جريمة نكراء هي تلك التي تودي بحياة الأبرياء، والأشد منها عندما تصل بنا الى أن يكون القتل وفق وصفة شرعية، يصوغها بعض العلماء ضد البعض الآخر.. الصراع الدائر في الوطن العربي تحت مسمى الربيع العربي هو ذات أبعاد سياسية بحتة، حيث تريد كل فئة الاستحواذ على السلطة بأي طريقة كانت، ولكن المرير أن يدخل العلماء في خانة المناصرة لفئة ضد أخرى.إن التفجير الاجرامي الذي طال الشيخ الفاضل محمد البوطي -المرحوم بإذن الله- في أحد جوامع شمال العاصمة السورية دمشق مع العديد من الحاضرين للاستماع الى دروسه، يعتبر مؤشرا خطيرا يدل على ان من عجزوا عن إيصال الاوضاع الى مستوى اللا عودة للحوار، قد بدؤوا اليوم بتطبيق الخطة الأخطر، والمتمثلة في ادخال سوريا في صراع ديني، يبدأ بقتل الرموز الدينية، وللأسف ان ذلك يأتي تطبيقا حرفيا للفتوى القاضية بقتل الرؤساء والمتعاونين معهم، والصادرة عن الشيخ القرضاوي -رئيس ما يسمى بالاتحاد العلمي للمسلمين- والتي تهدف خدمة التيار الذي يتبع الشيخ واتحاده والجهات الممولة له.الشيخ البوطي كان علما في الفقه والإرشاد، وكانت الوسطية هي العقيدة التي ينتهجها، كان يؤمن بأن الخروج على الحاكم فتنة، أشد من بقائه ولو كان ظالما.. كان يحاور من منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.. لم يكفر أحدا، ولم يفت بقتل أحد، دعا الى تفويت الفرصة التي تريد تمزيق الأمة، ولهذا قتلوه رحمه الله.استشهاد البوطي شرف له، لأنهم استهدفوه في دار للعبادة، لم يكن يقول إلا: قال الله وقال رسوله، بينما من قتله لم يكن في عقله إلا ما قال القرضاوي واتحاده... إننا بهذه الجريمة نصل الى نقطة خطيرة، فلم يعد هناك -في مبدأ هؤلاء- حرمة لا لمسلم ولا لدور عبادة.. المهم كيف ننفذ فتوى القتل التي يصدرها بعض العلماء.إن حادثة تفجير مسجد دمشق تعيد الى أذهاننا الحادثة الارهابية التي طالت الرئيس السابق -علي عبد الله صالح- وبقية رجال الدولة في مسجد دار الرئاسة في أول جمعة من رجب الحرام.. الجريمتان تقوداننا الى التساؤل ماذا يريد البعض من هذه الافعال التي لم يكن يفعلها الا المجوس واليهود.كيف تطوع لهم أنفسهم قتل الآمنين في بيوت العبادة، مهما كانت الاعذار والضغوط.. نحن بالمقابل ندين قتل الآمنين ورجال الامن والمتظاهرين في الشوارع، فلدماء هؤلاء جميعا حرمة، وسيلقى الله قاتلهم بدمائهم .لسنا مع طرف ضد آخر في سوريا الحبيبة، ولكننا مع السوريين مهما كانت ديانتهم او معتقداتهم او مواقعهم.. نحن مع التغيير السلمي في سوريا المرتكز على المبادئ نفسها التي تم بها التغيير في اليمن، فالمدافع لن تغير شيئا في المعادلة السورية، فلو كان أحد الاطراف قادرا على حسم الأمر، لما استمرت الازمة زهاء العامين.يا علماء الامة الله الله بالمسلمين فعلى عاتقكم مهمة توعية الامة لا مهمة اصدار فتاوى القتل، وكأنكم تشرعون من يستحق العيش ومن يستحق الموت.. إن صكوك الغفران التي يريد بعض العلماء ادخالها الى عقيدتنا السمحاء، الاسلام منها براء.. فهل يعي المساكين من المسلمين المغزى الحقيقي من وراء هذه الفتاوى؟ نرجو من الله ذلك لنحقن بهذا دماء علماء هم اليوم على قائمة فتاوى التصفية الدينية الضالة.
البوطي ضحية الفتوى الضالة
أخبار متعلقة