شكل الموقع الجغرافي المتميز لمنطقة الضالع حلقة وصل بين الشمال والجنوب ما جعلها محط صراع بين الأنظمة الحاكمة المتعاقبة في شمال الوطن، من الأتراك والأئمة والاستعمار البريطاني في الجنوب إذ أن السيطرة على منطقة الضالع كانت تعني حماية عدن بالنسبة للمستعمر وتهديد عدن بالنسبة للإمامة.الهيمنة الاستعمارية بالحماية منذ عام 1928م ثم بالتدخل المباشر حتى عام 67م في ظل وجود نظام حكم محلي ضعيف يعتمد على الاستعانة بالمناطق الأخرى لتثبيت حكمه، ورفضه للسياسات الاستعمارية والحكم الأميري الذي عبر عنه بانتفاضات متوالية منذ انتفاضات بلاد الشعّار التي امتدت عشرات السنين حتى أصبحت مثلاً شعبياً متداولاً “حديد ونار أمير وشعّار” وانتفاضات الأزارق وانتفاضة الشيخ الشهيد/ محمد عواس الذي قتل أول ضابط سياسي بريطاني في الضالع هو “المستر دايفي” ثم انتفاضة الشهيد/ عبدالدائم محسن الذي حاول اغتيال المستر “سيجر” عام 1950م، ومن المعروف أن (سيجر) هو صاحب خطة البساط السحري التي هجرت اليهود من عدن واليمن كلها إلى فلسطين، التأثير المباشر للانتفاضات المسلحة في منطقة ردفان عامي 57 و 58م المعروفة لدينا التي هي في 1957 - 1958م بخرجة ردفان الأولى وخرجة ردفان الثانية ومن قبلها الانتفاضات التي كانت تحدث في يافع والمعروفة في الضالع بخرجة يافع.تصاعد النضال الوطني ضد الاستعمار البريطاني في الجنوب والحكم المحلي في الشمال وتأثيراته على المنطقة وبالأخص عند إشراك كثير من أبنائها في النضال العمالي في عدن (في مصافي عدن) وتعرضهم للعقوبات التعسفية من فصل وإبعاد وعودتهم إلى المنطقة والتحاقهم بالنشاط السياسي والعمل العسكري في الانتفاضة.انتشار المد القومي التحرري في المنطقة كما حدث يمنياً وعربياً منذ قيام ثورة يوليو وزعامة عبدالناصر وانطلاقته الفاعلة خلال معركة السويس وثورة الجزائر وما لحقهما من أحداث قومية، عملت على خلق وعي قومي تحرري بين مختلف فئات المجتمع ومنها المرأة إذ ساعد ذلك الوضع السياسي المتفجر ضد الاستعمار على تشكل الوعي بأهمية التحرر. قيام ثورة سبتمبر التي كانت بمثابة إعلان ميلاد اليمن الجديد والتحاق المئات من أبناء المنطقة بصفوف المتطوعين في الحرس الوطني للدفاع عن الثورة والجمهورية وإحباط ومقاومة النشاط المعادي من قبل العناصر الملكية التي جمعت قواها في الضالع، والتي كانت قاعدة للعمل التخريبي ضد الثورة والجمهورية وكان للمرأة مواقف مشرفة في مواجهة فلول الملكية وصلت إلى درجة قذفهم بالحجارة وكيل الشتائم ومنع الزاد والماء عنهم بالرغم من العقوبات التي هدد الأمير باتخاذها بحق كل امرأة تتعرض لملكي.انطلاقة ثورة 14 أكتوبر من ردفان والتي أعلنت بدء عهد جديد في النضال الوطني ضد الاستعمار وركائزه ودعم وتأييد أهالي منطقة الضالع للثوار ولمواطني ونازحي ردفان، بسبب الحرب الهمجية الاستعمارية على قراهم ومزارعهم ومواشيهم ناهيك عن إيصال الزاد والسلاح إلى الجبال. وقد كانت الضالع هي المنفذ الوحيد للتواصل معهم من جهة ومع قيادة الثورة والجمهورية من جهة أخرى. وفي الوقت نفسه أججت المشاعر وعجلت الناس في ضرورة تفجير جبهة الضالع.