجيريا تسبب في فشل الأخير في التأهل لكأس الأمم الإفريقية 2012 لكنه رحل أيضا بعد خمسة أشهر من توليه المسؤولية بداعي عدم التزام المسئولين بوعودهم.واستعان الاتحاد النيجيري بسينتفيت للعمل كمدير فني لكن وزير الرياضة ألغى عقده بعد ثلاثة أشهر فقط لينتقل إلى قيادة يانج افريكانز التنزاني ويساعده على الفوز بكأس سيكافا لأندية وسط وغرب إفريقيا قبل أن تقرر الإدارة الانفصال عنه في سبتمبر أيلول 2012 بسبب خلافات.