مع البدء بتنفيذ اتفاقية تطبيب المبدعين
كتب/مختار مقطريبقلب محب لكل المبدعين، وبروح هذبها الفن ونقاها الإبداع، وبوعي تام بقيمة المبدع وإسهامه الكبير في الارتقاء بالذائقة الفنية المجتمعية، وانطلاقاً من كونه إنساناً جميلاً وفناناً راقياً ومهذباً، ومن كونه مسؤولاً على أهم المنابر الثقافية بعدن، قام الفنان رامي نبيه، مدير عام مكتب الثقافة بعدن، بعيادة الفنان الكبير عبد الكريم توفيق، الذي يرقد جسداً مريضاً متهالكاً، وفناناً كبيراً وأصيلاً تأبى كرامته الإنسانية، وعزة نفسه الفنية ذل الاستجداء، وهوان الشكوى لغير الله، بمستشفى الجمهورية التعليمي بعدن، وذلك يوم الأربعاء الماضي الموافق 12 سبتمبر.وكان فناننا الكبير، صاحب التاريخ المزدهر والمشرق بنحو (55 عاماً) في مجال الأغنية اللحجية التراثية والتجديدية، قد نقل للمستشفى بعد أن عجز عن المشي والحركة، بسب تورم باطن قدميه، نتيجة لانسداد الشرايين، وتفاقم الأعراض الخطيرة لمرض السكر، وهو يوشك اليوم أن يفقد نعمة البصر بسبب مرض السكر الخبيث، ولايزال فناننا الكبير يرقد بالمستشفى حتى كتابة هذه السطور يوم الزيارة الدافئة والرائعة التي أداها نحوه الفنان رامي نبيه فور عودته من صنعاء، صباح اليوم ذاته. وبعد ترقيد الفنان عبد الكريم توفيق، بالقسم الخصوصي بمستشفى (الجمهورية) التعليمي بعدن، الحالة الأولى التي يبدأ بها تنفيذ اتفاقية (تطبيب المبدعين)، التي وقعت مؤخراً بين مكتب الثقافة بعدن، ممثلاً بمديره العام الأستاذ رامي نبيه، وبين المستشفى ممثلاً برئيس هيئة مستشفى (الجمهورية) التعليمي، د. علي عبدالله صالح. وتعد هذه الاتفاقية توجهاً جديداً ورائعاً وشجاعاً ايضاً، ومنحى مثقفاً نحو التخفيف من معاناة المبدعين، ورعايتهم في حال أقعدهم المرض، واستبد بهم الداء، وفي مقدمتهم فنانونا الكبار كالفنان الكبير عبد الكريم توفيق، الذي أطربنا وأسعدنا بصوته النادر وأغانيه الخالدة، وقد أجرى الأطباء بالمستشفى عملية جراحية للفنان عبد الكريم توفيق، كشطوا خلالها جلد باطن قدميه لازالة التورمات المتقيحة، ولا يزال الدم ينزف من قدميه، ما يستدعي متابعة طبية مستمرة بعد مغادرته المستشفى خصوصاً وأن فناننا الكبير يعاني منذ سنوات غير قليلة من مضاعفات مرض السكر الخبيث. وفي الزيارة تجذب الفنانان أطراف الحديث ، بمودة صافية ومحبة عميقة واحترام وتقدير ، حيث أكد الفنان رامي نبيه أنه كفنان وصديق ومدير عام لمكتب الثقافة بعدن لن يدخر جهداً في متابعة الحالة الصحية للفنان عبدالكريم توفيق ولسوف يسعى لدى الجهات المعنية الأعلى في المحافظة ووزارة الثقافة لعرض حالته الصحية السيئة التي تستوجب سرعة سفره إلى الخارج للعلاج والعودة إلى الوطن سالماً ومعافى.