غسل اليدين عملية بسيطة لا يتجاوز وقت القيام بها دقيقة واحدة، ولا يتطلب فعلها سوى القليل من الماء والمنظفات المتاحة، لكنها تحمي الإنسان من أمراض كثيرة قد يصاب بها في حالة إهماله، إضافة إلى أنها صورة واضحة وسهلة من صور النظافة التي لا تتطلب كثيرا من الوقت أو الجهد أو المال، ناهيك عن تشكيلها لثقافة ذوقية يمكن أن تسود المجتمع أجمع، وبالتالي ستصبح وسيلة من وسائل الحفاظ على الصحة الفردية والجماعية وعلى الأموال الفردية والعامة أيضا.ولكن تشير الوقائع إلى أن بعض المجتمعات العربية والإسلامية لم تعر هذه الثقافة الصحية الذوقية ما تتطلبه من اهتمام ، مع أن الإسلام جعل النظافة قرينا بالإيمان استنادا إلى الحديث النبوي الشريف الذي ينص على أن (النظافة من الإيمان) وعملية غسل اليدين تنتمي إلى النظافة جوهرا وصورة، لكن بعض المسلمين يفتقدون في الغالب إلى هذه الثقافة، وحين نبحث في الأسباب التي تقف وراء ذلك، ستظهر اللامبالاة وعشوائية السلوك وعدم الاهتمام بالنظافة الفردية والعامة في مقدمة ذلك.وهذا دليل على أن المسلم أو العربي لا يهمه تطبيق الجوهر الإسلامي الداعي إلى وضع النظافة بمرتبة الإيمان، فلا إيمان صحيح وكامل مع غياب (مقصود أو خلافه) للنظافة، وما غياب ثقافة غسل اليدين عن مجمل حياتنا وسلوكياتنا إلا دليل على عمق اللامبالاة التي نتعامل بها مع النظافة وهي قرين الإيمان وسنده.وهنا لابد أن نشير إلى أن المسؤولية في هذا المجال لاتقع على الفرد أولا، مع انه يتحمل جانبا منها، لأن الفرد يشكل جزءا من منظومة كلية، وهذا الكل المجتمعي لم يحصل (كما يبدو) على الرعاية والتثقيف المطلوب لنشر ثقافة (غسل اليدين) وجعلها حالة سلوك يومي للفرد والمجتمع، وهذا ما يقود بدوره إلى تقاعس الجهات المعنية بالتربية الصحية والذوقية والتثقيفية أيضا، فالمجتمع المثقف يقوم تلقائيا بتثقيف أفراده الجدد أو المنخرطين فيه حديثا كالمواليد أو العائدين من سفر أو هجرة طويلة وما شابه، وهكذا تصبح العادات السليمة سلوكا حياتيا سليما، فتقل نسبة الأمراض إلى أدناها الأمر الذي يسهم بزيادة موارد الشعوب ومدخراتها.إذا هذا يعني إن لهذه العملية البسيطة أهمية بالنسبة للمواطنين ،وأن ما نحتاجه هو ثقافة لهذه الطريقة التي تعد من ابسط أنواع الثقافة في التطبيق وان بدت عملية بسيطة، إلا إنها وقائية وفي غاية الأهمية.ولكن لابد أن تكون هناك خطط عملية مبرمجة لنشر هذه الثقافة بين عموم الناس، كما أننا لا نستطيع أن نغفل الدور الرسمي الكبير في هذا المجال، من حيث توفير المستلزمات المطلوبة لنشر هذه الثقافة، خاصة ما يتعلق برصد الأموال المطلوبة لبناء وإعادة تأهيل الحمامات العامة، بالتزامن مع إطلاق مجموعة من البرامج التثقيفية التي ترد ضمن خطط موضوعة من المختصين، ولابد أن يتم التأكيد على الدور الإعلامي الهام بشقيه الرسمي والأهلي في هذا المجال، مضافا إلى ما تقدمه المنظمات المعنية من جهود تثقيفية تساعد على نشر هذه الثقافة بين عموم المجتمعات التي تفتقد لها لتصبح سلوكا معتادا من الجميع.وأخيرا لاننسى دور الفرد نفسه في مساعدة نفسه لكي تعتاد هذا السلوك الصحي الذوقي الرفيع، فيحصل بذلك على خصلتين مهمتين، إحداهما مادية تتمثل في تمتعه بصحة جيدة، وأخرى معنوية تتمثل بتحصيله للذوق السليم.. ودمتم سالمين.
|
المجتمع
غسل اليدين.. ترسيخ للثقافة الاجتماعية
أخبار متعلقة