رندا شوالة:تعجبت من قدرة القاضي حمود الهتار على الانتقال السريع والمفاجئ من موقف إلى موقف آخر نقيض تماما دون أن يضع أي اعتبار لذكاء كثير من العامة والخاصة، الذين يعرف جيداً انهم كانوا يتابعون كل ما يقوله باعتباره شخصية عامة تجذب الانتباه، فهو قاضٍ مشهور وكان رئيس منتدى قضائي ورئيس لجنة غير حكومية لحقوق الإنسان ورئيس لجنة حكومية كلفت بالحوار مع عناصر تنظيم القاعدة المعتقلين ثم الحوار مع الحوثيين، وأخيراً وزيراً للأوقاف أقيل بعد فترة طويلة من شغل المنصب.وسبب العجب هو تصريحه لصحيفة “الرأي” الكويتية المنشور يوم السبت 17 سبتمبر الحالي، والذي شكك فيه بعدم مصداقية الحكومة اليمنية في مكافحة الإرهاب، وفي التصريح نفسه كثير من التناقضات، ومع ذلك سنؤجل التعليق عليها بعد تذكير القاضي الهتار بأحاديثه وتصريحاته الكثيرة التي استمر يدلي بها لوسائل الإعلام المختلفة منذ تعيينه رئيسا للجنة الحوار مع العناصر الإرهابية في سبتمبر 2002م الى ما قبل استقالته أو إقالته من وزارة الأوقاف قبل اشهر من عام 2011م، ويمكن الرجوع إلى أحاديثه المنشورة في وسائل إعلام كثيرة، مثل صحيفتي “26 سبتمبر” و”الثورة” الحكوميتين وصحيفة “الغد” الأهلية وصحيفتي “الشرق الأوسط” و”الحياة”، ومواقع أخبارية مثل “الجزيرة نت” و”سبتمبر نت” و”النبأ” وغيرها، إلى جانب أحاديثه المتلفزة والاطلاع عليها متاح بسهولة من خلال الانترنت.منذ سبتمبر 2002م حتى مارس 2011م كان الهتار يكثر من الإشادة بالنظام اليمني وتجربته في مكافحة الإرهاب، ويبرئ النظام من التهم الموجهة إليه عبر الإعلام، ويصحح المعلومات حولها، ويقلل من خطر “القاعدة”، ويتباهى انه استطاع اقناع النظام بالافراج عمن قام بمحاورتهم داخل السجون، ويلقي باللوم على العلماء المتشددين والأحزاب ولا يلوم الدولة أو الحكومة.يقول الهتار: اليمن حاربت فكر “القاعدة” بالحوار.. اليمن شنت حربا فكرية على أفكار “القاعدة”.. الرئيس علي عبد الله صالح رجل الحوار الأول.. هناك فريقان في الحكومة حول التعاطي مع “القاعدة”: فريق يرى أن يكون الحوار أولاً وفريق يرى ان تكون الاجراءات الأمنية أولاً وفي الحالتين يحارب الإرهاب على جبهتين.وفي الفترة التي تولى فيها الهتار وزارة الاوقاف اتهم معاهد دينية ببث فكر التطرف الذي يعتنقه تنظيم القاعدة، وكان يتهم علماء دين بانهم يعقدون قضية مكافحة الإرهاب من خلال إصدار فتاوى بدوافع سياسية، وأن تلك الفتاوى خلطت الأوراق وقلبت المفاهيم الدينية، وكان أيضا يلوم المعارضة لأنها تنكر وجود الإرهاب، وفي الوقت ذاته كان يقلل من خطر تنظيم القاعدة في اليمن، وهو القائل: إن حجم “القاعدة” في اليمن لا يصل إلى 10 % مما هو في وسائل الإعلام الغربية، وكان يتباهى بأنه استطاع- بدعم وتوجيه القيادة السياسية طبعا- أن يحاور جميع المتطرفين في تنظيم القاعدة والجهاديين في اليمن والعائدين من افغانستان، لقد قال مرة جازما: اننا تحاورنا معهم جميعا بتبايناتهم ووصلنا الى نتائج ترضي الله ورسوله !!.