شاعر أغنيتي (ساعة ما نظرتك) و (ومن ظلم لا بد يظلم)
علي محسن ناجي في زمننا الرديء زمن المصالح الشخصية الدنيوية الزائلة زمن الجحود زمن حب الشهوات.. زمن لا يعرف صديقاً أو رفيقاً أو أخاً.. زمن التنكر والنكران غادرنا في صمت ودون ضجيج ودون أن يشعر به أحد من محبيه ورفاقه وأصدقائه، غادر الشاعر والمناضل علي محمد حسن الدرجاجي هذه الحياة الفانية في ظل تجاهل تام من اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين الذي يعد أحد مؤسسيه وكذلك وزارة الثقافة وفرعها في أبين وكذلك فخامة الأخ المشير الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس الوزراء محمد سالم باسندوة ولا رعاية أسر الشهداء ومناضلي الثورة اليمنية التي هو عضو بارز فيها ومنظمة مناضلي الثورة اليمنية الذين لم يواسوا أهله وذويه ببرقية تعزية كما يجري للآخرين الذين نالوا رسائل المواساة والرثاء حيث إنه حتى في الأموات تتم التفرقة والتمييز والعنصرية وعدم المساواة، حيث أن الموت واحد ولا يفرق بين غني فقير.....الخ، وهنا سنقدم للقراء صورة سريعة ومختصرة لحياة هذا الشاعر المناضل.الشاعر والمناضل علي محمد حسن الدرجاجي من مواليد عام 1935م بمنطقة الدرجاج م/ أبين مديرية خنفر، فقد والده مبكراً فاستطاعت والدته أن تتحمل مسؤولية إعالته وأخويه الآخرين (أخ وأخت) ولما بلغ سن العاشرة من العمر ذهب إلى سوق العمل الذي كان شحيحاً في ذلك الوقت وذلك من اجل إعالة أسرته الصغيرة، حيث عمل لدى المرحوم حسين فريد وهو من سلالة سلاطين يرامس جاء من مسقط رأسه المعر إلى منطقة الدرجاج وكان محباً للفن، إذ كان عازفاً على العود ومغنياً وفناناً كذلك في صياغة الفضة فعلمه هذا صناعة وصياغة الفضة حيث كانا يعملان لدى أحد اليهود الذين كانوا يعيشون في منطقة الدرجاج في أمن وأمان وسلام واحترام ودون تعصب قومي أو مذهبي أو عنصري والذين غادروا الجنوب عند اغتصاب فلسطين عام 1948م والبقية الأكثرية غادرت قبل 30 نوفمبر 67م عيد الاستقلال الوطني، وكان يتقاضى بيسة واحدة وأحياناً بيستين من العملة الهندية التي كانت متداولة في الجنوب، وظل مواصلاً لعمله، حيث انتقل إلى منطقة حصن بن عطية عند أحد اليهود الذين كانوا يعيشون في هذه المنطقة ولم يغادروها كما فعل أقرانه وأسلافه حيث أسلم وسمي حينها بالمسلماني، حيث تزوج وأنجب أطفالاً وتوفى في الثمانينات من القرن الماضي في منطقة الحصن.في منتصف الأربعينات وعند انتشار زراعة القطن واشتهاره في دلتا أبين عمل كمرقم لطرابيل القطن التي كان الفلاحون يوردونها إلى محطة الوزن لوزنها لمعرفة كم تحوي من أرطال القطن فعند وزنها وإبعادها من الميزان تبدأ عملية الرقم الذي تحصل عليه قبل كيس أو طربال، حيث ترقى بعدها ليصبح كاتب وزن لدى لجنة دلتا أبين وبعد الاستقلال عمل في محطة تأجير الآليات الزراعية والمكننة بجعار مديرية خنفر أبين.