شلة الأنس :
وأنا أتابع مسلسل ( حافة الأنس) للمبدع الرائع عمرو جمال الذي عرض في شهر رمضان المبارك عادت بي الذاكرة لأيام الدراسة.. في ذلكم الزمن الجميل النقي البهي.. عادت بي الذاكرة لزملاء الدراسة في ( إعدادية كريتر ) ثانوية لطفي الآن.. ثم ثانوية (خورمكسر) الغانم حالياً.. وبسبب عودة الذاكرة لشخص ( حميدو ) في حلقات ( حافة الأنس).. وحميدو ذلك رحمة الله عليه - كان أحد أجمل وأبرز زملاء الدراسة.. جمال حميدو الذي استشهد في (13 يناير ) 1986م بعد أن كنا قد تخرجنا من ثانوية خورمكسر ( الجلاء ) عام 1975م وتفرقنا كل إلى مصيره، وباعدت بيننا الأيام ولم نعد نلنقي إلا بالصدفة، والصدفة قد يكون عمرها عشرات السنين!حميدو.. كان شعلة من النشاط والظرف والفكاهة قلبه أبيض بعكس سحنته رحمة الله عليه، وكان أنقى واحد فينا.. أما أشقاهم فكانوا كثيرين ولكن شقاوة محببة وخفة دم لم أعهدها في حياتي.. وأتذكرها اليوم بعد مضي (37) سنة وربما أكثر، شهور أو أيام .. إلخ.. لكن الذكرى تظل عالقة في الذهن ولا تمحوها الأيام والشهور والسنين وهل أجمل وأنقى من أيام الدراسة في تلكم الفترة التي كانت ذهبية، وهي اليوم تعتبر لدينا خيالاً أو طيفاً عشناه، ويا لروعة تلك الأيام!.أقول إن شخصية حميدو.. تعيد للذهن حميدو زمان، وعلي عثمان الذي كنا نلقبه بالزيدي، لتقليده الفنان الراحل محمد عبده زيدي، وليس التقليد بالصوت بل كان يشبهه بالصورة والحركات.. وهو الآخر قد توفاه الله قبل سنين قليلة لمرض ألم به، ونحن في غمرة الانشغالات التي ضيعتنا عن بعضنا.. رغم أننا نعيش في مدينة واحدة بأحيائها المختلفة ومدنها الصغيرة المتقاربة: خورمكسر، التواهي ، المعلا، القلوعة، كريتر، الشيخ عثمان، المنصورة ..إلخ. أتذكر تلك اللمة الجميلة لزملاء أعزاء أمثال: علي عبدي.. وهو اليوم قاض في صنعاء، وخالد لعجم أيضاً قاض يعيش في لندن تقريباً، وحسن بن حسن مخضري رجل أعمال بحري، وقيس أحمد سعيد.. مريض - الله يشفيه من مرضه - وقد كان أوسمنا وأشيكنا، ثم الكابتن، عباس كوكني اللاعب الشهير وقاسم أمشقي، مهندس إذاعي بإذاعة عدن، وعبدالله باوزير مخرج وصحافي معروف لكنهم جعلوه في بيته بعد 1994م حتى اليوم والدكتور المشاكس، قبل أن يكون دكتوراً، محمد حسن عبده الشيخ وأسماء كثيرة لا أتذكرها، فقد كان هؤلاء شلة أنس متناغمة أبلت بلاء حسناً بفضل الكادر التدريبي المتمكن لصف طويل من الأساتذة الأجلاء منهم من قد توفاهم الله تعالى في فترات متباعدة وهم: محمد هاشم، علي العمراوي، السودي، وغيرهم من الأشقاء في السودان: محمد مجذوب علي، عباس الأمين، النجاتي.. وغيرهم.. ومنهم من لايزال حياً يرزق أمثال: أنور عبدالمجيد، الأستاذ سعيد، عبدالوهاب عبدالباري، محمد عبدالجليل ، عبدالواسع سلام، عبدالحفيظ المعمري، وغيرهم كثيرون.. أتذكر هذه الكوكبة ممن ماتوا أو من لازالوا بيننا وكيف مرت السنين وصرنا إلى ما صرنا إليه، وربما البعض قد نسي ما كان لكن لا يمكن نسيان تلك الأيام برجالاتها وشبابها ونظامها ودولتها التي كانت بحق شيئاً يفتخر به وعلى مر التاريخ.حقيقة إن الذكرى تظل ناقوساً يدق مدى الحياة، وهاهو الشاب المتألق / عمرو جمال الذي هو من سن أحد أبنائي ( وائل ) قد فتح لنا نافذة للتأمل وعودة الوعي الذي كنا قد فقدناه بتعاقب السنين والمراحل والنكبات.. وما أكثرها على عدن الصابرة المتحدية لنوائب الزمن وأنواء الجاحدين. حقاً إنها ذكريات لو أردنا تسجيلها بتأن فإن / عمرو جمال سوف يكون أول القناصة لاصطيادها وإخراجها إلى واقع رائع وجميل.. خاصة أن أيام ( الشار لستون ) و ( الخنفسة ) التي جعلت رؤوس بعضنا كعمامة السوداني لكن بصورة أبشع منها، ورحم الله القائد علي عنتر الذي كان يقف بالجولات في ( ريجل ) أو ( الجمهورية ) وبيده المقص وآلة حلاقة، كان يقطع بالمقص البنطلون ( الشار لستون ) ويعمل بالرأس ( تلم ) ليجعل الرأس مشوهاً .. وهو نوع من التربية كان يلقى اهتماماً كبيراً، رغم أن ذلك لم يكن له علاقة بالأخلاق والقيم والتحصيل الدراسي مطلقاً، بل كان مظهراً وموضة ..رحم الله من مات.. ونفسي أن يراجعني ( الأحياء ) إن أنا سهوت أو قصرت.