أعد الدراسة : عبدالله خليلالمحامي بالنقض والخبير في القانون الدولي لحقوق الإنسانيتناول الجزء الأول من الدراسة “غرف الرعب التشريعية لتقييد حرية الرأي والتعبير في دستور مصر 2012 وقانون العقوبات”. من خلال رحلة قصيرة في دستور مصر 2012 نقوم بقراءة تحليلية للمواد المتعلقة بحرية الرأي والتعبير والمواد ذات الصلة المرتبطة بها والمتناثرة في أبواب الدستور المختلفة والتي تشكل فيما بينها غرف رعب تشريعية دستورية مرتبطة ببعضها البعض بممرات مظلمة، تبعث على القلق وتثير المخاوف المرعبة على مستقبل حرية الرأي والتعبير والإبداع في مصر.وقد بدأت هذه القراءة بإلقاء نظرة على التهديدات الرئيسية التي تهدد حرية الرأي والتعبير في مصر مستعيناً بمقياس عالمي لاكتشاف هذه التهديدات، لقياس نسبة التهديدات ومدى توافرها في مصر، وهي تمثل من ناحية أخرى أنماط سلوك سلبية، ينبغي لدساتير أي دولة في مرحلة التحول الديمقراطي أن تحظرها، خاصة إذا كان مصدر هذه التهديدات سلطات الدولة أو حتى قوى سياسية أو جماعات نفوذ تتمتع بحماية النظام السياسي الحاكم.وبعد ذلك ننتقل في قسم آخر لتحليل النصوص ذات الصلة المباشرة بحرية الرأي والتعبير الواردة في باب الحقوق والحريات، ثم معادلة الصياغة التي تمت كما هو شائع في أحاديث مسجلة بالفيديو عبر صفقات لنصب أفخاخ وتمرير النصوص التي تهيئ لإقامة الدولة الدينية، وتقويض الحقوق والحريات العامة لصالح إقامة دولة الاستبداد الجديدة، ثم ننتقل في ذات القسم لتحليل النصوص الخاصة بالمجلس الوطني للإعلام أو بعبارة أخرى جهاز الإعلام أي الدائرة التي تتولى وضع السياسة الإعلامية لخدمة النظام السياسي، ثم نتناول خطورة عدم إدماج الدستور الحالي للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها الحكومة على مستقبل الحقوق والحريات في مصر.ثم ننتقل إلى القسم الأخير المتعلق بالتوصيات وهي تتضمن نماذج لتعديلات دستورية تتضمن حظر أنماط السلوك السلبية التي تهدد حرية الرأي والتعبير، وهي مستمدة من تجارب دستورية صاغت دساتيرها في مراحل التحول الديمقراطي، وكانت حريصة على حظر هذه الأنماط في مرحلة التحول، وأيضاً كفالة التنظيم الذاتي للهيئات العليا لوسائل الإعلام وكفالة استقلالها عن السلطة السياسية وأي قوى اقتصادية واستقلالها المالي والإداري.مدخلطبقاً للنظرية التشريعية تتمثل المهمة الرئيسية للدستور والقانون فى مرحلة التحول الانتقالي في تغيير سلوكيات المخاطبين به وتغيير سلوكيات معينة مسببة لمشكلات اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية بعينها وعليه ان يوجه خطابه إلى الفئات المستهدفةمن المؤسسة التشريعية والسلطة التنفيذية والمسئولون المنوط بهم تنفيذ القانون والمسؤولين عن الموارد المالية والسلطة القضائية وهذه الفئات هي : القائمون الرئيسيون بالأدوار في مجال كفالة الحقوق وحمايتها ويخاطب الافراد في مجال الواجبات .