كان أحد مؤسسي نادي شباب الدرجاج الرياضي الثقافي الاجتماعي عام 1957م وانتخب في أول اجتماع للهيئة الإدارية للنادي سكرتيراً ومقرراً.وعند تأسيس فرع حركة القوميين العرب فرع دلتا أبين بقيادة مؤسسها المناضل الأستاذ عبدالله قديش علي منصور مسؤول فرع الحركة ومن بعده الشهيد المناضل حيدرة سعيد سالم اللحجي “أبو رنة” كان من ضمن من أنضم إلى هذه الحركة عند بداية تأسيسها مع كثير من رفاقه وعلى رأسهم الشهيد المناضل الرئيس القائد سالم ربيع علي “سالمين” وعلي صالح عباد مقبل ومحمد علي عريم “أبو خالد” وصالح أحمد النينوة والفقيد سعيد ناصر سنان وعبدالقادر سالم سنان وناصر علي محسن “رؤوف” نقدمي عزمي وكثيرون تطول القائمة بهم فنعتذر لهم جميعاً.ولما تأسست الجبهة القومية أعاد انضمامه إليها في 1963م وكان منزله المتواضع مخزناً للسلاح والذخيرة ومكاناً للاختفاء والاختباء وللاجتماعات السرية والمناقشات الساخنة كما تحمل مسؤوليات نضالية عديدة ومنها على سبيل المثال نقل الأسلحة وتخزينها وإخفاؤها وتوزيعها وتدريب المناضلين عليها ونقل الرسائل والمعلومات من وإلى مركز القيادة في تعز، ولما انقطعت المساعدات عن الجبهة القومية بسبب موقفها واختلافها مع قيادة الجهاز العربي المصري كانت بحاجة بل أشد الحاجة لهذه المساعدات وكلف شاعرنا ومناضلنا الذي كان يجيد الخراطة جيداً بأن يصنع القنابل اليدوية المحلية ومدافع “البلاستيد” (التوهنش والثري هنش) والذي يعرف اليوم بمدفع الهاون.في منتصف عام 1965م عرف فناننا الكبير الأستاذ محمد محسن عطروش الشاعر والمناضل علي محمد حسن الدرجاجي بالفنان المرحوم محمد صالح عزاني حيث ذهبا معاً لملاقاته في منطقة الحصن موقع عمله في صياغة الذهب والتقيا به وطلبا منه مجموعة من أشعاره، فأعطى لهما مذكرة مليئة بالأشعار العاطفية والوطنية فاختار الفنان المرحوم محمد صالح عزاني أغنيتين من تأليف شاعرنا علي محمد حسن الأغنية الأولى وتحمل عنوان (ساعة ما نظرتك) وتقول في مطلع أبياتها:ساعة ما نظرتك [c1] *** [/c] ظنيتك ملاكمـــــــــن أول دقيقــــــة [c1] *** [/c] قلبي قــــد هواكوأصبــح بــــــك مولـــــــع [c1] *** [/c] سابح في سماكمدري ليه قلبي[c1] *** [/c] يتبع خطاكأما الأغنية الثانية فتحمل عنوان (من ظلم لابد يظلم) وتقول في مطلع أبياتها الأولى:بعد أيه ترجع لقلبي [c1] *** [/c] وأنت من يدك رميتهبعد نكرانك لحبـي [c1] *** [/c] بعد قلبي ما نسيتهبعد أيه تطلب لقربي [c1] *** [/c] بعد كل اللي جنيتهكما أنشد له أنشودة وطنية تحمل عنوان (من فوق جبل شمسان) وتقول كلماتها :من فوق جبل شمسان [c1] *** [/c] أنا شايف صبر يضحك لبرج القاهرة وأمسيت أنا فرحان ونفسي راضيةعلى أبي خالد جمالوقد غنى فناننا المرحوم محمد صالح عزاني هاتين الأغنيتين وكذلك الأنشودة الوطنية لأول مرة عام 1965م على مسرح سينما زنجبار عاصمة محافظة أبين في حفلة حضرها