لقاء/ فضل علي مباركشكلت الأغنية الوطنية (التحريضية) سلاحاً رديفاً في مرحلة الكفاح المسلح التي خاضها شعبنا في جنوب اليمن المحتل ضد الاستعمار البريطاني، إلى جانب البندقية والمدفع، ولم يقل شأناً عن ذلك في تأجيج حماسة الناس وإلهاب مشاعرهم، وفضح مخططات الاستعمار وكشف حقيقة الأوضاع.. الأمر الذي قاد -حتماً- بفعل تلك التضحيات الجسام التي اختط سبيلها شعبنا اليمني الأبي لمواجهة أعتى امبراطورية عرفها التاريخ..إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس.. وكان لهذا التلازم النضالي للطلقة.. طلقة البندقية وطلقة الكلمة أثره الفعال والإيجابي في تحقيق النصر العظيم المخلد في الثلاثين من نوفمبر 1967م.وقد ظلت تلك الأغنيات التحريضية الحماسية بما حملت من تعبير صادق عن جوهر قضية.. وأحلام شعب في الخلاص.. ومن صدق مشاعر.. وفيض حماس.. ظلت كما هي تحمل ذات المضمون وذات الدلالة يتغنى بها الناس.. رغم مرور أكثر من عقود على الصدح بها.. فهي تتجدد مع تجدد تلك المناسبات العظيمة التي تشعرنا بالكرامة التي نلناها بفضل التضحيات والمواقف البطولية التي اجترحها شعبنا.وحري بنا في هذه المناسبة التي تشكل في روزنامة الزمن الرقم (49) للعيد المجيد.. ان نتذكر..على ان أحداً منا بالتأكيد لم ينس قط.. فمن منا نسي ولم يتذكر عبدالله هادي سبيت، محمد علي الميسري، محمد مرشد ناجي، أحمد قاسم، عبدالرحمن الجحدري، محمد سعد عبدالله، حسن عطاء.. وغيرهم وقبلهم الفنان محمد محسن عطروش. لقد حملت كوكبة من رواد الأغنية الوطنية على عاتقها مهمة الشق الثاني من النضال إلى جانب القطاع المسلح.. ليتوأما في سيمفونية إرتحال شاق ومضن نحو غايات وأهداف، وهكذا تكلل بالنصر المبين.. كانت الطلقة تصرع جندياً بريطانياً هنا أو تعيق قنبلة أو تقدم دورية هناك.. وكانت الأغنية تؤرخ لمجد وتؤسس لفعل يزيد المناضلين التهاباً وحماسة ويزيد الشارع التفافاً حولهم..وكانت الأغنية تخلق كل يوم مناضلاً جديداً وهكذا.. كانت:أنا قنبلة رماها فتى يريد الحياةرماها وصلىأنا مدفع تهاوى يبيد الطغاةبحي المعلى ولعلنا ونحن نتذكر بهاء تلك الأيام المشرقة في حياتنا لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل (علم) الأغنية الوطنية الثورية الحماسية التي الهبت حماس الجماهير وقضت مضاجع الاستعمار وأعوانه..إنه محمد محسن عطروش.. الشاعر والفنان.. والذي كان بحق ومازال رمز هذا النوع من الأغاني بدون منازع.. على الرغم من ان كثيرين من زملائه الفنانين قد أسهموا بشكل أو بآخر في سفر النضال التحرري بهذا القدر أو ذاك.. لكن حضور العطروش في هذا الجانب يظل طاغياً على كل ما عداه.. متربعاً على صهوة العطاء الذي تفجر بركاناً هادراً سبق دوي المدفع.. بل إنه أسس الطريق للمدفع كي يقول كلمته.. ليشكلا معاً مرادفاً حقيقياً لمعنى النضال المسلح ضد الاستعمار البريطانيبرع يا استعمار.. برعمن أرض الأحرار.. برعبرع والا لليل يطويك التياروالعطروش الفنان الذي تشرب مثل غيره من زملائه الفنانين عنفوان التحدي.. والرفض للانكسار ومشاريع الوهم التي كانت تقذف بها دوائر المستعمر وأعوانه لكنه كان الأكثر حضوراً وكان عنواناً بارزاً أكثر من غيره.. وبهذه السمات فقد رفض الإغراء وواجه التهديد والوعيد بارادة صلبة وموقف لا يلين.. لم يكن ليرتضي ان يقابل عطاء الأرض التي أنجبته ورضع من ثديها.. بالجحود والنكران أو البيع والشراء في بورصة المواقف.. لذلك فقد عاش تلك المرحلة سجيناً أومطارداً.. وهذا الحال زاده اصراراً على الموقف من الاستعمار وركائزه، وعمق لديه الإيمان بقضيته التي كان قابضاً عليها كالقابض على الجمر ليقين كان يتمثل أمامه مع اشراقة شمس كل نهار ان يوم الخلاص من هذا الوضع الجاثم على البلاد والعباد آت ولا ريب فيه..