فاض الكيل وبلغ السيل الزبى بالنسبة لغلاء أو عدم توفر الأسماك في عدن، باعتبارها السلعة والوجبة الرئيسية الضرورية والتقليدية اليومية للناس والتي لم تعد يومية ولا أسبوعية ولا حتى شهرية بالنسبة لأكثر الأسر في عدن؛ وذلك بسبب قراصنة السمك والحيتان البشرية الكبرى محلية وأجنبية التي تلتهم هذه الثروة وتصدرها. ويبدو أن بعض الحكومات منذ العهد الشمولي وحتى وقت قريب لا تعبأ بالمواطن ولا بالمستهلك الذي أصبح يرى السمك ولا يقدر على شرائه ولا يتناوله إلا في الأحلام. وإن الذي يريد أن يصاب بصدمة عليه أن يستقل سيارة ويتوجه في يوم واحد إلى مراكز نهب السمك في عدن وأخيرا يعود إلى أي سوق للمواطن في عدن والشيخ ليرى الكارثة الممثلة بفارق السعر الفظيع أو انعدام السمك. وليس السبب الرئيسي كما شاهدنا في قناة عدن هو زيادة سعر الديزل، هذا واحد من عشرة أسباب لأن زيادة سعر الديزل طرأت منذ 2011 فقط بينما أزمة السمك منذ أعوام. ونتساءل أين تطبيق تشريعات الدستور وفقا للمادة 10 التي تكفل حماية المستهلكين وتوفير السلع الأساسية للمواطنين، ومنع الاحتكار؟ ولو أن الأستاذ با سندوة دولة رئيس الوزراء لحكومة الوفاق الموقرة وهو من أعرف الناس بعدن لو أنه تنكر في لباس معين ونزل متنكرا إلى سوق الشيخ عثمان وهو أكبر أحياء عدن لوجد المأساة، وهي هنا ليس في الروائح المزعجة والكريهة على طول طريق باعة السمك حين يتوفر وحسب، وإنما في أسعاره المخيفة والصادمة للمواطن. ولعله يتذكر أسعار وأنواع السمك قبل 1967م فالأسعار لا تقارن والأصناف لا توصف، وكيف كانت تعلق أجود الأنواع الضخمة للعرض في سوق كريتر والشيخ وغيرهما كالخرفان المسلوخة المعلقة، وبكل حيوية وحماس وبشاشة كنا نجد الباعة يتنافسون في مناداة ودعوة المواطنين للشراء منهم وذلك كان في عهد الاستعمار( البغيض) . من يصدق أن (مشك الباغا) وهو من الدرجة الثالثة تقريبا من الأسماك يصل إلى 800 أو ألف ريال بل أنه حين كان السوق شبه خال في يوم 7فبراير 2012م وصل إلى 1500 ريال في وقت الظهيرة ولم يكن هناك سوى 3 أو 4 باعة فقط من الدخلاء على بيع السمك وسوقه. وكان قبل سنوات قليلة ومنذ عهد قريب بسعر 100 - 200 ريال والأمر هنا لا يتعلق بالمواسم البحرية لأن المواسم البحرية وهي موسم الرياح والأزياب هي لفترة محدودة في السنة وليس طول السنة وليست كل هذه السنوات. ربما كانت الحكومات السابقة مشغولة بالصراعات أو بمصالح أخرى ولم تكن تعبأ بالمواطن وبالمستهلكين الذين يمثل غذاؤهم في نظرنا القضية الرئيسية في الوطن. في مصر السبعينات في عهد السادات لم يخرج الشعب المصري محتجا على اتفاقية كامب ديفيد المشئومة ولكنه خرج في مظاهرات صاخبة على رفع سعر رغيف العيش حتى اضطر السادات إلى تخفيضه.وهنا في اليمن ولاسيما في عدن لم يعد الناس يستطيعون الوصول إلى البروتين في السمك ناهيك عن اللحم لأنهما صارا من المستحيلات ما يسبب سوء التغذية ونقصها والقابلية لمختلف الأمراض. وفي هذا ذنب عظيم للحكومات ومالكي القرار على مر السنين. ونحن هنا نطالب بحماية المستهلكين وفقا للمادة (10) من فصل الأسس الاقتصادية وهو الفصل الثاني من الباب الأول لأسس الدولة لدستور الجمهورية اليمنية والتي تقول:(ترعى الدولة حرية التجارة الخارجية والاستثمار وذلك بما يخـدم الاقـتـصـاد الوطنـي، وتصـدر التشريعات التي تكفل حماية المنتجين والمستهلكين وتوفيـر السلع الأساسية للمواطنـين، ومنـع الاحتكار).