[c1] المستوى الثقافي:[/c]كانت الثورة قد وفرت تجربة كبيرة في صنع وعي المواطنين ومنها المرأة التي واجهت ببسالة كل ويلات الخراب والدمار والتشريد والحصار التي كانت تقوم بها القوات الاستعمارية لإخماد ما كانت تسميه بمواطن الفتن، كما كانت المرأة أيضاً هي مصدر القوة في تلك الانتفاضات تزرعها في عقول وأفئدة أبنائها وقد كانت تؤكد لي ذلك المناضلة/ جنة أحمد البيشي الشقيقة الكبرى للشهيد المناضل (علي عنتر). وأود الإشارة إلى ما قاله الأخ/ محمد غالب أحمد وأن من أطلق عليه اسم عنتر هي أخته وهو في الخامسة من عمره. فقد كانت تصر على أن تسميه عنتر تشبيهاً بعنترة بن شداد وتربيه تربية فروسية لأن يكون مثل عنترة بن شداد في الأساطير.الدور الإعلامي الكبير الذي لعبته إذاعتا (القاهرة وصوت العرب) بنشر وتعميق الوعي القومي التحرري وتبني دعم النضال الوطني في جنوب الوطن وبث الأناشيد القومية والوطنية، وقد كان المذياع تنبع أهميته من كونه المصدر الوحيد للوعي الذي تتلقاه المرأة في ظل الجهل المسيطر عليها، ولذا كان جهاز الراديو في الضالع في بداية الستينات مطلباً ضرورياً كالماء والهواء قد تضطر المرأة إلى بيع مصوغاتها في سبيل الحصول على جهاز راديو.التكوين الاجتماعي القائم على الترابط والتكافل والتشابك الأسري والتجمعات الدينية الدائمة وبالذات في ليالي رمضان والاستماع إلى الكتب التي كانت تقرأ عن السيرة في الفتوحات الإسلامية وفتوحات الشام. الدور الهام الذي لعبه المتنورون من المتعلمين والأساتذة ورجال الدين وبروز رموز سياسية كانت لها مواقف سياسية تتغنى بالانتفاضات وبمقاومة الاستعمار وكانت أشهرها الشاعرة (معجبة بنت مهدي)، التي تغنت بانتفاضات ردفان وحتى بهتلر وبالحرب العالمية الثانية ضد الإنجليز لكراهيتها للإنجليز وتغنت بمواقف آل قطيب في 57 - 58م وبانتفاضة جحاف وبحيدرة لأنها كانت من المؤيدين للأمير (حيدرة). وقد حدث أول رفض نسائي للنظام السياسي والاجتماعي السائد في الضالع في نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات في خروج عدد من بنات بهربة ليلية مرافقات للشيخ ياسين وهن من بنات المشايخ والوجهاء والأعيان، وكان معلمهن آنذاك وهو أحد رموز الإخوان المسلمين الذين وصلوا إلى الضالع وأرادوا نشر فكر الإخوان المسلمين أو الدعوة الوهابية، وبالرغم من تلك الهزة العنيفة إلا أن الأمير لم يغير من سياسته إزاء منع تعليم الفتيات اللاتي لم تبن لهن مدرسة إلا في النصف الأخير من عام 1965م.