لذلك1 - ينبع التزام الصائغين بصياغة مشروعات دساتير و قوانين واضحة ودقيقة من سعي الحكومات الديمقراطية إلى تحقيق هدفين فى وقت واحد ، هما:إحداث تحول (أي استخدام النظام القانوني لتغيير السلوكيات المسببة للمشكلات ) وضمان اتخاذ قرارات غير تعسفية .2 - كما يسعى الدستور والقانون الذي يستهدف احداث التحول إلى توجيه سلوكيات من يخاطبهم نحو وجهات جديدة مختلفة بالكامل ، فإذا لم تذكر نصوص الدستور او القانون بدقة من سيفعل ماذا ، وكتبت بصيغة المبني للمجهول ، فلن تتمكن الثقافة الجديدة من أن تقدم المعلومات الناقصة بشكل موثوق به إلى القائمين الرئيسين بالأدوار والمسؤولين ، ولن يكون بوسع هؤلاء أن يعرفوا على وجه الدقة ماهي السلوكيات التى تفوضها، أو تأمر بها ، أو تنهى عنها .3 - في دستور مصر 2012 طغت اعتبارات تمكين السلطة على اعتبارات التحديد الدقيق ، في ظل جو مفعم بالصياح من أجل التغيير والاستقرار ، وترديد الاغانى والاناشيد التي تمجد من هم في سدنة السلطة ، كما يمجد العاشق محبوبته وتقول ( أي شي ماشي وجميل ) ، وعندما تتحدث نصوص الدستور بغموض أو التباس ، تتقهر إلى الوراء قيم ومواقف ومصالح المسؤولين الشرفاء الشخصية، شأنهم في ذلك شأن المسؤولين الفاسدين، إذ إن التنمية والإدارة الرشيدة لايمكن أن تعيشا في هذا المناخ ، الموبوء بمرض سرقة كل شي.القسم الأولالتهديدات الرئيسية العشرة لحرية التعبير في مصرأهمية تحديد الأنماط السلبية التي تهدد حرية الرأي والتعبيرحدد الاعلان المشترك3 الصادر في واشنطن بتاريخ فبراير 2010م من المقرر الخاص للأمم المتحدة حول حرية الرأي والتعبير وممثل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا حول حرية الإعلام والمقرر الخاص لمنظمة الدول الأمريكية حول حرية التعبير والمقرر الخاص للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب حول حرية التعبير والحصول على المعلومات التهديدات العشرة التي تهدد حرية الرأي والتعبير في العالم خلال العقد القادم .وبالتالي هناك أهمية لايراد هذه التهديدات التي تمثل انماطاً سلبية في المجتمع لاتعالجها الدساتير والقوانين وبالتالي تسمح للحكومات والقوى ذات النفوذ السياسى بممارسات تهديد أو تقييد أو تعطيل التمتع بحرية الرأي والتعبير ولابد أن تكون أمام الباحث الذي يقوم باعداد اوراق الخلفية ، لأي تشريع أو تعديل للدساتير أو القوانين ذات الصلة بحرية الراى والتعبير ، والتعرف على انماط السلوك السائد فى مجتمعه ويحكم الصياغة التشريعية من أجل حظره أو تغييره إلى سلوك أيجابى هذا من جانب ومن جانب آخر يساعد هذا التقسيم على ضبط منهجية رصد وتوثيق وتصنيف الانتهاكات ، في اطار عمل اللجنة الوطنية للدفاع عن حرية التعبير .اولاً : آليات السيطرة الحكومية على الإعلاملازالت السيطرة الحكومية على الإعلام وهو قيد تاريخي على حرية التعبير تمثل مشكلة خطيرة. تتخذ تلك السيطرة أشكالاً متعددة والاشكال الواردة في هذا الإعلان تنطبق على الاوضاع الفعلية القانونية والواقعية في مصر وهي الأشكال التالية:1 - التأثير أو السيطرة السياسية على وسائل الإعلام العام بحيث تخدم تلك الوسائل كناطق باسم الحكومة بدلاً عن كونها مؤسسات مستقلة تعمل للصالح العام.2 - اشتراطات التسجيل على وسائل الإعلام المطبوعة أو على استخدام أو الوصول إلى الإنترنت.3 - السيطرة الحكومية المباشرة على مسألة إصدار التراخيص أو تنظيم مؤسسات البث أو الإشراف على تلك الإجراءات من قبل جهة ليست مستقلة عن الحكومة لا قانوناً ولا ممارسة.4 - إساءة استخدام إعلانات الدولة أو صلاحيات الدولة الأخرى من أجل التأثير على السياسة التحريرية.