وهناك على ما نرى ثلاثة أطراف وراء هذه الأزمة الخانقة والمزمنة على الحكومة الموقرة أن تضع حدودا لها: 1 - الطرف الأول : كبار الصيادين المحليين الذين احتكروا تجارة السمك وكمياته متحولين لبيع ما يصطادونه من الكميات إلى تجار أكبر يمنيين أو من دولة شقيقة وجدوا في سوق عدن أجود الأنواع وأرخص الأسعار ويقومون بدورهم ببيع أو تصدير السمك إلى مناطق لا يشكل السمك لأهاليها وجبة رئيسية بل ربما تستهلكه من باب الترف وهذا على حساب إخوانهم المواطنين الذين يعيشون في مستوى متدني من المعيشة والفقر في عدن بالذات وفي المدن الساحلية الأخرى. وقد نسي هؤلاء الصيادون كيف عانوا في العهد الشمولي من القيود. وهل في عهد الحرية والتعددية والسوق الحرة يرغبون في تجويع إخوانهم؟ تبا للسوق الحرة ولتذهب إلى الجحيم إذا كانت ستحرم المواطنين من لقمتهم وقوتهم الضروري الذي يصعب إيجاد البديل له. والسوق الحرة في بلدان الغرب لا تحرم المواطن من ضروراته الغذائية بل تحقق له الاكتفاء أولاً ثم يتم التصدير للفائض. نحن هنا نريد الاكتفاء في أسواقنا المحلية أولا سواء كانت في عدن أو في غيرها من المناطق الساحلية التي يعد السمك فيها وجبة رئيسية ودائمة ثم قطعت أو تقطعت. نريد كفاية السوق المحلية أولاً، نريد قانونا ونظاما يحميه، ورقابة على ذلك من الدولة ومن الناشطين من المجتمع المدني وحقوق الإنسان ، مع إيقاظ جمعية حماية المستهلك. الناس لا يريدون الشروخ والحبار والبنجيز والجمبري وغيره من وجبات السياح والمليارديرات والرؤساء والملوك، وإنما على الأقل ما اعتادوا عليه ثم حرموا منه عبر عقود. نريد سعر الكيلو الممتاز على الأكثر 400 ريال بدلا من ألفين أو ثلاثة ألف ريال، بحيث تستطيع الأسرة الفقيرة أن تشتري نصف أو ربع كيلو على الأقل. وليتذكر الصيادون أن ثمن سهم الأسرة أو نصيبها من السمك الممتاز كان قبل 8 أغسطس 1972م كان شلنا أو نصف شلن (أي ثـمن دولار1/8 واحد على ثمانية أو على سبعة من الدولار) بما يعادل ربع ريال يمني حينها بحسب الصرف. ونقبل اليوم أن يرتفع ثمن سهم الأسرة من السمك إلى خمسين مرة أو خمسين ضعفا وذلك (بحساب أن معدل الراتب ارتفع تقريبا في المتوسط من ألف شلن أو ألف ريال في مطلع السبعينات إلى خمسين ألف ريال في يومنا وهذا يعني ارتفاعه خمسين ضعفا فقط) ولكن أن يرتفع سعر الكيلو من السمك إلى مئة وخمسين مرة أو ضعفا، فهذا جنون وفحش في الأسعار ولا يواكب عدد أضعاف الزيادة في دخل المواطن كما أوضحنا بل يتجاوزها بكثير، وسيكون صاحب الدخل المحدود أو العادي بحاجة إلى ثلاثين ألف ريال شهريا لشراء النوع المطلوب من السمك. هذا لو حسبنا الأمر بالدولار أما لو حسبناه بالريال بمعنى أن يشتري المواطن سهمه من السمك المجمد في 1972م في عدن بسعر الكيلو 3 شلنات وفي غيرها بــ 3 ريال ونجد الكيلو الآن بألفين أو ثلاثة آلاف ريال بمعنى أن السعر بالريال تضاعف ألف مرة فهنا تكمن الكارثة التي توحي بالتفجر يوما ما. وهذه الأسعار تعني سحب السلعة على المواطن وحرمانه من قوت ضروري فيصير السمك بعيدا عنه ويحرم منه بسبب تحكم واحتكار يتنافى مع الدستور والقانون والدين والضمير والأخلاق من قبل مجموعات ورؤوس لا تتعدى العشرات من صيادين كبار أو تجار سمك أو أصحاب شركات ورؤوس أموال أو مستثمرين لم يبصرهم أحد بهذا الضرر فيحرمون مئات الآلاف من الناس والأسر من شيء لا يرضون أن يحرموا أنفسهم منه.2 - الطرف الثاني : تجار محليون وعرب من دولة شقيقة مجاورة يقومون بشراء الأسماك من كبار الصيادين كما ذكرنا لجودتها ورخص أسعارها مقارنة بغيرها في الإقليم وهنا نأمل من طرف حكومة الوفاق الموقرة التواصل مع الدولة الشقيقة المعنية ( وهي