في هذا الجزء سستتم مناقشة الجانب الأساسي في الدراسة وهو الذي يرد تحت عنوان ( ماذا نعرف عن الفدرالية ) وفيه يقدم المؤلف صاحب الدراسة خلاصة تجارب مختلف شعوب العالم التي صنعت الفدرالية ويستعرض مجموع الأوضاع المعترف بها اليوم في مجال الفيدرالية بتسع نقاط .لذا سأقف أمام النقاط التي تهمنا وبحث مدى ملاءمتها لواقع مجتمعنا اليمني كالتالي : أولاً: تثبت التجربة الإنسانية الأهمية الحياتية لوجود مجتمع مدني للفدرالية.فما هو واقعنا الراهن في مجتمعنا اليمني شمالاً وجنوباً، معروف في مجتمعنا التمايز الاجتماعي والثقافي بين الجنوب والشمال تاريخياً ومعروف تاريخياً أن الجنوب قد تميز بدولته القوية، وبهيمنة سلطة القانون، وقد كان الشعب في الجنوب بمؤسساته ومنظماته المدنية بانسجام تام مع دولته، وعلى عكس الجنوب ، كان الشمال يخضع لهيمنة وسلطة القبيلة في تماه تام مع الدولة، الواقع الذي أفرز حصاراً حديدياً على المجتمع ، وتم القضاء على كل محاولات نمو وظهور المجتمع المدني.وفي هذه اللحظة التاريخية الراهنة يخوض الشعب في الشمال والجنوب ثورة شعبية شبابية فريدة بكل المقاييس ، ثورة حقيقية بكامل المعنى للثورة الشعبية التي تجري في نسق وطني شامل.وتأتي هذه الثورة الشعبية الشبابية بتناسق مع إيقاع الثورة الشعبية في الجنوب التي دشنها أبناء الجنوب في 2007/7/7م ضد طغيان النظام القبلي الذي أعتقد واهماً أنه باجتياحه الجنوب قد أبد نظامه ولم يكن في حسبانه قط أن حرب 1994م ليست إلا جولة من جولات الصراع في مسيرة نضال الشعب اليمني، وأن مسيرة الشعوب دائماً لا تعود إلى الوراء ولم يكن انتصاره حينها إلا كسب بعض الوقت لبقائه. ومن ذلك التكامل والتناسق الثوري التاريخي تتبدى أصالة الثورة. أن أصالة هذه الثورة تتجلى في الرسالة العميقة التي بعثتها جماهير الثورة من ميادين الحرية والتغيير، أن الجماهير الهادرة، قد توقفت عن الشكاء والبكاء وهدمت جدران الخوف ونفضت غبار السلبية لتأخذ زمام المبادرة بيدها والأجمل في هذه الثورة الشعبية الشبابية أنها قد أطلقت القدرة الإبداعية لدى جماهير الشعب لاسيما الشباب ، وبالمشاركة الجماهيرية الواسعة انطلقت لصناعة المستقبل وهو ما يحدث اليوم. نعم أن هذه الثورة تأكيد بالغ الوضوح عن حدوث تحول جوهري عميق، فالشباب في جميع الساحات يساهمون بالفعل والتضحية الجليلة، وبشكل فريد يقومون بإثراء حياتهم ويصوغون مستقبل الوطن لبناء مجتمع مدني حديث.وهنا تبرز الأهمية الحياتية لضرورة إحداث تحولات جذرية ذات بعد اجتماعي تقدمي، باستبدال النظام القديم بالمجتمع المدني الحديث. الأمر الذي يعني أهمية الانتصار للثورة الشعبية الشبابية ، واستمرار دعمها ورفدها بعناصر القوة والدعم، من كل القوى الحية، قوى التغيير قوى المجتمع المدني من كل مكان من الجنوب ومن الشمال، وعلى وجه الخصوص القوى القبلية الثائرة التي تقف إلى جانب الثورة.وتجدر الإشارة إلى أهم العناصر المتغيرة في واقعنا الاجتماعي والسياسي اليوم وهو عنصر القوى المحركة للثورة، وعنصر القوى المستهدفة من قبل الثورة فاليوم القوى المحركة للثورة هي جموع الشعب وفي طليعتهم الشباب، ولا يستطيع أحد الادعاء أنه هو صاحبها أو مفجرها أو قائدها. حيث يعيب أعداء الثورة أنها بلا قيادة أو أنها كثيرة الأنواع، ومختلفة الألوان. في الحقيقة أن هذا التنوع والتعدد هو أجمل وأبدع ما فيها، وهي السمة الأكثر روعة، والأذكى ابتكاراً، لأنها ثورة الشعب والتعبير الأقوى عن الإرادة الشعبية وهي بهذه الروعة تعلن للعالم أن لا وصي على الشعب ولا من ينوب عنه، أما من تستهدفه الثورة، ليس الفرد الحاكم فقط، بل النظام القديم بكل آلياته وأدواته المادية والفكرية والسياسية.وللتأكيد مرة أخرى على أصالة الثورة الشعبية الشبابية،لابد من الإشارة إلى أنها تنسجم مع التطور الاجتماعي الذي حدث بتراكم طويل في سياقه التاريخي المحتوم لأنها ليست مقطوعة الجذور عن حركات الإصلاح والتغيير التي ظهرت قبل 26 سبتمبر، والتي سمى الإمام أحمد دعاتها بـ (دعاة الهدم والتخريب) وهي التي شكلت مقدمات ثورة 26 سبتمبر التي كانت المسمار الثاني في نعش النظام الإقطاعي القبلي، ثم جاءت خطوة الوحدة في 22 مايو 1990م بوهج ثورة اكتوبر ونظامها المدني التقدمي لتكون المسمار ما قبل الأخير في نعش النظام، وها هي الثورة الشعبية الشبابية بكل فرادتها وعظمتها تدق المسمار الأخير في نعش ذلك النظام.