لا أجافي الحقيقة إذا قلت بالفم المليان إن (معضلة) الكهرباء في بلادنا وصلت إلى حد لا يمكن السكوت أو التغاضي عنه، ذلك لأن معاناة الناس تجاوزت حدود المعقول وزرعت في الذات صيغة مريرة وبالغة الأم.كأن حكومتنا (الحليمة) تتهيأ لصناعة حدث عالمي ومجلجل استنفدت لأجله كل الموارد والطاقات والإمكانيات على أمل أن تكون (قوة عظمى)، فتناست أو لنقل تقاعست عن أداء مهامها (العادية) في توفير خدمة الكهرباء وغيرها.يا سادة.. المواطن (الغلبان) (سفينة الصحراء والمدن) وهو بأمانة تجاوز الجمل في صبره وقوة بأسه.. لم يطلب منكم لبن العصفور ولا مصباح علاء الدين وهو بأمانة فقد الأمل في الحصول على أي مطالب مادية أو روحية.فعلى الأقل ومن باب الاحترام والتقدير لهذا (المواطن الأسطوري النادر).. (المواطن السوبرمان) وفروا له الخدمات الإنسانية والاجتماعية البسيطة ولا داعي لصناعة (قنبلة نووية) أو أسطول طائرات أو كاساحات ألغام في هذا الظرف الصعب.استمرار خدمة الكهرباء بهذا الشكل والكيفية في الأداء لايعدو عن كونه (ضرباً من اللامسؤولية) وتجاوزاً لكل قيم الثورة والأعراف والرؤى الإنسانية في حياة جماهير شعبنا الأبي.. هذه الجماهير التي تحملت الكثير والكثير خلال عقود طويلة ورابطت في حصون صبرها وأصالتها وحكمتها وبؤسها الشديد، على أمل أن يعوضها (أبناؤها السياسيون) خيراً في فضاءات استحقاقاتها (العادية والطبيعية).. لكن شيئاً من هذا لم يحدث.. بل على العكس تماماً، ذلك لأن هذه الجماهير (الحالمة) الموبوءة بالحسرة والألم ومرارة الانكسار تتفاقم معاناتها وتتوسع دائرة جراحها ومنغصاتها وخوفها وقلقها وإحساسها بمرارة العيش في أتون وضع اجتماعي هش يعاني من (إنفلونزا الفساد) وعقليات سياسية مهترئة تبحث عن مصالحها وعلى حساب مقدرات وتطلعات وآمال شعب ذاق الأمرين للحصول على أبسط الحقوق دون جدوى.إن المعاناة التي تعصف بالمواطنين جراء انقطاع التيار الكهربائي وبهذا الشكل المجافي لأبسط قيم (المواطنة المتساوية) أمر مرفوض وغير مقبول بأي حال من الأحوال وعلى الجهات المسؤولة سرعة معالجة الأمر وإيقاف هذه المهزلة.اعتقد بل اجزم أن الإخوة المسؤولين في (مركز التحكم الوطني) وهو المركز المعني بتوزيع الحصص الكهربائية أو لنقل (الإعانات الكهربائية) على المحافظات مطالبون أكثر من أي وقت مضى بتفعيل أحاسيسهم الإنسانية والوطنية وعتق أبناء جلدتهم (سكان المناطق الجنوبية الحارة) من انقطاع التيار على الأقل مع ساعات الفجر الأولى وفي فترة الظهيرة وما ادراك ما الظهيرة في عدن (أنموذجاً جحيمياً) كأعلى المناطق في درجات الحرارة إلى جانب مدن ومناطق أخرى ترزح تحت نير هذا الجحيم جراء توقف نبض التيار الكهربائي وفي طليعتها عروس البحر الأحمر الحديدة الحبيبة. هذا النبض الذي حرمنا من راحة البال والسكينة ورسم في أعماقنا جداريات موحشة ومؤلمة أعادتنا إلى ما قبل الحروب العالمية.. وربما إلى ما قبل هذه الفترة بكثير والله المستعان.لابد من وضع حلول جذرية وحقيقية تستحضر قيمتنا الوطنية والنضالية وأعرافنا العربية الأصيلة والمتجذرة في أعماق النسيج التاريخي والحضاري والإنساني بأحرف من ذهب ونور وألق اجتماعي يتعلم منه الآخرون أسس الحياة الإنسانية ومفاهيم ومرتكزات أخلاقية جعلتنا في مقدمة الأمم والشعوب.(شغل الطلفسة والزمبلة) لهموم ومعاناة الناس هنا وهناك أمر مرفوض من الألف حتى الياء وعلى الحكومة أن تتعلم من دروس (الأمس القريب) وأن تخرج من شرنقة هذا (الخراب المستعجل) قبل وقوع الفأس في الرأس وخراب مالطا وطنطا.. وعذراً إذا لم أكمل المقال فالكهرباء انقطعت.
أخبار متعلقة