أمين عبدالله إبراهيم:ما من شك في أن إنشاء وتشكيل اللجان التنسيقية للأنشطة والفعاليات السكانية في عدد من محافظات الجمهورية كان نقلة نوعية وخطوة متميزة في مجال العمال السكاني، حيث أمكن من خلالها توسيع وتعميم مختلف البرامج والأنشطة والفعاليات السكانية الهادفة إلى نشر وتعزيز الوعي والثقافة لدى كافة أفراد المجتمع خاصة في ما يتعلق بالتوعية بأهمية تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية، على جميع المحافظات والمديريات والقرى والمناطق الريفية اليمنية دون استثناء، وهو الأمر الذي ما فتئت الامانة العامة للمجلس الوطني للسكان، تسعى وتعمل جاهدة على تحقيقه وتطويره منذ ما يقرب من عشرة أعوام، وتحديداً منذ عام 2000م، عندما اتخذ المجلس الوطني للسكان قراراً ـ في اجتماع له ـ قضى بتشكيل لجان تنسيقية للأنشطة السكانية في المحافظات تعمل على تنفيذ السياسة الوطنية للسكان وتحقيق أهدافها.الحكومة برئاسة رئيس مجلس الوزراء رئيس المجلس الوطني للسكان جاءت لتعزز وتدعم ذلك التوجه حينما أصدرت قرارها في عام 2002م، الذي قضى بتشكيل لجان تنسيق الأنشطة السكانية في خمس محافظات هي (عدن، تعز، الحديدة، حضرموت، مأرب)، ونظراً لأهمية وفاعلية هذه اللجان التنسيقية ودورها الايجابي في عملية تحسين وتطوير وتوسيع قاعدة العمل السكاني والنهوض بمستوى أفضل في مجال العمل التوعوي بقضايا تنظيم الأسرة والصحة الانجابية والقضايا السكانية والصحية الأخرى، فقد أصدرت الحكومة قرارا آخر في عام 2004م، لتشكيل لجان تنسيقية أخرى في أربع محافظات هي (لحج، حجة، الضالع، عمران)، تلاها تشكيل لجان في سبع محافظات أخرى جديدة.الأمانة للعامة للمجلس الوطني للسكان من جهتها سارعت وعلى الفور ـ بكل جد واهتمام ـ إلى ترجمة تلك القرارات الداعمة لمسار العمل السكاني على أرض الواقع، وقامت بتنفيذ زيارات ميدانية للمحافظات المختارة وانشأت فيها سكرتارية فنية مجهزة بالكمبيوترات والأدوات اللازمة لعمل اللجان التنسيقية للأنشطة السكانية، كما عمدت الأمانة العامة للمجلس إلى تنظيم وإقامة العديد من الندوات والدورات التدريبية واللقاءات في تلك المحافظات هدفت من خلالها تزويد القائمين على اللجان التنسيقية بالمعلومات والبيانات والمؤشرات الديموغرافية والأبحاث والدراسات والأدبيات التي تبين لهم بوضوح واقع الأوضاع والمشكلات والقضايا السكانية التي تشهدها وتعيشها بلادنا بسبب التزايد الكبير والسريع في اعداد السكان، وكذلك لتعريفهم بالمهام والاعمال الموكلة إليهم، وذلك بهدف تسهيل تنفيذ الاعمال والبرامج والانشطة والفعاليات السكانية المطروحة في أجندة اللجان التنسيقية خصوصاً فيما يتعلق بجانب التوعية السكانية.ان فكرة توسيع الأنشطة والفعاليات والعمل السكاني عموماً في المحافظات لم تأت من فراغ وإنما جاءت نتيجة للالتزام والتوجه السياسي الجاد والواضح نحو اللامركزية الإدارية ونقل الصلاحيات للمحافظات، هذا من جانب، ومن جانب آخر لتداخل وتكامل القضايا السكانية واتساع مجالاتها التي تستدعي وتتطلب تضافر كل الجهود الرسمية والشعبية وعلى مختلف المستويات.ومن هنا أستطيع أن أؤكد ـ بناءً على تلك الفكرة الآنفة الذكر ـ أن عملية تنفيذ هداف السياسة السكانية، وتفعيل عمل لجان تنسيق الأنشطة السكانية في المحافظات وتحقيق الغايات التي انشئت من اجلها هذه اللجان، لايمكن لها ان تتحقق بالشكل المطلوب مالم يكن هنالك تنسيق وتعاون وتكامل جاد وفعلي مع المجالس المحلية المنتشرة في عموم مديريات ومحافظات الجمهورية، وذلك نظراً للأهمية والصلاحيات الكبيرة التي تتمتع بها هذه المجالس وما لها من دور مهم وحيوي في العمل الرسمي والشعبي والجماهيري وحشد الموارد المحلية للمساهمة في رفع الوعي تجاه القضايا السكانية والمشاكل الناجمة عنها والتي تمثل عائقاً كبيراً أمام تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة التي تعد الهدف المشترك لكل من المجالس المحلية ولجان تنسيق الأنشطة السكانية في المحافظات.