وأكد الفنان رامي نبيه أن رعاية المبدعين صحياً وتحسين ظروفهم المعيشية ليس واجباً وظيفياً فقط وليس اعترافاً بفضلهم فقط ولكنه بالإضافة إلى هذا وذاك واجب وطني فالوفاء لهم هو وفاء للوطن بقدر ما قدوه ويقدمونه من إبداعات رائعة وسخية في كل مجالات الإبداع وبمستوى دورهم التنويري والاجتماعي الكبير مشيراً إلى أن اتفاقية تطبيب المبدعين هي مقدمة لإجراءات عدة ينوي المكتب اتخاذها بهدف الاهتمام بالمبدعين وتحسين ظروفهم المعيشية والصحية، على نحو يعزز تنفيذ توجيهات المهندس وحيد علي رشيد محافظ عدن ود . عبدالله عوبل وزير الثقافة اللذين أكدا ويؤكدان على إيمانهما بأهمية الإبداع والقيمة الكبيرة للمبدع باعتبار الإبداع أحد أهم شروط النهوض بالمجتمع إلى مرتبة جديدة من التقدم الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، مستدركاً بأن المهندس وحيد علي رشيد محافظ عدن بمجرد علمه بنقل الفنان عبد الكريم توفيق للمستشفى بادر مشكوراً إلى توصية مكتب المحافظة بتحمل تكاليف تطبيب وعلاج فناننا لكبير بالمستشفى على الرغم من التوقيع على اتفاقية التطبيب في لمسة إنسانية رائعة واستثناء مثقف زاخر بالوفاء لفنان أصيل أفنى جل عمره للنهوض بالأغنية اللحجية واليمنية عموماً.وبصوته المرهف جراء معاناته الصحية وحداثة العملية الجراحية تقدم الفنان الكبير عبد الكريم توفيق بشكره الجزيل وامتنانه العميق للمهندس وحيد رشيد محافظ عدن والدكتور عبدالله عوبل منذوق وزير الثقافة والفنان رامي نبيه مدير عام مكتب الثقافة بعدن لما أولوه نحوه من اهتمام ورعاية واطمئنان على صحته مستثنياً نفسه رغم حالته الصحية المتدهورة وحالته المعيشية الصعبة لصالح دعم ورعاية كل مبدع معطاء وفي المقدمة مبدعونا الكبار.لكن الحزن آلمني ، وشعور بالذنب أثقل صدري لتقصير ربما ارتكبته، ولعلي لم ارتكبه، وأنا استمع لفناننا الكبير عبد الكريم توفيق ، وهو يتحدث بصوت حزين، عما واجهه، سابقاً وخلال سنوات مضت غير قليلة، من إهمال وعدم عرفان وغياب وفاء وتقدير لعطائه الكبير وإسهاماته الغزيرة في مجال الموسيقى والغناء والنهوض بالحركة الفنية، كما أن ضرورة سفره للعلاج في الخارج، قوبلت من قبل وعلى مدى سنوات مضت غير قليلة، باللامبالاة والمماطلة والوعود التي قطعت ولم تتحقق، لكنه كان يتحدث بضمير مرتاح، بعد أن منحنا كل ذلك السحر والالق والدفء في أغانيه الخالدة خلال مشواره الفني الطويل، فهل كانت ضمائرنا مرتاحة خلال أعوام مضت غير قليلة، أهملناه فيها، واكتفينا بما منحنا إياه من جمال فني خالد وأصيل، ولم نكافئه بمنحه ما يستحقه من رعاية واهتمام ودون شك، أن الضمائر المستريحة كانت معطلة إزاء ما حدث للكثير من مبدعينا، ولم ينج إلا أنصاف المواهب والذين بلا مواهب، بالمحاباة والنفاق واقتسام المكافآت، ولأن عهداً قد مضى، وعهداً جديداً قد أطل فقد آن لضمائرنا أن لا تتعطل، وآن لها أن ترتاح، بعد اكتشافنا لسوء ما فعلنا، لأن رعاية مبدعينا واجب نجني ثماره جميعاً، والاهتمام بصحة ومعيشة مبدعينا الكبار واجب وطني.الجدير ذكره أن الأخوين حافظ عوبلي نائب مدير عام مكتب الثقافة بعدن، ونزار القيسي مدير العلاقات العامة بالمكتب، قاما في يوم سابق، تنفيذاً لتوجيهات الفنان رامي نبيه أثناء تواجده بالعاصمة صنعاء، وبدافع إنساني جميل وإدراك لقيمة المبدع، بعيادة الفنان عبد الكريم توفيق بالمستشفى، للاطمئنان على صحته.نسأل الله العلي القدير أن يمن بالشفاء على فناننا الكبير عبد الكريم توفيق، وأن يمتعه بالصحة والعافية وطول العمر، بقدر ما أسعدنا بفنه الجميل، وقد أسعدنا كثيراً.