في خطابه الأخير بمناسبة العيد التاسع والأربعين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة أعاد الأخ رئيس الجمهورية تكرار دعوته لكافة الأطراف إلى الحوار من اجل إيجاد حلول للأزمة اليمنية الراهنة بدلاً من لغة الرصاص والمدافع وسفك الدماء ومما لفت انتباهي في كلمته تلك الجملة والعبارة التي قال فيها “ تعالوا لنتشاور.. لنتحدث في كل الأحوال ،أي مشكلة لا بد لها من حل ، نتحاور بدون سفك الدماء ، لماذا تسال الدماء ؟ ستطلعون على نهر من الدماء إلى كرسي السلطة ، لن يقبل بكم ولا يقبل أبناء الشعب اليمني أن نكون حكاماً على نهر من الدماء، ما هو الظلم؟ هذا هو الظلم بعينه .. عندما تزجون بالمواطنين إلى المحارق .. عندما تخيفون السبيل ، عندما تقلقونهم في مساكنهم وفي أحيائهم ولا يستطيعون أن يذهبوا إلى المدارس وإلى الجامعات نتيجة للإرهاب والخوف وإذا كنتم ترهبون المواطنين وأنتم خارج السلطة فكيف سيأمنكم شعبنا اليمني عندما تكونون على كرسي السلطة والأمن والجيش والإمكانيات في أيديكم؟ هذا وأنتم ترهبون المواطنين وليس بأيديكم شيء إلا العنف والإرهاب “ انتهى كلامه.إن من الغباء السياسي أن تقرأ أطراف الأزمة هذا الكلام ولا تفكر فيه ويكون لها تفاعل معه أو تجاوب إيجابي ولماذا لا يعطى الرجل فرصة أخيرة للتحاور معه حتى وإن كانت الثقة مهزوزة بين الأطراف المتنازعة لأن من الحكمة والحنكة في السياسة استغلال الفرص التي لا تعوض أما التصلب والعناد والمكابرة فليست من الحكمة في شيء وربما يخسر الجميع، هذه الفرصة التي قد لا تتكرر والحليم هو الذي ينتهج أسلوب المرونة والانفتاح على الغير ويصبر على الناس لأن الصبر من صفات ولاة الأمر الذين يهدون الناس إلى ما فيه خير الناس وصلاحهم . هذا الكلام عند الناس الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أما من سكرت أبصارهم وصمت آذانهم وران على قلوبهم ما كسبوا من المال الحرام والفساد والإفساد وهمتهم مصالحهم الشخصية الضعيفة وقدموها على المصلحة العامة فلا تنفعهم النصائح ولا المواعظ ولا يهمهم أمر الناس ولا من مات أو قتل حتى لو ذهب الوطن بأكمله إلى الجحيم .. و لقد جف قلمي وأنا أذكر كل أطراف النزاع في بلادنا بأنهم لو تقاتلوا ولم يبق منهم إلا فردان أو ثلاثة فإن هذا النفر في الأخير سيقتنع بمبدأ الحوار السلمي الحضاري ويجلسوا على طاولة المفاوضات حتى وإن كانت الثقة منزوعة بينهما لأنهم جربوا البنادق والرصاص والقتل والدم ولغة القوة ولي الذراع فلم يفلح طرف في إجبار الطرف الآخر الانصياع لرغباته أو الخضوع لاملاءاته. إن الوطن الآن بحاجة ماسة لكل جهود أبنائه وكفانا مماحكات ومكايدات وصراعات وإزهاق أرواح كثير من أبناء هذا الوطن إلى متى سيظل المجتمع يدفع ثمن صراعات السياسة والسياسيين أليس فيهم رجل رشيد يقدم مصلحة الوطن، قبل أنانيته وعناده؟ هل غابت الحكمة في أرض السعيدة التي تحولت إلى أرض التعيسة، اعقلوا يا حكماء السياسة واجلسوا على طاولة وتحاوروا قبل أن تندموا على هذه الفرصة يوم لا ينفع الندم فقد يتجاوزكم المجتمع ويستبدلكم بآخرين ثم لا يكونوا أمثالكم .
يا ليتهم يستفيدون من الخطاب
أخبار متعلقة