السياسة السكانية لها دور فاعل وكبير وإيجابي في النهوض بعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، على اعتبار أن هذه السياسات وبرامج عملها تشكل المدخل الصحيح والواضح لمعالجة المشاكل السكانية المختلفة والمتداخلة، حيث تسعى هذه السياسات والبرامج إلى تخفيض الضغط الناشئ عن الزيادات السكانية العالية على الاقتصاد الوطني، وتحقيق التوازن السكاني مع الموارد العامة المتاحة ونظراً لأهمية السياسة السكانية وتأثيرها في عملية التنمية فقد تم إدماجها وتضمينها ضمن الاستراتيجيات والرؤى والخطط الاقتصادية والإنمائية وذلك من أجل الإسراع في خطى التنمية الشاملة والمستديمة والتخفيف من حدة الفقر، وبالتالي الإسهام في بلوغ الأهداف السكانية وتحسين نوعية حياة السكان.كما تركز السياسة السكانية الحالية على الحد من نمو السكان من خلال التشجيع على تنظيم الأسرة ورفع التوعية الإنجابية بين السكان، بالإضافة إلى توفير وسائل تنظيم الحمل مجانا في الوحدات الصحية الحكومية في عموم الجمهورية ،وهي رغم أهميتها لا تكفي وحدها لحل هذه المشكلة، لان جوهر المشكلة ليس في حجم السكان الكبير، بل في نوعية الخصائص السكانية، ومعدلات التنمية البشرية، فاليمن تمتلك ميزة عن غيرها حيث أن ما يقارب ثلثي سكانها في عمر الشباب، هذه الشريحة الكبيرة من الشباب قابلة لان تكون طاقة جبارة للنمو والتطور إن أحسن استغلالها والاستفادة منها في مجالات الإنتاج الاقتصادي المختلفة ولا تستطيع اليمن التخلص من حجم الفائض من سكانها، لكنها تستطيع بذل جهود مضاعفة للارتقاء بنوعية السكان، خصوصا فيما يتعلق بمستوى التعليم، كأحد أهم مؤشرات التنمية البشرية، واحد أهم عناصر قوة المجتمع التي تحدد حاضره ومستقبله، واقصر الطرق لتحقيق التنمية الشاملة، باعتبار التنمية الاقتصادية تعتمد في المقام الأول على الكوادر البشرية المؤهلة والمدربة.،ولكن المشكلة أن التعليم في اليمن هو الآخر يعاني من أوضاع خطيرة من حيث الكم والنوع وينذر بان تتحول هذه الشريحة الشابة الكبيرة من السكان إلى عبء إضافي يؤدي إلى مزيد من التخلف وعدم الاستقرار في ظل نسبة أمية تصل إلى 51 % من السكان، وبين الإناث إلى 70 % وتدني نسبة الالتحاق بالتعليم الأساسي إلى 67 % فقط من الأطفال في سن الدراسة وارتفاع في نسبة التسرب في هذه المرحلة لتصل إلى 24 % وتدني نسبة الالتحاق بالتعليم الثانوي، حيث تشكل فقط 35 %، وتدني مخرجات التعليم، وعدم مواكبتها لاحتياجات المجتمع ولا للمتطلبات الحالية للعصر فتخرج كوادر غير قادرة على المنافسة في سوق العمل والنتيجة المزيد من البطالة والفقر في المجتمع فيما يعرف بظاهرة البطالة بين الخريجين. ومنذ اعتماد السياسة الوطنية للسكان وبرامج العمل السكاني حققت بعض المؤشرات حيث تظهر الحقائق والمعطيات السكانية في بلادنا في جوانبها المختلفة وأبعادها المتنوعة أن ثمة تحولات مشهودة وتطورات ملموسة قد طرأت على المؤشرات والمتغيرات الديموغرافية خلال السنوات الماضية تماشياً مع أهداف وبرامج السياسة السكانية وأنشطتها المختلفة، ومع الرؤية الإستراتيجية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة وخططها الخمسية إلا انه وبالرغم من ذلك لا يزال النمو العالي والمرتفع للسكان يشكل أحد أهم التحديات الكبيرة التي تواجه جهود التنمية في بلادنا حيث تشير المؤشرات إلى أن هناك تحسناً في بعض المؤشرات السكانية وانخفاض معدل النمو السكاني إلى 3 % وكذا خفض معدل الخصوبة إلى 6.1 إلا أن هذا المؤشرات لا تزال دون المستوى المطلوب كما أن العمل السكاني خطا خطوات كبيرة في توسيع قاعدة العمل على المستوى المركزي والمحلي ،إلا أن العام الماضي بسبب الأزمة التي مرت بها اليمن وكانت لها تداعيات وآثار انعكست سلبا على كافة القطاعات ومنها قطاع السكان الذي كان له النصيب الأكبر من آثار الأزمة حيث توقفت الكثير من الأعمال والبرامج السكانية بالإضافة إلى الدمار الذي تعرض له مقر الأمانة العامة للمجلس الوطني للسكان وأدى إلى تدمير ما تم انجازه خلال السنوات الماضية من العمل السكاني من حيث تدمير البنية التحتية للمجلس وإتلاف الوثائق والأعمال التي تم انجازها خلال سنوات العمل السكاني مما شكل تحدياً كبيراً لنا في إزالة ما خلفته آثار الحرب خلال السنة الماضية .
دور السياسة السكانية في النهوض بعملية التنمية في اليمن
أخبار متعلقة