لعل الجميع يدرك الآن أن ماحدث في اليمن في فبراير 2011م ماهو الا نوبة غضب من شعب سئم رؤية نفس الوجوه تكذب عليه طيلة 33 سنة، فلم يحدث أي تغيير في البلد سوى تراجعه إلى العصور القديمة؛ فحين حدث ما يُدعى إنها ثورة قفز الجميع إليها ليعبر عن غضبه ضد الكذب والزيف والخداع.... لكن ماذا حدث بعد سقوط النظام القديم؟!! جاءتنا طواغيت راكبة موجة التغيير لتستفيد مما حدث بشكل انتهازي مستغلة حالة الغضب لدى الناس.أولا ديكتاتورية علماء الدين وأئمة الفتاوى: قد يأتي إلى أي شخص سؤال بسيط: هل كان لرئيس أن يحكم طيلة 33 سنة دون هؤلاء العلماء؟!... إنهم كانوا سبباً في انهيار الوطن وازدياد التخلف فيه؛ تارة يفتون بحرمة الخروج والتعبير عن الرأي، وتارة يفتون بزواج القاصرات، وتارة يكفرون اهل الجنوب، وآخرها ان الوحدة فريضة واجبة! .... والغريب إننا لم نسمع فتوى تحريم قتل الجندي اليمني! لم نسمع فتوى تكفر من يقاتل الجيش اليمني!... الا يدركون ان دورهم صار مقززاً، وانهم علماء الدفع المسبق، وانهم سياسيون اكثر من السياسيين وانهم تجار اكثر من التجار وليس لديهم من الدين سوى القليل يخدعون به أصحاب العقول الضيقة! بل انهم هم سبب في انقسام هذا الوطن وتخلفس؛ فصاروا قساوسة ورهباناً يدخلون من يشاؤون الجنة ومن يشاؤون إلى النار ... بل انهم يلعبون بعقول البسطاء ليجعلوهم عبيداً لهم لتنفيذ الأجندة الخاصة بهم .. ويحللون زواج الصغيرات... أي علماء دين أصبحتم ؟! انتم من يحتاجون إلى تغيير...ثانيا : ديكتاتورية شيوخ القبائل: اهم سبب في تخلف الوطن هو ظهور القبيلة كقوى تسيطر على الدولة ... رغم انه ليس هناك شيء ضد القبيلة كمفهوم عريق او موروث تاريخي لنا، لكن من الخطأ الجسيم أن تكون القبيلة مصدراً للقوة او السلطة... يجب أن تبقى بعيدة عن الدولة و لا تنهك الدولة بميزانيات شهرية - 9 ملايين ريال للشيخ شهرياً - ... ولنا في فترة حكم الرئيس الحمدي وكذلك الحزب الاشتراكي في الجنوب خير مثال على ان القبيلة عندما تُحجم تصبح الدولة اكثر قوة ونفوذاً، وان كان لابد من دعمهما يجب أن تحول هذه الميزانيات إلى مشاريع لمناطقهم لا لجيوب الشيوخ ليستفيدوا منها لتسليح المرافقين. يجب ان يبقى دور القبيلة كمكون اجتماعي يحتفظ بالاصالة والقيم والعادات الفريدة التي صارت نادرة في عالم الماديات، رغم ان الاقتناع العام ان شيوخ القبائل لم يعودوا مثل السابق عندما سكنوا القصور وبدأوا يختلطون بالمدن ... فسقط عنهم عنصر الاصالة والقيم القبلية التي نتفاخر بها من الضيافة، الحكمة، النجدة، إغاثة الملهوف أو المقطوع، الوفاء، عزة النفس، الحمية .... الخ بل صار جزء كبير منهم عبارة عن قطاع طرق يستجيبون الى ساسة المدن والى من يدفع اكثر .ثالثاً ديكتاتورية الأحزاب: لدينا من الاحزاب من صدئت وتعفنت وهي في المعارضة رغم انها كانت شريكاً في الحكم، وكذلك لدينا من الاحزاب من تعفنت وصدئت من حكم هذا الوطن. التطرف في كل شيء بهذا البلد صفة سائدة... وهناك من الاحزاب من كانت تدعي انها الحاضن الرئيسي لما يسمى ثورة اليمن أو الربيع العربي وكانت بنفس الوقت تتفاوض من أجل الحصول على 50 % من السلطة!! ... الآن سقطت الأقنعة وخرجت الوجوه الطامعة بالسلطة؛ فاللقاء المشترك يتعرض الآن الى انشقاق كبير وقد نرى في القريب العاجل خروج اكثر من حزب عن عبائته وهذا ليس بغريب. وحزب الإصلاح يريد أن يستولي على كل شيء : على الحكم.. على الثروات.. على الجيش.. على التعليم.. على الإعلام .. حتى