ومن منطلقات هذا الموقف والمعاناة التي ترتبت عليه كثمن مجبر صاحبه على دفعه.. فقد أنتجت لنا قريحته الشعرية والفنية كنوزاً ثمينة لم تكن لتستمد ديمومتها بذات الرونق من كونها استوفت الأغنية، ولكنها في الأصل وقبل ذلك حملت شروط نجاحها واستمرار تألقها لأنها عبرت بصدق وإحساس عميق عن قضية وطن محتل وإرادة شعب لا تقهر للتحرر..كما ان تلك الأغاني بما توافر لها من مقومات نجاح لم تخلد اسم صاحبها (شاعراً وملحناً ومؤدياً) بقدر ما خلدت صفحات نضال شعب وسطرتها بأحرف من نور.. بقيت طوال هذه الفترة، ولو ان التعبير عنها جاء بصورة أخرى لكان الناس قد تناسوا كيف كان الوضع وحجم المآثر والبطولات التي اجترحها شعبنا في الجنوب وطلائعه.النجاة لخدمة الوطنوكما يؤكد الفنان محمد محسن عطروش فقد كان يكتب كلمات أغانيه ويصوغ ألحانها لوحده.. ويقول: كل أغنياتي الوطنية التحريضية الحماسية التي قدمتها أنا من كتب كلماتها.. لأنني أخاف أن يقع أحد في اللبس أو في الخطأ وأتحمل النتيجة أنا.. فلم أركن أن يكتب لي أحد في الأناشيد الوطنية.. وتوفقت بمشيئة الله.. وأنا أشكر المولى عز وجل على هذه النعمة التي منحني أياها وأهلني أن أخدم «ناسي وأهلي ووطني) بها.- وكيف كان موقف الاستعمار وأعوانه منك؟-- منذ أنشودة «برع يا استعمار» عندما أنشدتها في ظل وجود المستعمر كان الخطر يهددني من كل مكان.. وأتساءل كيف كنت أنجو؟.. والجواب بسيط وهو ان الناس كانوا هم الأساس وهم الذين دافعوا عني فإذا أحد أكتشف الخطر الذي يحيط بي، أختبأت عند الآخر.. وهكذا من واحد إلى آخر.. إلى ان انفرجت بعون الله.. عندما تحقق الاستقلال..- وهل كنت مطارداً طول ذاك الوقت حينها؟-- كنت مطارداً في الكثير من الظروف.. ولم أكن مطارداً وحدي، الشعب كان مطارداً مثلي، لهذا كتبت لي النجاة.. بفضل الله سبحانه وتعالى، واستطعت بهذه النجاة ان أخدم وطني، ولم أتردد قط في تلك المواجهات والمطاردات وكنت أرى الناس أكثر حماساً.. ورأيت لديهم قدرة كبيرة على العطاء.- وكيف سجلت أناشيدك وبالذات «برع يا استعمار» خصوصاً وقد حملت موقفاً صلباً فيما الاستعمار لازال جاثماً؟ -- سجلتها أنا على حسابي، كان معي مال.. وقد أرسلتها إلى إذاعة صنعاء لإذاعتها، وفي يوم الاستقلال 30 نوفمبر 1967م لا أستطيع اليوم إلا ان أتذكر الأستاذ/ حسين الصافي - طيب الله ثراه - مدير إذاعة عدن حينها- قرر إذاعة أغنية «برع يا استعمار» من إذاعة عدن لأول مرة، والقوات البريطانية مازالت موجودة في عدن في يوم رحيلها.. وهنا أريد أن أقول شهادة ان الرجل كان فعلاً يحمل في طيات روحه مشاعر وطنية تجلت لكل الناس.- وأين كنت تسجل الأناشيد وبالذات المقارعة للاستعمار؟