كلما تأزمت أمور مصر ووصلت أحوالها إلى طريق مسدود، قرر الرئيس وجماعته وأهله وعشيرته الهروب للأمام. لعل الناس تنسى أنه عندما جاءت انتخابات الرئاسة قيل لنا إن المهم أن يكون لمصر رئيس شرعي منتخب وسيقوم بحل مشاكل البلاد والعباد فى غمضة عين. وبصرف النظر عن التدخلات الداخلية والخارجية التى شابت الانتخابات والاستبعادات التى تمت فقد أصبح لدينا رئيس يصف نفسه ويطلق عليه أهله وعشيرته بأنه أول رئيس مدنى منتخب فى تاريخ مصر. ومع هذا ينطبق علينا المثل الذى يقول: «كأننا يا بدر لا رحنا ولا جينا». فالحال أسوأ والأمور تتدهور والوطن نفسه يوشك أن يصبح فى خبر كان.هل نسينا معركة الدستور؟ قالوا للمصريين: المهم أن يكون عندنا دستور. ولن تصبح عندنا أية مشاكل. وشكلوا لجنة على هواهم وضعت لهم دستورهم الذى لا يصلح لتنظيم العلاقة بين سلطات الشعب المصرى العريق وحصلوا على نعم. لا علاقة لها بالنزاهة ولا الموضوعية. وها هى مشاكل مصر كما هى. بل زادت وتعمقت وأصبحت أخطر.الآن تتكرر نفس النغمة. برلمان جديد منتخب بشكل ديمقراطى سيحل جميع مشاكل مصر. ثم إنه سيحمل عن كاهل الرئيس مسئولية التشريع. وسيتولى محاسبة الحكومة. أيضاً فإن أغلبية هذا البرلمان هى التى ستشكل الحكومة الجديدة ليكون لدينا رئيس منتخب وبرلمان منتخب وحكومة أيضاً منتخبة. فيا فرحتنا بالوعود البراقة التى نسمعها كل صباح.ومن أجل الاستعداد للبرلمان جرى تفصيل الدوائر الانتخابية بطريقة تجعل من المستحيل على أى شخص أياً كان أن ينجح إلا لو كانت جماعة تعتبر نفسها بديلاً للدولة المصرية. بعد أن قضت على مصر ولا تفعل أى شىء سوى الاستيلاء على كل ما فى طريقها. ومن أجل أن يكون عندها برلمانها الخصوصى جرى العبث بالدوائر الانتخابية.أيضاً فقد حصل حزب الحرية والعدالة على نسخة كاملة من بيانات الرقم القومى لجميع المصريين. ستمكنه من أن يفعل ما يشاء باستدعاء المؤيدين وعرقلة حضور المعارضين، كأنك أعطيت أسئلة الامتحان لطالب قبل أن يمتحن بشهور حتى يستعد لكل شىء. ألا يعد ذلك تزويراً ناعماً لهذا الذى سيجرى فى مصر؟آخر المشاهد المؤسفة المؤدية للانتخابات كانت الإطاحة بمستشار الرئيس، السلفى خالد علم الدين. لمجرد أنهم توقعوا أن السلفيين يمكن أن يسبقوا الإخوان فى الانتخابات. فكان لا بد من توجيه ضربة قاضية لحلفاء الأمس؛ لأن ميكيافيللى سيد الموقف فى مصر الآن.ما كنت أحب الاقتراب من موقف المعارضة الذى لم تتضح كل أبعاده عند كتابة المقال. هناك من سيقاطع. وهناك من أعلن أنه لن يشارك. كما أن البعض ممن يسمون أنفسهم جبهة الإنقاذ وهم يحتاجون للإنقاذ أكثر من غيرهم تداعبه نفسه بأن يشارك؛ لأن المشاركة إيجابية والانسحاب موقف سلبى.
الهروب إلى الانتخابات
أخبار متعلقة