في الخلاصة تأتي هذه الثورة عبر قوة اجتماعية عريضة وواسعة تضم كل فئات المجتمع الثائرة، لتكنس نظاماً سلطوياً تمتد جذوره لمئات السنين، وليس لتستبدل فرداً بفرد آخر، وبذلك تتجلى أصالتها دون شك، و لتقوم على أنقاضه الدولة المدنية الحديثة و مجتمعها المدني الذي تتحقق ملامحه في ساحات التغيير و الحرية.ثانياً: تأتي في النقطة الثانية من مجموع أوضاع الفدرالية، وهي مرتبطة جوهرياً بتعقيدات وضعنا اليمني، وتصطدم بعقلية الهيمنة، وبعقلية أحقية السلطة ضاربة الجذور في فكر النظام المتهالك.ففي هذه النقطة تطرح مسائل تأسيس الحكومات من قبل الشعب، وإمكانية وجود حكومات متعددة في أن واحد، وجنباً إلى جنب ، وأن السلطة والصلاحيات تفوض من قبل الشعب وهو صاحب السيادة، وأن لا سيادة مطلقة لأية حكومة. وعن علاقات بينية وفق مبادئ ملائمة ، وأن الاتفاق هو الأساس لقيام الدولة التي تخدم الشعب ومجتمعه المدني.بحسب ما نسمعه من تصريحات وما نقرأه من كتابات، من قبل النخبة السياسية وبعض المثقفين السياسيين من إخوتنا في الشمال، بقدر ما تفصح عن عقلياتهم، بقدر ما تثير التخوف والحذر لدينا نحن الجنوبيين.مثلاً رفض موضوع الفدرالية، بل حتى المناقشة فيه،و استمرار رفع شعار الوحدة أو الموت أو الشعار المخفف لا شمال لا جنوب وحدتنا وحدة قلوب.والأخطر هو القول دعونا نقيم الدولة بعد علي عبد الله صالح، وبعد ذلك لكل حادث حديث!!؟على ماذا يدل ذلك؟ يدل ذلك على أن النظام القديم يرفض أن يستسلم و هو في كل مرحلة تستهدفه، يتكيف جزء منه مع جديد المرحلة، ليعيد إنتاج نفسه باللباس الجديد.وهذا السلوك يؤكد بوضح أن عقلية (اليمن الأم) و(الأصل والفرع) و(الأحقية التاريخية في السلطة)، ما زالت تطل برأسها، بما تحمله من فكر إقصائي إلغائي، وحتى الشعار المخفف (لا شمال لا جنوب و حدتنا وحدة قلوب) أنما ينم عن عقلية الإلغاء، فلماذا أذن (لا جنوب)؟؟ هنا لا جنوب تعني يجب أن يلغى الجنوب لتبقى الوحدة في القلوب!!! لم نعد بتلك المثالية الثورية التي دخلنا فيها الوحدة في 1990م لقد علمتنا الأحدى والعشرون السنة الماضية من أعمارنا الكثير ونقول للأخوة الحريصين جداً على الوحدة إن أردتم الوحدة والحفاظ على إطار عام لليمن، أن هذا لن يحصل إلا بالإعتراف بالقضية الجنوبية كقضية سياسية، وهي المفتاح الأول لحل مشكلة اليمن.تفاصيل موضوع العقلية، سيتم مناقشتها في النقطة التي تطرح موضوع الثقافة السياسية. الخلاصة أن العقلية التي لا تتقبل الشريك الأساسي في الوحدة، ولا تعترف بوجوده كونه فرعاً للأصل، كيف ستتقبل حكومات في آن واحد، وجنباً إلى جنب، وتفويض الشعب الذي هو صاحب السلطة المطلقة، و الاتفاق على تأسيس الدولة الجديدة؟؟؟ثالثاً: في النقطة الثالثة والرابعة تطرح مسألة الأساس الجغرافي الفدرالي، وكذا المناطق داخل الأقاليم، ذات الخصوصية الاجتماعية والثقافية التي تمنح حكماً ذاتياً بصلاحيات خاصة.في هاتين النقطتين واضح أننا اليمنيين لدينا الأساس الجغرافي لإقامة الاتحاد الفدرالي على أراضي الجمهوريتين السابقتين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (سابقاً) والجمهورية العربية اليمنية (سابقاً).أي أن الاتحاد سيقوم على أساس إقليمين: الإقليم الجنوبي وأساسه الجغرافي حدود اليمن الديمقراطية، والإقليم الشمالي وأساسه الجغرافي حدود الجمهورية العربية اليمنية؟أما حول المناطق فمعروف أن اليمن بشطريه شمالاً وجنوباً متميز بالتنوع الطبيعي السكاني، وهذا التنوع الاجتماعي عريق تاريخياً وضارب الجذور في مجتمعنا اليمني، وهو واضح إلى الحد الذي يلمس ببساطة لكل زائر لليمن، زد على ذلك و جود التمايز الثقافي.وأظن أن هذا التنوع الاجتماعي والتمايز الثقافي هو عنصر دعم وجذب لتأسيس دولة اتحادية بإقليمين وضمن الإقليمين مناطق للحكم الذاتي.وأتصور بنظرة سريعة أن الإقليم الجنوبي يمنح حضرموت في إطاره حكماً ذاتياً والإقليم الشمالي يمنح تعز كمنطقة حكم ذاتي(أو ان تكون عاصمة الإقليم الشمالي)، والحديدة، وصعدة. طبعاً هذه المسألة يجب مناقشتها بشكل عقلاني وعميق لأن الأخوة المتمسكين بالوحدة سيصرخون بأننا لم نرض بالفدرالية، يطرحون المناطق والحكم الذاتية بذلك أجد بالضرورة التعريف بالحكم الذاتي بشكل موجز.