غضون
- أحد أصدقائي «الثوار» مرابط في اعتصام أنصار المعارضة بصنعاء عاتبني عتاباً شديداً، وغلف بعض عبارات الإشفاق بالتهديد.. قال: طلعت قبل ليلتين في قناة (سبأ) الحكومية تهاجم الثورة والثوار في صنعاء لدرجة أنك شككت في حقيقة شهدائنا ورحت تردد كلام عبده الجندي إن هؤلاء ضحايا حوادث مرورية أخذنا جثثهم من المستشفيات الإصلاحية ووضعناهم في سيارات إسعاف أثناء المسيرات وعدنا نقول إنهم استشهدوا أثناء المسيرة كما حدث في الأربعاء قبل الماضي.. وقلت.. وقلت.. وهذا كلام سوف تحاسب عليه بعد نجاح الثورة إن لم تحاسب عليه قبل.. اتق الله في نفسك وأهلك، وإذا كنت تقوم بذلك مقابل المال الذي تحصل عليه من السلطة وحزبها، وهو كثير حسب ما نعلم، فالله قد أغناك عنه بما وهبك من مواهب تكسب بها أموالاً مضاعفة في أي وظيفة أخرى.. قلت له : سأرد عليك من الأخير.. ذهبت إلى التلفزيون ورجعت إلى البيت بدبة بترول دفعت قيمتها من مالي الخاص، واستخدمت سيارتي الخاصة وقضيت هناك أربع ساعات واحدة منها في الانتظار.. فعلت ذلك دون تلقي سنت واحد من السلطة أو حزبها أو التلفزيون.- قلت له : ذاك أولاً.. وثانياً قلت ما قلت معبراً به عن قناعتي.. وما قلته هو رأي واذا كانت ثورتكم ستؤاخذني على آراء ابديتها - لو قدر الله لكم ذلك - فعلي وعلى أمثالي من الذي تهددون بتطويح مصائرهم أن يمنعوا من الآن وصولكم إلى السلطة ما دمتم من الآن تهددون أصحاب الرأي وتعدون بمصادرة حرية الرأي والتعبير.. وهي مجرد حق عادي فما بالك بالحقوق الأخرى.وقلت له : ما الذي يغيظك ويغيظ أصحابك من انتقادات أبديتها أنا أو غيري من الذين يتابعون ما يجري في ساحتكم من سلبيات وسفه وطيش وصراع؟ وإذا كنتم “أوادم” استفيدوا من هذه الانتقادات وصححوا مساركم.. وأنا أعلم أنكم داخل الساحة تتصارعون وتوجهون لبعضكم البعض انتقادات أقسى من التي يوجهها لكم من هم خارجها.. انتم اثوار الله ولستم ثواراً.. الثوار لهم أخلاق وملتزمون بقيم رفيعة وانتم لكم “خوار”.- وقلت له : النقد الذي يوجه لكم من الخارج أهون.. أنا ألومكم على العنف، والسلطة تلومكم على الفوضى وقطع الطريق، والتجار يلومونكم لأنكم تضرون بمصالحهم ومصالح المواطنين من خلال استخدام القوة وإجبار الآخرين على إغلاق محلاتهم.. والمواطنون ينتقدونكم على تعطيل الحياة في الشارع العام.. ومواطنون لا يختلفون عنكم في شيء يمارسون حقهم في تأييد النظام كما تمارسون حقكم في معارضة النظام، وهم ينتقدونكم لأنكم تستكثرون عليهم هذه الحرية وتذهبون لمهاجمتهم في خيامهم البعيدة.. أليس هذا نقداً رحيماً يا صاحبي يا “ثور الله”.بينما النقد والصراع الداخلي الذي يدور بينكم في الساحة وصل الى مسامع كل الناس.. وهو يتعلق بقضايا كبرى.. واذا كان النقد الخارجي بناءً فالداخلي مدمر.. ونتمنى أن يكون كذلك.. ألم تقولوا إن الإصلاحيين انفردوا بالساحة وأنكم تختلفون معهم حول الإدارة والمال وفي الأهداف والعلاقة مع الفرقة الأولى مدرع ناجية، وتسيير مظاهرات لا تقبلون بها.. ألا يقول الإصلاحيون انكم تقيمون صلات معهم لمجرد الاستقواء بهم.. وإلا فأنتم لا شيء في قدركم ولا أهدافكم التي تتعارض مع المنهج الإسلامي؟!