غضون
* أثناء هذه الأزمة التي يعتقد الإصلاحيون والجماعات السلفية والقبلية المتحالفة معهم أنهم باتوا قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على الحكم، يتصرفون تصرف الواثق بالإمامة السياسية، وهي تصرفات تعبر عن عقائدهم المذهبية والسياسية التي يلتزمون بها، خلافاً لما كانوا يدعون في الظاهر قبل تجاوز مرحلة الاستضعاف.تصرفاتهم أثناء هذه الأزمة تصرف الخارج من مرحلة الاستضعاف والمتوثب للحكم بقوة وثقة.. تصرفات تكشف حقيقة عقائدهم وتكشف أنهم في الماضي كانوا ينافقون.. الآن يقمعون الآخر ويقصون كل من لا يتفق معهم في كل الرؤى.. وهذا يدل على أنهم يرفضون التعددية، وخاصة التعددية الحزبية.. الآن وقد لاحت أمامهم فرصة الوصول إلى السلطة ينفردون في ساحات الاعتصام بالقرار ولا يقبلون آراء الأغلبية، وهذا يدل على أن الديمقراطية في اليمن لا مستقبل لها.. بل شورى وحل وعقد وفتوى.* ومما افتضح فيه الإصلاح في هذه الأثناء أن موقفهم من حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير موقف معاد لذلك كله.. إصلاحيون يعملون في منظمات حقوقية إصلاحية شاركوا في ضرب متظاهرين ومتظاهرات داخل ساحة الاعتصام بصنعاء، ورأينا ورأى العالم معنا مساء الأربعاء الماضي كيف قام الإصلاحيون بالاعتداء على مواطنين مسالمين، وكيف امسكوا برجل مسن وطرحوه أرضاً وأخذوا يرفسونه بأقدامهم ومثلوا به أمام الرأي العام، وقدم الإصلاحيون نماذج كثيرة تدل على موقفهم من حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة وتعدد وسائل الإعلام.. فبمجرد أن سيطروا على اللجان الأمنية في الساحات جعلوا منصات الخطابة إصلاحية فقط وحرموا الآخرين من الحديث، وهؤلاء الآخرون هم أصلاً شركاء لهم فما بالك بالبعداء. في ساحاتهم تصادر منشورات شركائهم، وتصادر صحف التيارات الأخرى ويمنع دخول أي صحيفة غير صحف الإصلاح.* وأثناء هذه الأزمة قدم الإصلاحيون ولا يزالون يقدمون نماذج وشواهد تدل على أنهم لا يحترمون أي مبدأ محترم، ولا أخلاق تلتزم، ولا حتى قواعد من صميم قواعد الدولة المدنية. يستخدمون رضعاً وأطفالاً وقوداً لمعركتهم.. يعطلون المدارس الحكومية ويجعلون مدارسهم الخاصة تزدهر وتستمر وتكسب.. الفرقة الأولى مدرع صارت بنظرهم فرقة ناجية ووطنية لأنها معهم، أما من ليس مع الانقلاب فهو جيش غير وطني لأنه مع الوطن وهو الأكثرية. فتحوا لشركائهم الذين يخالفونهم الرأي سجناً في مستشفى العلوم والتكنولوجيا، والفائض يرسلونهم إلى سجون الفرقة الأولى مدرع.والإنصاف يقتضي عدم التعميم، فهناك إصلاحيون ـ وهم قلة ـ تحرروا من هذه الوثنية ويرفضون نهج الأغلبية في حزبهم، ويظهرون قدرة على التعايش مع الآخر وثقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان، لكنهم صامتون.