المهمشون يبحثون عن حل لعزلتهم
عمران / طارق الخميسيأظهرت التقارير الأخيرة التي أجرتها إحدى المنظمات العالمية أن هناك أكثر من مليون وسبعمائة ألف مواطن من الفئة الأشد فقرا (المهمشين) في اليمن والعدد قابل للزيادة قد يصل إلى الضعف في السنوات القليلة القادمة مما سيؤثر على ارتفاع عدد المتسولين والمتشردين.صحيفة (14أكتوبر) قامت بمتابعة أحوال الفئات الأشد فقراً بمحافظة عمران للتعرف على أهم الأسباب التي تحول دون دمجهم بالمجتمعات المحلية.. وإليكم التفاصيل : الإساءة والتمييزاحتفل أطفال اليمن قبل حين وأطفال العالم باليوم العالمي لحقول الطفل بعيدا عن الأطفال المهمشين الذين يتقلبون بين سياط الشمس في الشوارع وزمهرير البرد القارس وشظف العيش وحياة مأساوية يتفردون بعتمة آفاقها ومعاناة جمة لا يدرون متى ستحط أوزار شقائهم وعذاباتهم ويعيشون كأطفال اليمن بفقرهم دون حسرة وإساءة أو تمييز. ولا يمر يوم دون أن نشاهد تلك المعاناة بأم أعيننا بادية على وجوههم البائسة التي تنضح من تعبير تقاسيمها ولا يخفى على احد أن هناك أكثر من عشرين ألف طفل مهمش يتسكعون في أنحاء شوارع الجمهورية ، يطلبون رحمة الباري وهداية عباده ليتصدق بما جاد عليهم ارحم الراحمين ، محرومون من أهم حقوق الإنسانية: التعليم والمسكن والملبس والاندماج في التجمعات السكانية المحلية بالمحافظات رغم أن الدستور كفل لهم ذلك وهم مواطنون يمنيون دون أدنى شك أو لبس ولكن ما الذي يحول دون إكمال دراستهم وتعليمهم والاندماج أو الانصهار في بوتقة المجتمع الذي طالما حلم بالأمان والأمن والعدل والمساواة .وللأسف وصل بعض الجهلاء بتفكيرهم إلى أنهم يأكلون موتاهم وبعض آخر يرى أنهم يدفنون موتاهم داخل تجمعاتهم أو خرائب سكناهم ولا يظن هؤلاء أنهم مسحوقون يدفنون موتاهم دون ضجيج آخر النهار ولا توجد لديهم الأموال لإقامة ولائم المأتم فلماذا هذا النبذ الاجتماعي والوهم تجاه مواطني هذه الفئة الأشد فقرا في البلاد ألا يكفي تجريدهم من إنسانيتهم حتى تحاك ضدهم الأقاويل الفارغة والإشاعات غير الإنسانية. ونحن إذ نبدي التعاطف الكامل مع هذه الفئة فلابد لنا من كشف أسباب هذا التمييز الاجتماعي ومعرفة أين يكمن الخلل ليتم تصحيح مسار عزلتهم التي يرفضونها في داخلهم والعمل على دمجهم في المجتمع . مكان عزلتهم وتجمعاتهمبالاتجاه الشرقي للمحافظة قامت صحيفة 14 أكتوبر بالتجول بين أزقة التجمعات السكانية المنفردة في الحدبة العليا بعاصمة المحافظة عمران ، مكان عزلتهم وتجمعاتهم للبحث عن تساؤلات تكشف واقع حياتهم . وكان لنا في مستهل جولتنا لقاء مع من يهتم بهذه الشريحة البائسة وهو الأخ / عبد الكريم ناصر الآنسي نائب رئيس الاتحاد الوطني لتنمية الأسر الأشد فقرا باليمن ورئيس جمعية التراحم للفئة الأشد فقرا (المهمشين) بالمحافظة قائلا :- في البداية أريد أن أشكر صحيفتكم المعطاء التي تهتم بما يعانيه مجتمعنا من خلل وعدم توازن في أوضاعه المعيشية والحياتية وأوضح لكم انه لدينا المهندس والصحفي والطبيب والمعلم والموظف انصهروا في مجتمعاتهم المحلية المتناثرة في بلادنا الحبيبة وان كانوا قلائل لا يتجاوزون عدد الأصابع ولكن هناك آلافاً مؤلفة محرومة من التعليم والوظيفة ويرجع أسباب ذلك إلى التمييز العنصري الموجود داخل أفراد المجتمع الذي أثر على أطفال المهمشين بشكل كبير وإصابهم بعقد نفسية شتى تحول دون ذهاب الطفل إلى المدرسة التي هي بوابة الاندماج الاجتماعي ومن خلالها يتم الانصهار بالإضافة إلى الفقر والإهمال والحرمان ونحن كجمعية تراحم نواجه إشكالات كبيرة وهموماً كثيرة برغم إننا أقمنا ورشاً عديدة وبرنامج توعوية للأسر المهمشة وعانينا الأمرين لإقناع الأهالي بإلحاق أبنائهم بالمدارس وتكفلنا باحتياجات