عرض / دفاع صالح منذ نضوجه وعلى مدى عمره القصير ( 36 سنة ) ظل أدب الروائي غسان كنفاني وإنتاجه متفاعلا دائما مع حياته وحياة أبناء شعبه الفلسطيني ، وفي كل ما كتب كان يصور واقعاً عايشه وتأثر به.وفي روايته ( رجال في الشمس ) التي أصدرها عام 1963م وهي أولى روايات الآثار الكاملة، يصف كنفاني تأثيرات النكبة سنة 1948م على الشعب الفلسطيني من خلال أربعة نماذج من أجيال مختلفة ، وهي تقدم الفلسطيني في صيغة اللاجئ وهي الصيغة التي يطورها غسان في روايتيه ( ما تبقى لكم ) حيث يقدم الفلسطيني الفدائي، و( عائد إلى حيفا ) حيث يقدم الفلسطيني الثائر ، متمشيا بذلك مع تطور القضية الفلسطينية ذاتها . ويعرض الكاتب في روايته (رجال في الشمس) قصة ثلاثة من الفلسطينيين اتجهوا إلى الكويت في الخمسينيات من القرن الماضي طلبا للمال وتحقيقا للاستقرار ولكنهم فشلوا في تحقيق أحلامهم ولاقوا مصيرهم المحتوم وماتوا ميتة شنيعة تقشعر منها الأبدان في مركز الحدود الكويتي بعد نجاح قائدهم (أبي خيزران) في تجاوز مركز الحدود العراقي.والرواية تعكس الحالة الاقتصادية المتردية للشعب الفلسطيني بعد حرب 1948م فالفقر والتشرد دفعهم إلى المغامرة واقتحام جحيم الصحراء مضحين بأنفسهم من أجل لقمة عيش كريمة، والرواية تعكس ظاهرة الابتزاز التي تظهر عقب الأزمات والحروب .[c1]الفصل الأول: أبو قيس [/c]رجل عجوز خرج طمعا في تحقيق مستقبل ملائم لأبنائه من خلال بناء بيت يؤويهم وامتد أمله باتجاه شراء قطعة أرض صغيرة تكفل لهم العيش الكريم .. كان أبو قيس مترددا ولكن الظروف المادية الصعبة جعلته في مواجهة جهنم الصحراء بعد أن فقد ابنته”حسنا” بعد شهرين من ولادتها ليتعرض لمحاولة ابتزاز من قبل صاحب المكتب في البصرة.[c1]الفصل الثاني: أسعد [/c]ليس له من الخط سوى اسمه فقد اتجه إلى الكويت أملا في توفير حياة مستقرة ولكنه يتعرض لابتزاز عمه الذي أقرضه خمسين دينارا طمعا أن يكون زوج ابنته ندى في المستقبل . يتعرض لغدر “أبي العبد” عند نقطة “الجفور” ويسعفه أجنبي للوصول إلى البصرة.[c1] الفصل الثالث : مروان [/c]يخرج من بيته باحثا عن أخيه الذي انقطعت أخباره وأمواله عن العائلة، تزوج والده من (شفيقة ) المعاقة التي قطعت رجلها بسبب حرب 1948 وكان الزواج طمعا في بيت من الأسمنت ودكاكين مؤجرة لذلك يتخلى عن الزوجة الأولى والأولاد ، زوجة أبيه تسعفه بالمال ليتهيأ للسفر . يودع والده وزوجة أبيه متمنين له التوفيق طالبين منه أن يخبرهم عن أحواله أولا بأول. [c1] الفصل الرابع : الصفقة [/c]يجتمع الثلاثة ( أبو قيس - أسعد - مروان ) مع أبي الخيزران وتوكل مهمة التفاوض مع أبي الخيزران إلى أسعد لعدم خبرة أبي قيس وأما مروان فإنها تجربته الأولى أما أسعد فإنه عتيق في الصنعة .يتم الاتفاق على دفع عشرة دنانير عن كل فرد وفي هذا الفصل تظهر مهارة أبي الخيزران في القيادة فهو الذي حرك آلية عسكرية إسرائيلية معطلة وهو الذي استطاع الوصول بسلام دون أي عطل في سيارته في قافلة الحاج رضا الذي كان يعمل عنده.[c1] الفصل الخامس :الطريق [/c]يصعد الشبان الثلاثة إلى سيارة أبي الخيزران والشمس تصب لهيبا عليهم ولكن حركة السيارة تخفف قليلا من حدة الحر .يقترب أبو الخيزران من صفوان العراقية فينفّذ الشبان الثلاثة الخطة بإتقان فينزلون إلى داخل الصهريج وأبو الخيزران ينجز معاملة الدخول في ست دقائق مغادرا مركز الحدود على عجل ليتنفس الشبان الثلاثة الصعداء .[c1] الفصل السادس : الشمس والظل [/c]يعيد أبو الخيزران الكرة ثانية لتجاوز الحدود الكويتية فينزلون إلى داخل الصهريج ويقود أبو خيزران سيارته بسرعة وهناك يشاغل موظفو الجمرك أبا الخيزران بالحديث عن مغامراته وعن الراقصة كوكب حيث أخبرهم الحاج رضا بذلك وهو يستجديهم إنجاز معاملته وأبو باقر يعرض عن ذلك وأرواح الشبان تصعد إلى بارئها بعد أن صبت الشمس جام غضبها على الصهريج وبعد أن أوصد الصهريج أبوابه في وجه الهواء .[c1]الفصل السابع : القبر [/c]قرر أبو الخيزران بأن يلقي بالجثث الثلاث بعد تفكير عميق على رأس الطريق حيث تقف سيارات البلدية لإلقاء قمامتها كي تتيسر فرصة رؤيتها لأول سائق قادم في الصباح الباكر .ترك الجثث بعد أن أخرج النقود من جيوبها وانتزع ساعة مروان من يده متجها إلى بيته وهو يصرخ لماذا لم تدقوا جدران الخزان ؟ لماذا لم تقولوا ؟...... وأخيرا فإن الرواية تجمع بين الرمزية والواقعية ، فتحقيق الحلم الفردي ليس حلا ناجحا لمشكلة شعب بل لا يحل مشكلة الفرد نفسه لأن من يخسر وطنه لا يربح شيئا ولو أصبح من الأثرياء .
|
ثقافة
(رجال في الشمس) من روائع الآثار الكاملة لغسان كنفاني
أخبار متعلقة