يذهب الفقيه الهماوندي إلى «أن نظام المناطق السياسية أو الحكم الذاتي هو نظام وسط بين اللامركزية الإدارية والفدرالية، وإن كان شكلاً من أشكال النظم اللامركزية، إلا أنه لا يندرج ضمن أي نوع من أنواعها، فهو ذو طبيعة خاصة لا يرتقي إلى الفيدرالية ولا يهبط إلى اللامركزية الإدارية».«أعطاء الحرية السياسية النسبية للمناطق كان الهدف منه التوازن السياسي المرن في إطار الدولة وحماية حقوق السكان، وتمشياً مع مسلمات الفكر السياسي التي تؤكد أن الاستقرار السياسي لا يتحقق إلا بإعادة رسم العلاقة السياسية في الدول القائمة على أساس الاختلاف القومي أو الديني أو اللغوي». طبعاً ليس لدينا الاختلاف ذلك، ولكن لدينا التنوع الاجتماعي والتمايز الثقافي،ناهيك عن أن الجنوب متميز كثورة ودولة وتاريخ له خصوصيته المتفردة .الخلاصة أن قيام الاتحاد الفدرالي بحاجة إلى عقلية متفتحة وفكر يتوافق مع روح العصر، متأثر بالفكر الديمقراطي الذي جعل الإنسان محوراً يقوم عليه بناء النظم السياسية، تأكيداً لأنسنة المفاهيم السياسية والدستورية.رابعاً: في النقطة الخامسة والسادسة ترد مسألة الثقافة السياسية وأهميتها في الاتحاد الفدرالي ، فالفدرالية ستكون فعالة بخدمة المجتمع انسجاماً معها، وضرورة أن تكون أي الثقافة السياسية متلائمة مع البناء الفدرالي، أو قريبة للتأهل في قبول علاقات وآليات البنية المؤسساتية الفدرالية وجعلها قابلة للعمل، كما يمكن الوصول إلى البناء الفيدرالي في وجود عدد من الثقافات السياسية المتوازنة أو ألمحايدة، إلا أن تلك الإمكانية تتقلص بشكل حاد - إمكانية البناء الفيدرالي - في حالة أن تكون الثقافة السياسية عدائية للفيدرالية.ومع ذلك من المهم حياتياً توفر الرغبة والطموح للوصول إلى الفدرالية، فبوجودهما تولد الثقافة السياسية ، لأن الرغبة والطموح نحو الفدرالية يمكن أن تتطور مستقلة عنها، كنتاج لوضع محدد أو أحداث معينة، وتطور الرغبة في السعي للفدرالية يمكن استخدامه كثقل توازن مضاد للأوساط السياسي - ثقافية.ولبدء مناقشة هاتين النقطتين، من المفيد التعرف على مفهوم الثقافة السياسية، فهي «مجموع الاتجاهات و المعتقدات والمشاعر التي تعطي نظاماً معنى للعملية السياسية، وتقدم القواعد المستقرة التي تحكم تصرفات الأفراد داخل النظام السياسي، وتدور حول ما يسود المجتمع من قيم ومعتقدات تؤثر في السلوك السياسي لأعضائه حكاماً ومحكومين، وهي ثقافة فرعية لأنها جزء من الثقافة العامة للمجتمع، وهي متغيرة لا تعرف الثبات المطلق ، كما أنها تختلف بين مجتمع وآخر، ومن فرد إلى آخر داخل المجتمع، وهذا الاختلاف تفرضه عوامل معينة كالأصل ومحل الإقامة والمهنة والمستوى الاقتصادي والحالة الاجتماعية».بالاستناد إلى التعريف نجد أننا في اليمن لدينا ثقافات سياسية مختلفة، سواء في الجنوب أو في الشمال الذي يحتوي على ثقافات سياسية مختلفة ولولا هذا الاختلاف في الثقافة السياسية، لما قتلت وحدة 22 مايو في مهدها، وأثبتت الأحداث أن نظام صنعاء دخل الوحدة مع الجنوب وهو لا يؤمن أصلاً بحق الجنوب في الوجود، من فكرة أن الجنوب ليس سوى فرعاً، لابد من عودته إلى أصله، وهو (اليمن الأم) كما يسمونه، إذن جاء نظام صنعاء إلى الوحدة بالخديعة، على طريقة (صلّيت لك تقرب)، بينما ذهبنا نحن الجنوبيين إلى الوحدة بعقول متفتحة، وعاطفة جياشة، نحلم ببناء وطن كبير، في مشروع تحديثي عظيم لليمن بكل اتساعه وتنوعه، ومنذ سقوط ذلك المشروع العظيم، ووأد الوحدة في عام 1994م بحرب اجتياح الجنوب تحت شعار (الوحدة أو الموت)، وحتى يومنا هذا رغم ما جرت من تحولات هامة وتطورات سياسية واجتماعية نوعية، إلا أن هذه العقلية ما زالت تتمترس خلف نفس الإرث الاجتماعي والسياسي، وترفع نفس الشعارات.ذلك تأكيد أن النظام بمجمله كإرث تاريخي هو العائق أمام التغيير، والأفراد ليسوا سوى مجرد رموز ينتهي علي عبد الله صالح ، لينبري غيره للدفاع عن النظام بلباس الثورة اليوم.تذكر الدراسة إمكانية التوجه نحو الفدرالية بشرط توفر الرغبة والطموح لأنهما يمكن أن يتطورا مستقلين عن الثقافة السياسية، تحت تأثير أحداث معينة،فهل تتوفر لدى الأخوة من النخبة السياسية الشمالية، الذين يصرون على بقاء الوحدة، التي قد تم القضاء عليها كلية، ولم يعد لها أي وجود في الواقع، هل تتوفر لديهم حقاً الرغبة في السعي نحو وحدة اليمن بشكل جديد؟