على المستوى الاقتصادي كان الفقر والمرض والجهل هي السمة المشتركة لغالبية سكان المنطقة حتى أصبح التقويم الذي يؤرخ به الناس أحداثهم يعتمد على الحوادث فيقولون سنة الجوع وسنة الهناء وسنة الشجري وسنة ما خرجت يافع وسنة ما هربت ردفان وسنة مقتل دايفي وسنة الحرب بالبحر. سياسة الإفقار والتجويع التي اتبعها الحكم الأميري تجاه من كان يسميهم بالرعية بفرض الزكاة المقدرة والضرائب الباهظة والمصادرة وإحراق المزارع وفرض إجراءات عقابية ضد من كانوا يسمون بالمناوئين أو بالمخربين، ناهيك عن فرضه إعالة وخدمة كل جندي أميري على أسرة من الأهالي من الجند الذين كان يستأجرهم من المناطق المجاورة لإخماد الانتفاضات الشعبية وأذكر حادثة أنه في عام 1944م، حينما بدأت ألمانيا النازية تتلقى الهزائم وكان أمير الضالع حينذاك الأمير/ حيدرة بن ناصر بن علي شايف مؤيداً لألمانيا فخوفاً من أن تقوم بريطانيا بالانتقام منه وسلبه السلطة أمر بالتبرع لصالح الحلفاء دعماً باسم إمارة الضالع وفرض على كل مواطن (قرشين فرنصا) ما أضطر المواطنين إلى بيع أضحيات العيد حتى أن إذاعة (برلين) أذاعت الخبر متهكمة بأن الرايخ قد أهتز من تبرعات أمير الضالع إلى جانب بريطانيا حتى أنهم قالوا: إن مواطنيهم صرخوا حينما سمعوا الخبر بأن الأمير/ حيدرة سلم التبرعات ولم يصادرها. وقد تحملت المرأة الكثير من هذه الأعباء في ظل غياب الرجل، فتحملت المسؤوليتين: مسؤوليتها في البيت ومسؤوليتها في الحقل في الزراعة. كما أن الكثير من النساء كان العمل الذي يقمن به لكسب القوت هو جلب المياه والحطب إلى بيوت المقتدرين وطحن الحبوب في بيوت الأمراء والمشايخ، وكان يوجد أيضاً مكان لطحن البردقان وخدمة القوافل التجارية المتنقلة القادمة والنازلة من صنعاء إلى عدن والعكس.من أهم الإجراءات الاقتصادية التي أثرت على حياة الناس كانت مشاركة الأمراء للتجار الكبار في أموالهم بالنصف من خلال الحصول على النصف في الكسب وعدم تحمل الخسارة ما عرض كثيراً من التجار إلى خسارة كبيرة في ظل اشتراط بريطانيا الضمانة من الأمير حتى تسمح لهم بالتجارة في عدن.الترتيب الاجتماعي كان في منطقة الضالع على النحو الآتي:الأمراء، المشايخ، الوجهاء، القادة العسكريون، التجار، الجند، الموظفون، الرعية، اليهود، العبيد، الأخدام. وكان واضحاً اتساع الهوة بين الفئة الحاكمة التي تملك كل شيء وسائر الفئات المطحونة، التي هي رعية ملك للحاكم، كل الامتيازات للأسرة الحاكمة وأعوانها في المأكل والملبس والمسكن والخدمات العامة ووسائل النقل. لقد كان محرماً على أية امرأة حتى ولو كانت من بيت تاجر أن تلبس ثوباً يضاهي ثياب نساء الإمارة، كما منع التزين بالحلي، فمنع على كل امرأة ما عدا نساء الأسرة الحاكمة أن تلبس الذهب في المناسبات، وكل من كانت لديها حلي من الذهب ظل مكنوزاً حتى رحيل الإمارة، ظلت خدمات المياه والكهرباء محصورة في حي الإمارة حتى عام 66م، حينما حاولت السلطة الاستعمارية تجميل اتحاد الجنوب فأدخلت بعض الخدمات من مدرسة ومستشفى ومشروع مياه ولم تحاول الإمارة الاستفادة من أي نظام عند جيرانها كما كان في سلطنة لحج في المجالات الصحية والتعليمية والزراعية ولذلك ظل الوضع كما هو عليه حتى كانت الإصلاحات البريطانية، هذا الواقع أفرز نقمة شعبية واسعة بالذات من المرأة التي كان يقع عليها دائماً مضاعفاً.