زيارة الأصدقاء وحضور المناسبات العائلية يقللان من تدهور قدرات التفكير
د. حسن محمد صندقجي يعتبر كبار السن الذين يحرصون على المخالطة الاجتماعية لأفراد أسرتهم وصلة أرحامهم وأقاربهم وأصدقائهم هم أكثر نجاحاً في الحفاظ على «شبابية» ونشاط عقولهم وأذهانهم وأقل عرضة للإصابة بالتدهور في القدرات الذهنية والعقلية. وفي المقابل فإن كبار السن «البيتوتيين» القابعين طوال الوقت في منازلهم هم عرضة بمقدار الضعف للإصابة بمرض الزهايمر (خرف العته) مقارنة بغيرهم ممن يخرجون من منازلهم لتأمين احتياجاتهم والتسوق والتواصل مع أصدقائهم وتفقد أقاربهم.وبالإضافة إلى ما تقدم فإن كبار السن الأكثر نشاطاً اجتماعياً هم الأقل عرضة بنسبة 50 % للإصابة بالإعاقات البدنية نتيجة لحوادث الإصابات أثناء أداء الأنشطة المعيشية اليومية مثل الاستحمام، ارتداء الملابس، استخدام دورات المياه، تناول الطعام، تحضير مائدة الطعام، تناول الأدوية وغيرها من الأنشطة. وقد توصل إلى هذه النتائج الثلاث، الدكتور براين جيمس الباحث في «مركز رش لمرض الزهايمر» عبر ثلاث دراسات طبية منفصلة ترأس فريق البحث في كل منها. ونشرت الدراسة الأولى في العدد الحالي من «مجلة المجمع العصبي النفسي الدولي» حول علاقة مستوى النشاط الاجتماعي بسرعة تدهور القدرات الذهنية لدى كبار السن. ونشرت الدراسة الثانية في عدد أواخر أبريل الماضي من المجلة الأميركية للطب النفسي لكبار السن. ونشرت الدراسة الثالثة في عدد أبريل من «مجلة علم الشيخوخة: علوم طبية».وفي الرابع من مايو الحالي أعلن فريق من الباحثين بالمركز الطبي لجامعة رش في شيكاغو بالولايات المتحدة أنهم توصلوا إلى إثباتات علمية تفيد بأن كبار السن الذين يمارسون مستوى أعلى في النشاط والتواصل الاجتماعي مثل زيارة الأصدقاء وحضور المناسبات العائلية والاجتماعية والمواظبة على الحضور في الممارسات الجماعية بأماكن العبادة يظهرون مستويات أقل بكثير في وتيرة تدهور القدرات الذهنية والعقلية وذلك مقارنة مع أقرانهم الكبار في السن مثلهم الذين لا يحرصون على ممارسة ذلك المستوى من التواصل الاجتماعي.وقد تم نشر هذه الدراسة العلمية في «مجلة المجمع العصبي النفسي الدولي». وشمل الباحثون في دراستهم أكثر من 1100 شخص من المشاركين بالأصل في «مشروع رش للذاكرة والتقدم في العمر». ويشمل هذا المشروع العلمي المتابعة للتقييم السنوي لشريحة من كبار السن الذين يبلغ متوسط أعمارهم 80 عاماً الذين لا توجد لديهم عند بداية مشروع البحث العلمي أي علامات على الاضطرابات في القدرات الذهنية. وفي التقييم السنوي يتم فحص أنواع شتى من القدرات الذهنية مثل الذاكرة، والقدرة على سرعة المقارنة بين الأشياء والقدرة على الفهم والإدراك البصري للعلاقات المكانية بين الأشياء وغيرها من عناصر تقييم القدرات الذهنية.وعلى الرغم من الأمر المتوقع الطبيعي المتمثل في أن تتدهور القدرات الذهنية للإنسان مع التقدم في العمر فإنه وعبر فترة خمس سنوات من المتابعة تبين للباحثين أن المعمرين الأكثر ممارسة للتواصل الاجتماعي هم أبطأ في سرعة تدهور القدرات الذهنية. وتحديداً كانت سرعة التدهور ربع تلك السرعة لدى أولئك المنعزلين اجتماعياً. وعلل الدكتور براين جيمس هذه النتيجة بقوله إن «الانخراط في ممارسة الأنشطة الاجتماعية والتواصل الاجتماعي يمثل بالنسبة للإنسان الكبير في السن نوعاً من التحدي في التبادل فيما بين الشخصيات المختلفة التي يقابلها ذلك الشخص. وهو ما يعمل على تنشيط الشبكات العصبية في الدماغ وبالتالي على الحفاظ عليها تبعاً لمبدأ إن ما لا تستخدمه ستفقده لا محالة لاحقا».وهذه النتائج الثلاث في الحقيقة وبكل المقاييس هي نتائج مهمة ومؤثرة وتستحق العناء من أحدنا للاهتمام بها لدى كبار السن الذين يهمه أمرهم. ولئن كان لا يزال من غير المعروف علمياً سبب إصابة كثير من كبار السن بتدهور القدرات الذهنية فإن نتائج الدراسات هذه تدلنا على وجود سلوكيات إيجابية التأثير في وقف أو إبطاء تلك التدهورات وبإمكان من أراد الاستفادة اللجوء إليها والاهتمام بها.