هنا يراودني سؤال ويلح عليَّ، وهو: ماذا لو أن الجنوب أرض مكتظة بالسكان،فقير، ليس لديه موارد وثروات مثل النفط والأسماك والأرض البيضاء الفسيحة وغير ذلك... وأنهم لم يجنوا منه ما جنوه وما كسبوه من فيد مهول، حوّلهم إلى مليارديرات ورجال أعمال وأصحاب قصور منيفة مترفة.. هل سيتمسكون بالوحدة؟؟هل كانوا سيعلنون الوحدة أو الموت؟ المسألة واضحة ولنكن صريحين أن الأخوة أنما يدافعون عن المكاسب التي حصلوا عليها خلال فترة الوحدة، وهي مكاسب ومصالح هائلة لم يكونوا يحلموا بتحقيقها بهذا الزمن القياسي والبساطة المتناهية.من هذه النقطة بالذات أجد أنهم ملزمون بالتنازل، والتخلي عن الماضي، وأن عليهم أن يشدوا العزم نحو المستقبل، ويقبلوا بوضعهم الطبيعي في المجتمع كمواطنين متساوين مع الآخرين.كيف يمكن أن يتم ذلك؟ من وجهة نظري أن يعلنوا بوثيقة صريحة وبيان لا لبس فيه أنهم يعترفون بالقضية الجنوبية سياسياً، وأنهم يتخلون كلية عن مسألة الأصل والفرع وأن حقهم كيمنيين لا يتميز عن أي يمني آخر، سياسياً، اجتماعياً، أو ثقافياً، وأنهم لا ينتمون إلى الحق التاريخي بالاستئثار بالسلطة، لأن هذا الحق قد أسقط بقيام ثورة 26 سبتمبر 62. في الخلاصة أنه توجد إمكانية تجاوز الثقافة السياسية، بتوفير الرغبة في السعي نحو إعادة صياغة وحدة المجتمع اليمني جنوباً وشمالاً، والتنازل العلني عن عناصر الإعاقة المتمثلة بالعقلية القبلية والثقافة السياسية العدائية للفيدرالية والسلوك السياسي ألإلغائي لبناء المجتمع المدني الحديث في اليمن، فهل يفعلون؟؟خامساً: في النقطة السابعة يرد أن الفدرالية وآلياتها لتكون قابلة للحياة، يتوجب إعلان اتفاق اجتماعي عريض بصورة ضامنة وعلى أساس (اتفاقات شاملة» - الدستور - )عن طريق التنازل المتبادل.وبناءً على حسن النية من قبلنا أولاً، وحساب ميزان المصالح ،والتوق الشديد للاستقرار السياسي والاجتماعي بأقرب وقت، وبالاكتفاء بما قد تم تقديمه من تضحيات جليلة ومعاناة قد طال أمدها على الأخوة المتمسكين بالوحدة، وهم كانوا أساساً جزءاً ومكوناً جوهرياً للنظام ولكنهم أعلنوا تخليهم عن رأس النظام، وانضمامهم إلى الثورة الشعبية الشبابية، وهذا التحول هو خطوه إيجابية جبارة، تعبر بحد ذاتها عن أنهم ينشدون التغيير، إلآ أن يقدموا على الخطوة المذكورة بعاليه ، وهو إعلان الوثيقة التي ستشهد على تخلّيهم كلية عن النظام القديم وانفصالهم النهائي مع الماضي، والتقدم بخطوات عملية نحو المستقبل نحو المجتمع المدني الذي تحكمه دولة مدنية ترعى مصالح جميع أفراد المجتمع بانسجام مع القانون الذي يساوي بين الكل دون تمييز أو فوارق.وستكون هذه الوثيقة خطوة ضرورية وهامة لإعلان اتفاق اجتماعي عريض بصورة ضامنة، هذا الإعلان الذي سيأتي متمخضاً عن مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يعد من وجهة نظري ضرورة حياتية للّحظة التاريخية الراهنة التي نعيشها، كون هذا المؤتمر سيكون حجر الزاوية للانتقال التاريخي نحو بناء مجتمعنا الحديث، وهو الذي يجب أن يعقد خلال الفترة الانتقالية.أما إذا لم يقدموا على ذلك، فسيتضح أنهم يضمرون إصراراً على نفي الآخر، وتمسكاً بعقليتهم القبلية، وثقافتهم السياسية التي لم تعد منسجمة مع متغيرات اليوم، والواقع الجديد الذي صنعته الثورة... وبهذه المناسبة أود أن أشير إلى متغير مهم، لا أظن أنهم لا يلمسونه، ولكني أعتقد أنهم حتى اللحظة لا يعونه، ولم يستوعبوه بعد، وهو أن يمن الثورة اليوم لم يعد يمن 1994م ، ولا يمن الجمهورية العربية اليمنية، يجب أن نستوعب أن اليمن اليوم هو الجنوب بتاريخه الثوري ورصيده وإرثه الوطني ونضاله السلمي ، اليمن هو تعز بالعطاء والتضحيات المجيدة، هو الحديدة بالصمود هو صعدة بالتحدي والشموخ، هو الجوف ومأرب بالاحتمال والحكمة، هو إب بالإباء، هو ذمار بالحنكة، وحجة والمحويت وعمران الشموخ، هو البيضاء بالرفض، هو ريمة بالنبل، يمن اليوم هو التنوع والتعدد الرائع البديع، فهل نتقبل التعدد في إطار شامل جديد.إذن أمامنا خياران، فإما القبول بالتنوع والتعدد والإعتراف بالآخر، وأما الإصرار على الهيمنة وابتلاع الكل لصالح طرفهم وحدهم! في هذه الحالة عليهم مواجهة المجتمع اليمني بأكمله كما عمل علي عبد الله صالح وفشل رغم جبروت القوة العسكرية التي امتلكها، فهل هم قادرون؟ لا اعتقد أنهم قادرون ، فأنهم أميل إلى التغيير والمجتمع المدني، وبحاجة إلى الاستقرار، أكثر من أن ينظموا إلى قوى الثورة المضادة؟