جمهور كبير من كل مكان تشجيعاً وتقديراُ لفناننا الكبير الأستاذ محمد محسن عطروش حيث أقيمت هذه الحفلة خصيصاً دعماً وتشجيعاً له لمواصلة دراسته في القاهرة بعد أن قطعت السلطات الاستعمارية عنه المنحة الدراسية بسبب موقفه الوطني المشرف وأناشيده الوطنية التي كانت تذاع من إذاعة صوت العرب وإذاعة القاهرة وصنعاء وتعز كما غنى في هذه الحفلة لأول مرة الوجه الجديد أحمد علي قاسم رحمه الله تعالى الذي اكتشف صوته فناننا الكبير العطروش حيث غرد منشداً أنشودة “فلسطين” وجميع هذه الأغاني والأناشيد من تلحين أستاذنا محمد محسن عطروش.شاعرنا ومناضلنا علي محمد حسن الدرجاجي قدم أشعاراً وطنية إلى جانب أشعاره العاطفية فأنشد لثورة 14 أكتوبر المجيدة وللوحدة وله ديوانان شعريان أحدهما عاطفي ويحمل عنوان “ساعة ما نظرتك” وهي أحد أغنياته التي أشهرت الفنان المرحوم محمد صالح عزاني وأخرجته من دائرته الضيقة إلى الفضاء الواسع الرحب والتي من خلالها عرفه الجمهور بشكل أكبر حيث يحتوي هذا الديوان على 57 صفحة من الورق (A4) وتوجد فيه إحدى وخمسون أغنية عاطفية وتوجد نسخة منه في مكتبتي الشخصية ومهداة من شاعرنا المناضل علي محمد محسن الدرجاجي بحكم الصداقة التي ربطتنا معاً وكوني أمين عام منتدى هشوش للثقافة والموروث الشعبي وبحكم عضوية شاعرنا ومناضلنا رحمة الله تعالى عليه في المنتدى وكنت أحاول إيصال هذا الديوان المسودة إلى أخي وصديقي العزيز محمد بن محمد ناصر العولقي الذي كان يشغل حينها رئيس اتحاد الأدباء والكتاب فرع أبين الذي عرض علي مشروع وزارة الثقافة وتوجهها بطباعة كتب على نفقتها للأدباء والكتاب إلا إننا لم نتواصل مع بعض نتيجة لظروف كل منا إلا إنني أبلغت من قبل الأخت الأستاذة رجاء - كانت مديرة مكتب الثقافة بمديرية خنفر م/ أبين - أنها سلمت مسودة هذه الأشعار لشاعرنا رحمة الله تعالى عليه لوزارة الثقافة وأنها وعدت بطباعته على نفقتها إلا أنه للأسف الشديد لم نر هذا الديوان ينزل إلى الأسواق وإذا كانت هذه المسودة لازالت في وزارة الثقافة فإننا نناشد الأخوين أ. د. عبدالله عوبل وزير الثقافة و أ. د. أحمد سالم سعد القاضي نائب وزير الثقافة وهما من أبناء أبين ومن المديرية نفسها ويعرفان شاعرنا ومناضلنا خير المعرفة كشاعر ومناضل أن يعملا على سرعة طباعة ديوان شاعرنا ومناضلنا الأخ علي محمد حسن الدرجاجي كحق من حقوقه وكأقل شيء يقدم له عرفاناً بمواقفه النضالية الشجاعة وتكريماً له كهامة وقامة مبدعة ومناضل صلب لم يستجد أحداً أو يمد يده لأحد لأنه كان معتزاً بنفسه في شموخ.شاعرنا ومناضلنا علي محمد حسن الدرجاجي حائز على ميدالية مناضلي حرب التحرير ووسام الإخلاص من الدرجة الأولى وهو متزوج وله ولدان رحم الله تعالى شاعرنا وفقيدنا وأسكنه فسيح جناته.. (إنا لله وإنا إليه راجعون). الأمين العام لمنتدى الشاعر والفنان هشوش للثقافة والموروث الشعبي