إعداد / أماني العسيريبقدوم الشهر الكريم لايملك المسلم إلا أن يستعد لتغيير الكثير من عاداته اليومية التي يمارسها أيام الفطر ، وينبغي عليه أن يجتهد في الالتزام بكل ما يعينه على إكمال صومه ، و الابتعاد عما يمكنه إفساد الصوم أو جرحه من العادات السيئة ، ويتحلى بآداب الصوم قبل كل شيء ، وفي سياق ما سيأتي سنتعرف على كيف نبدأ بالصوم وماهي مفطراته وبعض الأخطاء التي يقع فيها الصائم وبعض الآداب التي يجب على المسلم التحلي بها أثناء الصوم . [c1]النية للصيام متى يبدأ ، وهل تشترط في كل ليلة ؟ [/c]تبدأ نية الصوم في الليل ولو كان في آخره ، فإذا نوى في آخر الليل فلا بأس، فالنية لا بد منها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات)، فلا بد منها في كل ليلة على الصحيح .إذن النية في الصيام لا بد من أن يبيتها الصائم ، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث حفصة: (لا صيام لمن لم يبيته من الليل) وفي اللفظ الآخر: (من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له) فالتبييت معناه نية الصيام في الليل، ولو في آخر الليل. [c1]بماذا يبدأ الصائم فطوره ؟ [/c]الصحيح أن يبدءا الصائم فطوره بالرطب ( التمر ) فان لم يجد الرطب فعليه ببعض الماء ، والدليل ما جاء عن أنس رضي الله عنه قال : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل الصلاة على رطبات فإن لم يجد فتمرات فإن لم يجد حسا حسوات من ماء ) والرطب له فائدة أن المعدة تحتاج إلى الشيء الحلو لتتقبل ما يأتي إليها بعد ذلك والماء لأجل اليبوسة التي تصيب الكبد فيحتاج ما يلينها كما قاله ابن القيم .ومن فائدة الإفطار على التمر من الناحية الصحية ، انه يساعد على إمداد الجسم السريع بالجلوكوز إذ يرتفع تركيزه بسرعة في دم الوريد البابي الكبدي فور امتصاصه ويدخل إلى خلايا الكبد أولاً ثم خلايا المخ والدم،والجهاز العصبي لتكون السكريات غذاؤها الأمثل والأيسر للحصول منها على الطاقة. ومن الجيد أن لا يبدأ الصائم فطوره بأكلات خالية من العناصر المغذية التي يحتاجها الجسم في ذلك الوقت . [c1]مفطرات الصوم [/c]من الأمور الواجب الابتعاد عنها أثناء الصوم :الأمر الأول : الأكل والشرب ، وهي من البديهيات الواجب الابتعاد عنها .وهناك ثلاثة أشياء تدخل في معنى الأكل والشرب :أولاً : القطرة في الأنف ، التي يعلم أنها تصل إلى الحلق ، وهو مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم : «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً» أخرجه مسلم من حديث لقيط رضي الله عنه. فالحديث يفهم أنه لو دخل الماء من الأنف إلى الجوف فقد أفطر، ثانياً المحاليل المغذية التي تصل إلى المعدة من طريق الفم ، أو الأنف ، و كذا الإبر المغذية فإنها تقوم مقام الأكل والشرب فتأخذ حكمها ، لأن المريض يبقى على المغذي أياماً دون أكل أو شرب ، و لا يشعر بجوع أو عطش . الأمر الثالث : الجماع ، خلال نهار رمضان حرام على الرجل والمرأة الواجب عليهما الصوم فيه ، وهو مفطر بالإجماع وفي فعله إثم وكفارة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال : يا رسول الله هلكتُ ، قال : ما لك ؟ قال : وقعتُ على امرأتي وأنا صائم في رمضان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال : لا ، قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال : لا ، فقال : فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ قال : لا ، قال : فمكث النبي صلى الله عليه وسلم فبينا نحن على ذلك أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق - أي : قفة كبيرة - فيها تمر ، قال : أين السائل ؟ فقال : أنا ، قال: خذها فتصدق به ، فقال الرجل : أعلَى أفقر مني يا رسول الله ؟ فوالله ما بين لابتيها - يريد الحرتين - أهل بيت أفقر من أهل بيتي ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ، ثم قال : أطعمه أهلك.الأمر الرابع : إنزال المني باختياره بمباشرة ، أو استمناء ، ونحو ذلك ؛ لأنه من الشهوة التي أمر الصائم أن يدعها كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « يدع شهوته ، وأكله ، وشربه من أجلي» متفق عليه .الأمر الخامس : التقيؤ عمداً ، وهو مفطر بالإجماع ، أما من غلبه القيء فلا شيء عليه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء ، ومن استقاء فليقض» أخرجه أصحاب السنن بسند صحيح ، « وإسناد أبي داود وغيره فيه إسناد الصحيح». وصححه ابن تيمية في حقيقة الصيام .الأمر السادس : خروج دم الحيض والنفاس ، وهو مفطر بالإجماع.