-5 ملكية القادة السياسيين أو الأحزاب السياسية أو سيطرتهم بشكل كبير على وسائل الإعلام.6 - رفع دعاوى قانونية ذات دوافع سياسية ضد وسائل الإعلام المستقلة.7 - الإبقاء على قواعد قانونية عتيقة (مثل قوانين التحريض أو القواعد المتعلقة بمعاقبة نشر الأخبار الكاذبة) والتي تعاقب من ينتقد الحكومة.8 -المنع من الكتابة:وهذا المنع يأخذ صوراً منها المباشر وغير المباشر ومن صور المنع المباشر من الكتابة أو إعداد البرامج أو تقديمها يكون بصدور قرار من الجريدة أو المؤسسة الإعلامية التي يعمل بها الصحفي أو الإعلامي.وقد نرى كثيراً من الصحفيين يحال بينهم وبين الكتابة أو يتم إلغاء البرامج الإذاعية أو التليفزيونية الخاصة بهم لمجرد اختلاف بينهم وبين سياسات رئيس التحرير أو رئيس القناة.وكثيراً من هؤلاء لا يذهب إلى جريدته إلا لاستلام راتبه فقط دون أن يكون ذلك مقابل عمل، وقد يتعرض الإعلاميون للمنع بسبب مواقفهم السياسية أو آرائهم أو العمل أو الكتابة فى صحف المعارضة أو قنوات تليفزيونية أخرى.9 - نقل الصحفي:قد يكون نقل الصحفي أو نقل الإعلامي داخل مؤسسته أو نقله إلى عمل آخر خارج نطاق المؤسسة الصحفية أو الإعلامية أو نقله إلى عمل آخر غير الصحافة أو الإعلام.10 -عدم الاستقرار فى المؤسسات الصحفية والإعلامية:إن التغيرات في الهياكل الإدارية والتحريرية في المؤسسات الصحفية، وبالذات فى الصحف اليومية، وتنقل بعض الصحفيين بين المؤسسات الصحفية المختلفة خلق نوعاً من عدم الاستقرار في هذه المؤسسات، لأن حدوث تغيرات كثيرة في رؤساء التحرير يحدث ارتباكاً في عمل المؤسسات ولا يتيح لتشكيلها ثباتاً يسمح لأي منها بالتعبير عن تيار محدد في حين أن غاية ما تستمد منه الصحيفة شخصيتها هو أسلوبها الفني ووسائلها فى التعبير.11 - احتكار الدولة للمعلومات:في الدول الديمقراطية فإن المعلومات حق للجميع وتتعدد في مصادرها ووسائل نقلها وإبلاغها للرأي العام دون تدخل من السلطة الحاكمة سواء بالمنع أو التوجيه.أما عندما تحتكر الحكومات وسائل الإعلام فأنها تفرض قيوداً قانونية وأخرى غير منظورة لتتحكم فى صناعة المعلومات إنتاجاً وتوزيعاً، بحيث يقتصر دور المواطن على التلقي فقط لخدمة سياسات معينة.ومن أمثلة القيود القانونية لاحتكار الدولة الخطر الوارد على الاطلاع على وثائق الدولة إلا بعد مضي مدة معينة قد تصل إلى خمسين عاماً واحتكار الأجهزة الحكومية لمصادر المعلومات كاحتكار نشر النتائج أو البيانات أو المعلومات الإحصائية إلا من واقع إحصاءات جهاز حكومى معين وضرورة الموافقة المسبقة على النشر، وفي حالة عدم وجود هذه البيانات أو المعلومات فلا يجوز عمل الاستبيانات أو استطلاعات الرأي أو المسموح إلا بعد موافقة الجهاز الحكومي، ومن بين هذه القيود تقييد حرية الموظف العام في الأدلاء ببيانات عن أعمال وظيفته، وأيضاً التوسع فى حق القضاء في منع النشر وفرض السرية على القضايا التي تهم الرأي العام.