بغداد / 14أكتوبر / رويترز : على غرار معظم طلبة الجامعات العراقية تنشغل داليا مثنى بالبحث عن وظيفة أكثر مما تنشغل بالتفجيرات أو عودة الصراع الطائفي في بلادها.وبعد أكثر من ثماني سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق والذي أطاح بالرئيس الراحل صدام حسين يشعر الشباب بالقلق من الحرب لكنهم أكثر اهتماما بمناقشة سبل عودة بلادهم للوقوف على قدميها وإعادة بناء بنيتها التحتية المتداعية.وأكثر ما يقلقهم ويحبطهم في نفس الوقت هو البحث عن وظائف.وقالت داليا (20 عاما) وهي تدرس الكمبيوتر بالجامعة المستنصرية في بغداد “إذا تحدثت إلى اي طالب سيقول أو تقول لك انه يحلم بالتخرج والحصول على وظيفة أو السفر. لكن الحديث عن الحروب والمشاكل الطائفية التي مررنا بها فلا يناقشونها.”وأضافت “نادرا ما نتحدث عن هذه المسائل لأننا تحدثنا عنها فيما مضى وعانينا بما يكفي منها. نحاول ألا نتحدث عن مسائل مثل الحرب”.ويبلغ المعدل الرسمي للبطالة في العراق 15 في المائة لكن يعتقد أن الرقم الحقيقي نحو 30 في المائة. ويعتمد 60 في المائة من السكان تقريبا على برنامج حصص الغذاء التموينية الحكومي.ويذكي ارتفاع معدل البطالة المخاوف من اتجاه الشباب المحبط إلى الميليشيات والجماعات المسلحة التي لا تزال قادرة على شن هجمات فتاكة في العراق غير أن العنف في مجمله تراجع بعد أن بلغ ذروته في أوج الحرب الطائفية عامي 2006 و2007 .وتحتاج البلاد إلى استثمارات هائلة في كل قطاع. ولا يزال القطاع الخاص صغيرا نسبيا بالمقارنة بالشركات الحكومية ولا تزال الحكومة اكبر مستخدم. ويعتمد العراق على صادراته النفطية في 95 في المائة من عائدات الحكومة.وقال مهدي العلاق وكيل وزارة التخطيط ورئيس الجهاز المركزي للإحصاء إن 25 بالمائة على الأقل من العراقيين بين عمر 16 و29 عاما يعانون من البطالة.ويقول بعض الطلبة العراقيين إن هناك أدلة على أن الجماعات المسلحة لها تأثير وتقوم بتجنيد عناصر من الجامعات.وأضافوا أن معظم الطلبة العراقيين يعتبرون الحرم الجامعي مكانا يهربون إليه من المشاكل الطائفية والعنف ويتحدثون أكثر عن أحدث الصيحات والفن.وقال عمار نعيم (22 عاما) يدرس هندسة البترول “بعد سقوط نظام (صدام) أصبح هناك نفوذ لطائفة إسلامية معينة على الجامعة”.وأضاف “البعض ينضمون إليها للحصول على مزايا والبعض الآخر بسبب معتقداتهم. لكنهم لا يستطيعون تقسيم الطلبة.. يجب أن يكون الدين خارج الحرم الجامعي بوجه عام”.وأحجم نعيم عن تحديد الطائفة المعنية قائلا انه يخشى الانتقام منه. وفي ظل الأجواء الطائفية المشحونة بالعراق تتنافس الجماعات الدينية والسياسية على حشد الأنصار من الشبان الغاضبين والقلقين.وقال الدكتور قاسم شاكر رئيس قسم الجغرافيا بمركز الدراسات العربية والدولية بالجامعة المستنصرية إن الشباب العراقي يستطيع أن يبتعد عن الماضي ويقيم صلات مع الدول الأخرى وشبابها من خلال الفيسبوك والانترنت.وقال إن معظم الطلبة ليبراليون وليسوا محافظين مضيفا أن الانترنت أصبحت همزة الوصل بين شباب العالم وأن الشباب يتعلمون الكثير من ثقافات وحضارات الشعوب الأخرى.ومضى يقول إن الطالب الجامعي يمضي الآن بين ثلاث وأربع ساعات يوميا على الأقل في تصفح الانترنت للحصول على معلومات وان الطلبة الآن أكثر انفتاحا على العالم الخارجي.وكحال بقية العالم العربي هذا العام لم يسلم العراق من الاحتجاجات الشعبية التي نظمت أساسا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك.وعلى الرغم من أن العراقيين لم يطالبوا بإصلاح شامل لحكومتهم المنتخبة ديمقراطيا والتي تتألف من طوائف مختلفة فان كثيرين عبروا عن غضبهم بسبب نقص الخدمات الأساسية والوظائف.ولم تسهم الخطة الخمسية للتنمية الاقتصادية التي وضعها العراق وتهدف إلى توفير ما بين ثلاثة وأربعة ملايين وظيفة بحلول عام 2014 بالكثير لتخفيف حدة هذه المخاوف.ويقول منتقدون إن الهدف الطموح لتوفير فرص العمل لا وجود له فيما يبدو إلا على الورق ولا تبدو اي مؤشرات تذكر على تحوله إلى حقيقة. ويضربون مثلا بالتوسع المستمر في قطاع النفط الذي لم يؤد بعد إلى الزيادة الموعودة في فرص العمل المتاحة للعراقيين.وقال محمد سمير عباس وهو طالب بالسنة الثانية في كلية الآداب ويدرس اللغة الفرنسية “المشكلة التي نعاني منها كشباب هي أننا حين نتخرج لا نجد وظائف... ما الذي تفعله الحكومة؟”