الأحوال الشخصية في لحج.. ازدحام معاملين في مبنى غير صالح
مبنى مصلحة الاحوال المدنية والسجل المدني بمحافظة لحج
علي الجبوليلأول مرة ومنذ يومين فقط قادني إنجاز معاملة اعتيادية إلى دائرة الأحوال الشخصية والسجل المدني بمحافظة لحج، بعد أن كنت اسمع بها ولا اعرفها. أذهلني عدم صلاحية المبنى وملاءمته لمهام مصلحة خدمية هامة بحجم «الأحوال الشخصية» المناطة بإصدار آلي وعادي لوثائق مهمة واعتيادية، وحفظ وثائق المواطنين وأرشفتها فتذكرت قول العرب «أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه».حينما دلفت المبنى المفتقر لأدنى مواصفات المبنى الإداري الصالح لهكذا دائرة لفت انتباهي مشهدان، الأول تواضع جل موظفي وموظفات ( الأحوال، حتى ذهبت بي الظنون مذهب الشك بأن ابتسامات مسئولين وموظفين بمرفق مهم بميسورهم الابتزاز ما شاء لهم لن تكون تواضعا وبراءة وإنما تصنعا لابتزاز المعاملين. خاب ظني فلم تكن تلكم البشاشة سوى سجايا أصيلة يتحلى بها ابن الجنوب المحافظ على القيم الحميدة التي تربى عليها، وإن مخطط «وحدة إفساد القيم» فشل في إفساد وتدمير شيم التواضع وعزة النفس عند غالبية أبناء الجنوب، ولم يسقط سوى قلة في براثن الفساد والانحلال. المشهد الثاني وأنا أتمعن أروقة المبنى العتيق داهمني ما يشبه استرجاع حلم، أيعقل ان يكون هذا المبنى هو ذاك الذي كنت من رواده قبل 24 سنة خلت! قطعت الشك باليقين حينما سألت موظفا: هذا المبنى هل كان مقرا لمنظمة الحزب الاشتراكي؟ رد ـ هو نفسه من أيام المرحوم منصور الصراري سكرتير الحزب في الثمانينات.فرت بي الذاكرة إلى عام 89م حينما كنت طالبا في جامعة عدن وناشطا في الاشتراكي الذي افتخر بشرف عضويته. تذكرت قول إبراهيم ناجي :هذه الكعبة كنا زائريها ×××× والمصلين صباح ومساءكم سجدنا وعبدنا الحسن فيها ×××× كيف بالله رجعنا غرباء .هاجت بي أشجان ما كان القلب بناسيها، تذكرت التعاميم الحزبية، الالتزام الحزبي، رفاق درب منهم من قضى نحبه ومنهم من لايزال على المبدأ باق وما بدلوا تبديلا باستثناء حفنة تنكرت وسقطت بوحل الأحضان الدافئة والموائد الدسمة بحثا عن الجاه والمال.لكم تمنيت لو أن لدي متسعاً من الوقت لإعداد ربورتاج عن أحوال «الأحوال الشخصية» وسبر أغوار هموم ومتاعب موظفيها ،وكشف مشاهد معاناة الناس من ضيق المبنى وعدم صلاحيته ،لكن ما باليد حيلة.موظفون وموظفات من مختلف الفئات والدرجات لا تغادر سيماهم الابتسامة والطيبة ـ ومن شذ شذ في النار ـ يشكلون خلية نحل تتفانى في إنجاز معاملات المواطنين. في زمن التذمر وno one can plies any oneعرفني “نبيل” بمدير الإدارة، ادهشني تواضعه ودماثة أخلاقه كأنه يغرد خارج سرب المتعالين والمتكسبين بالمناصب. تواضع المدير لا يضاهيه سوى طيبة (جميل) لا اعرف صفته لكنه شد انتباهي وهو (يوزع البسمة ) ويعرض خدماته على الجميع ويمتدحه الجميع.باستثناء “الحفنة الشاذة” ما أروع طباع الأصيل لا يغره المنصب ولا يستغله للتسول وأسف إن قلت الحقيقة المرة ،بيد أنها مجردة من التمييز الجهوي بقدر ما هو تمييز سيكولوجي. تسرك ابتسامة موظف “الأحوال “ حتى وهو يجاهد لإقناعك “ مش با شي، با سلامتك وبس” لحظتها تستصغر ما تكرمت به، يغمرك الاطمئنان بأن الجنوب بخير ،وأن الجنوبي لم يسقط في مستنقع الانحلال والرشوة بمفهوميهما الحقيقي باستثناء “حفنة شاذة” لا وزن لها.تجولت في حجرات طابقي المبنى السبعيني، حجرات صغيرة أنشئت في السبعينات بمواصفات مكاتب للمنظمات الجماهيرية والدوائر الحزبية فقط لمديرية تبن الحوطة لتفي بمهامها ،لكنها لن تفي بالأعمال الكبيرة والمتنوعة لدائرة “أحوال محافظة” بأسرها. لا تتناسب مع أهمية وثائق وأجهزة وآلات أحوال، ولا تتلاءم مع كثافة المواطنين المتابعين.ثمة مشهد مؤلم! قلة الحجرات وضيقها اجبر موظفي الأحوال على استخدام الممرات الضيقة كمكاتب إضافية وتصوير ومختبر لفحص فصيلة الدم ...“خلاصته” يا معالي الدكتور عبد القادر قحطان مبنى إدارة مهامها عديدة مهمة، كبيرة، متنوعة، يكتظ كل يوم بالمواطنين وموظفيه وموظفاته وآلاتهم وأجهزتهم ووثائقهم وهو بهذا الحال من الضيق وعدم الصلاحية والتهالك لا محالة انه يرهق المواطن والموظف معا،ويشكل انتهاكا فجا لحقوق الإنسان، ويحرمه من حقه في إنجازات معاملاته للحصول على وثائقه بطريقة سلسة وميسرة، ويحرم موظفيه من أداء أعمالهم في ظروف صالحة وآمنة .وهي انتهاكات لا نظن ان وزير داخلية اكاديمياً ابمنزلتك يرضى عنها. لذا أبناء محافظة لحج وموظفي وموظفات “أحوالها” عشمهم من معاليك التكرم بالتوجيه بتوفير مبنى إدارة صالح ولو بالإيجار أو الإعارة حتى تمنح “أحوالهم” مبنى صالحاً ولائقاً. وبالله نستعين على أمور الدنيا والدين.