تعليمهم وفق إمكانياتنا الشحيحة وتمكنا من ألحاق أكثر من مائتي طفل بمدراس عديدة ، وهو عدد لا بأس به ، لكننا نفاجأ ، بعد الجهد الكبير واللقاءات المكثفة مع المسئولين ، بهروب جماعي لأطفال هذه الفئة من المدارس بعد استمرارهم لأشهر في الدراسة ونذهب إلى المدرسة التي هرب منها الاطفال لبحث الأسباب الكامنة وراء ذلك نجد أن تصرفات بعض المدرسين مع هذه الشريحة تصرفات غير مسئولة ولا ترتقي إلى مستوى التعليم والمعلم وأبرزها التعامل بقسوة واستخدام وسائل العنف المختلفة ووصفهم بكلمات نابية ومسيئة إلى أدمية الإنسان فما بالك بطفل لا يستطيع أن يهضمها أو يتحملها فتكون رعونة التصرفات الهوجاء كافية لعزوف الطفل عن الدراسة لأنه يرى المدرسة تهدر كرامته وتعبث بشعوره وأحاسيسه لأنه إنسان يؤثر ويتأثر بالمحيط والبيئة وبهذا تكون البيئة الجديدة والمحيط الجديد نقمة عليه وليس نعمة ويحاول أن ينتقم لذاته فيصبح عالة على المجتمع ويحاول أن يأخذ حقوقه بصورة غير شرعية ليس هذا وحسب بل في بعض المدارس تنتهك العدالة السماوية والاجتماعية والمساواة داخل الفصل بالمدرسة وإذا ما اعترض هذا الطفل المهمش على تعبير الاهانة وتحقير زملائه له وذهب إلى المدرسة او المعلم ليقص عليه ما أصابه من حيف وأهانة فلا يجد منصفا ومعاقبا لمن أساء إليه بل يكون هو الملام أمام المدرس فإذا به يذل ويهان وتنهال عليه الكلمات البذيئة الخارجة على العرف الاجتماعي والتحقير والسخرية والضرب في بعض الأحيان من قبل من لجأ إليه لينصفه ، لذلك يجد نفسه في غنى عن تلك المعمعة والمعاناة فيلوذ بالفرار إلى ناصية الطريق والى بيئته ومحيطه الأصلي والتشرد وأزيدك من الشعر بيتاً يقوم بعض التربويين في المدارس التي يتواجد طلاب من هذه الفئة بإرغامهم على تنظيف الصفوف وباحات وساحات المدارس من مخلفات القمامة وغيرها من الأعمال طيلة ساعات الدراسة دون بقية الطلبة وفي عقلية هذا التربوي أو المدرس أن الطفل المهمش وأسرته خلق للمكنسة وأدوات التنظيف دون سائر البشرية وعلى هذه الأمثلة قس ما يعانيه أطفال الأسر المهمشة وأنا من خلال منبركم الحر أناشد ذوي الاختصاص بإعادة النظر في معالجة هذه الإشكاليات والانتهاكات التي يتعرض لها أطفال الفئة المهمشة ووضع الحلول السريعة لإيقاف سلسلة التشرد وضياع آلاف الأطفال في الشوارع . الأضرار التي تلحق بالمجتمعومن جهته يقول الأخ/ ماجد صالح محمد العداني احد الباحثين في صندوق الضمان الاجتماعي : إن مجتمعنا اليمني ليس عنصريا بطبيعته ولا يفرق بين هذا وذاك للونه ولكنه في بعض المحافظات ومنها محافظتنا يأنف بعض الشيء من هذه الفئة بسبب سوء مظهرهم وعدم اهتمامهم بسلوكياتهم الداخلية والخارجية وعدم الاهتمام بنظافتهم أضف إلى ذلك أنهم لا يمتلكون رؤية مستقبلية لتحسين أوضاعهم المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية بسب انعدام الوعي الفكري والثقافي بين أوساطهم مما يسمح لهم اقتحام الصروح العلمية وهذه مشكلة كبيرة بحد ذاتها لان بالضرورة سوف تنتج عنها أضرار جمة إذا لم تعالج أوضاع هذه الفئة بشكل صحيح وستحدث فجوة تؤثر بشكل مباشر على المجتمع إذا لم تتخذ الدولة إجراءات وقرارات صارمة في معالجتها وبالتأكيد سيكون هناك زيادة في نسبة المتسولين وأعدادهم تشكل زيادة في معدل الجريمة وانتشار عمالة الأطفال وتفشي الأمية بين أوساط هذه الفئة فعلى السلطات المحلية توعية المواطنين أينما ذهبوا في المقايل والحارات بأهمية تقبل هذه الفئة ومعاملتهم معاملة حسنة وعلى التربويين أن يقوموا بندوات ومحاضرات بين الحين والأخر في المدارس وتوضيح ضرورة اندماج أطفال المهمشين في المجتمعات المحلية وحث خطباء المساجد على أهمية المساواة والعدل وحسن التعامل مع هذه الفئة .