-- كان التسجيل يتم في أستريو متواضع.. في مدينة المنصورة بعدن.. وقد قامت القوات البريطانية بتفتيش هذا البيت الذي كان فيه الاستريو وهو بيت المغفور له بإذن الله علي حيدرة العزاني وقد فتش أكثر من مرة، ولكن الرجل كان طيباً وذكياً حاول ان يخفي كل الأشياء.. ولم يعثروا على شيء لديه وعندما سألوه عني وقالوا له أين العطروش الذي غنى الأناشيد ضد الاستعمار؟.. قال لهم: في أبين.سجل الأغنية التحريضية-سمعنا عن نيتك إصدار كتاب يتضمن كثيراً من الوقائع المرتبطة بما قدمت من أغنيات.. متى يرى النور؟-- لا أعلم .. وكنت حاولت بأي شكل أن أطبع القصائد بتاريخ ولادتها ، بأحداث وقائعها وواقعها عندما كتبت وما نجم عنها وبالنوتة الموسيقية . . هذا اتجاهي ، لكن الظروف لم تسعفني في هذا وأحتفظ به إلى أن يفرجها ربنا .- يرى كثيرون أن العطروش سجل خاص للأغنية التحريضية الوطنية.. ومبشر بالاستقلال.. ماذا تقول أنت؟-- أحب أن أقول أنا من خلد ذكرى الاستقلال الوطني لجنوب الوطن.. فأنا أول من بشر بالاستقلال وأول من أعطى هذه المسألة اهتماماً كبيراً ودقيقاً.. ويجوز ان الفنانين الآخرين لم يكونوا يعرفون ان الاستقلال قد يأتي أو قد لا يأتي، وهم غير ملومين في ذلك.. ولكن أنا بحكم استقرائي للظواهر أحسست أن الاستقلال قادم لا محالة.. وأن بريطانيا بدت لها آراء أخرى.. لكنها خرجت من الجنوب لانها لم يعد لها أية مصالح، وبالتالي خرجت فهم مخطئون، بريطانيا خرجت مكرهة بالقوة ولم يستطع جيشها وأساطيلها ان تقف ضد إرادة شعب مقاتل جبار.. هذا التعبير هو ناجم عن إستراتيجية هذا المجتمع الذي يقاتل.. لذا عندما كتبت موضوع الاستقلال، كتبته في أغنية «ياشباب.. ياشباب» من جهة، وكتبته في أغنية «موكب الثورة».. ومازلت أكتبه في بعض أغاني لمستقبل قادم.. فأنا أقول في أغنية «ياشباب.. يا شباب».. ياشباب يا شباب ياحشود فرحانة تفرح في اربع أشهريا شباب ياشباب أكتوبر جانا من بعد 26 سبتمبريا شباب يا شباب نوفمبر جانا بالاستقلال قد بشريا شباب يا شباب ديسمبر جانا يحمل اثمار نوفمبرهذه الاربعة الاشهر هي ذات دلالة مهمة في تاريخ الثورة اليمنية، ليس في صنعاء فقط، بل وفي عدن، فهذه الاربعة الاشهر ترتب فيها مصير الثورة اليمنية .. لايمكن ان افضل أي شهر من الشهور الاربعة على آخر، فتلك الليلة .. ليلة 30 نوفمبر .. كان اعلان الاستقلال جعل الناس تسهر .. سهروا في الشوارع والارصفة وفي القرى طوال الليل حتى بزغ فجر اليوم التالي، واسمينا هذا الفجر فجر شمس الاستقلال .. وهي شمس لاتغيب.- واذا ما عدنا بالذاكرة الى الوراء وسألناك ابا عبدا لوهاب عن حكايات تلك الاغاني التي فجرت حماس الناس؟-- انا لا استطيع ان ارويها لكم كلها .. تحتاج الى حيز وحيز اوسع من كتاب .. هل اروي لكم حكاية اغنية (يالحج ياضالع) او اغنية (نداء الثورة) او اغنية (فجر الحرية) او (برع يااستعمار) الى الاغاني الاخريات التي تلتها وكل هذه الاغاني تشكل سلسلة من التحريض في منعطفات الثورة حتى يوم النصر.- كيف نقرأ الفوارق بين الاغنية العاطفية والاغنية الوطنية في فكر العطروش؟-- الانشودة الوطنية تكمن في تجارب قد مرت بتجارب كثيرة قبلي .. وخبرتي فيها مستمدة من هذه التجارب التي سبقت في مجال الغناء في مصر او لبنان او سوريا.