سادساً: يرد في النقطة الثامنة، أنه في سبيل التطبيق الناجح لوظائف أي نظام فدرالي، من الضروري الحصول على: أ) توازن مناسب بين تعاون السلطة المركزية والوحدات الفدرالية والتنافس فيما بينهما من خلال التمازج و التلاؤم للهياكل المنفصلة في علاقاتها، والتعاون على ممارسة الوظائف، والثقافة، والاعتراف المتبادل بقوانين التطبيقات الإدارية و القضائية، وأخيراً الانفتاح على التبادل التجاري. ب) حصة محددة في الحكم، عبر فدرالية ذات مستويين وفدرالية التعاون. ج) تحتفظ كل حكومة إقليم بحق اتخاذ القرار، وحرية قول (لا) تجنباً للتعسف والقهر من قبل الحكومة المركزية.[c1]كيف يمكن بناء النظام الفدرالي في اليمن؟[/c]أمام هذا السؤال ينبغي أن ننظر في العلاقة المتبادلة بين المجتمع بقواه الاجتماعية والسياسية والثقافية، وبين البنى الدستورية والقانونية للاتحاد الفدرالي لأننا من خلال مناقشتنا للنقاط السابقة حول الفدرالية، اكتشفنا أن الفدرالية في اليمن، تواجه صعوبات جادة في الواقع، مثل عدم تبلور مجتمع مدني بسبب الهيمنة القبلية وسيادة نظام قديم لا ينتمي إلى العصر الذي نعيشه اليوم، وتفشي عقلية اقصائية، وشيوع ثقافة سياسية عدائية للتعدد والتنوع، وبالتالي للفدرالية. ولذلك من الضرورة أن نقف أمام العلاقة بين المجتمع اليمني والبنى القانونية للفدرالية.إذ تذكر الدراسات التي بحثت الأنظمة الفيدرالية، أن جوهر البناء الفيدرالي يكمن في المجتمع ذاته «فجوهر الفيدرالية لا يكمن في البنية الدستورية أو المؤسسية بل في المجتمع نفسه، والحكومة الفيدرالية هي ابتكار، وتتجسد من خلاله الخصائص الفيدرالية للمجتمع» لفيغستون 1956م.قد يوحي لنا ذلك، عند النظر في البعد الاجتماعي للفدرالية، وللوهلة الأولى، أن مجتمعنا اليمني في الظروف الراهنة لا يتقبل الفدرالية، لكن لو تعمقنا في العلاقة بين المجتمع الفدرالي ومؤسساته الدستورية والقانونية والسياسية وما ينشأ عنه من إجراءات وسلوك، نجد أنها مترابطة لضرورة وجودهما معاً، فالسلوك الاجتماعي والسياسي يفرز آليات محددة في المؤسسات وإجراءاتها، وفي نفس الوقت عندما تنشأ هذه المؤسسات الدستورية والقانونية، تقوم بإعادة صياغة المجتمع وفق إجراءاتها وآلياتها، وتلك العلاقة في طبيعتها معقدة وغير ثابتة أي أنها متحركة وفي تفاعل مستمر. لذا من هذا المنطلق، علينا نحن اليمنيين أن نركز على هذا الجانب، أي أن لا نحصر نظرتنا على الجانب الاجتماعي فحسب، بل نركز النظر على تبني وصياغة البنى الدستورية والقانونية ومؤسسات الدولة الاتحادية الفدرالية بإقليمين جنوبي وشمالي، تكون تلك البنى ضامناً لميلاد نظام سياسي فيدرالي فاعل ببعد استراتيجي لصياغة استقرار وتطور اليمن بإقليميه الجنوبي والشمالي.وتبرز أهمية هذا الاتجاه أننا في اليمن برغم الثورة وما حققته، كما ذكر أنفاً إلا أن لدينا قوى اجتماعية ما زالت تنادي بالموت مقابل الوحدة، أو إلغاء الجنوب ليحافظ هو الآخر على الوحدة.إذاً في حالتنا اليمنية ينبغي التركيز كثيراً على مسألة صياغة الدستور، وتأسيس الهياكل السلطوية ووظائفها، وعلى عملية التوازن.فتجربتنا مريرة مع النظام في صنعاء، لقد نقض اتفاقيات وحدة مايو 1990م، ثم وقع على وثيقة العهد والاتفاق، وأعلن الحرب على الجنوب على إثرها ولم يجف حبرها بعد، وبعد ذلك اعتبرها وثيقة الغدر والخيانة صحيح أن رأس النظام قد فاته القطار، لكن عناصر النظام المادية والفكرية ما زالت باقية بعد،وهي تشهد أفول نجمها تحاول قدر ما استطاعت أن تطيل أمد بقائها. من هذا المنطلق أود التذكير بما ورد في الدراسة (النص المترجم) من أنه «لا توجد تجربة فيدرالية تشبه الأخرى، فكل فدرالية لها خصوصيتها ونستطيع أن نفرق بين فدرالية وأخرى بمعرفة خصوصية المجتمع و الدستور والحكومة..».وبناءً عليه أرى أنه بإمكاننا أن نصنع الفدرالية الخاصة بنا كمجتمع يمني، وأن بإمكاننا صنع تجربة فريدة ستكون ملهمة لكل شعوبنا العربية قاطبة على امتداد وطننا العربي الكبير.أولاً دعوني أبدي تفاؤلي تجاه أخوتنا ممثلي القوى التقليدية القبلية، الذين كما ذكرتهم أنفاً أنهم مكون جوهري للنظام، بأنهم لن يكونوا إلا قوة داعمة للتغيير والتحول إلى المجتمع المدني وسيساهمون بدور إيجابي وفاعل في الدفع بعملية التحديث، وأنهم لن يكونوا غير ذلك. لماذا؟ أولاً لأنهم كلهم شباب وذوو مستوى عال من التعليم وقد انفتحوا على العالم الخارجي، زد على ذلك أنهم يشاركون كل قوى المجتمع اليمني في شوقها إلى الاستقرار ومثلما المجتمع اليمني بأكمله جنوبه وشماله بحاجة ماسة إلى خلق الاستقرار، هم أيضاً كجزء من المجتمع بحاجة إلى الاستقرار.ولذلك على الجميع أن يقتنع بأن الدولة المدنية الحديثة قد نضجت كل الظروف لميلادها، لأن أية حسابات أخرى خاصة بأي حزب أو قبيلة، أو فرد، سواء حسابات وهمية أو حسابات الهيمنة والقوة، لن تؤدي إلا إلى مرحلة جديدة من الصراع الذي سيقوم على قاعدة نوايا الاستقواء بالقوة لتصفية الآخر وإقصائه أو تهميشه في أحسن الأحوال!! لكنها ستخلق صدامات واسعة بين القوى الاجتماعية العريضة المشاركة في الثورة... ما يعني أن تكلفة هذا الصراع ستكون باهظة الثمن. على هذا الأساس أولاً أرى أننا في اليمن لن ندخل في صراع جديد، كما يروّج له... المقصود بين القوى السياسة الداعمة للثورة، وثانياً أجد في مؤشر مهم أننا على العكس من ذلك سنتجه نحن اليمنيين إلى صنع تجربة رائدة، ستكون مثلاً وملهماً لكل الشعوب العربية وذلك المؤشر هو أن اليمن بتحولاتها التي جرت قد خلقت (اللقاء المشترك) الذي استطاع بتجربته أن يؤدي مهمة كانت ضرورة تاريخية لمرحلة تاريخية أساسية، وهي الإعداد والتمهيد لإنضاج الظروف لقيام الثورة، وقد استطاع المشترك أن يدير الصراع بحنكة سياسية بالغة، وبحكمة وعقل متبصر، وباقتدار بديع، وطول نفس جميل، وبالتالي صنعت هذه الثورة الشعبية حالة ثورية رائدة، استقطبت إلى صفوفها كل فئات المجتمع وتجاوزت آليات العمل السياسي التقليدية، لتعكس الإرادة الشعبية الثورية التواقة إلى المجتمع الجديد، بما هو ضرورة اجتماعية وتاريخية منسجمة مع التطور الاجتماعي الحاصل المتراكم طويلاً في سياقه التاريخي المحتوم.واليوم تفرض الظروف الناشئة عن فعل الثورة، وتشكّل قاعدة شعبية اجتماعية واسعة من كل فئات المجتمع للتغيير ولبناء الدولة الجديدة، تفرض على اللقاء المشترك أعباء تحمل مسئولياته للمرحلة القادمة وإسقاط كل الحسابات الضيقة والمنفردة.جميل أن المشترك قد بادر بتوسيع تحالفاته بظهور لجنة الحوار الوطني وأخيراً المجلس الوطني والذي أعتبره مرحلة انتقالية نحو خلق التكتل الوطني المرن أو التجمع الرائد الذي يستطيع قيادة هذه القاعدة الاجتماعية الواسعة خلفه بخطوات توافقيه مرنة ومتوازنة لتحقيق أهداف الثورة.إن المهم في المرحلة القادمة المعبأة بالتحديات هو كيفية الاستمرار في إذكاء الحماس الشعبي بالاستمرار في تحقيق التواصل المتسق مع قاعدة الثورة وصنع آليات المشاركة الشعبية.إن الظروف الموضوعية الناشئة اليوم تستلزم وجود أداة سياسية وطنية تولد من رحم هذه الثورة الشعبية التي تصنع حالة ثورية غير مسبوقة في اليمن.وإذا استطاعت الثورة خلق أداتها السياسية الوطنية، فأنها ستحقق وستصنع التوافق الحقيقي الذي يؤسس للمستقبل والأجيال القادمة كون التوافق أساس التعددية السياسية.والتوافق الحقيقي، لا يقوم على اتفاقات مرحلية، لأن أي اتفاق مرحلي، لن يعني سوى تكريس النظام القديم، الذي قامت الثورة لإنهائه، وتصفية كل آلياته وقواعده المادية والفكرية والسياسية، وإقامة أسس وقواعد المجتمع المدني الحديث على أنقاضه.قد تكون عملية التصفية النهائية للنظام القديم تحتاج إلى بعض الزمن . ليكن ذلك، وهو أمر طبيعي، ولكن على أساس الاتفاقات الإستراتيجية بعيدة المدى، التي تخدم الوطن والأجيال القادمة.اتفاقات قائمة على عناصر دعم وتغذية الاستمرارية والتطور من الداخل، وتمده بالقوة للثبات والاستمرار في عملية التحديث، وتحصنه من التقلبات القاتلة وتحميه من محاولات الالتفاف عليه.هذا هو الخيار الأصعب أمام الثورة وأحزاب اللقاء المشترك وحلفاؤه، فالصراع الحاد الذي يتجلى اليوم بين قوى الثورة وبين القوى المعادية للثورة والتغيير،فأما أن يبقى التغيير أسمياً، لا يحمل أية سمة، أو محتوى، وأما أن يمضي المشترك مستنداً على القوة المادية الفاعلة في الحياة السياسية وهي قوة الثورة بزخمها الجماهيري الكبير، لتمتد مهماتها نحو إحداث تحولات جذرية ذات بعد اجتماعي تقدمي باستبدال البنى المتهالكة للنظام القديم ببنى جديدة متمثلة بقيام المجتمع المدني الحديث.