وتمثل تبعية وكالات الأنباء للحكومة إحدى صور إحتكار المعلومات وكان من أثر ذلك:أ- فقدان التعددية والتنوع:من النتائج المباشرة للسيطرة المطلقة للحكومات على وسائل الإعلام أن يخرج معبراً على احتكار حزب واحد ورأي واحد على الصحافة وشؤون الإذاعة المسموعة والمرئية.فالصحف تخرج كل يوم وكأنها مصبوبة في قالب واحد وليس فيها ما يكفي من التجديد والتنوع، ويغلب عليها الدعاية والاكتفاء بمجرد نقل الحقائق وقد تكون مبتورة ومشوهة، لذلك نجد أن ما يزيد على70 % من مساحات الصحف الحكومية تخصص للدعاية للحاكم وسياساته وهي ملزمة دائماً بتأييد هذه السياسات وتبدو سمات النظام السلطوي ظاهرة على كافة مساحات الجريدة.فما زالت الإذاعة والتليفزيون تقوم بتهميش أحزاب المعارضة السياسية ودورها في المجتمع ولا تسمح لها بمخاطبة الجماهير بحرية وحتى عند عرض مقتطفات من أنباء الصحف، فإن صحف المعارضة لا تحظى بذات القدر من الاهتمام الذي تحظى به الصحف القومية - كما يطلق عليها، ولا يسمح بإذاعة أي آراء أو أنباء تكتبها هذه الصحف إلا بما يخدم سياسة الحزب الحاكم ويتماشى مع الخط الرسمى للدولة.وتعتبر نشرة الأخبار في التليفزيون مثالاً فريداً على احتكار الحزب الواحد، فهي في جوهرها أداة للإعلام عن نشاط كبار المسؤولين في الدولة والمعيار الوحيد فيها لترتيب الأخبار هو الترتيب البروتوكولى لهؤلاء المسئولين وموقع كل منهم بالنسبة للآخر، ثم تأتي بعد ذلك الأنباء الخارجية في المرتبة الثانية، ويراعى في طريقة عرضها التوجهات الرسمية للدولة يوماً بيوم، وحتى الأخبار الخارجية يتم عرضها وتسلسلها بما يخدم توجهات السياسة العامة للدولة.ب-الرقابة بكافة أشكالهاتمثل الرقابة على الصحف الحكومية تحت ستار حماية المسائل العسكرية والمسائل المتعلقة بالأمن القومي دون تحديد لمفهوم الأمن القومي وأبعاده إحدى الصور المباشرة التي تتخذها السلطة في حظر أية أخبار أو أراء تحت دواعي أنها تمس الأمن القومي لتبرير عدم نشرها، إلا أن الرقابة قد تأخذ صوراً أخرى مثل :-الرقابة الذاتية :عمدت الحكومات من خلال التشريعات واللوائح المنظمة لعمل وسائل الإعلام إلى تكوين هيكل مسيطر داخل المؤسســات الصحافية والإعلامية من بين الصحفيين والإعلاميين أنفسهم يتولى (الرقابة الذاتية) على ما ينشر وما يحجب عن النشر من خلال مجالس إدارات وتحرير هذه المؤسسات.الرقابة غير المنظورة:مثل المجاملات التي تضطر أن تقدمها للأجهزة المختلفة التي تمارس ضغوط عليها بما تملك من ميزانيات الإعلام والطباعة، ويثار الآن جدل حول مصادر تمويل الصحف والإعلانات والتسويق ومصادر الأخبار.