المملكة العربية السعودية) لمنع رعاياها التجار من سحب هذه السلعة من أسواقنا لأن هذا السحب أضر بعيش المواطن ومس صميم قوته فأصبح محروما ولا يستطيع الحصول على هذه السلعة الضرورية بحكم ضعف قوته الشرائية وعدم قدرته على مجاراة الأسعار الملتهبة التي سببها التهافت الخارجي في الإقبال عليها. والأشقاء لا يعلمون بمقدار هذا الضرر الذي سببه هذا النوع من التجارة على المواطن في اليمن؛ أو لم يتنبهوا له ولعلهم لو تنبهوا له لقدروا الحاجة ووجهوا بمنع هذا المصدر. كما يرجى ويؤمل من حكومة الوفاق الموقرة التوجيه بالتشديد في النقاط الحدودية أو الأمنية بين المحافظات لمنع تهريب هذه السلعة إذا صدر أو فعل قانون بحماية المستهلك وفقا للمادة المعنية في الدستور اليمني. 3 - الطرف الثالث : هي الشركات المحلية المستحدثة والعربية والأجنبية العاملة في البحر وفي المياه الإقليمية كالصينية واليابانية والروسية وشركة برمان- بقشان وحتى الشركة السورية وكلها تسحب بجنون وبلا حدود من الثروة السمكية والبحرية مع عدم مراعاة ما يسمى بمزارع الأسماك في البحر. حيث من المفترض أن يراقب ويقنن ويحدد نشاطها وعملياتها ولو دعا الأمر إلى التنسيق مع خفر السواحل والقوات البحرية أو حتى التعاقد مع شركة أجنبية لحماية الثروة كون الشركة الأجنبية ستشكل ضغطا بحكم عناصرها الأجانب الذين سيصعب مسهم بأذى لمعرفتنا بأن أحد الوطنيين الشرفاء من المراقبين المحليين حينما حاول كشف عمليات تبديد الثروة والتلاعب بها ورفع تقارير عن ذلك إلى الجهات المعنية لقي مصرعه في ظروف غامضة. وقد كان يعمل في الأسماك في عرض البحر لسنوات في الوقت الذي كان كاتبا صحفيا. أما المندوبون الذين يرسلون إلى ظهر سفن الاصطياد الأجنبية فإنه تتم رشوتهم واستضافتهم ولا يفيدون بشيء لأنه يتم اصطيادهم هم أيضا. ونزداد ألما حينما نقرأ في شريط بعض القنوات أرقاما لتصدير كميات بالأطنان من الأسماك بينما نجد السوق في عدن خاصة أو في غيرها خالية أو بأسعار خيالية أو سياحية. هذا ونتمنى من الأخ وزير الثروة السمكية الأستاذ السقطري أن ينزل متنكرا هو أيضا إلى السوق لو زار عدن ليرى ويقف على هذه الحالة المستديمة بنفسه ثم يجاهد في إطار الحكومة الموقرة برئاسة الأستاذ با سندوة وأطراف أخرى - والناس ستكون معهم وستؤيدهم والإعلام بأيديهم - لكي يقوموا باتخاذ الخطوات والإجراءات التي سنعدها تاريخية وهي في صميم أهداف الثورات وتحقيقا وتجسيدا للهدف الثالث من الأهداف الستة الخالدة التي تطالعنا كل يوم وهو: 3- رفع مستوى الشعب اقتصاديا واجتماعيا....)... و إلى الذين يجهلون عدن وتاريخ عدن الحقيقي وكانوا يقولون إن عدن كانت مجرد قرية صيادين عند الاحتلال، نقول لهم رضينا برأيكم أنها قرية صيادين، ولكن الآن أين هؤلاء الصيادون وأحفادهم وأين الصيد ؟ هل اختفوا بظهوركم؟ يبدو أن الصيادين والصيد قد ضاعوا الآن ولم يبق غير جيل جديد من الذين لا يعرفون سوى جيوبهم في ظل تقاعس بعض الحكومات السابقة عن أداء واجبها تجاه المواطن والمستهلك الذي جاءت الثورات من اجله كما ضحى هو من أجلها، وفي ظل جهل تلك الحكومات أو سكوتها عن مثل هؤلاء وعن هذه الحالة وهكذا وضع. نريد تفعيل قانون حماية المستهلك وفقا للدستور أو قانون جديد خاص بحماية المستهلك فيما يتعلق بوصول وجبة السمك إلى عشرات آلاف من الأسر المحرومة التي طال صبرها وسكوتها على هذا الحرمان. وقبل صدور القانون نريد خطوات وإجراءات عاجلة لإصلاح هذا الوضع المتردي لقوت المواطن.
|
آراء
إلى حكومة الوفاق ..أغيثوا عدن بالسمك!
أخبار متعلقة