إن جميع تلك العناصر المترابطة والمتشابكة، منوط بوضعها وصياغتها في سياقها الاستراتيجي مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي كما أشرت سابقاً أنه سيكون حجر الزاوية للانتقال التاريخي نحو ما ينشده شعبنا، بإعادة صياغة الإطار الشامل اليمني بتعدده اجتماعياً وتنوعه ثقافياً.وقاعدة هذه الصياغة هي صياغة دستور جديد يقوم على اتفاقات شاملة، وإعلان اتفاق اجتماعي عريض ضامن.يؤسس الدستور الجديد النظام الاتحادي الفدرالي للمجتمع اليمني، والذي يتكون بحسب الإشارة سابقاً من إقليمين ، إقليم الجنوب (بحدود اليمن الديمقراطية سابقاً) وإقليم الشمال (بحدود الجمهورية العربية اليمنية سابقاً)، بحيث يبنى على الأسس الجمهورية الديمقراطية الاجتماعية مستنداً على مواثيق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وضمان الأمن الاجتماعي، بما يجعل الدولة راعية اجتماعية لمواطنيها. كما هي التجربة الألمانية، حيث تنص المادة (20) من الدستور الألماني (جمهورية ألمانيا الاتحادية (الفيدرالية) دولة ديمقراطية واجتماعية. وينص هذا الدستور على هدف سام يتمثل في (العمل على تحقيق المساواة في الحقوق والواجبات والظروف المعيشية الجيدة لجميع الألمان، وفيما عدا ذلك فللولايات الألمانية مطلق الحرية في صياغة دستورها بالشكل الذي تراه مناسباً).كما وجدنا في الدراسة أن هناك عدداً من المزايا للنظام الفدرالي:وجود مستويين للحكم، مستوى الحكم الاتحادي، ومستوى الحكم الإقليمي، ولكل مستوى ميادين مستقلة، ويمارس كل مستوى سلطته مباشرة على مواطنيه، ويتم توزيع رسمي لحصص السلطتين التشريعية والتنفيذية.وينص الدستور على بند شرطي يضمن تمثيل آراء الأقاليم واحترامها في مؤسسات صنع السياسات الاتحادية.لا يمكن إجراء أية تعديلات على الدستور إلا بموافقة الإقليمين.وضع هياكل وقواعد الإجراءات الضامن تسهيل العلاقات في الميادين المشتركة أو في المهمات المتداخلة.تتجزأ السيادة بين الأقاليم من جهة، وحكم مشترك للدولة الاتحادية من جهة أخرى.تشارك الدولة الاتحادية سلطاتها مع مستويات الحكم الفيدرالي الجنوبي والشمالي، وجميعها في سلطاتها الخاصة بها أو المشتركة تخضع لنفس القوانين (الدستور والقوانين الدستورية) التي لا يمكن تغييرها من جانب واحد فقط.يحدد الدستور الفدرالي ضمن نص إلزامي وظائف وسلطات كل من الحكومة الاتحادية وحكومتي الإقليمين، وكذا وظائفهما وسلطاتهما المشتركة، فمن خلال ذلك التوزيع للوظائف والسلطات بين الحكومة المركزية وحكومتي الإقليمين، تلعب الفدرالية كنظام سياسي دوراً أساسياً في تطوير بنية الدولة السياسية والمالية، وتشجيع التمايز الثقافي والتعايش بين مكونات الدولة.1) الصلاحيات التي يختص بها الاتحاد:(أ) الدفاع والأمن (ب) السياسة الخارجية . (ج) المالية (د) الجنسية والهجرة. (هـ) حماية حقوق الملكية الفكرية والنشر. (و) التجارة الخارجية والتعاون الدولي.2) الصلاحيات التي يختص بها الإقليم:(أ) الإدارة المحلية والبلديات. (ب) القضاء والمحاكم (هـ) الشرطة، وحماية النظام والقانون العام. د) الصحة والتعليم والثقافة. (هـ) الرعاية الاجتماعية والضمان الاجتماعي (و) الخدمات العامة .(ز) تطوير البنى التحتية للقرى والأرياف.(3) الصلاحيات المشتركة بين الاتحاد والأقاليم:(أ) الطاقة. (ب) التجارة الخارجية . (ج) التنمية الثقافية والرياضية (د) السياحة (هـ) حماية البيئة . (و) مشاريع الصحة على المستوى الوطني. (ز) بعض مشاريع التربية (ح) الهجرة.. 4) لحل النزاعات تشكل محكمة عليا يكون التمثيل فيها متساوياً للأقاليم.في الخلاصة نجد أن الفيدرالية هي نظام سياسي يكون شكل الحكم فيه موزعاً بحسب الدستور بين حكومة مركزية وحكومات أصغر (الأقاليم أو الولايات) ويكون كلاهما معتمداً على الآخر ويتقاسمان السيادة في الدولة. أي أن الأرض تبقى موحدة في إطار شامل وهو الإتحاد والتقسيم يكون في السلطة والصلاحيات، كوسيلة لممارسة الديمقراطية وتحقيق الحرية السياسية، الأمر الذي يعد قاعدة صلبة للتكامل والتضامن المجتمعي لأن كل إقليم لديه استقلاله السياسي التام.[c1]ما قبل الاستخلاص[/c]المدافعون عن الوحدة، الرافضون للفيدرالية، يصورون الفيدرالية أنها ستؤدي إلى القضاء على الوحدة، وأنها أي (الفيدرالية) مقدمة للتمزق وتقويض سيادة الدولة، أي أنها تهديد للوحدة، زد على ذلك أنهم يجدون في الفدرالية مناخاً للصراع السياسي بين قوى تتنافس من أجل الاستقلال الذاتي والحكم على أساس سيادي.