[c1] أبرز ملامح نضال المرأة في الكفاح المسلح في جبهة الضالع [/c]أولاً: كون المرأة شكلت مدرسة النضال الأولى، حيث سبقت الإشارة إليها إلا أن المعاناة التي عاشتها المرأة اليمنية في منطقة الضالع على مدى خمسين عاماً شكلت أهم روافد وعيها الوطني والقومي الذي تجسد في حياتها اليومية كمنظومة أخلاقية مترابطة التزمت بها شخصياً وأسرياً واجتماعياً.فعلى المستوى الشخصي كانت واعية لخصوصيتها كامرأة ودوماً ما ينظر إليها البعض بإعجاب وذلك بوعيها في قدرتها على تحويل ذلك الضعف إلى قوة والانتقال إلى موقع الحامي والمدافع عن العرض والشرف وهو ما أثبتته خلال الانتفاضات المستمرة. ومع قيام الثورة وانطلاق الكفاح المسلح كانت قد اكتسبت من الخبرة والوعي ما يجعلها قادرة على التعامل مع الواقع المعاش بإيجابية كشريكة في المسؤولية، وبرز تيار النساء وتمتع بقدر كبير من الوعي الوطني والقومي وكانت له مواقفه منذ عدوان 56م والتبرعات لصالح الثورة الجزائرية والإضراب أو الإعلان لرفض سجن أحمد بن بله.وعلى المستوى الأسري وعت دورها الذي تسند إليها كافة المسؤولية في الإنجاب والتربية إلى جانب مسؤوليتها في القيام بأعباء رب الأسرة مادياً ومعنوياً في المنزل وفي الزراعة إضافة إلى كل ذلك فإنه كان مطلوباً منها تربية أولادها تربية نضالية.وعلى المستوى الاجتماعي أدركت أنها جزء من المجتمع الذي تعيش فيه وعليها العمل على وحدته وصونه وتحمل نصيبها في النضال والتضحية عن رضا وإيمان لا عن إذعان وقبول بالأمر الواقع، ومن هنا تبوأت المرأة في هذه المنطقة المكانة المتميزة طيلة مسيرة الكفاح المسلح فلم تعد نقطة ضعف ولا مصدر خوف بل لقد أصبحت لكونها امرأة قادرة على توظيف تلك الخصوصية في القيام بالمهام التي يعجز الرجل عن القيام بها وهو ما سوف نعرضه في السطور الآتية.[c1] ثانياً: المرأة في جبهة القتال: [/c]حينما تواصلت مع عدد من المناضلات في جبهة الضالع علمت أنهن مازلن يحتفظن بأسلحتهن التي شاركن فيها إبان الكفاح المسلح، وأدهشني أكثر حينما أخبرنني أن ذلك السلاح يتمثل في ألغام وقنابل وبنادق ورشاشات وبازوكات فقط. ومرد احتفاظهن به - كما قلن - لاعتبارهن ذلك السلاح هو الشاهد المنصف على نضالهن الباسل ومبعث الفخر والاعتزاز لهن أمام أبنائهن وأحفادهن. وعلاوة على ذلك فهو يرمز إلى مرحلة عزيزة في حياتهن شاركن فيها في تحرير الوطن، ومن خلال الشهادات التي حصلت عليها من كثير من المناضلات ومن قيادات الكفاح المسلح يمكنني إجمال أبرز ملامح النشاط العسكري للمرأة في جبهة الضالع على النحو الآتي:الاشتراك المباشر في العمليات العسكرية جنباً إلى جنب مع الثوار وباستخدام كافة أنواع الأسلحة، ومن تلك المعارك معركة حياز والهجوم على المظلوم ومعركة علي القراعي وعدد من الهجمات على المطرح وهو المعسكر الرئيس للقوات البريطانية في الضالع.