تقول المقولات الاستراتيجية للحياة والفن : «اذا كانت السياسة هي الاسلوب للخروج بالشعب الى الحياة الحرة بمعناها السياسي فان الفن هو الطريق الى الخروج بالمجتمع الى حقوقه الوطنية المشروعة هذا الفن هو التغيير الذي يقود هذا الشعب الى تحقيق امانيه الوطنية المشروعة فما هي حقوقه الوطنية؟ هل هي الاستقلال فقط؟ وانما ايضا الحياة الحرة الكريمة: التعليم، السكن، الملبس، العمل وغيرها.. وان يكون مواطنا ذا سيادة يتمتع بحقوقه الاجتماعية كاملة .. شرعية لا مأجورة .. يكمن بعد ذلك الحب .. فما هو الحب .. فهناك من يقول : هذه اغنية وطنية وهذه اغنية عاطفية .. ويقول الاغنية الوطنية لايوجد فيها حب .. هذه مسألة منطق انا اسخر منه.الاغنية الوطنية تحمل نفس الحب والعاطفة، الحب سواء في الاغنية الوطنية او الاغنية العاطفية في الاغنية العاطفية يتكلم الانسان عن حب عن قضية عاطفية واحدة، او منقولة عن تجربة شخص آخر يتمناها ويحس بها ويعبر عنها كما يريد الشاعر في الاغنية الوطنية هو الحب نفسه ولكن له وجه آخر هو حب الوطن وعشق قضايا اساسية يعشقها آخرون، وبالتالي هذا الذي يعشق حب الوطن تأتيه ميادين اخرى لتعبيرات كبيرة جدا تفوق تعبير الاغنية العاطفية .. في الاغنية الوطنية وتعبير آخر هو الحب نفسه ولكن وجهه ثان .. عندما تسمع:سأنزع اليوم حقي بايدي فانا الشعب ابقي حقوقيلغة الحقوق اذا الحق انعدم نار ودم في الارض ساحان السلاح اذا لليل جثم في نوره نور الصباحهو الحب نفسه في (العاطفية) و(الوطنية) .. بعضهم كانوا يقولون العطروش متخصص في الاغاني الفلكلورية حق الرعاة (سبولة) .. (رعيان) قلت لهم هذه تجربتي بدأت بالفلكلور، لم اتطرق حينها الى لون آخر، وعندما قالوا : أني لااستطيع ان اقدم اغنية عاطفية.. اتيت باغنية عاطفية من اجمل ما يكون اسمها (كلمة) من كلمات احد الشعراء في ابين وغناها عوض احمد .. واذا بالاغنية هذه تهز ميكرفون الاذاعة وتحتل الدرجة الاولى في (ما يطلبه المستمعون).فماذا قالوا ..؟ قالوا هذه جاءت (فلتة) أي نادرة .. ثم عادوا وقالوا : ان العطروش لايمكنه ان يغني اناشيد .. ولكني قدمت انشودة (برع يااستعمار) وغنيتها في ظل وجود الاستعمار فهل يمكن لاحد ان يغني اغنية بهذه الجرأة والاستعمار موجود, ثم ينجو من قوة بريطانيا؟ ولكن الله يلهم الانسان احيانا .. مثلما الهم الله النملة امام سليمان «قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لايحطمنكم سليمان وجنوده وهم لايشعرون».لقد انجاني الله وانا لااشعر .. الهمني ربي ان اقول ما اقوله..- غنيت كثيرا لحب الوطن .. كيف تجلى ذلك الحب وفي أية اغنية تحديدا بلغ ذروته؟-- الحب في الاغنية العاطفية هو الذات، فيصف الانسان مشاعره الخاصة تجاه امرأة يحبها، لكن في قضية الوطن التعبير عن الحب ابلغ مستوى وهذا يتجلى بوضوح عند العطروش وتحديدا في اغنية (اماه) في عام 1972م وهي ذروة التعبير ولايمكن لاحد ان يقول فيها شيئا او ملاحظة، ولايمكن لاحد ان يأتي بمثلها، بل ان هذه الاغنية فتحت اعين الشعراء وفتحت اذهانهم الى بهائها ومستواها وحاولوا ان يأتوا بمثلها ولكنهم لم يستطيعوا وقد حاول كثيرون ان يأتوا بأنشودة (اماه) لكنهم لم يصلوا الى ذلك المستوى من الكتابة الراقية النوع من الكتابة تسمى في البلاغة العربية الكتابة المكنية التصريحية وهي صريحة وهي اروع اساليب البلاغة في اللغة العربية، الاستعارة المكنية هي ابلغ تعابير اللغة والبلاغة وهي ان تشبه حبيبك بوطنك، بمعنى انه تشبيه كامل شامل وسموت بالوطن، وبحبي لهذا البلد هو اكبر واهم واسمى من المرأة هو الوطن.