إعداد/ محمد أحمد الدبعيالولادة مرحلة حاسمة في حياة الأسرة يستبشر بها الأبوان خصوصاً إذا كانت الأولى ويتحينون الساعة التي يرزقون فيها بالمولود لتقر أعينهم به ويهنؤون بالعيش بمعيته.وعلى الطرف الآخر تقف الولادة قبل الأوان حجر عثرة أمام الأبوين اللذين يخشيان تبعاتها وآثارها السلبية على الأم ووليدها، مع أنها في بعض الأحيان قد تأتي بالفرج الذي يزيل عن الأم المتاعب العصبية والإرهاق الرهيب وتخلص الجنين من عناء جم وخطر محقق.إننا أمام مشكلة مغيبة ـ على أهم يتها- إلى حد كبير إعلامياً ألا وهي مشكلة الولادة قبل الأوان، وسنعرض تفاصيل كثيرة عنها ومنها ما يلزم للحفاظ على سلامة المواليد الخدج من تدخلات ورعاية.[c1]المولود الخديج[/c]خصائص كثيرة تميز المولود الخديج عن المولود العادي، أهمها أن رأس الخديج مستدير أو بيضاوي الشكل حجمه كبير مقارنة بحجم جسمه، ورقبته وأطرافه قصيرة نسبياً، أما جذعه فعريض وطويل والعينان جاحظتان.ويبدو لسان الخديج كبير الحجم ويبرز خارج الفم بسهولة، كما أن قفصه الصدري أقل صلابة عن القفص الصدري للمولود العادي، والبطن منتفخة وكبيرة الحجم والسرة بارزة، وغالباً ما تصاب بالفتاق.إن الأعضاء الجنسية الخارجية للخديج صغيرة، والجلد يبدو متجعداً ـ في العادة ـ وذا حمرة باهتة وترى من خلاله الأوعية الدموية السطحية.واللافت في الأمر أن المولود الخديج قليل النشاط والحيوية، وبكاؤه ضعيف وقدرته على المص واهية، والحركات التنفسية له ليست منظمة ولا مستقرة (لا في حجمها ولا في سرعتها).أما حرارة جسمه فهي ـ عادة ، منخفضة غير مستقرة تتأثر بتقلبات حرارة الوسط الخارجي.كذلك إفرازه للعرق بغزارة يجعله عرضة لارتفاع درجة الحرارة بصورة مفاجئة عند زيادة درجة الحرارة في الوسط الخارجي.بالإضافة إلى أن اليرقان الفسيولوجي أشد اصفراراً وأطول مدة عند الخديج منه عند المولود العادي.كثيراً ما يتعرض الخديج للكثير من نوبات الازرقاق في اللون، والنوبات العابرة من الازرقاق بطبيعة الحال دليل عل التعرض للبرد أو الإفراط في الطعام أو الإسراع في تناوله أو انتفاخ البطن أو التعب والإجهاد.لكن النوبات المتكررة منها على فترات منتظمة الملاحظة لدى الخديج هي دليل على وجود تقلص رئوي خلقي أو أذى في الدماغ أو عاهة قلبية أو إنتان شديد. غير أن ازرقاق اللون الدائم يتنافى مع استمرار الحياة، كونه ينجم عن أذى شديد في الدماغ أو عاهة قلبية خلقية أو تقلص رئوي خلقي.[c1]أسباب الخداج[/c]بعض العوامل المسببة للولادة قبل الأوان لها تأثير سلبي مباشر على الوليد، وبعضها الآخر لا يترك أي أثر قط.وبالمقابل قد تكون الولادة قبل الأوان ضرورة طبيعية في بعض الأحيان لتفريج إرهاق الأم الحامل أو لتخليص الجنين من ضيقه وعنائه.وهذا ادعى إلى بيان الأسباب المؤدية إلى الخداج أي الولادة قبل الأوان، حيث أنها متعددة وأهمها:ـ التوأمة أو تعدد الحمل.