القيام بتنفيذ عمليات عسكرية كاملة تمثلت في التقطع لسيارات الجيش البريطاني وإطلاق النار عليها، وقد أفادتني المناضلة علياء المنصوب بقولها (كنا ننفذ الهجوم ونخفي السلاح داخل الزرع ونتظاهر بأننا نقوم بأعمال زراعية وعندما تأتي القوات العسكرية البريطانية للتفتيش عن المهاجمين كانوا يتركوننا لأنهم كانوا يعتقدون أن من يقوم بتلك الهجمات رجال ولم يشكوا أبداً في أن المهاجمات نساء).نقل الأسلحة الثقيلة إلى مواقع قريبة من الأهداف المحددة لهجمات الثوار وإخفاؤها وكان يتم إدخال الأسلحة بين الأعلاف والحطب الذي كانت تحمله النساء على رؤوسهن ومن مسافات طويلة امتدت عشرات الكيلومترات، بالذات بعد قصف القرى وتشريد سكانها مما تطلب نقل السلاح من قعطبة مباشرة إلى مواقع داخل الضالع.رصد القوات البريطانية وتحديد تجمعاتها ومعرفة وجهات سيرها وجمع كافة المعلومات عن تحركاتها ونقلها إلى قيادات الجبهة.القيام بعمليات استطلاع ومراقبة مستمرة للطرق والوديان والشعاب التي يمر منها الثوار حتى لا يتعرضوا لكمائن معادية.نقل وتوزيع الأسلحة على الأفراد والمجموعات في الداخل، الموزعين على القرى والجبال وفي أحياء المدينة.حماية وتسهيل انسحاب الثوار وتأمين طرق عودتهم إلى مراكز تجمعهم وضمان سلامتهم.حمل الجرحى حتى لا يعيق الانشغال بهم المقاتلين فيمكن القوات المعادية من اللحاق بهم.مواجهة حملات المداهمة والتفتيش عن الثوار وعن الأسلحة والمنشورات في بيوت الثوار وأنصار الثورة وأعمال الاستفزاز.مواجهة أعمال القصف الجوي والبري، للقرى الآهلة بالسكان والتشريد والطرد الجماعي وإحراق الزرع والضرع في موجات العقاب الجماعي الاستعماري.[c1] النشاط السياسي: [/c]نقل وتوزيع المنشورات والبيانات الصادرة عن الجبهة في مختلف أطرها العملياتية والسياسية والإعلامية والطلابية.إخفاء الثوار وتأمين خروجهم عندما يتعرضون لكمائن معادية.إخفاء وتأمين المشاركين في المظاهرات والمسيرات وملاحقة القوى المعادية.القيام بالتواصل والتنسيق بين الثوار في الأماكن المختلفة التي يتمركزون فيها وبين قيادات وقواعد العمل السياسي والطلابي في ظل حظر التجول الذي فرض على مدى أربع سنوات.متابعة ورصد النشاط التجسسي للسلطات الاستعمارية وأعوانها والإبلاغ عنهم.التواصل مع القيادات التي فرضت عليها الإقامة الجبرية في المنازل وإبلاغ تعليماتهم إلى الأطر العليا.جمع التبرعات لجبهات القتال والتشجيع على استمرارها وشرح أهميتها والإشادة بأهم المتبرعين والمتبرعات لصالح الثورة.زيارة أسر الشهداء والجرحى والمنكوبين والتضامن معهم ورفع معنوياتهم.[c1] النشاط الدعائي:[/c]إقامة التجمعات النسائية للاستماع إلى الإذاعات المؤيدة للثورة.التحريض على الاشتراك في القتال وفي المسيرات والمظاهرات والإضرابات، خاصة في أوساط الطلاب الذين كانوا زخم تلك الانتفاضات.