ولم يكن ذلك الأمر ـ أي اشراك المجالس المحلية في مجال العمل السكاني ـ غائباً عن بال واهتمامات قيادة الأمانة العامة للمجلس الوطني للسكان والمسؤولين فيها لقناعتها الكبيرة بأهمية الدور الايجابي الذي يمكن ان تلعبه المجالس المحلية في عملية التوعية بقضايا تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية والقضايا السكانية الأخرى، وما يؤكد ذلك الاهتمام والتوجه الجاد نحو تفعيل وتوسيع قاعدة المشاركة في مجال العمل والتوعية السكانية عقد اللقاءات التشاورية مع مسؤولي المجالس المحلية في المحافظات لتفعيل دورهم في تحقيق السياسة الوطنية للسكان.ومما لاشك فيه ايضاً أن أهداف السياسة الوطنية للسكان ومهام لجان تنسيق الأنشطة السكانية في المحافظات والغاية التي تم من اجلها إنشاء هذه اللجان لايمكن أن تتحقق دون وجود تنسيق فعلي وتعاون وتكامل مع المجالس المحلية وذلك لما للمجالس المحلية من دور مهم وحيوي في العمل الرسمي والشعبي والجماهيري وحشد الموارد المحلية للمساهمة في رفع الوعي تجاه القضايا السكانية الناجمة عنها والتي تمثل عائقاً كبيراً أمام تحقيق التنمية.وعموماً هناك العديد من المواضيع والأمور المشتركة التي يمكن التنسيق فيها بين اللجان التنسيقية والمجالس المحلية تتمثل في الآتي:أولاً: وضع خطط للأنشطة السكانية في المحافظات وذلك من خلال إدماج تلك الأنشطة والمشاريع المحققة لأهداف السياسة السكانية في الخطط القطاعية على مستوى المحافظة.ثانياً: دعم الأنشطة الميدانية على مستوى المديريات وذلك من خلال التوسع في تنفيذ الأنشطة السكانية على مستوى المديريات، والتهيئة لوضع خطط محلية للمديريات بما يؤدي إلى تشجيع وتطوير المشاركة الشعبية في التنمية، ولتحقيق ذلك لابد للمجالس المحلية أن تعمل على متابعة تنفيذ الأنشطة المعتمدة للمديريات من الميزانية المحلية للمحافظة، ومتابعة الهيئات الأهلية والمنظمات غير الحكومية لتمويل وتنفيذ أنشطة ذات أبعاد سكانية في المديريات.ثالثاً: العمل على اعداد وتنفيذ الأنشطة الموسعة على مستوى المحافظة، وذلك عن طريق تنظيم ندوات واجتماعات توعوية في المديريات والأحياء السكنية، وعقد اجتماعات توجيهية لمسؤولي وسائل الإعلام المحلية لتنشيط فعاليات التوعية والتثقيف السكاني في عموم المحافظة.رابعاً: تشجيع ودعم انشاء جمعيات بالتوعية السكانية انطلاقاً من السياسة الوطنية للسكان الهادفة إلى تشجيع قيام منظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال العمل السكاني لتقوم بدورها في عملية نشر الوعي بالقضايا السكانية وفي تقديم الخدمات وتعزيز علاقة الشراكة وتوسعة قاعدتها مع المؤسسات الحكومية.وختاماً يمكن القول إن تعزيز مشاركة المجتمع في تحقيق السياسات السكانية والمساهمة في ايجاد المواقف الايجابية تجاه قضايا السكان تعتبر من أهم المهام التي يمكن ان تقوم بها المجالس المحلية، كما أن الدور الذي تقوم به هذه المجالس المحلية في رسم ووضع السياسات والخطط على مستوى المحافظات والمديريات يجعلها شريكاً اساسياً وفاعلاً في تنفيذ اهداف السياسة الوطنية.
المجالس المحلية والقضية السكانية
أخبار متعلقة