ـ انسمام دم الأم الحامل: سواء أكان هذا الانسمام باليوريا (البولينا)، أم بثاني أكسيد الكربون (كما نرى بالتسمم بالفحم المحترق جزئياً)، أو بالكحول أو بالمعادن الثقيلة مثل الرصاص والزئبق والألمنيوم وغيرها.ـ أمراض الأم المزمنة، وأهمها: الزهري ـ السل الرئوي.ـ التهاب الكلى الحاد والمزمن . أمراض القلب لا سيما الناجمة عن تضيق الصمامات أو عجزها أو وهنها.ـ الاضطرابات الهرمونية كتضخم الغدة الدرقية.ـ سوء تغذية الحامل أو إصابتها بمرض حاد كحمى التيفوئيدأو الكوليرا أو بإحدى الحميات الاندفاعية مثل (الحصبة الألمانية والحمى القرموزية).ـ الاضطرابات الغذائية مثل نقص الفيتامينات (D. BI. E ) فقر الدم، داء السكر.ـ تنافر الزمر الدموية (A.B.O.AB ).ـ العامل الريصي (عامل روزس) (RH FACTOR ).ـ إصابة الرحم والمسالك التناسلية بأحد الأضرار السلبية مثل:ـ إنفجار الأغشية الجنينية المبكر.ـ التهاب الرحم.ـ زيادة السائل الأمينوسي.ـ ضيق الحوض وتشوهاته (من تسطح أو اعوجاج أو انبساط).ـ تشوهات العمود الفقري.ـ عيوب الرحم والمسالك البولية.ـ انفصال المشيمة.. تقدم الأم في السن..الحمل المتكرر على فترات قصيرة.. رضوض الرحم، كان تتشاجر الحامل مع زوجها أو مع إحدى جاراتها فترفسها على بطنها.. رضوض جسم الأم الحامل.. المداخلات الجراحية غير الولادية.. الصدمات العاطفية الشديدة كحال فقد أحد أولادها أو أي عزيز عليها أو عندما تطلق من زوجها.ـ الاضطرابات النفسانية الشديدة كالخوف والرعب نتيجة حدوث كارثة أو حريق أو انفجار مدوٍ أو حادث اصطدام.هذه هي جملة الأسباب للولادة قبل الأوان (الخداج) ذات الصلة بوضع الحمل والأم الحامل، وأهم ما يتعلق بالجنين من أسباب في هذا الإطار:ـ إصابة الجنين بإحدى الآفات التالية:التشوهات الولادية والعيوب الخلقية، كالمسخ (المسخ عديم الدمغ، المسخ عديم القلب، المسوخ الملتصقة)، والاستسقاء الدماغي.. ضخامة الجنين وازدياد نموه عن الحد الطبيعي.ـ اضطرابات الجنين لسوء تغذية ناجم عن ضعف الأم.ـ المجيئات المعيبة: كالمجيء بالمقعدة والمجيء بالوجه ،بالكتف.ولا تقف المشكلة عند حدود الأسباب التي أوردتها فهناك مواليد كثر يولدون قبل الأوان أو يولدون صغيري الحجم غير مكتملي النمو من دون معرفة الأسباب التي قادت إلى ذلك.[c1]الوقاية ومتطلباتها[/c]الوقاية من الولادة قبل الأوان مسالة تتطلب عدة أمور منها:ـ الحفاظ على الحمل لبلوغه الحد الطبيعي الذي لا يترتب عليه أي ضرر على الأم أو الجنين.ـ معالجة الأمراض الحادة لدى الأم الحامل.ـ الاعتناء بتغذية الحامل وخاصة ما يتعلق بالمواد البروتينية والفيتامينات.ـ تجنيب الأم الحامل الإجهاد والتعب.ـ تجنيب الأم الحامل الهموم والأحزان والصدمات العاطفية.ـ تأدية الحامل كل يوم حركات رياضية ملائمة كرياضة المشي والتنزه في الهواء الطلق وفي الأماكن البعيدة عن أجواء المدينة وصخبها.