نشر أخبار الثوار ونشاطهم المسلح بين المواطنين وتوزيع الصحف والمجلات اليمنية والعربية التي يتم إدخالها من شمال الوطن وتتناول موضوعاتها الكفاح المسلح ونشاط جبهة الضالع وصور الثوار.متابعة ونشر ما يبثه الإعلام الوطني والعربي عن الثورة والدعم العربي لها.تحدي الإجراءات الاستعمارية المفروضة ضد الإعلام الوطني والعربي المؤيد للثورة وبالأخص إذاعات (صنعاء - تعز - القاهرة - صوت العرب) وكانت المرأة تعمد إلى رفع أصوات المذياع وتقوم بضرب الجواسيس المخصصين لرصد المستمعين لتلك الإذاعات، خاصة عشية خطابات الزعيم/ جمال عبدالناصر.إفشال النشاط الدعائي المعادي ورصد مصادره.معرفة أخبار الأسرة الحاكمة وأعوانها وحالتهم النفسية وذلك من خلال النساء اللواتي كن يعملن داخل بيوتهم.التغني شعراً بالثورة والثوار وبالرئيس عبدالناصر في الأعراس وبالرئيس السلال ونشره والرد على الشعر المضاد.رفع صور الزعيمين عبدالناصر والسلال في البيوت بالسر رغم أنها كانت محظورة بأوامر السلطات الاستعمارية وكان رفعها واقتناؤها يمثل إدانة لمن يفعل ذلك، ومن أشهر المواقف الوطنية والقومية هو رفض إحدى الأخوات (دنيا محمد الصافي) إخفاء أو إنزال صورة الزعيم عبدالناصر من الجدار مقابل عدم تنفيذ المستر (ميلن) هدم بيتها ولكنها رفضت وعند إصرارها قام المستر ميلن بهدم بيتهم الجديد الذي لم يسكنوه سوى أسبوع واحد.[c1] النشاط الاجتماعي:[/c]القيام بالدور الأساسي لها، كأم وزوجة تقع عليها مسؤولية أسرية وفي مقدمتها الإنجاب بالإضافة إلى ما كانت تعانيه. وقيامها بواجبها النضالي والأسري معاً، وكم من مناضلة وضعت وليدها وهي في شعب أو جبل أو واد أو تحمل الزاد أو السلاح إلى الثوار. والإشراف المباشر في تحمل مسؤولية الأسر المشردة والمطرودة جراء القصف البريطاني لقراهم ونزوحهم إلى مدينة قعطبة ولسنوات عديدة في ظل غياب الرجال في جبهات القتال.توفير الزاد والماء والدواء للثوار من جهة وللمشردين في قعطبة من جهة أخرى.التضامن والتكافل الاجتماعي والاقتصادي المرهون بالقناعة والقبول من النساء، ما عزز الروح المعنوية بين المقاتلين.التعامل مع التخفيف في الحالة النفسية من الخوف والقلق ومن شبح فقدان العمل الذي يرافقه الموت.وتقديراً واحتراماً للدور الذي قامت به النساء فإنني أخص بالذكر وبالاحترام والتقدير ثلاثاً، أعتبرهن رموزاً لدور المرأة في جبهة الضالع:الأولى: المناضلة الفقيدة فاطمة ناصر البيشي وهي زوجة الشهيد علي عنتر، التي تحملت وكان لها دور كبير منذ زواجها بالمناضل الشهيد علي عنتر في 61م أو 62م ومرافقتها له في التشرد. خاصة بعد قصف بيوتهم وقراهم ونزوحها إلى قعطبة والدور النضالي الذي قامت به.