الرقابة على المسرحيات والأفلام والمسلسلاتتتعرض المسرحيات والأفلام لرقابة مزدوجة نتيجة هذا الاحتكار عند إعادة عرضها في التليفزيون حيث تجري رقابتها من جديد من قبل لجنة متخصصة أكثر محافظة وتشدداً وتقوم أحياناً بحذف عدد كبير من المشاهد بطريقة قد تدمر العمل الفني، أي أن العمل الفني الذي يعاد عرضه بالتليفزيون يمكن أن يتعرض للرقابة 4 مرات، الأولى عند نشره، والثانية لأخذ موافقة على إعداده للمسرح أو السينما، والثالثة بعد إعداده بالفعل وقبل عرضه على الجمهور، والرابعة في حالة إعادة عرض ذات العمل من خلال التليفزيون.بل إن هناك عدداً من الأفلام والمسرحيات محظور عرضها بالتليفزيون رغم السماح بعرضها بدور السينما، وتمارس هذه الرقابة دورها أيضاً إزاء المسلسلات التي ينتجها التليفزيون بنفسه، وهناك العديد من المسلسلات تظل حبيسة غرف الرقابة لأسباب سياسية، وقد تقوم الرقابة رغم أنف المؤلف أو المخرج لتحذف ما تشاء من مشاهد بعد تصويرها ودون التفات للترابط الدرامي، وذلك دون حتى التشاور مع المخرج والمؤلف اللذين قد يفاجأن بالحذف بعد عرضه على الجمهور.الرقابة غير مباشرة على التليفزيونهناك رقابة أخرى غير مباشرة تمارسها بعض المحطات مستغلة حاجة المنتج لتسويق إنتاجه وتتجاوز حدود الأفكار إلى المشاهد فالقتل المباشر والتخطيط لجريمة والمشروبات الروحية والتدخين وخلوة الرجل والمرأة حتى ولو كانت المرأة أمه أو ابنته والعناق والقبل، كل ذلك ممنوع ومرفوض، فالابن المسافر أو العائد لا يستطيع أن يعانق أمه في المشهد التليفزيوني، وهذا المنع لا يمكن تجاوزه هربا من الخسارة والتوقف عن الإنتاج، حتى ولو كان ذلك على حساب المستوى الدرامي .ثانياً : قوانين التشهير الجنائيإن القوانين التي تجرم التشهير أو الإهانة أو الافتراء أو القذف في حق شخص ما أو شيء ما لازالت موجودة وهي تمثل تهديداً تقليدياً آخرلحرية التعبير. وبينما تعتبر كافة قوانين التشهير الجنائي إشكالية إلا أننا قلقون بشكل خاص من الخصائص التالية في تلك القوانين:أ- إخفاق القوانين في اشتراط أن يثبت المدعي العناصر الأساسية للجنحة مثل إثبات الكذب وسوء النية .ب. القوانين التي تعاقب البيانات الصحيحة أو النشر الدقيق لبيانات صادرة عن جهات رسمية أو بيانات الرأي.ج. حماية سمعة الجهات العامة أو رموز الدولة أو علم الدولة أو الدولة بذاتها.ح. إخفاق القوانين في أن تشترط على المسؤولين العموميين والرموز العمومية التسامح مع النقد بدرجة أكبر من غيرهم من المواطنين الاعتياديين.د- حماية الاعتقادات أو مدارس الفكر أو المعتقدات أو الأديان أو الرموز أو الأفكار الدينية.ذ- استخدام فكرة التشهير الجماعي لمعاقبة من يدلي برأيه فيما يتجاوز الإطار الضيق للتحريض على الكراهية.ر- العقوبات القاسية بشكل غير لازم مثل السجن والأحكام مع وقف التنفيذ والتجريد من الحقوق المدنية بما في ذلك الحق في ممارسة الصحافة والغرامات الكبيرة.