نبض القلم
معظم الشعراء المسلمين كانوا يحتفون برمضان ويمجدونه باعتباره موسم البر والاحسان فيستبشرون بمقدمه.فهذا الشاعر محمد مصطفى حمام يقول:افسحوا لي في الذاكرين مكانا ومكانا في مجلس القرآنهيئوا لي منارة احتفي بالفجر فيها مجلجلاً بالأذانأنا يا شهرنا الكريم وفيّ أنا باقٍ على هوى رمضانإن أيامك الثلاثين تمضي كلذيذ الأحلام للوسنانكلما سرني قدومك أشجاني نذير الفراق والهجرانولقد أوحى هذا الشهر الكريم الى بعض الشعراء كثيرا من المعاني الطريفة والفكاهات الضاحكة.فهذا الشاعر ابن سكرة الهاشمي يصف سوء حاله في رمضان فقال:وهنوا بالصيام فقلت مهلاً وهل فطر لمن يمسي ويضحيفإني طول عمري في صيام يؤمن فضل أقوات اللئام؟ومن الشعر الطريف ايضا ما قاله الشاعر عبدالحميد الديب:(آل بدر) لقد ظفرتم بيوم لألأ المجد في ضحاه وأسفروتجلى الإله فيه ونادى (بحديث) من القداسة أنضرافعلوا اليوم ما تشاؤون إني (آل بدر) كما تشاؤون أغفرفاستفاض الرضوان حتى تمنت صخرة البيد أن تموت وتقبر ومن أطرف الشعر الرمضاني ما قاله شاعر في سيدة جميلة بديعة الحسن كانت تنهض بدعوة الناس للسحور وهي تعزف على طبلة المسحراتي بدلا عن زوجها لتوقظ النيام الى السحور فقال:عجبت في رمضان من مسحرةٍ قالت: ولكنها في قولها ابتدعتتسحروا يا عباد الله قلت لها:كيف السحور؟ وهذي الشمس قد طلعتومن طريف الشعر الرمضاني، ما قاله الشاعر مظفر الأعمى حين ذكر فانوس رمضان الذي اعتاد الناس على تعليقه على منابر المساجد في ليالي رمضان ليستضاء به، حين قال:أرى علماً للناس في الصوم ينصبعلى جامع (ابن العاص) أعلاه كوكبوهاهو في الظلماء يبدو كأنهعلى رمح زنجي سنان مذهبوما الليل إلا قانص لغزالة وفانوس نار نحوها يتطلبولم أر صياداً على البعد قبلهإذا قربت منه الغزالة يهربومن طريف الشعر الرمضاني، ما قاله بعضهم في يوم الشك فقد أوحى هذا الشهر الكريم للشعراء بيوم (الشك) وهو آخر أيام شعبان، فاحتفوا به وفيه كتب الشاعر (البوشنجي) قصيدة الى بعض أصدقائه قال فيها هذه الأبيات الطريفة:فديتك هذا اليوم يوم وراءهثلاثون يوماً باللذاذة تفتكفإن شئت فاحضرنا، وان شئت فادعنااليك فما للهو في اليوم متركوفي الغد لم يدفع لنا الشك مجزعومبكى، فدعنا اليوم نلهو ونضحكومثله ما قاله (ابن العميد) في قاض أفطر في أول يوم من رمضان، وصام في يوم العيد. فقال:يا قاضيا بات أعمى عن الهلال السعيدأفطرت في رمضان وصمت في يوم عيدوكان بعض الشعراء المجان المتهتكين لا يروق لهم قدوم شهر رمضان لما فيه من قيود، وهذه قصة احدهم:يروى عن اعرابي انه قدم على ابن عم له بالحضر، فأدركه رمضان، فقيل له: لقد أتاك شهر رمضان.قال: وما شهر رمضان؟قالوا: الامساك عن الطعام والشراب.قال: أبالليل أم بالنهار؟قالوا: لا، بالنهار.قال: افترضون بشهر آخر بدلاً عنه؟قالوا: لا.قال: فإن لم أصم، ماذا تفعلون بي؟قالوا: نضربك، ونحبسك.فصام أياماً ولم يصبر، فارتحل عنهم، وهو يقول:يقول بنو عمي وقد زرت مصرهمتهيأ- أبا عمر- لشهر صيامفقلت لهم: هاتوا جرابي ومزوديسلام عليكم فاذهبوا بسلامفغادرت أرضاً ليس فيها مسيطرعليَّ ولا مناع أكل طعام