مستشار التحصين الموسع بوزارة الصحة لصحيفة :14اكتوبر
لقاء/ زكي الذبحانييجب ألا ننأى بعقولنا عن تجليات الحقيقة وننصت لما تزدريه العقول ولا يجانب الواقع بشيء مما تفنده شائعات وتقولات معادية للتحصين الصحي، غرضها تقويض مساعيه في حماية الطفولة في بلد الإيمان والحكمة من نيل أسباب الوقاية، فليس ترك الأطفال لأمراض خطرة قاتلة يمكن تجنبها بالتحصين مما يرضي الله لنسميها قدرا إذا أصيبوا بها وقد منعوا - أساساً- من مقومات الحماية الصحية التي تجلت في التحصين، لأن الله لا يرضى الظلم لعباده ولا الدفع بهم في دروب المهالك.بهذا القدر نلج إلى تفاصيل مهمة تضمنها اللقاء الذي جمعنا بالدكتور/محمد محمد حجر- مستشار التحصين الموسع بوزارة الصحة حول المرحلة الثانية لحملة التحصين الوطنية ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال، نواكب تنفيذها في الفترة من (31مارس- 5 أبريل2012م)، مستعرضين مكامن الخطر لمرض الحصبة وقد أوغل بوحشية وعنفوان، مخلفاً آلاف الإصابات والعشرات من حالات الوفاة، وكيفية احتواء انتشاره وتقويض خطره، وفي ذات الإطار ما يفرضه الواقع من ضرورة مد الأطفال بلقاح شلل الأطفال الفيروسي للحد من عودته وانتشاره في اليمن.. فإلى ما ورد فيه من مجريات:[c1]المبرر والأهمية[/c]- الهدف والمبرر الملامس للواقع والمعزز للإقناع سمة كل عملٍ خلاق.. فما مبرر تنفيذ حملة تحصين وطنية ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال في الفترة من(31مارس-5أبريل2012م)؟ ولماذا هذا التوقيت تحديداً؟-- في ظل الظروف الصعبة التي مرت بها بلادنا خلال العام2011م وبعد دراسة وتحليل للوضع الوبائي لمرضي الحصبة وشلل الأطفال، أجمع المختصون وخبراء منظمة الصحة العالمية وأقروا ضرورة تنفيذ حملة تحصين مزدوجة ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال تهدف إلى مواجهة انتشار مرض الحصبة لاسيما في محافظة أبين وما جاورها من محافظات بعدما نزح من تلك المحافظة إلى عدن ولحج جموع من الأسر أجبرت على ترك منازلها بحثاً عن الأمان، خصوصا النازحين من منطقة(زنجبار)ومحافظة صعدة على أثر تفجر الأحداث الدامية فيهما، وسط ظروف وحالة من الفقر أجبرت الكثيرين على العيش في ظروف غير اعتيادية، وزاد تردي أحوالهم مع توافد المزيد من النازحين واكتظاظهم في مساكن لا تلائم السكن، ما انعكس سلبا على أحوالهم المعيشية والصحية.وباستهداف المحافظات الأكثر وبائية بمرض الحصبة وعددها (7) محافظات - حيث معظمها يقع جنوب الوطن- وذلك في المرحلة الأولى لحملة التحصين الوطنية ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال، فإنه يأتي خلال الفترة من (31مارس- 5 أبريل2012م)عبر المرحلة الثانية للحملة استهداف جميع المحافظات الأخرى البالغ عددها (15) محافظة التي لم تشمل في المرحلة السابقة من الحملة.والمجتمع مطالب بأن يتعامل بإيجابية عبر التوجه بالأطفال دون العاشرة من العمر خلال الحملة إلى أقرب مرفق صحي أو موقع مستحدث للتحصين في كل من محافظات(أمانة العاصمة، تعز، صنعاء، حضرموت الساحل، حضرموت الوادي والصحراء، الحديدة، إب، الضالع، عمران، حجة، مأرب، المهرة، المحويت، الجوف، ريمة).وتضمين لقاح شلل الأطفال في حملة التحصين الحالية،يأتي لتعزيز المناعة ضد شلل الأطفال، وحفاظاً على إنجازٍ نالته اليمن بعدما أعلنت خاليةً من هذا المرض في يونيو 2009م، حتى لا يعاود المرض الظهور والانتشار مجدداً.