ثالثاً : العنف ضد الصحفيين والإعلاميينيبقى العنف ضد الصحفيين والاعلاميين تهديداً خطيراً مع تسجيل عدد أكبر من حالات القتل والشروع فى القتل ذات الدوافع السياسية للصحفيين فى عامي 2011 و2012م من أي سنة أخرى في العقد الماضي. الصحفيون والاعلاميون المعرضون للخطر بشكل خاص هم الصحفيون الذين يكتبون عن المشاكل الاجتماعية بما في ذلك الجريمة المنظمة أو الإتجار بالمخدرات أو الذين يعبرون عن نقدهم للحكومة أو الأشخاص الذين يكتبون عن انتهاكات حقوق الإنسان أو الفساد أو الذين يكتبون تقارير من مناطق النزاعات. مع إدراكنا أن الحصانة تولد مزيداً من العنف ويبدو القلق بشكل خاص مما يلي:-1الفشل في إيلاء الاهتمام الكافي وتخصيص الموارد الكافية لمنع تلك الهجمات وللتحقيق فيها ولإحضار المسؤولين عنها أمام العدالة.-2 عدم الاعتراف بأن هناك حاجة لتدابير خاصة لمعالجة تلك الهجمات التي لا تمثل فقط هجوماً على الضحية وإنما هجوماً على حق كل شخص في تلقي المعلومات والأفكار.-3 غياب تدابير الحماية للصحفيين والاعلاميين الذين تعرضوا لتلك الهجمات.رابعاً : القيود على الحق في المعلوماتخلال السنوات العشر الماضية تم الاعتراف بالحق في المعلومات بشكل واسع كحق أصيل من حقوق الإنسان ومن ضمن الجهات التي اعترفت بذلك الحق محاكم حقوق الإنسان الإقليمية والجهات الرسمية الأخرى ورغم انه قد صدر إلى النور مشروع قانون حرية المعلومات مع ذلك لازال هناك العديد من التحديات الكبرى وبشكل خاص من القضايا التالية:1 - ضعف مشروع القانون الحالى.2 - التحديات الهائلة التي تعيق تنفيذ الحق في المعلومات عملياً.3 - ضعف الانفتاح فيما يتعلق بالانتخابات حيث الحاجة للشفافية فيها ماسة بشكل خاص.4 - تطبيق قوانين السرية على الصحفيين والآخرين من غير المسؤولين العموميين على سبيل المثال من خلال فرض المسؤولية عن نشر أو توزيع أي معلومات تسربت إليهم.خامساً : التمييز في التمتع بالحق في حرية التعبيرلازال التمتع بالحق في حرية التعبير بشكل متساو أمراً غير متحققاً بالكامل ولازالت الفئات المهمشة (بما في ذلك المرأة- والمعاقين - وكبار السن - والفقراء ) تكافح في إسماع صوتها والوصول إلى المعلومات ذات الصلة بها. خاصة القضايا التالية:-1 المعوقات أمام إنشاء وسائل الإعلام من قبل الفئات المهمشة تاريخياً.-2إساءة استخدام قوانين التحريض على الكراهية لمنع الفئات المهمشة تاريخياً من الدخول في النقاش المشروع حول مشاكلهم ومخاوفهم.-3 غياب التدابير المناسبة للتنظيم الذاتي لمعالجة ما يلي:أ- ضعف تمثيل الفئات المهمشة تاريخياً في أوساط موظفي وسائل الإعلام بما في ذلك وسائل الإعلام العامة.ب- عدم ملائمة تغطية وسائل الإعلام وغيرها للقضايا ذات الصلة بالفئات المهمشة تاريخياً.ج- انتشار المعلومات النمطية أو التحقيرية للفئات المهمشة تاريخياً في أوساط المجتمع.سادساً: الضغوط التجاريةتمثل العديد من الضغوط التجارية تهديداً على قدرة وسائل الإعلام في نشر المحتويات التي تهم الشأن العام والتي يكون من الصعب أحياناً إنتاجها. خاصة القضايا التالية:أ. ازدياد تركز ملكية وسائل الإعلام وما يستتبع ذلك من آثار مستقبلية على تنوع المحتويات.