بينما في الواقع ومن تجربة شعوب كثيرة، أثبتت التجربة الفدرالية أنها تعني التعددية الإقليمية، حيث تجد الأقاليم أو الولايات أو المناطق خصائص الدولة، من خلال تقاسم السلطات السيادية بينها وبين الدولة المركزية استناداً على الدستور والقانون الدستوري والمؤسسات والهياكل الفدرالية، التي تمت صياغتها بتعاقد بين جميع مكونات المجتمع الفدرالي.وتحت مظلة الدستور وبإدارة الهياكل والمؤسسات الفدرالية يتم التجانس والانسجام بين الوحدات الاجتماعية وتجسيد التماثل الاجتماعي.وتُثْبت الفيدرالية في التطبيق أنها عدو المركزية، والحكم الفردي المطلق، بل تستوعب التنوع والتمايز والاستقلال الذاتي والتعاون المشترك الطوعي وصنع السياسات بأسلوب لا مركزي، أضف إلى ذلك أنها لا تقصي أحداً،وتنفتح على الجميع دون تصنيفات عقائدية أو أيديولوجية، والأهم أنها تضع المجتمع في سيره الطبيعي بحسب السنن الإلهية للتطور دون تعسف أو قهر.والجوهري في كل ذلك أنها تسهل الحصول على اتزان وتقارب مجتمعي بين المتمسكين بالوحدة وبين التنوع الطبيعي في المجتمع.. وكلما كان التنوع الاجتماعي تاريخياً وضارب الجذور في المجتمع كما هو أصيل في اليمن، يكون من الصعب التمسك بفرض الوحدة السياسية ولو بالموت أو بالقلوب؟![c1]استخلاص عام[/c]تثبت الأحداث اليوم بكل تعقيداتها وتفصيلاتها، حقيقة واضحة لا غموض فيها هي أننا بحاجة إلى استقرار سياسي واجتماعي، وكل المجتمع اليمني شمالاً وجنوباً بكل فئاته يتوق إلى الاستقرار، وأن لا يمكن الوصول إلى هذا الاستقرار ، إلا بصنع وخلق القواعد المتينة لبناء المجتمع المدني الحديث في اليمن. وأن الثورة الشعبية الشبابية كقوة مادية فاعلة في الساحة السياسية تفرض قيام توافق سياسي إستراتيجي فاعل لصنع اندماج اجتماعي جديد لكل مكونات المجتمع اليمني، بعيداً عن الفرع والأصل والحق التاريخي في السلطة.أن الذين يطالبون بالحق التاريخي في السلطة سواء في الجنوب أو في الشمال يجب أن يعوا جيداً ، أن التغيرات التي حدثت منذ أكثر من خمسة عقود وحتى اللحظة لا يمكن إزالتها ليعود الجنوب إلى خمسينيات القرن الماضي أو حتى عودة نظام الحزب الواحد، فذلك قد أصبح في ذمة التاريخ، كما يجب أن نعي أيضاً أن هذه الثورة قد صنعت وضعاً جديداً كل الجدة في الشمال، ولا تستطيع أية قوة مهما عظمت قدرتها على أن تعيد الوضع كما كان قبل الثورة، وفي خضم هذا التعارض في التوجهات وتعدد المشارب وتنوعها من الوحدة بالموت إلى دعوة الجنوب العربي إلى فك الارتباط يصبح تكوين الدولة المدنية أمراً ضرورياً في شكل نظام سياسي جديد يتمثل في الاتحاد الفدرالي، الذي سيشكل ضامناً للخير المشترك ومصالح المجتمع، فحماية المصالح المشتركة للمجتمع هي القاعدة التي يقوم على أساسها النظام الفدرالي.إذن اليوم الشعب هو صاحب السلطة المطلقة، وهو وحده من سيقرر ما يرتضيه من نظام سياسي للدولة المدنية.من هنا تأتي أهمية مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي تنتصب أمامه صياغة ملامح النظام الجديد وتحديد طبيعته المستجيبة للإرادة الشعبية، بصياغة دستور جديد للأجيال القادمة يحتوي شروط وضمانات توحيد الكيان الاجتماعي الوطني الحفاظ عليه والاستمرار في تطويره دون انحراف عنه أو انقلاب عليه، وليس دستوراً يفصل على النخب السياسية.وبناء عليه في الختام أجد من وجهة نظري أن قيام اتحاد فدرالي يمني هو خيار وطني صائب، وهو الحل الأفضل لوضعنا اليوم. فإن الجنوب سيحوز على استقلال سياسي تام في إقليم الجنوب، وبذلك ستتأسس دولة الجنوب على أسس وقواعد متينة ضمن القالب الشامل للاتحاد، وبنفس الوقت بهذا المنجز سيتملك كل الجنوبيين الشعور بالاعتزاز لأن تضحياتهم العظيمة والجليلة التي قدموها لأجل وطن حديث ديمقراطي وموحد، لم تذهب هدراً. وسيجعل الشمال على توازن ديمقراطي وتماسك اجتماعي، وسيجد في الجنوب سنداً مدنياً صادقاً، ورغم أن عملية البناء طويلة ومعقدة، إلا أن اليمن بشماله وجنوبه في إطار الدولة المدنية الفدرالية، القائمة على مفهوم الحرية وبناء الحياة على أساس الاتفاق المجتمعي، الحر، أقول بثقة كبيرة أنها خلال عقد من الزمن ستقفز قفزة نوعية عظيمة لاتقاس بالسنوات. [c1] Aden.December.2011 [/c]
|
آراء
هل ستنجح الفيدرالية في اليمن وكيف؟ ( 2 ـــ 2 )
أخبار متعلقة