واذكر ان الشاعر محمد سعيد جرادة عندما سلمت له القصيدة واستمع إلي اغنيها وصلت الى المقطع الذي يقول «لا الابن يطعن في هواك حضنك بايجيبه» .. اهتز وقال بصول عال الله .. الله .. الله ياسلام ياعطروش .. هنا بلغت ذروة التعبير .. وانا اشكرك انك استطعت ان تستلهم هذه الصورة الجميلة.فالمرأة التي تحب اذا طعن احد فيها .. وطعن في قصة حبك لها وحبها لك لن تهوى انت الى مضجعها وصفتها، ولكن في الوطن اذا احد طعن في حبك لهذا الوطن ستلبي وستأتي مثل السيل مستنجدا بوطنك ومدافعا عنه في آن واحد، ولهذا كان هذا البيت في هذه الاغنية ذروة التميز .. فأين من يفقهون ذلك؟!.- كم اخذت اغنية (اماه) من وقت في كتابة كلماتها او في تلحينها؟-- هذه الاغنية كانت تعيش معي منذ المؤتمر الخامس للجبهة القومية، وهي مؤرشفة معي وكان عملا مخططا له فانا في كل اغنية اعدها واطبعها كخطة وكبرنامج واكتبها.وتنفيذ هذه الاغنية في مؤتمر دمج الفصائل الوطنية في عدن في عام 1972م وكل عمل من هذا النوع والمستوى كان يخرج بعد التأكد من اكتماله نصا ولحنا .. اقدمه اولا للصفوة الذين يسمعونه مني للتأكد من رد الفعل وعندما اتأكد من انه عمل ناجح وآخذ آراءهم بعين الجد واعيده واغير من العمل حسب ملاحظاتهم بما يتطابق مع يقيني انا واعدل في العمل.واغنية (اماه) اشاد بها عبدالفتاح اسماعيل وادباء مثل الشاعر محمد سعيد جرادة، وعبدالله فاضل، وعبدالله البردوني، والدكتور المقالح وابراهيم الحضراني وقالوا انها اول تجربة تأخذ من الحب العام الشامل قضية حب خاص، عندما تشبه الحب الخاص بحب شامل تلك ابلغ صور التعبير في اللغة العربية.أيام متوهجة بالحماس- دعنا .. في الختام نسألك .. سؤال البداية .... ماذا يريد العطروش ان يقول وكيف يتذكر تلك الايام المتوهجة بالحماس؟--استطعتم ان تنتزعوا مني هذه اللحظة الغالية جدا جدا.. في حياتي.. دون ان يكون لي فيها رضا، الرضا الوحيد الذي جعلني اقبل ان الناس سيتذكرون من خلال هذا وقائع حقيقية عن اغلى ذكرى عاشها المجتمع في عدن.. هي فرحة اعلان الاستقلال الوطني، ليلة 30 نوفمبر 1967م والانجليز يرحلون من عدن .. وكانت تلك مفاجأة للشعب اليمني ، ليس في عدن وحدها، وانما في اليمن كله، ان الانجليز اضطروا للقبول بان يغادروا اليمن ليس تحت اسلوب السياسة وانما تحت وابل الرصاص والمقاومة الحقيقية من قبل فئات المجتمع وعلى رأس هذه الفئات الجبهة القومية التي كيلت لها التهم والطعون، وقال البعض انها عميلة الاستعمار وان اعضاءها جهلة وانها قبائل، وانها مجاميع من (الكعلان) لكنها - الجبهة القومية - هي الحقيقة المجلاة في سفر الاستقلال .. وكانت الدرع للمقاومة الوطنية الشريفة، والدليل على كلامي، انظر الآن الذين استشهدوا لايذكرهم احد .. لكن ظلت اسماؤهم مكتوبة في سجل التاريخ بأحرف من نور، وسطور من دم، وهالات من الخلود، ولذلك استحقوا الاحترام، وحقيقة ان هذا شهيد ولم يحصل سوى على إلف ريال شهريا تلك ليست مشكلة، المشكلة ان ينسى هذا الدور .. وأم المشاكل ان ينتهي الرجل ولم يكن له أي ذكر. هنا تكمن المسألة.
محمد محسن عطروش.. فنان قال كلمته في ساحات الكفاح
أخبار متعلقة