ب. تشظي سوق الإعلانات والضغوط التجارية الأخرى وبما يؤدي إلى إجراءات تستهدف خفض التكاليف مثل تقليل المحتويات المحلية واللجوء إلى المحتويات الترفيهية الرخيصة والسطحية والانخفاض في الصحافة الاستقصائية.ج. أن خطر أن تؤول منفعة التحول إلى الترددات الرقمية إلى مؤسسات البحث الحالية والاستخدامات الأخرى مثل الاستخدامات لأغراض الاتصالات وبما يضر بتنوع وسائل الإعلام وإمكانية الوصول إليها من جانب الجمهور.سابعاً : دعم البث العام والمجتمعييمكن أن يلعب البث العام والمجتمعي دوراً هاماً جداً في توفير البرامج ذات المصلحة العامة وفي تكميل المحتويات التي تقدمها مؤسسات البث التجارية وبذلك يساهم في تنوع وسائل الإعلام وفي إشباع احتياجات الجمهور للمعلومات. تواجه هذه المؤسسات تحديات و بشكل خاص مما يلي:أ. التحديات المتكررة والمتصاعدة فيما يتعلق بالتمويل العام لمؤسسات البث العامة.ب. العديد من مؤسسات البث العامة لم توكل إليها بشكل واضح مهمة خدمة الجمهور.ج. عدم الاعتراف في القوانين المصرية بقطاع البث المجتمعي في أنظمة التراخيص والتي تكون مبنية على معايير مناسبة لهذا القطاع.د. الإخفاق في تخصيص ترددات مناسبة للبث المجتمعي أو إنشاء آليات التمويل المناسبة له.ثامناً : الأمن وحرية التعبيرلقد تم دائماً في الماضي استخدام مبررات الأمن القومي لفرض قيود واسعة غير لازمة على حرية التعبير وقد أصبح ذلك الشيء مشكلة خاصة بعد هجمات سبتمبر 2001م ومع تجدد الجهود الهادفة لمكافحة الإرهاب. و بشكل خاص مما يلي:أ. التعاريف الغامضة و/أو الواسعة لمصطلحات رئيسية مثل الأمن والإرهاب وكذلك تعريف ما هو محظور مثل تقديم الدعم في الاتصالات للإرهاب والتطرف وتمجيد أو الترويج للإرهاب أو التطرف ومجرد تكرار العبارات الصادرة عن الإرهابيين.ب. إساءة استخدام المصطلحات الغامضة من أجل تقييد التعبيرات الانتقادية أو الهجومية بما في ذلك الاحتجاجات الاجتماعية والتي لا تشكل تحريضاً على العنف.ج. الضغوط الرسمية أو غير الرسمية على وسائل الإعلام لعدم نشر الأخبار المتعلقة بالإرهاب بمبررات أن ذلك قد يروج لأهداف الإرهابيين.د. توسيع استخدام وسائل الرقابة وتقليل الإشراف على أعمال الرقابة وهو ما يؤدي إلى تأثير مثبط لحرية التعبير ويقوض من حق الصحفيين في حماية مصادرهم السرية.ذ- يتسم التشريع العقابي المصري فى مجال حرية الرأي ححوالتعبير بغموض القوانين الجزائيةويتضح ذلك من كثرة استخدام المشرع المصري لمصطلحات النظام العام أو الأمن القومي أو المصلحة العامة أو المصلحة العليا أو المصلحة القومية أو السلم العام أو الأخلاق أو الآداب العامة دون وضع تحديد أو تعريف محدد لهذه المصطلحات خاصة ونحن فى مجال التشريع الجنائي فإذا كانت هذه العبارات تستعصي على التحديد أو التعريف بالنسبة لرجل القانون فما بالنا بالرجل العادي فضلاً عن مرونة ونسبية هذه المصطلحات وتغيرها من زمان إلى زمان ومن مكان إلى مكان ومن بلد لآخر، ولذلك تستخدم هذه المصطلحات لتقييد الحق في تدفق المعلومات ونشرها وبالتالي في حجب كثير من ثقافة حقوق الإنسان تحت ذريعة اصطدامها بهذه المفاهيم.