في الماضي كان صاحب البيت الملاصق لبيتك يسمى جاراً وكنت تستطيع بعد مجاورتك له شهراً أو شهرين أن تسمح لنفسك التعرف عليه وكذا تتعرف الأسر على بعضها وتصبح الأسرتان أسرة واحدة وبذلك تكون هناك حقوق الجيرة تحتم عليك أداء الواجب نحوه وهو كذلك وربما يكون هذا الجار وأسرته أكثر من الأخ يقف معك في السراء والضراء وفي مرضك ويقف في الأفراح والمسرات انطلاقاً من إيماننا بديننا الذي أوصانا بذلك. أما اليوم فإن واجبات الجيران تجاه بعضهم تشكل عبئاً عليهم لان أجهزة الاتصال السريع تتيح لهم خيارات التعامل والتحاور مع أناس بعيدين عنهم فلم يعودوا ملزمين بالتعامل مع من يجاورهم في العمل أو في السكن. هناك شخص أخر غير الجار يكاد يختفي من حياتنا هو الأخر انه الصديق فنادراً ما يزور الأصدقاء بعضهم في هذه الأيام بل يكتفون بالتحدث عبر جهاز الهاتف وأفراد العائلة داخل البيت الواحد يعيشون مع كائنات التلفزيون المصورة أكثر مما يعيشون مع بعضهم البعض وأجهزة الانترنت بدأت تجعل الناس لا سيما الشباب منهم يفضلون العيش والحوار مع كائنات افتراضية أكثر مما يعيشون مع كائنات واقعية من محيطهم. وهكذا فإن ما نعتبره في أيامنا هذه وسائل للاتصال والتقارب بين الناس هو في الحقيقة وسائل للتباعد في ما بينهم فما الذي سيعوض في حياتنا الاجتماعية واقع ابتعاد الإنسان عن الإنسان؟ لا يوجد حتى الآن شيء مقنع يعوض ذلك فهل سيوجد مثل هذا الشيء في المستقبل؟ صباح محمد حسين
|
المجتمع
وسائل تقارب أم تباعد ؟!
أخبار متعلقة