
وخلال كل ذلك بدأ العمل من الصفر في الاعتماد على محطات توليد متهالكة يعمل اغلبها بمادة الديزل ذات الكلفة الباهظة والمرتفعة، التي تفوق امكانيات بلد وصل اقتصادها الى حافة الانهيار، وضاعف من حالته توقف تصدير النفط، بسبب ما طال منشآته من قصف الحوثي.. ولولا الدعم السخي المقدم من قبل الاشقاء في المملكة العربية السعودية، ما بقي البلد واقفا حتى اللحظة، ولكانت الكارثة اكبر بكثير مما نحن الآن عليه، وصارت معه اليمن شيئا من الماضي بلا دولة او مؤسسات تعمل، وكان مصيرها الضياع والسقوط الكلي في دائرة الفشل، والعودة الى عصور ما قبل الدولة.
لكن ذلك بالطبع لا يعفي بأي حال من الاحوال الحكومة والمجلس الرئاسي من القيام بمسؤوليتهما في انقاذ البلد وقيادته الى بر الامان وهذا عموما موضوع آخر لسنا بصدد الحديث عنه.
وبالعودة الى المشاكل الحقيقية التي تواجه قطاع الكهرباء، والتي لا يريد ان يراها أحد، حيث يذهب الجميع للقفز عليها في تحميل طرف بعينه المسؤولية وتبادل الاتهامات حوله وتسييس المشكلة لدوافع متعددة.
حيث تكمن مشكلة الكهرباء نتيجة عجز متراكم للحكومات المتلاحقة منذ سنوات والتي لم تف بالتزاماتها بالشكل المطلوب تجاه متطلبات الكهرباء، بادخال مصدر جديدة لتوليد الطاقة الكهربائية خلال كل عام يمر، كما كان يفترض ان تشهده السنوات السابقة من انجاز المشاريع الاستراتيجية في توليد الطاقة ذات المصادر المتعددة.
ومن عام الى آخر أخذت كرة النار تكبر، وبات حجم الاحتياج الحقيقي والفعلي للبلد، من الكهرباء يفوق عشرات المرات ما هو متاح، على عكس ما تشهده في كل دول العالم من دخول مصادر توليد جديدة كل عام، وهنا في اليمن ظل ما هو متوفر من مصادر توليد في تراجع مستمر عن قدرته الحقيقية في التوليد، حيث يعتمد على محطات متهالكة اغلبها من فترات السبعينيات وما قبل ذلك التاريخ.. والكثير منها تعتمد على مادة الديزل ذات الكلفة المرتفعة، وجاءت الحرب الحوثية لتقضي على ما تبقي منها وتعيد البلد الى نقطة الصفر.
والنتيحة سقوط البلد في دائرة الاحتياج الكبير والفعلي للكهرباء، ومعها غرقت مدن في الظلام الدائم نتيجة انقطاع الكهرباء بشكل كلي ولنا ان نتخيل حجم المشكلة على سبيل المثال في محافظة بحجم محافظة تعز . فمنذ فترة الحرب صارت تماما بلا كهرباء، بعد توقف محطة المخاء البخارية عن تزويد المدينة بالكهرباء، نتيجة دمار حرب الحوثي، وحلت في آخر ثلاث سنوات من الحرب بدلا عنها الكهرباء التجارية ذات الكلفة المرتفعة.
لكن المشكلة برزت بشكل أكبر بالعاصمة المؤقتة عدن نتيجة مكانتها كعاصمة مؤقتة للبلد، الى جانب ارتفاع درجة الحرارة التي تجعل من خدمة الكهرباء مسألة حياة لا يمكن ان تستمر بدونها.
ومع ذلك فقد استمرت محطات التوليد في العمل بصعوبة وبكلفة باهظة جدا دون ان تلبي احتياجات الناس الحقيقية، وتلتهم الكثير من الاموال .
وازاء كل ذلك زادت حدة التذمر والغضب لجموع الناس التي تريد كهرباء ولا يهمها التفاصيل والاسباب التي ادت لمثل هذا الحال.
والحقيقة انه لا وزارة الكهرباء والطاقة هي السبب، وليس للوزراء الذين جاؤوا اليها عقب الانقلاب وانتقال الدولة للعمل من العاصمة المؤقتة عدن يد في ذلك، مع شيء من المسؤولية تقع على عاتقهم.
وعلى العكس من ذلك ثمة نجاحات كبيرة تحققت وثمة جهود كبيرة يبذلها الوزير الحالي مانع بن يمين وزير الكهرباء والطاقة الحالي بعيدا عن الاعلام والضوء الذي للاسف بدلا من ان يكون مصدرًا لنقل الحقيقة، تحول الى وسيلة بيد مغرضين وهواة من المفسبكين والمغردين للاستثمار في ازمة الكهرباء، في الترويج للشائعات. وعليه نتناول الكثير من الحقائق الأخرى في الحلقات القادمة نبدؤها بجهود وزير الكهرباء والطاقة الحالي مانع بن يمين الذي جيء به كمنقذ حقق الكثير وفي كل مرة وخطوة نجاح كان ثمة من يستهدف هذا النجاح بسيل من الشائعات تستثمر في معاناة الناس وتسعى الى حرف البوصلة عن الحقيقة.