تاسعاً : حرية التعبير على الإنترنتلم تتحقق كامل رسالة الإنترنت كأداة لدعم التدفق الحر للمعلومات والأفكار وذلك بسبب الجهود التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة من أجل السيطرة على أو تقييد هذه الوسيلة. و بشكل خاص مما يلي:أ. تجزئة الإنترنت من خلال فرض الجدران النارية والمرشحات (الفلترات) وكذلك من خلال اشتراطات التسجيل.ب. تدخلات الدولة مثل حجب المواقع وعناوين الإنترنت التي تسمح بالوصول إلى محتويات يقوم المستخدمون بوضعها أو الشبكات الاجتماعية والمبررة على أسس اجتماعية أو تاريخية أو سياسية.ج. حقيقة أن بعض المؤسسات التي توفر خدمات البحث في الإنترنت أو الوصول إلى الإنترنت أو برامج المحادثات أو النشر أو الخدمات الأخرى لا تبذل جهوداً كافية لاحترام حقوق أولئك الذين يستخدمون خدمات تلك المؤسسات من أجل الوصول إلى الإنترنت بدون أي تدخل وذلك لأسباب سياسية على سبيل المثال.د. القواعد ا لمتعلقة بالاختصاص القضائي والتي تسمح برفع قضايا معينة مثل قضايا التشهير بشكل خاص في أي مكان بما يؤدي إلى تهديد حرية التعبير.ذ- ومن ابرز الامثلة على العدوان على حرية التعبير على الانترنت ماقامت به الحكومة المصرية فى اعقاب ثورة 25 يناير 2011 بقطع خدمة الانترنت والاتصالات عبر المحمول عن كل ارجاء مصر ، وأخيرا وضع مرشحات وجدران نارية تحت زعم حجب المواقع الاباحية .عاشراً : الوصول إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالاتغالبية السكان لا يستطيعون الوصول إلى الإنترنت أو يصلون إليها بشكل محدود. إننا قلقون بشكل خاص مما يلي:أ. هياكل الأسعار التي لا تتيح للفقراء الوصول إلى الإنترنت.ب. عدم نشر الإنترنت إلى الأميال الأخيرة أو حتى أبعد من ذلك وبما يترك سكان المناطق الريفية بدون قدرة على الوصول إلى الإنترنت.ج. محدودية الدعم لمراكز تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخيارات الأخرى المتعلقة بوصول الجمهور إلى الإنترنت.د. عدم كفاية التدريب والجهود التعليمية وعلى الأخص في أوساط السكان الفقراء وفي المناطق الريفية وكبار السن.وبناء على ماتقدم فإن الاجابة :ان صائغي الدستور المصري 2012 لم يستهدفوا القضاء أو حظر انماط السلوك السلبية التي تقوض وتهدد حرية الرأي والتعبير ، لأن كافة الأنماط السلبية السابقة سائدة في مصر، فلم يفهم واضعو الدستور ، إن الدستور وثيقة سياسيّة وقانونيّة، هو بذلك يختلف عن كتب البلاغة التي تسعى إلى تحسين التذوق الأدبي والتي في سبيل ذلك ،لذلك لجؤا إلى الأسلوب المعقد وغير المباشر والذي يحمل أكثر من معنى والذي يتسم بالغموض والجاذبية والمرواغة ، في آن واحد ولكنه في مقام الصياغة الدستورية يعتبر شعارات جوفاء تثير اللبس والتناقض بما تحمله من اجمال وغموض وتقييد للحقوق ،وقد أدى ذلك إلى تزايد التهديدات لحرية التعبير وتعكس صياغة النصوص الدستورية في الدستور الحالي مخاوف وقلق بالغ على مستقبل حرية الرأي والتعبير والإبداع في مصر .
|
آراء
القيود التشريعية على حرية التعبير بمصر في عهد الإخوان المسلمين( 1 - 2 )
أخبار متعلقة