الأوكسجين الذي نتنفسه! ونراهم الآن يتبجحون بأن هذا زمن الاسلاميين بالحكم ولديكم في تركيا خير دليل وكأن تركيا ليست بعلمانية! .. او بما يحدث بمصر من تغيير للاسلاميين - وهو تغيير سطحي - .. برلمان مصري إسلامي يؤذن فيه ويناقش زواج القاصرات ونكاح الوداع. هؤلاء الاسلاميون - او ما يدعون انهم حزب الاسلام - لا يدركون أن اليمن كله اسلم بقصاصة ورق مرسلة من الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وان اليمني مسلم بالفطرة، فلا يحتاج الى حزب ردايكالي متشدد يدعي افضليته عن بقية الاحزاب لانه يتغلف بالدين وهو بعيد كل البعد عنه .... لكن تشدد الاسلاميين وبغير ادارك منهم - كحزب - قد يكونون هم الاكثر تنظيما، لكن ليس لديهم رؤية بعيدة المدى.. فأنهم يدفعون الآخرين للدخول للاحزاب الاخرى التي لا تتخذ من الدين مادة للتسويق عن نفسها، بل بالعكس ان تشدد الاسلاميين اوجد لنا مفردات جديدة علينا مثل الدولة المدنية و الدولة العلمانية، وكأن العلاقة علاقة طردية كلما ازداد الرديكاليون تشددا صار الآخرون أكثر انفتاحاَ وقد يكونون سبباَ بدخول ديانات جديدة علينا ايضاً.رابعاً:ديكتاتورية القادة العسكريين:من ضمن افرازات مايدعى انه “ثورة” انها اوجدت لنا قادة عسكريين لا أحد يستطيع المساس بهم - بشكل عام - و كل واحد منهم وجه اسلحته للآخر .. قائد الحرس الجمهوري و قائد الفرقة.. و وزير الدفاع. قد يستغرب البعض وجود وزير الدفاع هنا لكن هؤلاء - في الوقت الحالي - يمثلون القوى العسكرية في البلد، ووزير الدفاع “المفترض” ان يكون هو الناهي الآمر للقادة الآخرين، لكن لوجود خلل في البنية العسكرية اليمنية وخلال الازمة انقسمت القوات العسكرية وتوجهت فوهات البنادق فيما بينها بسبب كل ماذكر سابقاً (القبلية وعلماء الدين و الاحزاب)، كما اصبح الجيش منقسماً بين الحرس والفرقة، لكن بحنكة الرئيس منصور تم ايجاد طرف ثالث ليخلق نوعاَ من التوازن، واي شخص يراقب قرارات الرئيس منصور سيجد انها كانت تعزز من قوة وزير الدفاع ليكون القوة الثالثة لتصبح حالة التوازن بين القوى الثلاث متعادلة؛ حتى لا ينجر احد وراء الاطماع التي يرغب بها.. ولا نتوقع من الرئيس منصور تغيير احد القادة الثلاثة في الوقت القريب لان كل واحد منهم ضمان لبقاء فوهات بنادقهم بعيدة عن الآخر .... وهيكلة الجيش او ما يدعى انها ستكون نجاحاً للثورة فهذا شيء غير منطقي؛ لا يمكن هيكلة الجيش لتتقاسمه القوى الحاكمة قبل الحوار الذي قد يفرز قوى جديدة على المشهد السياسي .. وهاهي بريطانيا تدفع في الأمم المتحدة لدعوة الحراك .. و الحوثي ليصيروا ضمن السلطة وطرفاً في المبادرة؛ لذلك نرى ان حزب الاصلاح دوماً ما يطالب بالهيكلة قبل الحوار ليضمن ان يكون له جزء من الجيش ينتمي له، ولم نره يوماً يطالب بسحب الاسلحة عن من لديهم أسلحة من القبائل، العائلة الحمراء أو جامعة الإيمان .الوطن يحتاج الينا.. نحن فقط من نستطيع ان نغير فيه .. يجب ان نسمي اعداءنا بمسمياتهم الحقيقية ، الجهل والفقر والتطرف اهم الاعداء ويجب ان نتوحد جميعاً لإستئصالها ... الحزبية والتقوقع خلف الآراء التي تنبع عن مصالح شخصية سوف تجعل منا امة تعيش في قاع الأمم، بل ستجعل منا نكرة يهرب الجميع منها .. لذا يجب علينا الاعتراف بالاخطاء والتطهر والنظر إلى كيفية صناعة مستقبل مشرق للجميع اما غير ذلك فأن الوضع يبشر بتفكك وحروب اهلية قد تطال الجميع .[c1][email protected][/c]
|
آراء
ديكتاتوريات الربيع العربي
أخبار متعلقة