(ولاتـــــــــه) الموريتانية
ولاته مدينة تاريخية موريتانية تبعد عن العاصمة نواكشوط 1350 كم على الحدود مع مالي وقد أعلنتها اليونيسكو موقعا للتراث العالمي.ويعود تاريخ بناء مدينة ولاته الموريتانية إلى القرون الأولى للميلاد، وكانت في البدء تسمى «بيرو» لكنها ازدهرت مع مجيء الدين الإسلامي، فأصبحت عقدة للتجارة الصحراوية، وأصبحت القوافل تتخذها مركز انطلاق لتجارة الذهب القادم من مالي إلى سواحل المتوسط .ومنذ مطلع القرن السادس عشر الميلادي عرفت مدينة ولاته بداية نهضة فكرية كبيرة، وأصبحت أحد أهم مراكز الإشعاع الثقافي العربي الإسلامي. فهاجر إليها عدد كبير من علماء مدينة تومبوكتو التي عرفت قلاقل. وفي الظروف عينها هاجر إليها علماء ومفكرون من فاس وتلمسان ومراكش، كما استقر بها بعض أهالي توات بجنوب الجزائر، وبعض العائدين من الأندلس التي سقطت نهائيًا بيد الأسبان، عام 1492.إن هذا الكم الهائل والمتنوع من المهاجرين رفد المدينة بمصادرها الثقافية التي بقيت حتى الآن، وسمح لها في الوقت نفسه بأن تتحول خلال القرون الخمسة الماضية إلى منارة ثقافية وعلمية وعاصمة من عواصم الفقه المالكي. كما نجد هذه الروافد المختلفة ماثلة في العمارة الولاتية البديعة. وفي عادات سكان المدينة شديدة التحضر وسط عالم صحراء بدوي، يبدو من غير المناسب تماما لهذه العادات الحضرية التي استقدمها الوافدون معهم من فاس وتلمسان وغرناطة وغيرها من الحواضر العربية العريقة في العمران والمدنية أن تلاقي قبولا.تشتهر البيوت الولاتية بجماليات العمارة العربية الإسلامية خاصةً منها الأندلسية والمغربية ، ويبدو ذلك من طراز مواد البناء، وأيضا في أنواع الزخرفة مع جنوح إلى البساطة بعض الشيء وميل إلى استخدام الخامات المحلية من فخار وجصٍ وجليز وحجارة ملونة عالية الجودة تضمن قوة البناء وانسجامه مع المشهد البيئي العام الذي وضع ولاته فوق مرتفعات الحوض جاثمةً بجلالها كقلعةٍ تحرس هدوء الصحراء. مازال مزار «البكاي» موجود في ولاته، وهو أحد المعالم الإسلامية، وتشتهر بأحوازها التي تزخر بالكثير من المعالم والمزارات الأخرى الكثيرة.مدينة ولاته الآن معرضة بكل تراثها الإسلامي العريق للغرق بفعل التصحر وزحف الرمال. وهذا هو سبب الحملة الدولية التي أطلقتها اليونيسكو من أجل المدن التاريخية الموريتانية الأربع.