لمن(الربيع) اليوم ؟!
جاؤوا لتحرير “ليبيا” من استبداد الفرد .. عبروا محيطات الدنيا و لبوا بكاء أمير الغاز و امتثلوا لفتوى عالم “الشريعة و الحياة” ..فساقوا في أنحاء “ليبيا” طائرات القصف التي لا ترحم “الطغاة” .!! وجئنا إليهم بأشنع الأوصاف .. طعنا في خاصرة نزاهتهم ، حملنا عقل المؤامرة .. سبقتنا شكوكنا في “نفط ليبيا” ، و لم نبك على نفط توزع طيلة أربعين عاماً لنضحك من غرائب “العقيد” .!!حملوا جنود الدفاع و خبراء التخطيط و السلاح .. طاروا و حلقوا .. نفذوا و زادوا على قرار مجلس الأمن .. فأمطروا كتائب “الطاغية” بقذائف “مجانية” .. و أحرقوا ألف ليبي يصلي العيد .. فلم تسكن مدامعنا .. و لم تسكت مدافعهم .!!و حملنا على النقيض سوءاتنا .. عارنا الذي لم يغتسل منذ قرون .. غباءنا الذي لا نستحق معه العيش على أرض تمتلئ بذهب أسود تتعطشه منطقة اليورو .. و أبراج مانهاتن مهددة بالضياع تحت وطأة الدين و ذل النهار (!!) .. و نحن نوزع ثرواتنا على ما يقض مضاجعهم ، و يحيي ربيع حركات التمرد ، و ينعش ملوك أفريقيا الباحثين عن “ملك الملوك” الثري .!!ذهبوا أول ما وطئوا إلى “رأس لانوف” و “البريقة” خاضوا مع رجال الثورة الأحرار معارك التحرير من قبضة الغاصب الليبي على نفط يخصب الدنيا بربيع شهي .. و تسلمه “النيتو” حامي الحرية ، رائد التغيير و صانع الفجر الجديد لـ”ليبيا الجديدة”.و ذهبنا نتلمس خطواتنا على وقع أخبار المساء ، نبحث عن نصر يحققه “الطاغية” على غزاة الفضاء ، و حملة السعي لتشريع و تحليل الاحتلال ، و تكفير الثائر القديم ، و تمجيد ثوار أغراهم لقب “الربيع العربي” فحملوا السلاح على السلاح و تطاير الدم الليبي في صحراء الكبار ، و تمدد الحزن، اختفى وقع الموت المحقق على رؤوس أنصار “العقيد” من نشرة المساء و أخبار الثامنة .. و حضر الضحية يبكي ، كان كل شهيد هناك قد أنفقت عليه طائرات “التحرير” مئات القذائف “المجانية” كي ينال شهادة يشتهيها و يذهب إلى حيث يرقد أصحابه السابقون .!!رفعوا الليبي إلى أمانيه التي يريد .. جنة عرضها السماوات و الأرض .. منحوه الموت الذي يقاتل لأجله .. فصعد إلى الفردوس يحسب شهادته في سبيل الله .!!و دفعنا لهم ما جاؤوا لأجله نفطاً عريضاً عميقاً .. منحناهم الطاقة التي يقاتلون لأجلها ، فنفذواإلى السلطان .. و أوصلونا إلى أمنية الاقتراع و الانتخاب و قوائم النسبية و العبثية وصندوق اللجان و حرية القول و تعددية الصحافة و الأحزاب .!! ، و هم من خلفنا أو أمامنا يذهبون بكل صناديق البترول و براميل النفط إلى خزائنهم .. يتنفسون ، و شهود العيان يغمضون أعينهم .. فلم نعد نشاهد سوى الحرية و الأعلام .. و من وراءها تتسرب أنابيب النفط .. و تتدفق الصداقات ، و تتوالد السفارات، و ينتهي العقاب .!![c1]ما أبشع ربيعنا ، و ألطفهـــم .!![/c]يأتي الشتاء ، فترتعد فرائصنا من لهف على الوقود والدفء و الحياة .. يطغى النزاع و نشغل أنفسنا لهثاً وراء أصوات الناخبين للسيطرة على المجلس النيابي و المحلي فيما فقدنا السيطرة على “رأس لانوف” .. يخترعون لنا المجالس التي تلهينا و النظريات التي تشدهنا .. و تتكاثر المجالس.. و يزدهر الغباء .!!نراكم أصوات النتائج ، نعدها .. و نهتف : ارفع رأسك فأنت اليوم حـر !! .. بلى أنت كذلك .. أنت حـر .. بلا نفط .. لا تملك شيئاً .. لا تنتمي لدين .. لا تعتقد بمذهب .. لا تحتويك أرض .. أنت مطارد .. و كل مطمع فيك يستهويهم .. يسلبك رداءك و يعري ثراءك و ثوراتك .. خذ لقب الفخار .. لكن لا تفكر بأرضك و ذهبك ..!!هم حرروك من طغيان الفرد .. و منحوك لقب الديمقراطية .. أوسعوك أحزاباً و اختلافا .. و عددوا ما تشاء من القوائم و ما لا تشاء .. فقط هو ربيعهم .. حين يأتي الشتاء القاسي يخضر يانعاً بزهور الياسمين .. و تخترق شوارع مانهاتن والشانزليزيه و روما أنهار الذهب الأسود .إنه ربيع شباب أوروبا .. و حلف “النيتو” وفرحتهم .. وبكائية أخلاق الفتية الليبيين على زعيم عجوز مزقوه بين أذرعهم.. و شربوا دمه الذي اشتعل دوماً على مصير “العرب” .. !![c1].. و إلى لقاء يتجدد.[/c]