وطوال تلك السنوات والى وقت قريب كان القاضي الهتار رئيس لجنة الحوار مع المتطرفين يخرج تباعاً الى وسائل الاعلام يصرح ويسرد البيانات: حاورنا 107 من “القاعدة” واعلنوا توبتهم ونبذهم العنف والارهاب.. بلغ عدد من حاورناهم 420 عضواً في “القاعدة” وتم الافراج عن 364 منهم.. تخلى 246 من اعضاء “القاعدة” عن الافكار المتطرفة وتم الافراج عنهم ويخضعون فقط لرقابة أمنية.. تم اطلاق سراح 43 من أعضاء “القاعدة” الذين حاورناهم في الجولة الأولى.. حاورنا في الجولة الثانية 120 عضواً وأسفر الحوار عن اقتناع 70 عضوا وسيفرج عنهم لاحقاً.. في الجولة الثالثة سنحاور 600 والجولة الرابعة والخامسة و... و.. وهكذا ظل يسرد هذه الأرقام عن عدد من حاورتهم اللجنة التي يرأسها وعدد من تابوا ومن تخلوا ومن.. ومن.. وعدد من تمكنت اللجنة إقناع الحكومة إطلاق سراحهم، وفي الوقت ذاته كان يقلل من خطر “القاعدة” ويقول: إن حجم الإرهاب لا يصل إلى 10 % عما هو عليه في الإعلام الغربي.هكذا تحدث القاضي الهتار طويلاً وباستمرار حتى وقت اقالته او استقالته قبل اشهر من هذا العام، أما اليوم فالهتار ينسف كلام الهتار والهتار يتناقض مع الهتار والهتار الذي يلوم المعارضة وشباب الثورة في انكار وجود الإرهاب هو نفسه ينكر وجوده في أرحب.. وغير ذلك من الكيد السياسي كما في تصريحه لجريدة “الرأي” الكويتية والذي اشرنا إليه في البداية، وأوضح فيه أن كل من حاورهم لم يرجعوا أو لم يرتدوا ثانية إلى الإرهاب، وهذا يكذبه كلام الهتار نفسه الذي أكد فيه انه حاور عدد كذا واقتنع عدد كذا فقط، ويكذبه زعيم تنظيم القاعدة ناصر الوحيشي الذي قال انهم أثناء ما كانوا يحفرون النفق الذي فروا عبره من سجن الأمن السياسي كانوا يستمعون لتصريحات الهتار حول الحوار معهم وتوبتهم ورجوعهم، وكانوا يضحكون لذلك سخرية منه..وفي تصريحه لجريدة “الرأي” يقول انه لم يحاور عدداً من اعضاء “القاعدة” الذين يتعامل النظام معهم.. وفي التصريح نفسه يناقض ذلك بالقول انه عرف عن عناصر من “القاعدة” اثناء الحوار معهم بأنهم يتعاملون مع النظام ويتلقون مكافآت، وما سبق يتناقض كلية مع قوله في وقت سابق: اننا تحاورنا معهم (جميعاً) بتبايناتهم ووصلنا الى نتائج ترضي الله ورسوله!!..ويقول الهتار إن النظام يدعم عناصر من أعضاء “القاعدة” في أبين لتخويف الغرب واخماد الثورة.. حسناً كيف إذاً يفسر الهتار الحرب الأقوى والأوسع التي شنتها وتشنها قوات النظام على تنظيم القاعدة في أبين أمام عيون العالم وبدعم سعودي وامريكي؟!!..ويقول الهتار إن ما يدور في أرحب لا علاقة لتنظيم القاعدة به، لكن تحركات الجيش هي السبب في المشكلة.. وهو هنا يتجاهل حقائق يعلمها، فمعروف ان منطقة ارحب هي من اكثر مناطق شمال اليمن وجوداً للقاعدة، ومعظم قيادات “القاعدة” أقامت فيها لبعض الوقت قبل هجوم الجيش عليها مطلع عام 2009م، ولا تزال عناصر “القاعدة” فيها كثيرة للغاية حسب تصريحات مسؤولين محليين، ويعلم الهتار ان معسكرات الجيش هناك موجودة منذ أكثر من أربعين سنة ولم تتسبب في مشكلة مع المواطنين، وان الحرب هناك تجري بين عناصر من تنظيم القاعدة ومسلحين من حزب الاصلاح موالين لما يسمى (قوات الثورة) للسيطرة على تلك المعسكرات من جهة وبين معسكرات تدافع عن نفسها.. وإليكم أخيراً نكتة الهتار وهي جوهر تصريحه، فقد قال: إن لجنة من النظام تتواصل مع تنظيم القاعدة تتكون من ثلاثة ضباط!!.ان الهتار كان رئيس لجنة الحوار مع من كان يسميهم المتشددين أو المتطرفين، ولم يسمهم باسمائهم يوماً، وهذه اللجنة كانت تضم علماء آخرين مثل مشرف المحرابي وحسن الشيخ ومقبل الكدهي وغيرهم، وهؤلاء لم يذكر أنهم أو احدهم شكك في مصداقية الحكومة اليمنية في مكافحة الإرهاب، ولو انهم يتابعون مكايدات الهتار فمن المحتمل ان يردوا على كيده!!.
الهتار يرد على الهتار في حديث الإرهاب
أخبار متعلقة