الرمز الثاني: علياء عبدالله صالح المنصوب وهي متميزة. كونها أخت الشهيدين وبنت عم الشهيدين وزوجة شهيد وبنت خال شهيد وقد شاركت في الكفاح المسلح داخل جبهة الضالع وهي من اللواتي شاركن في المعارك واللاتي سبق ذكرهن في القراعي وحياز والمظلوم والمطرح وشاركت في أثناء خروجهم بعد قصف بيوتهم ومناطقهم ونزوحهم إلى قعطبة، وقد تلقت خبر استشهاد أخويها عبدالمجيد وعبدالله المنصوب وهي في قعطبة وكانت قد وضعت ولديها وهي في قعطبة في جبهة القتال، أحدهم في شعب والآخر في قعطبة، كما أنها عند عودتها لم تجد بيتاً يؤويها بعد نسفه والتحاق زوجها الشهيد عبدالرحمن المنصوب مع المدافعين عن الجمهورية والذي استشهد في 2 يناير 1969م في مدينة تعز وهو حاصل على شهادة وميدالية من جبهة التحرير وعلى سلاح قد أكله الصدأ.النموذج الثالث: للعمل السياسي داخل المدينة، أخذت منه نموذجاً وهي: المناضلة الوالدة (فائق أحمد صالح المرفدي) والتي كان لها دور اضطرت معه إلى مواجهة المستر (ميلن) الذي حكم على بيتها بالنسف لولا أنه اكتشف أنه ليس بيتها وإنما لها فيه شركاء، وكانت مناضلة جسورة كان صوتها شعرياً في الأعراس وفي مواجهة الشعر المضاد وفي الرد على الشعراء العملاء وكان لها دور بارز، حتى أنها تواصلت عبر إذاعة (صوت العرب) وبثت لها بعض من أشعارها، ومن مواقفها ولو أنه للأسف لا يوجد الكثير من شعرها الموثق ولكني استطعت أن أحصل من بين مذكرات والدي على بعض الأسطر التي كانت تمثل ردود أفعال من قبل الأمير والاستعمار، ففي عام 1958م، حرمها الأمير من الزكاة وهي أم ميتمة لأنها كانت تتغنى بعبدالناصر وابن بله ورفضت أن تشارك في أعراس الأمير أو أي أحد من أسرة الإمارة طوال فترة وجودهم، من 1956م حتى رحيلهم، ومن أجمل ما استوقفني حينما انطلقت الثورة في ردفان قولها:[c1] يا شوق شوقــي متى بـاتـصل للمسامـــــعضرب الرصاص دوى والمـدافـــعيا حـيد ردفـــان قــاخلي الـــرأس رافــــعونحن هنا بانلحقه ندك هذه المواقعمن حضرموت لما عدن والصبيحي ويافعيسقط الاتحــاد والعميـل المخــادع[/c]وفي عام 1964م، تغنت بقصيدة بعد وصول الدعم العربي للثورة اليمنية شمالاً وجنوباً ومن أقوالها:[c1] في ضفاف النيل قد أشرق صباحكــبر السـلال حي علـى الفــلاحمــن قمم ردفــان فجرنـا الكفــاحمصر هب بالرجال هم والسلاحما نخشى الغرب أو نخشى نباح[/c]وتضامناً مع القضايا العربية والقومية كان لها أيضاً في هذه المعارك دور إذ تقول:[c1] ثورة الشعب العظيم أهزمي الليل البهيم أشعليها من لهبوحدي كل الجيوش حطمي هذه العروش حرري كل العربدرب ناصر ومشير إلى فلسطين المسير الجهاد فيها وجب[/c]ومن أجمل ما عثرت عليه، قولها وهي في عام 67م حينما اتهمت بالعمالة والخيانة فردت عليه وقالت:[c1] نحـــن عــلمـنا جــمال مـن على خـط الــقتالوحـدتي مـاهي محــال والتـحـقنا بـالـنــضـالالنساء هـي والرجــال دمـنا مـا السيـل ســالبنت أحمد صوت عال عاد شعري ما لنصال[/c]وقد كانت لها مواقف وأشعار كثيرة لولا أنه لا يوجد لدينا توثيق، وأكتفي بهذا..
المـــرأة ثـائــرة ومـقاتـلة
أخبار متعلقة