لا ننكر حساسية الوضع والواقع بمتغيراته فهذا موسم الربيع قد أقبل وهو في أغلب الأحيان موسماً يناسب انتشار الحصبة بين الأطفال، بينما موسم الصيف يلائم انتقال مرض شلل الأطفال، وليس هذا موعده في حين أن اليمن خالية منه حتى الآن، لكن وجود الفيروس في بعض البلدان يوجب الاحتياط والتعزيز لمناعة الأطفال دون الخامسة من العمر بلقاح فيروس الشلل.ويقابله في الجانب الآخر العمل على منع سريان فيروس الحصبة وكبح انتشاره عبر التحصين بشكلٍ كبير لما من شأنه رفع الكفاءة المناعية للأطفال من عمر (6أشهرإلى ما دون 10سنوات). كما تقرر- أيضاً- في هذه الحملة الوطنية إعطاء الأطفال من عمر(6أشهر وحتى ما دون 5 سنوات) جرعة من فيتامين” أ “، المفيد في تحسين الحالة المناعية للجسم بما ينمي ويعزز وقايتهم من مرض الحصبة. [c1]إصابات بالآلاف وحالات وفاة[/c]- هل ثمة إحصاءات توضح حصيلة الإصابة بهذا المرض وكذا الوفيات؟وما مكمن الحقيقة التي شكلت ملامح المرض إبان تفشيه في اليمن خلال العام الماضي وحتى مطلع هذا العام؟ -- بالفعل تبدو مشكلة الحصبة كبيرة وفي ازدياد مع استمرار مرض الحصبة في إصابة المزيد من الأطفال، إذ يجب أن يتفهم الآباء والأمهات أهمية تحصين أطفالهم بجرعتي التطعيم الروتيني، الأولى بعد الشهر التاسع من عمر الطفل، والثانية عند إتمامه العام والنصف من العمر، ثم لا يكون الاكتفاء بهما إذا ما لاح تنفيذ حملة تحصين ضد الحصبة، بل يحصن مجدداً كغيره من المستهدفين بصرف النظر عن اللقاحات التي أعطيت له في السابق. لقد أظهرت الإحصائيات المنبثقة من الرصد الفعال لحالات الإصابة بمرض الحصبة حدوث ما يزيد على ثلاثة آلاف حالة إصابة، مع (126) حالة وفاة للفترة من2011 م حتى فبراير 2012م.وتركزت حالات الإصابة بشكلٍ كبير بين أطفال نازحي أبين القاطنين في مدارس عدن وما حولها والبالغ عددها (76) مدرسة.إلى جانب الخلطاء للمصابين الذين أصيبوا بالعدوى ومن يعانون سوء التغذية وكذا من لم يسبق لهم أن حصنوا ضد الحصبة.. ممن حرموا الحق في التطعيم ضد هذا المرض بسبب الآباء الممانعين والرافضين له.وبالنظر إلى التحليل الوبائي الذي يوضح ويبين المحافظات ذات الأولوية والوبائية العالية بالمرض جاءت محافظات (لحج، أبين، ذمار، البيضاء،عدن، شبوة، صعدة) في الطليعة وبذلك ُشملت بالاستهداف في المرحلة الأولى لحملة التحصين الوطنية ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال، فباشرت وزارة الصحة العامة والسكان وبرنامج التحصين الموسع بالعمل على تنفيذها في الفترة (10 -15 مارس 2012م) عبر المرافق الصحية والمواقع المستحدثة المؤقتة للتحصين، وليس من منزلٍ إلى منزل كما جرت العادة في حملات التحصين ضد شلل الأطفال.وها هي المرحلة الثانية لحملة التحصين الوطنية تستوفي باقي المحافظات الأخرى وهي (أمانة العاصمة، تعز، صنعاء، حضرموت الساحل، حضرموت الوادي والصحراء، الحديدة، إب، الضالع، عمران، حجة، مأرب، المهرة، المحويت ، ريمة)، وفترة تنفيذها تقررت من (31 مارس- 5 أبريل2012م)، مستهدفةً تحصين الأطفال دون العشرة أعوام، حتى أولئك الذين أخذوا جرعة اللقاح الروتيني في أي وقتٍ قبل موعد الحملة.وما يبعث على الارتياح إشادة الخبراء من منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف بالمستوى الرفيع لهذه الحملة التي تم مناقشتها على النحو الذي يؤمن الأداء الملائم بالمستوى المطلوب لتنفيذها بالمحافظات المستهدفة، حيث أثمرت بمرحلتها الأولى تحصين(99%) من المستهدفين بلقاح الحصبة، و(93%) بلقاح شلل الأطفال.[c1]المستهدفون في الحملة[/c]- ازدواجية حملة التحصين الحالية بلقاحيها ضد مرضين في آنٍ واحد، أليس فيه تصنيف للمستهدفين من الأطفال؟ وماذا عن عدد من تستهدفهم الحملة؟ -- أسس ومعايير محكمة بني عليها تصنيف المستهدفين في حملة التحصين الوطنية ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال، تعتمد على القابلية للإصابة للفئات التي يتم استهدفها بالتطعيم لتدني المناعة المكتسبة لديها، وهذا ينطبق على الفئة العمرية دون العاشرة من العمر المستهدفة في حملة التحصين الوطنية المزدوجة، عبر استهداف الأطفال من عمر (6) أشهر حتى ما دون (10) سنوات بالتطعيم ضد مرض الحصبة، حيث بُني على البلاغات الواصلة عن حالات الحصبة من المحافظات وتحليلها وبائياً، ما أعطى مؤشراً يستوجب تطعيم هذه الفئة، باعتبارها أكثر قابلية للإصابة بالحصبة، من جراء انتشار حالات الإصابة في أوساطها.ثم بلقاح شلل الأطفال حيث تستهدف الحملة جميع الأطفال دون الخامسة من العمر وبعيدا عن العموميات لوضع القارئ على المجريات سيتم خلال هذه الحملة :- تحصين الأطفال من عمر(6)أشهر وحتى ما دون(10سنوات) ضد مرض الحصبة وعددهم(6.044.587) طفلاً. - تطعيم من هم دون الخامسة من العمر ضد شلل الأطفال، ويصل عددهم إجمالاً إلى(3.397.180) طفلاً، هذا فقط على مستوى (14)محافظة من محافظات اليمن التي ذكرتها - آنفاً- بالإضافة إلى أن هذه الحملة تتيح في تلك المحافظات تزويد كل الأطفال من عمر(6) أشهر وحتى ما دون (5) سنوات بجرعة من فيتامين” أ “ الداعم لمناعة الجسم والمعزز لها ضد مرض الحصبة والكثير من الأمراض والاعتلالات الخطيرة ومن أبرز هذه الأمراض والعلل (الإسهالات الشديدة، والالتهابات التنفسية الحادة..).[c1]إستراتيجية ومواقع التحصين[/c]- قطعا لن يكون التحصين من منزل إلى منزل خلال هذه الحملة الوطنية وإن كان أجدى في التغطية الواسعة للمستهدفين؟ فما الداعي لأن يكون ذلك مغيرا للحملات السابقة؟-- ليس كل اللقاحات ينطبق عليها معيار لاستهداف الأطفال من منزل إلى منزل كحال لقاح شلل الأطفال، فنحن نتبع إستراتيجية قائمة على أساس تنفيذ التطعيم في حملة التحصين ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال عبر المواقع الثابتة المتمثلة في المرافق الصحية المقدمة لهذه الخدمة والمواقع المؤقتة المستحدثة.ولأن التحصين ضد الحصبة يتطلب كادرا صحيا مؤهلا، ذلك لأن اللقاح المضاد للمرض يعطى للطفل المستهدف في حقنة عضلية، فإنه يتطلب وقتاً أطول للتطعيم، على خلاف لقاح شلل الأطفال الفموي الذي يعطى سريعاً ولا يتطلب أي عناء فيجعل من السهل تجوال فرق التطعيم خلال الحملات من منزلٍ إلى منزل ومعظم هذه الفرق المشاركة في التحصين في حملات الشلل الفيروسي من المتطوعين الذين يتم تدريبهم جيدا، وهو ما لا يمكن اعتماده عند التحصين ضد داء الحصبة في هذه الحملة أو غيرها من حملات الحصبة، طالما لقاح الحصبة بالحقن وليس فموياً فالمعيار هنا مختلف، والتحصين في الحملة يعطي الأولوية الكبرى للتحصين ضد مرض الحصبة، وما يواكبها من تحصين بلقاح شلل الأطفال إلا من باب تلافي حدوث ظهور داء الشلل الفيروسي وانتشاره في اليمن من جديد.[c1]سوء التغذية والحالة المناعية[/c]- لاشك في أن سوء التغذية ينهك مناعة الأطفال، فكيف يؤثر بشكلٍ عملي في القابلية للإصابة بمرض الحصبة؟ -- هذه بالفعل هي مشكلة سوء التغذية فإذا لم يكن هناك اهتمام بالتغذية ومتطلباتها كالنظافة، فلن يتم الحد من هذه المشكلة بالشكل المطلوب بما يتيح الوصول إلى حالة مناعية فضلى للأطفال، بل سيظل يعاني منها المجتمع اليمني وبالذات الأطفال.