فمتى وجدت المرأة دم الحيض أو النفاس في آخر جزء من النهار فقد أفطرت، أو كانت حائضاً فطهرت بعد طلوع الفجر لم ينعقد صومها ، و تكون مفطرة ذلك اليوم . [c1]الاسترخاء و القيلولة للصائم [/c]القيلولة لازمة وضرورية للصائم في نهار رمضان من اجل استعادة النشاط ولو كان جزئيا ، ويجب أن تكون لبعض الوقت يستيقظ بعدها لمتابعة نشاطه اليومي ، ومن المضر صحيا أن يقضي الصائم طيلة النهار نائما فقد أكد الباحثون أن القيلولة في النهار لمدة لا تتجاوز 40 دقيقة لا تؤثر على فترة النوم في الليل ، أما إذا امتدت لأكثر من ذلك ، فقد تسبب الأرق وصعوبة النوم . [c1] آداب الصوم [/c] الاستعداد له بتقديم التوبة عما فات من المعاصي ، والإقلاع عن الذنوب وارتكاب المحارم . التوكل على الله سبحانه وتعالى في السر والعلانية بنية صادقة . استعمال الجوارح في العبادات والطاعات، وكفها عن المعاصي والأذى، وهو أهمها . استحباب تلاوة القرآن الكريم . استحباب الاجتهاد في العبادة والتفرغ لذلك، كالإكثار من الصلاة الخاصة بالشهر المبارك، والنوافل وغير ذلك . استحباب القيلولة للصائم، وهو النوم في الظهيرة، وهي أيضاً الاستراحة في الظهيرة وإن لم يكن معها نوم . استحباب الإسراع في تخليص الذمة من سائر الحقوق، كرد الأمانات والقروض، وخاصة حقوق الناس، وحقوق الله ، ومن أهمها أداء الخمس لمن وجب عليه . استحباب الصبر على شتم من يشتمه . استحباب كثرة التصدق . [c1]أخطاء يقع فيها بعض الصائمين والصائمات [/c]من الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين والصائمات في شهر رمضان : - استقبال هذا الشهر الكريم بالمبالغة في شراء الأطعمة والمشروبات بكميات هائلة بدلاً من الاستعداد للطاعة والاقتصاد ومشاركة الفقراء والمحتاجين. - تعجيل السحور، وهو ما يقع من بعض الصائمين، وهذا فيه تفريط في أجر كثير، لأن السنة في ذلك أن يؤخر المسلم سحوره ليظفر بالأجر المترتب على ذلك لاقتدائه بالنبي صلى الله عيه وسلم. - تعمد الشرب أثناء أذان الفجر، وهذا بفعله قد أفسد صومه خاصة إذا كان المؤذن دقيقاً في توقيته للأذان. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: الأذان لصلاة الفجر إما أن يكون بعد طلوع الفجر أو قبله، فإن كان بعد طلوع الفجر فإنه يجب على الإنسان أن يمسك بمجرد سماع الأذان لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: { إن بلالاً، يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر } . - أن بعض الناس إذا بلغه أن هذه الليلة هي أول ليلة في رمضان لا يصلي صلاة التراويح، وهذا خطأ فإنه بمجرد رؤية هلال رمضان يكون المسلم قد دخل في أول ليلة من ليالي رمضان فمن السنة أن يصلى التراويح مع جماعة المسلمين في المسجد في تلك الليلة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا نسي أحدكم فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه } [أخرجه البخاري] - تحرج البعض من استعمال السواك في نهار رمضان، وربما ظن أن استعمال السواك يفطر، وهذا خطأ. قال صلى الله عليه وسلم : { لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة } [متفق عليه] . - غفلة بعض الصائمين عن الدعاء عند الإفطار فمن السنة الدعاء عند الإفطار لما في ذلك من الفضل العظيم ، والصائم من الذين لا ترد دعوتهم . فعن انس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر } [رواه أحمد وصححه الألباني] . ومن الأدعية الواردة الصحيحة ما كان يقوله عند الإفطار: { ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله } [صحيح أبي داود] . - انشغال بعض الصائمين بالإفطار عن متابعة أذان المغرب، وهذا خطأ فإنه يسن للصائم وغيره أن يتابع المؤذن ويقول مثل قوله، فعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال: { إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن } [متفق عليه]. وتكون متابعة المؤذن مع مواصلة الإفطار وعدم الانقطاع لعدم ورود النهي عن الأكل حال متابعة المؤذن وترديد الأذان . والله أعلم . - سرعة الغضب والصخب والرفث، في نهار رمضان وينبغي للصائم أن يتمثل بحديث النبي : { الصوم جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل: إني صائم } [رواه البخاري، ومسلم] . ـ تحرج بعض الصائمين من بلع الريق في نهار رمضان وما يصاحب ذلك من كثرة البصق بحجة عدم إفساد صومه، وتأذي المسلمين بهذا. والصحيح : أنه لا بأس من ابتلاع الريق ولو كثر ذلك، ولكن إذا كان بلغماً غليظاً كالنخامة فلا يبلع بل يبصق في منديل ونحوه. ولا يكون ذلك بصوت يؤذي من حوله.
|
رمضانيات
صوم رمضان .. آدابه ومفطراته وأخطاء الصائمين
أخبار متعلقة