ليست هذه الثنائية، عبارة عن انشطار في ذات الشخص الواحد، بل هي ثناية الرجل والمرأة فكلاهما كما نعرف ونقتنع يشكلان وجهان لإنسان واحد. لكن هذا الكائن الحي النابض والمفكر والعاشق والكاره والحالم والفرح والحزين، هذا الكائن الذي يستطيع أن يجمع لديه كل المتناقضات، يعيش لحظة المفارقة عندما يحار في إيجاد حل لجدليته مع نفسه.ورغم إمكانيات التواصل الشفوية والمرئية. يظل الحوار في بعض جوانبه مظلما، أو بعبارة أصح مسكوتا عنه، أو بالتحديد غياب الصيغة الممكنة لتصريف هذا الحوار.وهنا تأتي ريشة عزيز التونسي، لتحاول إيجاد صيغة من الصيغ الممكنة لترجمة هذا الكلام العالق في جوف كل من الرجل والمرأة.هي مرحلة جديدة يدخلها التونسي، من بابها الصعب جدا. فتراكم تجربته يجعل منه ضخما، وباب هذه التجربة ضيق نوعا ما. فكيف يمر الفنان الضخم من باب تجربة ضيقة صعبة للغاية؟ فليست جدلية الرجل والمرأة بالموضوع الهين أو السهل، بل هو غاية في التشابك والإرباك. لكن الناظر إلى أعماله يحس أن الباب أصبح مفتوحا على مصراعيه.كيف فعل التونسي ذلك؟ الجواب يكمن في المراحل الأخرى التي اشتغل عليها وأنجزها وصارت مرجعا في انتظام الفنان مع أجندته الإبداعية.بخلاصة ينقلنا التونسي إلى تلك الجهة الموغلة في الضبابية أو حتى الظلام الدامس. تلك الجهة التي لا نعرف أننا منها وفيها إلا عندما نراها في لوحاته. تلك الحركات والسكنات وتلك الإشارات تعبر عن شيء لم نستطع قوله منذ أجيال. لذلك فالريشة أبلغ من اللسان والأشكال والألوان أبلغ من الكلام.ننتظر المعرض المقبل للفنان التشكيلي عزيز التونسي، حتى نعيش اللحظة الملغية من كياننا، ونستطيع أخيرا أن نقول ما لم نستطع قوله منذ زمن لنصفنا الآخر.
|
فنون
عزيز التونسي تشكيلي مغربي يخوض في ثنائية الإنسان
أخبار متعلقة