ولا يخفى على الجميع ما مرت به اليمن خلال السنة الماضية من أحداث خلفت أثارا سيئة انعكست على الوضع الصحي لكافة شرائح المجتمع ولاسيما الأطفال.وبالتالي عندما يصاب طفل بمرض ٍمعين فإن مقاومته للمرض تعتمد على عوامل متعددة من أهمها الناحية الغذائية، فكلما كانت التغذية جيدة كانت مقاومة الجسم للمرض أفضل، وبذلك تكون الوفيات أقل.وبهذه التجليات لاءمت الظروف وواتت لانتشار مرض الحصبة بوبائية عالية وذلك لوجود أطفالٍ ضعيفي المناعة مهيئين للإصابة بالمرض بمعية أطفال لم يحصلوا مسبقاً على جرعة أو جرعتي تطعيم ضد مرض الحصبة.وفي الغالب يقاوم المريض هذا المرض، لكنه إذا كان يعاني من سوء تغذية، فهذا يجعل المرض أكثر ضراوة مسبباً الحصبة الوخيمة التي يمكن أن تؤدي إلى إعاقة دائمة كالعمى أو الصمم أو تسبب الوفاة. [c1]خصائص فيتامين ( أ )[/c]- ما الداعي لتزويد الأطفال بفيتامين”أ” بينما لم تمضِ ستة أشهر كاملة على إعطائه لهم خلال الجولة الأولى من حملة التحصين ضد شلل الأطفال التي نفذت في منتصف نوفمبر من العام المنصرم؟-- لا نقلل من أهمية فيتامين “ أ “ فهو لا يقل أهمية عن التحصين ولا ينفصل عنه عند التحصين ضد مرض الحصبة ، ومحور طابعه الفريد وفوائده للجسم تتبلور في الوظيفة الحيوية التي يؤديها فهو ضروري لمناعة الجسم والمكون الأساسي لبطانة الأجهزة العضوية ، والغشاء المخاطي الذي يقوم بحماية أعضاء الجسد، ولأن سوء التغذية العامل الابتدائي المسبب لضعف المناعة عند الأطفال؛ فإن مرض الحصبة يعتبر المسبب المباشر لنفاد ونضوب هذا الفيتامين من مخازن الجسم .إنه فيتامين بالغ الأهمية عند الإصابة بالحصبة، فهو يخفف من مضاعفات هذا المرض بشكل كبير.. لذا فإن من إستراتيجية حملة التحصين ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال إعطاء هذا الفيتامين الحيوي، وأيضا بالكيفية التي يعطى بها خلال مرحلة التطعيم الروتيني مع جرعتي الحصبة الأولى بعد الشهر التاسع من العمر، والثانية عند إتمامه العام والنصف من العمر.وبالتالي يصادف موعد تنفيذ حملة التحصين الوطنية ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال المقرر تنفيذ مرحلته الثانية في (31مارس- 5 أبريل2012م) مرور ما يزيد على أربعة أشهر على إعطاء فيتامين” أ “ خلال الجولة الأولى لحملة التطعيم ضد شلل الأطفال وقد نفذت في منتصف نوفمبر من العام الفائت، وهذا يعني مضي الفترة الملائمة لإعادة جرعة فيتامين “ أ “ الموصى بها من منظمة الصحة العالمية، حيث أن له جرعتين تعطى للأطفال المستهدفين من عمر(6)أشهر وحتى ما دون(5)سنوات .في الختام.. نؤكد أن محافظات(أمانة العاصمة،تعز،صنعاء، حضرموت الساحل، حضرموت الوادي والصحراء، الحديدة، إب، الضالع، عمران، حجة، مأرب، المهرة، المحويت، الجوف، ريمة)، أطفالها دون العشرة أعوام مستهدفون بالتطعيم في حملة التحصين الوطنية ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال، فهذه هي مرحلتها الثانية وتنفيذها في الفترة من (31مارس-5أبريل 2012م)، لا أحسب كل أب وأم قد تخلى عن مسؤوليته في تحصين أطفاله المستهدفين، فهذا ما نأمله منهم في حملة التحصين الحالية ، ذلك لأن التخلف عن التطعيم وحرمان فلذات الأكباد منه يعني فتح الباب على مصراعيه أمام وباء الحصبة القاتل الآخذ في الانتشار الأوسع على نحو مروع ، وفي الوقت ذاته يجعل الفرصة مهيأة لظهور شلل الأطفال الفيروسي مجددا بعدما ظلت غير ممكنة الحدوث لسنوات طويلة منذ العام 2006م، فالله .. الله في التحصين ، وما التهاون فيه إلا خسارة ما بعدها خسارة .