[c1]عوائق فسيولوجية[/c]ثمة عوائق فسيولوجية تعترض الخديج بسبب قصر المدة التي قضاها في الرحم وما ينجم عن ذلك من عدم الاكتمال والنضوج في نمو الأعضاء وتطورها، بالإضافة إلى الأخطار التي تنجم عن الرضوض التي تسبب أذى للجنين وكذا العاهات الخلقية التي تتعارض مع الوظائف العضوية السوية.وأهم هذه العوائق الفسيولوجية:ـ صعوبة التنفس: تظهر عند الخديج في نوبات الاختناق وازرقاق اللون والالتهاب الرئوي.ـ عدم قدرة الخديج على ضبط حرارة جسمه: ويظهر ذلك في نوبات ارتفاع درجة الحرارة وانخفاضها بصورة فجائية.ـ قصور الكليتين أو عجزهما عن أداء وظيفتهما.ـ اضطرابات الجهاز الهضمي: كصعوبة التغذية أوالاستفراغ والإسهال.ـ ازدياد تمزق الشعيرات الدموية، ما يترتب عليه حدوث نزيف.ـ سوء توليد الدم بمختلف عناصره: ويظهر ذلك في فقر الدم والنزف والاستعداد للانتانات.ـ ازدياد كمية الماء المختزن في الجسم داخل الخلايا وخارجها: ويستدل على هذا من خلال [c1]التورم والالآم.[/c]ـ سوء انتقال الأملاح المعدنية والفيتامينات من الأم إلى الجنين عبر المشيمة، الأمر الذي يفضي إلى الكساح وفقر الدم اللذين يصيبان الخديج بعد الولادة.ـ سوء انتقال الأجسام المضادة من الأم إلى الجنين عبر المشيمة، ويظهر ذلك في (الإنتانات الفيروسية والبكتيرية) التي تصيب المولود الخديج بسبب انخفاض نسبة المناعة أو انعدامها.ـ عدم نضوج وظائف الكبد، ما يؤدي إلى انخفاض معدل السكر واحتباس الصفراء وانخفاض معدل البروتينات وانخفاض معدل (البروثرومبين) في الدم، وتظهر أعراض هذه الاضطرابات المختلفة في الصدمة (في حال انخفاض معدل السكر بالدم) وفي اليرقان (لدى احتباس الصفراء في الدم)، وفي التورم والإنتان (في حال انخفاض معدل البروتينات بالدم)، وفي النزف (عند انخفاض معدل البروثرومبين) في الدم.[c1]وفيات الخدج[/c]الخداج سبب كبير من أسباب الوفاة للمواليد في الأسابيع الأولى بعد الولادة.وبصورة عامة يمكن القول إن نسبة الوفيات تعتمد على وزن المولود عند ولادته، فكلما كان الوزن خفيفاً عند الولادة ارتفعت نسبة الوفيات، وأغلب الوفيات تحدث في الساعات الأربع والعشرين الأولى بعد الولادة.وفي أغلب الأحيان يكون القصور التنفسي سبباً معجلاً للموت، وبعد انقضاء الثماني والأربعين ساعة الأولى يصبح (الإنتان) سبباً رئيسياً للوفاة، ولا شك في أن للنزف داخل جمجمة الخديج دوراً كبيراً في الوفاة حيث أن بعض أنواع هذا النزف يبدو سبباً في الوفاة بصورة جلية، وبعضها يبدو مساعداً فقط.وفي مختلف أعضاء الجسم كالرئتين أو الكليتين أو القناة الهضمية يبدو أن قدراً من عدم النضوج والاكتمال السبب المباشر في حدوث الوفاة.[c1]العناية بالخديج[/c]الوقت عامل مهم بالنسبة للمولود الخديج، لأن أكثر الوفيات تحدث في الأربع والعشرين ساعة الأولى.. وبالتالي من الضروري جداً وضع جميع الوسائل الوقائية موضع التنفيذ الفوري منذ اللحظة الأولى، ومتى عُلم أن ولادة قبل الأوان باتت وشيكة وجب على الأم الحامل التهيؤ للولادة في المستشفى التي سيعقبها نقل المولود الخديج إلى الحضانة واتخاذ ما يلزم للحفاظ على حياته.