تنبكتو
مدينة تنبكتو في مالي من أهم العواصم الإسلامية في شمال أفريقيا، وجوهرة الصحراء المتربعة على الرمال، وهي بوابة العلم في أقصى المغرب الإسلامي، وملتقى القوافل البرية للقادمين من النيجر وليبيا ، ولتجار الملح القادمين من (تودني) ، وقد أنجبت العديد من الفقهاء والعلماء،وازدهرت فيها الحركة الثقافية ، وتعاقب عليها الغزاة، وتسمى منطقة تنبكتو في الأرشيف الخاص بجمهورية مالي (تريبي كل انتصر) لأن أغلب سكانها من الأنصار الطوارق وحلفائهم ، وتسميتها بتين بكتو منسوبة إلى ( بكتو) وهي عجوز مشهورة لدى العرب الطوارق، ثم يأتي الصنغاي والبرابيش، وبعض القبائل الزنجية الأخرى . بعد مائة عام من العزلة عاشتها تنبكتو عروس الصحراء ومهد حضارة الغرب الإفريقي، وبعد أن طويت في صفحات الماضي، ها هي تحاول جاهدة أن تنفض عن نفسها غبار الماضي لتعلن عن عودها، ولتواصل عطاءها الحضاري الذي بدأته قبل ألف سنة مضت. العودة المزمعة للحاضر بدأت بالآمال التي عاشتها مدينة تمبكتو منذ اندثرت معالمها وطوتها صفحة النسيان. بفضل جهود أبنائها أزمعت عدة شركات تجارية داخل وخارج مالي القيام ببناء أول مطار دولي في هذه المدينة العتيقة، التي يقصدها السياح من كل أنحاء العالم بغية الوقوف على أطلال المدينة الأسطورة التي امتلأت بها الكتب الأدبية في شتى الثقافات العالمية، حيث أضحى اسمها « تمبكتو » مثالاً يضرب لكل ناءٍ وبعيد. إقامة جسر جوي مباشر بين تمبكتو والعواصم العالمية هو الأمل الوحيد أمام هذه المدينة، التي عرفت بمدينة العلم والتجارة، لتستعيد دورها .رغم تواضع هذه المدينة اليوم، فإن معظم وكالات السفر تقدمها دائماً بـ(المدينة العجيبة) أو (جوهرة الصحراء)، وتمبتكو- لمن لا يعرف- متوأمة مع مدينة (سانت) الفرنسية مدينة المستكشف الفرنسي «رينيه كاييه» أول فرنسي دخل تمبتكو وكتب عنها ووصفها وصفاً دقيقاً في كتاباته عام 1828م . ولعل الخيال الأوروبي الواسع هو الذي جعل هذا الاهتمام يتضاعف رغم حالة الاحتضار التي تشهدها هذه المدينة، فرغم أن هذه الاكتشافات بدأت واستمرت بعد أفول شمس تمبتكو، إلا أن كتابات أصحابها تتحدث دوما عن سحر غامض .إن أهم ما يلاحظه الزائر اليوم هو الأثر المدمر لظاهرة التصحر، حيث أتت الرمال على الغطاء النباتي الذي كان يحيط بالمدينة، وردم فرع النهر الذي يبلغ طوله حوالي 7 كلم والذي يصل المدينة بالمجرى الرئيسي لنهر النيجر الذي كان يسهل نقل البضائع إلى قلب المدينة بواسطة الملاحة النهرية. و بالرغم من استغلال الحكومة المالية للسمعة التاريخية الواسعة للمدينة في جذب السياح الغربيين، إلا أن نصيبها من مشاريع البنية التحتية لا يكاد يذكر، ما أثر على السياحة في المدينة نفسها، فضلا عما نتج عن ذلك من مظاهر الفقر والبؤس، وبالرغم من هذه الصورة القاتمة إلا أن تنبتكو تبدو على الدوام شامخة ومصدر اعتزاز ومتعة إذا ما نظرنا إلى واقعها الثقافي .