فإذا تبين لنا أن الجنين في ضيق أثناء عملية الوضع وجب حينئذ إعطاء الأم كميات وافرة من الأكسجين، فذلك يساعد الجنين ويفرج ضيقه أثناء مروره عبر القناة التناسلية.وبعد الوضع وعندما يصبح المولود كلياً خارج الرحم يأتي التريث في قطع الحبل السري، فلا نسارع إلى قطعه إلا بعد أن يتوقف النبض فيه، كونه يكسب المولود الخديج كمية لا يستهان بها من لدم وهو في أمس الحاجة إليها.كما يجب الإسراع في تخليص الخديج من المواد (الأمنيوسية) والإفرازات المخاطية المتراكمة في مجاريه التنفسية، وإعطائه الأكسجين على الفور عقب شفط هذه المواد.وبعد ذلك يوضع المولود الخديج في حضانة دافئة ويترك دون تحريك إلا في حال الضرورة.وبصورة عامة يمكن القول إن المولود الخديج يجب أن يقضي في الحضانة مدة تعادل المدة التي نقصت طيلة بقائه في الرحم.لا ينبغي تعرية الخديج عند القيام بأعمال العناية بدون مبرر حقيقي لذلك، وأيضاً إعطاؤه فيتامين (k ) حقناً بالعضل، وتكرار ذلك ضروري عند حدوث نزف في أي جزء من أجزاء جسمه، إلى جانب استبعاد الأدوية المنعشة للقلب والحركة الدموية التنفسية إلا إذا استدعت الضرورة استعمالها.وعلى عاتق الممرضات اللواتي يوكل إليهن أمر تمريض المولودين قبل الأوان والعناية بهم القيام بأعباء هذه المهمة الشاقة والدقيقة. فنجاح هذه العناية متوقف على المراقبة الدائمة والانتباه المستمر.. حيث يوضع الخديج في حضانة خاصة تحدد درجة الحرارة والرطوبة فيها بعناية فائقة، وتوضع في غرفة مكيفة الهواء مصممة بصورة خاصة للمولودين قبل الأوان، تحت رعاية ممرضات ليس لهن عمل سوى العناية بهم.[c1]مغادرة الخديج الحضانة[/c]خروج الخديج من الحضانة وانتقاله إلى البيت مرهون بقدرته على ضبط حرارة جسمه وتنظيمها والاحتفاظ بدرجة حرارة مماثلة لدرجة حرارة الوسط الذي يعيش فيه، أي (22 ـ 25 درجة مئوية). أيضاً خروجه من الحضانة مرهون بتلاؤمه مع نظامه الغذائي وازدياد وزنه بصورة مطردة ومستمرة وعدم وجود أي فقر دم عنده، ويحسن بالوالدين وكذا المسؤولون بالمستشفيات إبقاء الخديج في الحضانة إلى أن يصير وزنه ثلاثة كيلو غرامات.ومن الضروري كذلك أن يكون هناك ازدياد مطرد في وزنه حتى ولو لم يبلغ وزناً معيناً أو محدداً. فإذا كانت حالته الصحية جيدة أو إذا كان تطوره ونموه بصورة حسنة، فعندئذ يمكن إخراجه من الحضانة ونقله إلى بيئته المنزلية، وهو سيتكيف في البيئة الجديدة وسيزيح القلق عن الأم بسبب وضعها مولوداً قبل الأوان وابتعادها عنه طيلة فترة العناية به في الحضانة، وفي المنزل سيعطى الخديج الثدي أو يعطى لبن أمه بعد أن يكون قد شفط من الثدي إذا كان هناك أي عائق ميكانيكي يحول دون إعطائه الثدي مباشرة.
رعاية الأطفال الخدج
أخبار متعلقة